أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 8 - صـ 789

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي المستشارين.

(87)
الطعن رقم 196 سنة 23 ق

( أ ) بيع. دعوى صحة التعاقد. حكم "تسبيب معيب". إقامة الدعوى من المشتري بطلب صحة التعاقد وتأسيسها على أنه وفى بالثمن. دفع البائع الدعوى بأن المشتري لم يقم بوفاء كامل الثمن. الحكم بصحة التعاقد وقول المحكمة عن الوفاء إنه لا شأن لها بالتعرض له وإن نظرها إنما يتعلق بصحة التعاقد فقط. خطأ وقصور.
(ب) حكم استئنافي "تسبيبه". تزوير. عدم التزام محكمة الاستئناف بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف. مثال.
(ج) حكم "تسبيب كاف". إثبات "الإقرار". بيع. تزوير. عدم إقامة قضاء الحكم بصحة ورقة البيع المطلوب صحة التعاقد عنها على إقرار البائع بحصول البيع. تعييب الحكم بالقول بوجود إقرار مركب لا يجوز تجزئته. لا يصح.
(د) حكم "تسبيب كاف". إيراد الحكم واقعة ليست من الوقائع التي استخلصت المحكمة ثبوتها. لا عيب.
(هـ) نقض. أسباب الطعن. النعي على الحكم بما أسماه الطاعن تقريرات خاطئة دون بيان المقصود من هذا النعي وأثر هذه التقريرات في الحكم. اعتبار النعي مجهلاً.
1 - متى كان المشتري قد رفع الدعوى بطلب صحة التعاقد عن عقد البيع وأسس دعواه على أنه وفى بالتزامه بالثمن وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الوفاء كما دفع البائع الدعوى بعدم وفاء المشتري بكامل الثمن فقضت المحكمة بصحة التعاقد وكان مفهوم ما ذكرته عن تلك الوفاء أن نظر المحكمة إنما يتعلق بصحة التعاقد فحسب وليس لها أن تتعرض إلى أمر الوفاء أو عدم الوفاء بالالتزامات المترتبة على التعاقد فإنها تكون قد أخطأت في فهم القانون خطأ جرها إلى التخلي عن النظر فيما دفع به البائع من عدم وفاء المشتري بكامل الثمن وفيما رد به المشتري من جانبه وأسس عليه دعواه من أنه وفى بالتزامه بالثمن ويكون الحكم قد شابه قصور مبناه الخطأ في فهم القانون - ذلك أن عقد البيع من العقود التبادلية والبائع لا يجيز على تنفيذ التزامه إذا ما دفع الدعوى بعدم قيام المشتري بتنفيذ التزامه بأنه لم يوف إليه بثمن المبيع المستحق وهو دفع يترتب على ثبوته حبس التزام البائع بنقل الملكية حتى يقوم المشتري بتنفيذ ما حل من التزامه.
2 - متى كانت محكمة الاستئناف قد كونت عقيدتها بصحة الورقة المطلوب صحة التعاقد عنها بناء على ما استظهرته من معاينتها إياها وما أثبتته في حكمها عن هذه المعاينة فليس عليها بعد أن استبان لها ذلك واقتنعت به أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف ما دام قضاؤها مبنياً على أساس سليم.
3 - متى كان الحكم لم يقم قضاءه بصحة ورقة البيع المطلوب صحة التعاقد عنها على إقرار البائع بحصول البيع فلا يصح تعييب الحكم بالقول بوجود إقرار مركب لا تجوز تجزئته.
4 - إذا كانت الواقعة التي أوردها الحكم ليست من الوقائع التي استخلصت المحكمة ثبوتها فإنه لا محل لتعييب الحكم بإيرادها.
