أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 749

جلسة 2 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي، ومحمد صالح أبو راس، ومحمد محمد المهدي، ومحمد البنداري العشري.

(147)
الطعن رقم 220 لسنة 41 القضائية

(1) تأمينات عينية "الرهن الحيازي". قوة الأمر المقضي. دفوع.
المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضى فيها. شرطه. طلب محو قيد الرهن بسقوطه بسبب عدم التجديد خلال عشر سنوات. عدم سبق إثارة هذه المسألة في دعوى تثبيت الملكية للأسباب المرهونة أو دعوى الأحقية في حبس تلك الأطيان دفعتا للتعرض لهما وحيازتها. القضاء برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها لا خطأ.
(2) تأمينات عينية "الرهن الحيازي".
شرط سريان الرهن الحيازي العقاري في حق الغير. انتقال الحيازة وقيد الرهن. المادتان 1114 مدني، 12 من قانون الشهر العقاري. سقوط القيد بسبب عدم تجديد خلال عشر سنوات. أثره. عدم سريان الرهن في حق الغير. المقصود بالغير.
1 - المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير، ويكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى، واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد في الدعوى الثانية أي الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده أقام الدعوى المطعون في حكمها بطلب محو قيد الرهن بسقوطه بسبب عدم التجديد للقيد خلال عشر سنوات نزولاً على حكم المادة 43 من قانون الشهر العقاري، وأن موضوع الدعوى رقم....... وهو تثبيت ملكية المطعون ضده للأطيان التي اشتراها وتسليمها له، وموضوع الدعوى رقم..... هو أحقية الطاعنين في حبس العين المرهونة دفعاً للتعرض لهما في حيازتها ولم تكن مسألة سقوط القيد لعدم تجديده مثار نقاش من أحد منهم، فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها يكون قد صادف صحيح القانون.
2 - يشترط وفقاً للمادتين 1114 من القانون المدني، 12 من قانون الشهر العقاري لكي يسري الرهن الحيازي العقاري في حق الغير إلى جانب انتقال الحيازة، قيد الرهن، وأنه وفقاً للمادة 43 من القانون الأخير يسقط القيد إذا لم يجدد خلال عشر سنوات من تاريخ إجرائه ويترتب على سقوط القيد عدم سريان الرهن في حق "الغير" والمقصود "بالغير" في حكم هذه المواد هو كل من له مصلحة في عدم سريان الرهن عليه عدا الراهن وورثته، فيعتبر من "الغير" من انتقلت إليه ملكية العقار المرهون كالمشتري من المدين الراهن بمقتضى عقد مسجل، ويكون لهذا المشتري أن يتمسك بعدم سريان الرهن في حقه إذا لم يكن قد قيد، أو إذا قيد ولم يجدد القيد خلا السنوات العشر التالية، ولو كان انتقال الملكية إلى المشتري لاحقاً على القيد قبل سقوطه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 425 سنة 1968 مدني كلي سوهاج بطلب محو قيد عقد الرهن الحيازي العقاري الواقع على الأطيان المحددة بالصحيفة والمقيد بتاريخ 13/ 12/ 1952 برقم 4984 شهر عقاري واعتبار القيد كأن لم يكن، وقال شرحاً للدعوى إنه يملك أطياناً مساحتها 6 ف و15 ط و20 س بموجب عقد بيع مسجل بتاريخ 16/ 9/ 1953 تحت رقم 3684 سوهاج وكان البائع قد رهن للطاعنين من تلك المساحة قبل شرائه لها 4 ف رهناً حيازياً بموجب عقد رهن مشهر بتاريخ 13/ 12/ 1952 تحت رقم 4984 سوهاج غير أن الطاعنين لم يقوما بتجديد قيد ذلك الرهن قبل انقضاء السنوات العشر التالية لتاريخ قيده الأول فسقط القيد واعتبر كأن لم يكن، وبتاريخ 5/ 2/ 1970 قضت محكمة أول درجة بطلبات المطعون ضده. استأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 117 سنة 45 ق أسيوط طالبين إلغاءه والحكم أصلياً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 202 كلي سوهاج واستئنافها رقم 78 لسنة 34 ق أسيوط وفي الدعوى رقم 500 لسنة 1962 كلي سوهاج واستئنافها رقم 186 سنة 38 ق أسيوط - واحتياطياً بعدم قبولها لانتفاء المصلحة وفي الموضوع برفض الدعوى، وبتاريخ 3/ 1/ 1971 قضت محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن المطعون ضده سبق أن أقام عليهما الدعوى رقم 202 سنة 1955 مدني كلي سوهاج بطلب استلام الأطيان المرهونة تأسيساً على أن رهنهما لا ينفذ في حقه لعدم انتقال حيازة الأرض المرهونة إليهما قبل تسجيل عقد شرائه وقد قضى برفض هذه الدعوى وتأيد