أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 835

جلسة 28 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود العمراوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد فتحي مرسي، ومصطفى سليم، ودكتور مصطفى كيره، وأحمد سيف الدين سابق.

(163)
الطعن رقم 83 لسنة 40 القضائية

(1) أوراق تجارية "الكمبيالة تحت الإذن". "التظهير الناقل للملكية".
تظهير الكمبيالة التي يكون دفعها تحت الإذن متى استوفى شرائطه الشكلية. أثره. نقل ملكية السند وتظهيره من الدفوع سواء وقع التظهير قبل ميعاد الاستحقاق أو بعده. الحكم باعتبار التظهير الحاصل بعد ميعاد الاستحقاق تظهيراً توكيلياً. خطأ.
(2) حكم "الاستدلال الفاسد". نقض "الفساد في الاستدلال، ما يعد كذلك".
إيراد الحكم قرائن أخرى. استدلاله بها مجتمعة دون بيان أثر كل واحدة منها في تكوين عقيدة المحكمة. أثره. اعتبار الحكم مشوباً بالفساد في الاستدلال.
1 - إذ نص المشرع في المادة 133 من القانون التجاري على أن "ملكية الكمبيالة التي يكون دفعها تحت الإذن تنتقل بالتحويل"، فإنه لم يشترط أن يقع التظهير قبل ميعاد الاستحقاق كما فعل الشارع المختلط في المادة 140 من المجموعة المختلطة حيث نص على أن "تنتقل ملكية الكمبيالة الإذنية بطريق التظهير ما دام أن ميعاد استحقاقها لم يحل" ومن ثم فلا وجه للتفرقة بين التظهير الحاصل قبل ميعاد الاستحقاق والتظهير الحاصل بعد هذا الميعاد، إذ يكون لكل منهما - متى استوفى شرائطه الشكلية - ذات الآثار القانونية من حيث نقل ملكية السند وتظهير الدفوع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى أن التظهير الحاصل بعد ميعاد الاستحقاق يعتبر تظهيراً توكيلياً لا ينقل السند ولا يظهر الدفوع، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
2 - متى كان الحكم قد ساق قرائن معيبة ضمن قرائن أخرى استدل بها مجتمعة على سوء نية البنك الطاعن، وكان لا يبين من الحكم أثر كل واحد من هذه القرائن في تكوين عقيدة المحكمة فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن بنك القاهرة (الطاعن) أقام الدعوى رقم 386 سنة 1962 كلي الزقازيق على المطعون ضده طالباً القضاء بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 1500 ج والفوائد بواقع 5% من تاريخ احتجاج عدم الدفع في 6 يناير سنة 1962 حتى تمام السداد. وأسس دعواه على أنه يداين المطعون ضده في هذا المبلغ بمقتضى سندات صادرة منه في 28 ديسمبر للبنك الطاعن، ومحرر عنه احتجاج عدم الدفع في 6 يناير سنة 1962 دفع المطعون ضده الدعوى بتخالصه عن هذا الدين مع الشركة المظهرة بمقتضى مخالصة مؤرخة 4 يناير سنة 1962. وفي 7 يناير سنة 1962 قضت محكمة الزقازيق الابتدائية بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للبنك الطاعن مبلغ 1500 ج والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ احتجاج الدفع في 6 يناير سنة 1962 استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 سنة 6 ق تجاري. وأسس استئنافه على أن من حقه الاحتجاج على البنك المظهر إليه بالتخالص، لأن التظهير التأميني الوارد بالسند وإن أعطى تاريخاً سابقاً على ميعاد الاستحقاق إلا أنه تم بعد هذا الميعاد إضراراً به، بدليل خلو احتجاج عدم الدفع من إثبات هذا التظهير في الخانة المعدة لذلك، وفي 25 يناير سنة 1964 قضت محكمة استئناف المنصورة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده بكافة الطرق حصول التظهير الثابت بالسند في تاريخ لاحق لميعاد الاستحقاق إضراراً به، ولينفي البنك الطاعن ذلك بنفس الطرق. وبعد أن استمعت المحكمة لشهود الطرفين، قضت في 21 يونيه سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت في 19 يناير سنة 1969 بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف المنصورة التي عجل المطعون ضده نظر الدعوى أمامها وصمم على طلباته الواردة في صحيفة الاستئناف. وفي 4 ديسمبر سنة 1969 قضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه، إذ انتهى في قضائه إلى أنه يشترط لصحة التظهير أن يتم قبل ميعاد الاستحقاق، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره، ذلك أن نص المادة 133 من القانون التجاري لا يفرق بين التظهير الحاصل قبل ميعاد الاستحقاق والتظهير الحاصل بعد هذا الميعاد، فكلاهما من طبيعة واحدة ويحدث ذات الآثار القانونية من حيث نقل ملكية السند وتظهير الدفوع. ومن الخطأ اعتبار التظهير الذي يتم بعد ميعاد الاستحقاق تظهيراً معيباً وبالتالي تظهيراً توكيلياً لما في ذلك من مخالفة واضحة لنص المادة 133 من القانون التجاري.