أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 844

جلسة 29 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وجلال عبد الرحيم عثمان، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(165)
الطعن رقم 476 لسنة 39 القضائية

(1) دعوى "الدعوى غير المباشرة".
وجوب رفع الدعوى غير المباشرة باسم المدين ليكون المحكوم به حقاً له ويدخل في عموم أمواله ضماناً لجميع دائنيه. الدعوى التي ترفع باسم الدائن واستعمالاً لحق مباشر له، ولمصلحته لا لمصلحة مدينه. دعوى مباشرة.
(2) بيع "ضمان عدم التعرض". تسجيل. خلف.
التزام البائع بضمان عدم التعرض سجل العقد أم لم يسجل. علة ذلك فشل البائع في منع تعرض الغير للمشتري. وجوب تنفيذ التزامه بالضمان عن طريق التعويض. انتقال هذا الالتزام من البائع إلى ورثته.
1 - إذ أجاز التقنين المدني في المادة 235 لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة، أو غير قابل للحجز، فقد أوجب على الدائن الذي يطالب بحق مدينه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن يقيم الدعوى باسم المدين ليكون المحكوم به حقاً لهذا المدين ويدخل في عموم أمواله ضماناً لحقوق دائنيه ويتقاسموه قسمة غرماء فإذا هو لم يرفعها بوصفه دائناً وإنما رفعها استعمالاً لحق مباشر له، وطلب الحكم لمصلحته، لا لمصلحة مدينه، فإنها تكون دعوى مباشرة أقامها باسمه ولمصلحته وإذ كان الثابت أن الطاعن أقام الدعوى بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه الأول - واضع اليد - وورثة البائع له بتسليمه هو الأطيان التي اشتراها بعقد عرفي وماكينة الري القائمة عليها ولم يطلب الحكم بالتسليم لمصلحة مدينه البائع حتى تبحث المحكمة النزاع على الملكية - الذي أثاره المطعون عليه الأول - على هذا الأساس، ولما كان الحكم المطعون فيه قد فصل في الدعوى على أساس أنها دعوى مباشرة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - من أحكام البيع المقررة في المادة 439 من القانون المدني، التزام البائع بأن يمكن المشتري من الانتفاع بالمبيع وحيازته حيازة هادئة سواء كان عقد البيع مسجلاً أم غير مسجل بحيث لا يترتب على عدم تسجيل المشتري عقد شرائه سقوط حقه في الضمان، لأن التزام البائع به هو من الالتزامات الشخصية التي تنشأ عن عقد البيع بمجرد انعقاده، ويتعين على البائع تنفيذ هذا الالتزام تنفيذاً عينياً بأن يدفع ادعاء الغير بجميع الوسائل القانونية التي يملكها حتى يكف عن تعرضه للمشتري فإذا لم ينجح البائع في ذلك وجب عليه تنفيذ التزامه بالضمان عن طريق التعويض وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 576 سنة 1956 مدني الزقازيق الابتدائية ضد المطعون عليه الأول بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 2680 ج، وقال بياناً لدعواه إنه اشترى من المرحوم...... - مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة أطياناً زراعية مساحتها 26 فداناً بناحية بلبيس وماكينة الري الموجودة بها بموجب عقدين مؤرخين 4/ 7/ 1953 و10/ 10/ 1953 وأقام الدعوى رقم 81 سنة 1954 مدني الزقازيق الابتدائية بطلب صحتهما ونفاذهما وطلب المطعون عليه الأول التدخل فيها خصماً ثالثاً مدعياً ملكيته لماكينة الري دون البائع للطاعن وقضى برفض قبول تدخله وبصحة ونفاذ عقدي البيع فاستأنف المطعون عليه الأول ذلك الحكم وقضى بعدم جواز استئنافه، وإذ اغتصب المطعون عليه الأول ماكينة الري ولم يمكنه من استعمالها في ري الأطيان المذكورة مما ضيع عليه فرصة زراعتها واستغلالها ويقدر التعويض المستحق له منذ تاريخ شرائها حتى نهاية سنة 1956 بمبلغ 2680 ج فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان، ثم عدل طلباته إلى طلب إلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع له مبلغ 5020 ج قيمة ريع الأطيان حتى نهاية سنة 1959 وما يستجد حتى التسليم مع تسليم العين بما عليها من ماكينة الري. رد المطعون عليه الأول بأن المالك لماكينة الري موضوع النزاع دون الطاعن أو البائع له فحكمت المحكمة بتاريخ 5/ 11/ 1962 بندب الخبير الزراعي صاحب الدور لتطبيق المستندات على الطبيعة لبيان موقع الماكينة، وما إذا كانت تقع في أرض الطاعن المشتراة بالعقدين المؤرخين 4/ 7/ 1953، 10/ 