5 - متى كان الطاعن قد نعى على الحكم ما أسماه تقريرات خاطئة وكان لا سبيل لإمكان التعرف على المقصود من هذا النعي وأثر هذه التقريرات في الحكم فإن النعي يكون مجهلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 53 لسنة 1951 مدني كلي بني سويف على الطاعنة والمطعون عليها الثانية وذكر في صحيفتها أنه اشترى من الطاعنة قطعة أرض فضاء مساحتها 367.5 متراً مربعاً بالحدود والمعالم التي ذكرها - بثمن مقداره 441 جنيهاً وأنه دفع الثمن بالكامل - وأنه لم يتيسر له استخراج استعلام من المساحة لأنها طلبت إليه تقديم كشف رسمي بالتكليف ولم يتيسر تقديمه لعدم نقل التكليف باسم الطاعنة - ونبه عليها في الصحيفة بضرورة التصديق على عقد البيع النهائي في ظرف أسبوع من تاريخ إعلانها وإلا التزمت بمصروفات الدعوى - وطلب الحكم في مواجهة المطعون عليها الثانية بصحة التعاقد عن البيع الصادر من الطاعنة له متضمناً بيعها له 367.50 متراً مربعاً بالحدود والبيانات الواردة بالعريضة وبثمن قدره 441 جنيهاً وتسليمها له مع إلزامها المصروفات والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وبتاريخ 6 من فبراير سنة 1952 قضت المحكمة برد وبطلان المستند رقم 1 من حافظة المطعون عليه الأول واعتباره مزوراً - ورفض الدعوى وألزمت (المطعون عليه الأول) بمصروفاتها وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. ويبين من هذا الحكم أن المطعون عليه الأول ارتكن في إثبات دعواه إلى مستندين قدمهما - وصف أولهما بأنه عقد بيع صادر له من الطاعنة. وثانيهما - بأنه طلب مقدم لمصلحة المساحة تمهيداً لعمل العقد النهائي - كما ارتكن إلى إيصال قدمه صادر من بنك مصر يفيد دفعه مبلغ 115 جنيهاً في حساب الطاعنة - وهو ما كان باقياً في ذمته من الثمن - كما يبين منه أيضاً أن (الطاعنة) أنكرت على المطعون عليه الأول دعواه قائلة إنها لم تقبض من الثمن إلا مبلغ 100 جنيه مائة جنيه أو أقل منه قليلاً وأن باقي الثمن كان مقسطاً على خمس سنوات وأن المطعون عليه الأول رغب بعد ذلك في التفاسخ لعدم رغبته في الصفقة فتفاسخت معه - وأسست المحكمة قضاءها برد وبطلان المستند الأول على أنه ليس بعقد بيع وإنما هو طلب مقدم لمفتش المساحة ببني سويف مصدر باسمه مذيل بطلب إجراء اللازم - وأن المطعون عليه الأول قد عمد إلى قص جزء من هذه الورقة ليوهم أنها عقد بيع وأن الثمن كان مذكوراً بها ولكنه ضاع نتيجة للقص - ثم ذكرت أنه "فيما يختص بدفع باقي الثمن وقدره 115 جنيهاً في اسم (الطاعنة) ببنك مصر فإن (المطعون عليه الأول) لم يقدم الدليل على ذلك وأن الإيصال الذي قدمه لا يدل على أنه أودع شيئاً ببنك مصر باسم (الطاعنة) بل يدل على أن لها مبلغ 115 جنيهاً في الحساب الجاري الخاص بها - وهذا لا يستفاد منه أن (المطعون عليه الأول) هو الذي قام بإيداعه - وأن (المطعون عليه الأول) إذا كان قد قام بدفع جميع الثمن سنة 1946 فما الذي جعله يسكت طيلة خمس سنوات ولا يتذكر أن له عقد قبل الطاعنة فلا يقاضيها بشأنه بعد أن سكت دهراً" - وبتاريخ 4 من مارس سنة 1952 استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة فقيد بجدولها برقم 209 لسنة 69 ق طالباً قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والحكم له بصحة التعاقد مع إلزام (الطاعنة) في مواجهة المطعون عليها الثانية بالمصاريف عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 26 من مايو سنة 1953 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة التعاقد عن البيع الصادر من (الطاعنة) (للمطعون عليه الأول) ببيعها له 367.5 متراً مربعاً المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى الابتدائية بثمن قدره 441 جنيهاً في مواجهة (المطعون عليها الثانية) وإلزام الطاعنة بالمصاريف، 1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وبتاريخ 11 من يوليه سنة 1957 قررت الطاعنة بالنقض في هذا الحكم، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها من دائرة فحص الطعون رفض وجوه الطعن الأول والثالث والخامس والسادس وإحالة الوجهين الثاني والرابع للدائرة المدنية لأن الطعن مرجح نقضه في خصوص هذين الوجهين - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون في جلسة 22 من مايو سنة 1957 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها - وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 17 من أكتوبر سنة 1957 - وبجلسة 31 منه صممت النيابة على طلباتها السابقة.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب - يتحصل السبب الأول منها في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب وآيته في نظر الطاعنة أن محكمة الاستئناف وقد ألغت حكم محكمة أول درجة القاضي برد وبطلان الورقة المطلوب صحة التعاقد عنها - لم ترد على الأسباب المفصلة التي أوردها الحكم الابتدائي - إلا بقولها إنه لا يوجد ما يدل على أن عبارة "عقد بيع أملاك التي وضعت عنواناً للورقة قد أضيفت بعد تحرير الورقة بل الظاهر أنها أضيفت بنفس الخط وبنفس المداد والقلم وأنها لا تعدو تقرير الحقيقة لأن الورقة تشمل عقد بيع بمعنى الكلمة - وهو رد قاصر لا ينفي التزوير ولا يقطع في احتمال أن تكون هذه العبارة قد أضيفت إلى الورقة بعد تحريرها - بخط نفس كاتبها.