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن المشرع - إذ نص المشرع في المادة 133 من القانون التجاري على أن "ملكية الكمبيالة التي يكون دفعها تحت الإذن تنتقل بالتحويل"، لم يشترط أن يقع التظهير قبل ميعاد الاستحقاق كما فعل الشارع المختلط في المادة 140 من المجموعة المختلطة، حيث نص على أن "تنتقل ملكية الكمبيالة الإذنية بطريق التظهير ما دام أن ميعاد استحقاقها لم يحل" ومن ثم فلا وجه للتفرقة بين التظهير الحاصل قبل ميعاد الاستحقاق والتظهير الحاصل بعد هذا الميعاد. إذ يكون لكل منهما - متى استوفى شرائطه الشكلية - ذات الآثار القانونية من حيث نقل ملكية السند وتظهير الدفوع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى أن التظهير الحاصل بعد ميعاد الاستحقاق يعتبر تظهيراً توكيلياً لا ينقل ملكية السند، ولا يظهر الدفوع، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه أنه: "إذا صح أن التظهير الحاصل بعد ميعاد الاستحقاق هو تظهير تأميني في حكم التظهير الناقل للملكية، فإن البنك الطاعن لا يستطيع أن يحتمي بقاعدة تظهير الدفوع لأنه لم يكن حسن النية، ولم يكن يجهل انقضاء الالتزام الوارد بالسند بالوفاء". واستند الحكم المطعون فيه للتدليل على سوء نية البنك إلى بعض قرائن شابها الفساد في الاستدلال، حيث ذكر الحكم أن المطعون ضده لم يطالب بالسند موضوع الدعوى وحده، وإنما طولب مدة سندات، وأنه لدى إعلانه باحتجاجات عدم الدفع أجاب بالنسبة للسندات الأخرى أنه تخالص عنها، وأنه من غير المستساغ ألا يكون السند موضوع الدعوى قد تم كذلك التخالص عنه، وأن من الطبيعي أن يكون البنك على علم وقت التظهير بهذا التخالص، كما أن المطعون ضده أجاب على احتجاج عدم الدفع الخاص بهذا السند بأنه لم يسبق له تحرير هذا السند وأنه "يحتفظ لنفسه بكافة الحقوق" وأنه ليس من شك في أن من بين هذه الحقوق الدفع بوفاء الدين وهذا الذي أورده الحكم لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من سوء نية البنك وعلمه بالوفاء. ذلك أن إجابة المطعون ضده بالتخالص عن سندات أخرى لا تعني التخالص عن السند موضوع الدعوى، لأن لكل سند استقلاله الذاتي كما أن الثابت من إجابة المطعون ضده على الاحتجاج أنه ينكر صدور السند منه أصلاً، فكيف يؤخذ من العبارة العامة "مع الاحتفاظ بكافة الحقوق" أنها تعني التخالص عن السند.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في التدليل على سوء نية البنك الطاعن وعلمه وقت التظهير بالوفاء بقيمة السند إلى عدة قرائن منها أن البنك لم يطالب المطعون ضده بالسند موضوع التداعي فحسب بل بعدة سندات أخرى بعضها لاحق. وأنه لدى إعلان المستأنف (المطعون ضده) بالبروتستات عن هذه السندات أجاب بأنه تخالص عنها، ولذلك فإنه من غير المستساغ أن يكون السند موضوع النزاع الحالي لم يتم في شأنه التخالص أسوة ببقية السندات، لا سيما تلك التي تقع تواريخ استحقاقها بعد تاريخ استحقاقه، فمن الطبيعي والمحتم إذن أن يكون البنك على علم وقت التظهير بهذا التخالص كما أن المستأنف (المطعون ضده) عندما أعلن بالبروتستو المتعلق بالسند الحالي في يوم 6/ 1/ 1962 أجاب المحضر القائم بالإعلان أنه لم يسبق له تحرير هذه الكمبيالة، وأنه يحتفظ لنفسه بكافة الحقوق، وليس من شك في أن من بين الحقوق التي حفظ المستأنف لنفسه الحق في إبدائها، الدفع بوفاء الدين، الأمر الذي يدل على أن هذا الوفاء كان قد تم قبل ميعاد الاستحقاق وقبل حوالة السند للبنك" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه ينطوي على الفساد في الاستدلال ذلك أن إجابة المطعون ضده على الاحتجاجات الموجهة إليه عن بعض السندات الأخرى بأنه تخالص عنها ليس معناه أنه تخالص عن السند موضوع الدعوى لاستقلال كل سند بذاتيته وبالاحتجاج الموجه عنه بل أن الثابت من مدونات الحكم أن المدين أجاب على الاحتجاج الخاص بهذا السند "أنه لم يسبق له تحريره" وهو ما ينطوي على إنكار صدور السند أصلاً، ويتعارض مع فكرة التخالص عنه، ويجعل ما استخلصه الحكم من عبارة "مع احتفاظه بكافة الحقوق" من أن من بين ما تعنيه الدفع بوفاء الدين، استخلاصاً غير سائغ. لما كان ذلك، وكانت القرائن المعيبة السالفة قد ساقها الحكم ضمن قرائن أخرى، استدل بها مجتمعة على سوء نية البنك الطاعن، وكان لا يبين من الحكم أثر كل واحد من هذه القرائن في تكوين عقيدة المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الطعن للمرة الثانية، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.