أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 778

جلسة 8 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(151)
الطعن رقم 273 لسنة 40 القضائية

(1 و2) حراسة. دعوى "شروط قبول الدعوى".
(1) حظر الطعن في القرارات الصادرة من الجهات القائمة على تنفيذ أوامر فرض الحراسة ق 99 لسنة 1963، الغرض منه.
(2) دعوى البنك بأن الحراسة خالفت القرار الوزاري 113 لسنة 1957 بشأن كيفية احتساب نسبة الـ 10% المقدرة لمصروفات الإدارة المستحقة للحراسة. لا ينطبق عليها الحظر من سماعها الوارد في القانون 99 لسنة 1963، علة ذلك.
1 - النص في المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1963 على أنه "لا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه" إنما يرمي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - إلى حماية الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات من أن توجه إليها المطاعن عن تصرفات اتخذت تحقيقاً لمصلحة عامة وهذه الحماية تقدر بالقدر اللازم لتغطية التصرفات المشار إليها فإذا استنفدت الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة غرضها وهي في مأمن من كل طعن فإن الحماية تقف عند هذا الحد.
2 - نصت المادة الثامنة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 على أن تغطى أتعاب الحراس ومرتبات الموظفين وكذلك مصروفات الحراسة بأخذ نسبة مئوية على الأموال الموضوعة في الحراسة وفوضت وزير المالية والاقتصاد في تحديد قيمة وشروط تلك الأتعاب والمرتبات والمصروفات وأصدر وزير المالية والاقتصاد استناداً إلى هذا التفويض القرار رقم 333 لسنة 1956 بالإذن للحارسين العامين على أموال البريطانيين والفرنسيين في أن يقتطعا من الأموال الخاضعة للحراسة نسبة مئوية قدرها 10%، ثم أصدر القرار رقم 113 لسنة 1957 وتنص مادته الأولى على أن يكون حساب هذه الاقتطاعات على النحو التالي "المنشآت التجارية والصناعية يقتطع في كل سنة مالية 10% من إجمالي المبالغ المقيدة في جانب "له" في حساب الأرباح والخسائر الخاص بالمنشآت الفردية والشركات والجمعيات ويشمل ذلك كل ما يجب قيده في ذلك الجانب كرصيد حساب التشغيل أو المتاجرة أو البضائع أو الاستغلال...." ولما كان البنك الطاعن - بنك الكريدي ليونيه لم ينازع في تصرف أو قرار أمرت به الجهة القائمة على تنفيذ الأمر الصادر بفرض الحراسة على أموال البنك ولم يمسه بالطعن مباشرة بطلب إلغائه أو بطريق غير مباشر بالمطالبة بالتعويض عنه، وإنما انصبت دعواه على أن الحراسة خالفت القواعد التي نص عليها القرار الوزاري رقم 113 لسنة 1957 سالف الذكر عند احتساب نسبة الـ 10% المقدرة لمصروفات الإدارة المستحقة للحراسة تأسيساً على أنه كان يتعين عليها أن تحتسب هذه النسبة على الفرق بين الفوائد التي يدفعها البنك للمودعين وبين الفوائد التي يحصل عليها من المقترضين باعتبار أن الفوائد الأولى هي من مصاريف المتاجرة المنصوص عليها في القرار المذكور، ومن ثم فإن الدعوى على هذه الصورة لا ينطبق عليها الحظر من سماعها الوارد في القانون رقم 99 لسنة 1963، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم سماع الدعوى تأسيساً على أنها تعتبر طعناً في الإجراء الذي اتخذته الحراسة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك الكريدي ليونيه - الطاعن - أقام الدعوى رقم 808 سنة 1968 تجاري القاهرة الابتدائية ضد الحراسة العامة على أموال الرعايا الفرنسيين ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية - المطعون عليهما - طالباً الحكم بخصم الفوائد المدفوعة للمودعين لدى البنك من فوائد القروض التي حصل عليها من العملاء واقتضاء 10% مصاريف الإدارة المستحقة للحراسة العامة على الرصيد الناتج، وقال بياناً لدعواه إنه كان يزاول نشاطه المصرفي بمصر منذ عهد طويل، وكان من بين العمليات التي يقوم بها قبول ودائع بفوائد يوظفها في إقراض عملائه نظير فوائد ويستفيد من الفرق بين الفائدتين، وقد وضع البنك تحت الحراسة باعتباره مؤسسة فرنسية تنفيذاً للأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وتولت الحراسة عمليات البنك في الفترة من 1/ 11/ 1956 إلى 17/ 4/ 1957 حيث بيعت أصوله وخصومه إلى بنك القاهرة، وكان للحراسة طبقاً للقرار الوزاري رقم 113 لسنة 1957 أن تقتطع في كل سنة مالية 10% لحساب مصاريف الحراسة من إجمالي المبالغ المقيدة في جانب "له" في حساب أرباح وخسائر البنك شاملاً كل ما يجب قيده، في هذا الجانب كرصيد حساب التشغيل أو المتاجرة أو الاستغلال، وإذ كان المقصود برصيد حساب المتاجرة أو الاستغلال هو الفرق بين الإيراد الناتج منها وما صرفته المنشأة لتحقيق هذا الإيراد وتعتبر الودائع جزءاً لا يتجزأ من حساب تشغيل عملية القروض التي يحصل منها البنك على فوائد، وكانت الحراسة عند احتساب نسبة الـ 10% على أرباح البنك من الفوائد لم تخصم منها الفوائد التي دفعها البنك لأصحاب الودائع في المدة سالفة الذكر، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. دفع المطعون عليهما بعدم سماع الدعوى استناداً إلى القانون رقم 99 لسنة 1963. وبتاريخ 13/ 12/ 1969 حكمت المحكمة بقبول الدفع وبعدم سماع الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 202 سنة 86 ق تجاري القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 10/ 2/ 1970 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بعدم سماع الدعوى إعمالاً للقانون رقم 99 لسنة 1963 على سند من أن البنك أسس دعواه على أن الحراسة عند احتساب نسبة 10% على أرباح البنك من الفوائد المحققة في المدة من 1/ 11/ 1956 إلى 17/ 4/ 1957 لم تخصم منها الفوائد التي دفعها البنك إلى أصحاب الودائع، وأن هذا الذي أسس عليه البنك دعواه يعتبر طعناً في الإجراءات التي اتخذها الحارس العام على أموال الرعايا الفرنسيين باستقطاع نسبة 10% التي نظمها القرار الوزاري رقم 113 لسنة 1957 لتغطية مصاريف الحراسة، في حين أن الطاعن لا يطعن في القرار المذكور وإنما يعترض على حساب مصاريف الإدارة وبطلب تنفيذ القرار بما لا يخالف نصوصه ومن ثم فإن الدعوى تخرج عن نطاق القانون رقم 99 لسنة 1963.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1963 وقد نصت على أنه "لا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه" إنما ترمي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى حماية الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات من أن توجه إليها المطاعن عن تصرفات اتخذت تحقيقاً لمصلحة عامة، وهذه الحماية تقدر بالقدر اللازم لتغطية التصرفات المشار إليها فإذا استنفذت الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة غرضها وهي في مأمن من كل طعن فإن الحماية تقف عند هذا الحد، ولما كانت المادة الثامنة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 قد نصت على أن تغطى أتعاب الحراس ومرتبات الموظفين وكذلك مصروفات الحراسة بأخذ نسبة مئوية على الأموال الموضوعة في الحراسة، وفوضت وزير المالية والاقتصاد في تحديد قيمة وشروط تلك الأتعاب والمرتبات والمصروفات، وكان وزير المالية والاقتصاد استناداً إلى هذا التفويض قد أصدر القرار رقم 333 لسنة 1956 بالإذن للحارسين العامين على أموال البريطانيين والفرنسيين في أن يقتطعا من الأموال الخاضعة للحراسة نسبة مئوية قدرها 10% ثم أصدر القرار رقم 113 لسنة 1957 وتنص مادته الأولى على أن يكون حساب هذه الاقتطاعات على النحو التالي "المنشآت التجارية والصناعية: يقتطع في كل سنة مالية 10% من إجمالي المبالغ المقيدة في جانب "له" في حساب الأرباح والخسائر الخاص بالمنشآت الفردية والشركات والجمعيات ويشمل ذلك كل ما يجب قيده في ذلك الجانب كرصيد حساب التشغيل أو المتاجرة أو البضائع أو الاستغلال....."، ولما كان البنك الطاعن لم ينازع في تصرف أو قرار أمرت به الجهة القائمة على تنفيذ الأمر الصادر بفرض الحراسة على أموال البنك ولم يمسه بالطعن مباشرة بطلب إلغائه أو بطريق غير مباشر بالمطالبة بالتعويض عنه، وإنما انصبت دعواه على أن الحراسة خالفت القواعد التي نص عليها القرار الوزاري رقم 113 لسنة 1957 سالف الذكر عند احتساب نسبة الـ 10% المقدرة لمصروفات الإدارة المستحقة للحراسة تأسيساً على أنه كان يتعين عليها أن تحتسب هذه النسبة على الفرق بين الفوائد التي يدفعها البنك للمودعين وبين الفوائد التي يحصل عليها من المقترضين باعتبار أن الفوائد الأولى هي من مصاريف المتاجرة المنصوص عليها في القرار المذكور، ومن ثم فإن الدعوى على هذه الصورة لا ينطبق عليها الحظر من سماعها الوارد في القانون رقم 99 لسنة 1963، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم سماع الدعوى تأسيساً على أنها تعتبر طعناً في الإجراء الذي اتخذته الحراسة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، وإذ حجب الحكم نفسه فيما انساق إليه من هذا الخطأ عن نظر موضوع الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


[(1)] نقض 22/ 4/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 762.