وحيث إن النعي بهذا السبب مردود بأن محكمة الاستئناف قد كونت عقيدتها بصحة الورقة المذكورة بناء على ما استظهرته من معاينتها إياها وما أثبتته في حكمها عن هذه المعاينة من أن تلك العبارة "عقد بيع أملاك" محررة بنفس الخط وبنفس المداد والقلم - وليس عليها بعد أن استبان لها ذلك واقتنعت به أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف ما دام قضاؤها مبنياً على أساس سليم.
وحيث إن محصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ اعتمد في قضائه بصحة التعاقد على إقرار الطاعنة في مختلف مراحل الدعوى بحصول البيع وأخذها بهذا الإقرار - مع أنها قرنته بالقول بأن هذا البيع قد حصل التفاسخ عنه فما حصل منها هو إقرار مركب أخطأت محكمة الاستئناف إذ جزأته وقررت في حكمها أن ما ادعته (الطاعنة) من حصول التفاسخ واقعة أخرى منفصلة تمام الانفصال عن واقعة حصول البيع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك - أنه يبين من الحكم المطعون فيه - أن محكمة الاستئناف قد أقامت قضاءها على ما ثبت لها من صحة الورقة المطلوب صحة التعاقد عنها بناءً على معاينتها لها وما أوردته في حكمها من أن الطاعنة لم تنكر توقيعها عليها - ولم تنازع في محتوياتها - لا هي ولا الطلب المقدم إلى مصلحة المساحة الموقع عليه منها، وقد ذكرت محكمة الاستئناف في حكمها "أن هاتين الورقتين كافيتان لإثبات حصول البيع مستوفياً شرائطه بما اشتملتا عليه من تقرير واقعة حصوله بعبارة (باع الطرف الأول إلى الطرف الثاني) ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه على إقرار الطاعنة بحصول البيع فلا محل لتعييبه بما جاء في هذا السبب من القول بوجود إقرار مركب لا تجوز تجزئته.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق - وذلك أنه استند في قضائه إلى ما ورد في تحقيق البوليس في الشكوى رقم 299 سنة 1951 - من أقوال صليب بباوى من أنه كذب الطاعنة فيما ادعته من حصول التفاسخ وتمزيق العقد أمامه - بينما أنه ظاهر بجلاء ووضوح من أقواله أن واقعة التفاسخ والعدول عن البيع قد حدثتا وأنه علم بهما وتحدث مع المطعون عليه الأول بشأنهما.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعنة لم تقدم في أوراق الطعن دليلاً على ما أسندته للحكم المطعون فيه في هذا الخصوص من الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن السبب السادس حاصله أن محكمة الاستئناف قد حصلت فهم الواقع في الدعوى بما لا يتفق مع الثابت في الأوراق - وقد أوردت الطاعنة في هذا السبب عبارتين وردتا في الحكم المطعون فيه - ثم أردفتهما بمقتطفات منه - وصفتها بأنها تقريرات خاطئة ألقيت جزافاً وسرت في وقائع الحكم فأفسدته وجعلته قائماً على غير أساس قانوني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه فيما يتعلق بالعبارة الأولى ونصها "أن الورقة الثانية التي قدمها المطعون ضده ينقصها جزء مقصوص منها على شكل قدم إنسان وفاقد ما فيه من الكتابة..." فإن الطاعنة لم تقدم دليلاً على ما ادعته في خصوصها - وفيما يتعلق بالعبارة الثانية ونصها "ثم بعد مدة طلب منه أحد الزبائن تفصيل جواز حذاء وهو جزمجي فأخذ تلك الورقة وأخذ عليها المقاس... إلى أن تنبه أنها تحوي العقد المحرر". فإنه يبين من الحكم المطعون فيه أنها إنما وردت في معرض سرد ما أبداه المطعون عليه الأول من أقوال تفسيراً لمستنداته - فلا محل لتعييب الحكم المطعون فيه بإيرادها - إذ هي ليست من الوقائع التي استخلصت المحكمة ثبوتها حتى ينعى عليها بما ورد في سبب الطعن - وما أوردته الطاعنة بعد ذلك في هذا السبب مما أسمته تقريرات خاطئة جميعه مردود بأنه نعى مجهل لا سبيل معه لإمكان التعرف على المقصود منه وأثر هذه التقريرات في الحكم المطعون فيه فضلاً عن أن النعي في هذا الخصوص عار عن الدليل.