الحكم استئنافياً، كما أن الطاعنين سبق أن أقاما الدعوى رقم 500 سنة 1962 مدني كلي سوهاج على المطعون ضده وآخرين بطلب أحقيتهما في حبس العين المرهونة إلى حين استيفائهما للدين المضمون بالرهن وقد قضى فيها بطلباتهما وتأيد هذا الحكم استئنافياً، وإن مفاد هذين الحكمين الحائزين لقوة الأمر المقضي هو نفاذ الرهن في مواجهة المطعون ضده، ولما كانت الدعوى الحالية المرفوعة من المطعون ضده بطلب محو القيد لعدم تجديده خلال عشر سنوات تهدف إلى الحصول على حكم بعدم نفاذ الرهن المقرر للطاعنين في حق المطعون ضده وذلك على خلاف ما قضى به نهائياً في الدعويين سالفتي الذكر رغم اتحاد الدعاوى الثلاث في الخصوم والمحل والسبب فإنه كان يتعين قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعويين المشار إليهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر سبب الدعوى الحالية مختلفاً عن السبب في الدعويين السابقتين وقضى برفض الدفع، فإنه يكون قد أخطأ في تكييف الدعوى وأدى به هذا الخطأ إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير ويكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد في الدعوى الثانية أي الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده أقام الدعوى المطعون في حكمها بطلب محو قيد الرهن لسقوطه بسبب عدم تجديد القيد خلال عشر سنوات نزولاً على حكم المادة 43 من قانون الشهر العقاري وأن موضوع الدعوى رقم 202 سنة 1955 كلي سوهاج هو تثبيت ملكية المطعون ضده للأطيان التي اشتراها وتسليمها له وموضوع الدعوى رقم 500 سنة 1962 كلي سوهاج هو أحقية الطاعنين في حبس العين المرهونة دفعاً للتعرض لهما في حيازتهما ولم تكن مسألة سقوط القيد لعدم تجديده مثار نقاش من أحد منهم فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه اعتبر المطعون ضده من "الغير" الذي له مصلحة في محو القيد على الرغم من تمسكهما أمام محكمة الاستئناف بأنه خلف خاص للمدين الراهن لأن قيد الرهن كان سابقاً على تسجيل عقد شرائه ومن ثم فهو يعلم بأن العين التي اشتراها مثقلة بحق الرهن وأنه إذا صح القول بسقوط القيد فإن الرهن على الرغم من ذلك يسري في حقه وهو ما قضى به الحكمان 202 لسنة 1955، 500 لسنة 1962 كلي سوهاج وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري يكون قد شابه قصور يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يشترط وفقاً للمادتين 1114 من القانون المدني و12 من قانون الشهر العقاري لكي يسري الرهن الحيازي العقاري في حق الغير - إلى جانب انتقال الحيازة - قيد الرهن وأنه وفقاً للمادة 43 من القانون الأخير يسقط القيد إذا لم يجدد خلال عشر سنوات من تاريخ إجرائه ويترتب على سقوط القيد عدم سريان الرهن في حق "الغير" والمقصود "بالغير" في حكم هذه المواد هو كل من له مصلحة في عدم سريان الرهن عليه عدا الراهن وورثته، فيعتبر من "الغير" من انتقلت إليه ملكية العقار المرهون كالمشتري من المدين الراهن بمقتضى عقد مسجل ويكون لهذا المشتري أن يتمسك بعدم سريان الرهن في حقه إذا لم يكن قيد أو إذا قيد ولم يجدد القيد خلال السنوات العشر التالية ولو كان انتقال الملكية إلى المشتري لاحقاً على القيد قبل سقوطه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله إن "انعدام أثر قيد الرهن لعدم تجديده قبل انقضاء السنوات العشر أمر حتمي وأنه لا يغني عن التجديد أن يكون الحق المضمون بالرهن ثابتاً بحكم لأن الأحكام لا تنشئ حقوقاً عينية كما لا يغني عن التجديد أن يكون الغير عالماً بحصول الرهن إذ القانون أوجب بصفة مطلقة إجراء التجديد في الميعاد لكي يبقى للرهن أثره في حق الغير كما أن سقوط القيد يعيد مركز الدائن المرتهن إلى ما كان عليه قبل إجراء القيد فإن جدد بعد سقوطه فلا يكون له أثر بالنسبة للمتصرف إليه ولو كان تسجيل التصرف لاحقاً لنفاذ القيد قبل سقوطه كما هو الشأن بالنسبة للمطعون ضده" وكان مفاد هذا الذي قرره الحكم أنه اعتبر المطعون ضده من "الغير" الذي يحق له التمسك بعدم سريان الرهن في حقه لعدم تجديد قيده طالما قد انتقلت إليه ملكية العقار المرهون بعقد بيع مسجل فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون وتضمنت أسبابه الرد المسقط لدفاع الطاعنين ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.