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالغموض وبالقصور في التسبيب - ذلك أن المطعون عليه الأول قد أقام دعواه بطلب صحة التعاقد تأسيساً على أنه أوفى بكامل الثمن - وطلب إلى محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت أنه قام بسداد كامل الثمن - وقضت محكمة الدرجة الأولى برفض دعواه تأسيساً على أنه لم يقم بسداد الثمن - ولكن محكمة الاستئناف إذ ألغت هذا الحكم وقضت بصحة التعاقد أقامت حكمها في هذا الخصوص على عبارة غامضة قد توحي بأن عدم سداد الثمن لا يمنع من الحكم بصحة التعاقد - وأن للخصوم أن يتنازعوا بشأن الثمن في دعوى أخرى - كما قد تفيد أن المطعون عليه الأول قد وفى بالثمن. ويتحصل السبب الرابع من أسباب الطعن في أن الحكم المطعون فيه قضى بصحة التعاقد رغم ما أقر به المطعون عليه الأول من أن الطاعنة تمسكت بوجوب دفع باقي الثمن حتى يتم البيع ويعمل العقد النهائي - ولما لم يكن لديه إيصالات بسداد باقي الثمن فقد ادعى سداد مبلغ 115 جنيهاً على خلاف الواقع وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيامه بدفع الثمن - ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف بصحة التعاقد - اكتفاء بأن الثمن معين وطريقة سداده معينة.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن محكمة الاستئناف قد عرضت لما أقام عليه الحكم الابتدائي قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن المطعون عليه الأول لم يقم بوفاء كامل الثمن، فذكرت في هذا الخصوص "أن ما ذكرته محكمة أول درجة عن الثمن وعدم ذكره في العقد أو عدم سداده كله أو بعضه فلا يؤثر على موضوع الدعوى متى أمكن من أقوال طرفي الدعوى معرفة المبيع والثمن وكيفية سداده ولا يؤثر ذلك على صحة العقد كعقد بيع منتج لآثاره القانونية" وهذا الذي ذكرته محكمة الاستئناف في حكمها - مفهومه أن نظر المحكمة إنما يتعلق بذات صحة التعاقد فحسب وليس لها أن تتعرض إلى أمر الوفاء أو عدم الوفاء بالالتزامات المترتبة على التعاقد - وهو خطأ في القانون - ذلك أن الدعوى على ما سبق إيراده من وقائعها أساسها حصول بيع لقاء ثمن معين وامتناع البائع عن تنفيذ التزاماته التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري والمطلوب فيها من القاضي أن يحكم بإنفاذ هذه الالتزامات جبراً عليه توصلاً إلى تسجيل الحكم الذي يصدر له بما طلب والذي يحل في هذه الحالة محل العقد في التسجيل - ولما كان عقد البيع من العقود التبادلية فإن البائع لا يجبر على تنفيذ التزامه إذا ما دفع الدعوى بعدم قيام المشتري بتنفيذ التزامه - بأنه لم يوف إليه بثمن المبيع المستحق. وهو دفع يترتب على ثبوته حبس التزام البائع بنقل الملكية حتى يقوم المشتري بتنفيذ ما حل من التزامه. ولكن محكمة الاستئناف أخطأت في فهم القانون على النحو السابق بيانه وقد جرها هذا الخطأ إلى التخلي عن النظر - فيما دفعت به الطاعنة دعوى المطعون عليه الأول من عدم وفائه بكامل الثمن على ما هو ثابت من الوقائع السالف ذكرها وفيما رد به المطعون عليه الأول من جانبه - بل وأسس عليه دعواه من أنه وفى بالتزامه بالثمن - وطب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الوفاء، فشاب الحكم المطعون فيه قصور مبناه الخطأ في فهم القانون.
وحيث إنه لهذه الأسباب يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السببين الثاني والرابع ورفض الطعن فيما عدا ذلك.