10/ 1953 ومن المالك لها وهل كانت أرض الطاعن تروى منها ومدى أحقيته في ذلك وتحديد الضرر الذي أصابه نتيجة حرمانه من استعمالها إن كان له حق فيها، وباشر الخبير المهمة وقدم تقريره. ثم أقام الطاعن الدعوى رقم 714 سنة 1962 مدني الزقازيق الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزامهم بتسليمه الستة والعشرين فداناً وماكينة الري الموجودة بها تأسيساً على أنه لم يتسلم هذه الأطيان والماكينة المبيعة له منذ تاريخ عقدي البيع بسبب منازعة المطعون عليه الأول وورثة البائع - المطعون عليهما الثانية والثالثة - وأنه لهذا يتنازل عن طلب التسليم في الدعوى الأولى الخاصة بالريع. وبتاريخ 11/ 5/ 1964 قررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى ليصدر فيهما حكم واحد للارتباط، وندبت مكتب خبراء وزارة العدل لأداء ذات المأمورية التي كلفت بها خبير الجدول وقدم الخبير تقريره، وإزاء التناقض بين التقريرين السابقين حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 11/ 1965 بندب كبير الخبراء الزراعيين بمكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لأداء المأمورية التي حددها الحكمان سالفا الذكر، وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 25/ 1/ 1968 في الدعوى رقم 576 سنة 1956 بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع للطاعن مبلغ 2125 ج وفي الدعوى رقم 714 سنة 1962 بإلزام المطعون عليهم بأن يسلموا الطاعن الأطيان الزراعية البالغ مساحتها 26 ف وماكينة الري المبينة بصحيفة الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 35 سنة 11 ق مدني مأمورية الزقازيق وبتاريخ 12/ 6/ 1969 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعويين رقمي 576 سنة 1956 و714 سنة 1962 مدني الزقازيق الابتدائية بالنسبة للمطعون عليه الأول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم قضى برفض دعواه بطلب التعويض عن الأضرار التي لحقته نتيجة تعرض المطعون عليه الأول في ماكينة الري المملوكة له وعدم تمكينه من ري أطيانه منها وبرفض دعواه الثانية بطلب إلزام المطعون عليه الأول بتسليم هذه الأطيان وماكينة الري الموجودة بها استناداً إلى أنه ليس للطاعن أن يدعي ثبوت ملكيته لهذه العقارات لأن الملكية لم تنتقل إليه بعد بسبب عدم تسجيل عقدي البيع الصادرين له، وأنه لا يصح إلزام المطعون عليه الأول بتسليم العقارات المذكورة إلى الطاعن طالما أنه لم يكن طرفاً في هذين العقدين وأنه ينازع الطاعن في ملكيته لماكينة الري وينكر عليه الحق في ري أطيانه منها، ولأنه تبين من تقارير الخبراء الذين ندبتهم محكمة أول درجة أن هذه الأطيان غير صالحة للزراعة بحالتها الراهنة، كما ثبت من الحكم في الدعوى رقم 292 سنة 1956 مدني بلبيس أن الطاعن سلب حيازة الماكينة منذ سنة 1955 حتى حكم في تلك الدعوى في 25/ 6/ 1968 برد حيازتها للمطعون عليه الأول ولم يحاول الطاعن إصلاح أطيانه وزراعتها في الفترة المذكورة مما لا تتوافر معه أركان المسئولية التقصيرية، في حين أن الطاعن اشترى الأطيان وماكينة الري الموجودة بها من مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة بعقدي البيع المؤرخين 4/ 7/ 1953، 10/ 10/ 1953، غير أن المطعون عليه الأول تعرض له ومنعه من ري أطيانه من هذه الماكينة فأقام الطاعن الدعوى رقم 576 سنة 1956 ضد المطعون عليه الأول بطلب التعويض وتسليم الأطيان المبيعة بما عليها من ماكينة الري كما أنه باعتباره خلفاً للبائع أقام الدعوى رقم 714 سنة 1962 ضد المطعون عليه الأول وورثة البائع بطلب تسليم هذه الأطيان وماكينة الري الموجودة بها ويبين من تقرير مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة أنه قام بتحقيق النزاع على الملكية وظهر أن المطعون عليه الأول غير مالك لهذه الماكينة وأنها مملوكة للبائع إلى الطاعن وأن الأطيان المشتراة صالحة للزراعة ويرجع السبب في عدم زراعتها إلى أن المطعون عليه الأول منع عنها الري من الماكينة وهي الطريق الوحيد لريها، مما مقتضاه أن تعرض المطعون عليه الأول للطاعن لا يستند إلى أي حق ويوجب مسئوليته عن الأضرار التي لحقته، كما أنه كان يتعين على المحكمة وقد رفع الطاعن الدعوى الثانية باسم مدينه البائع واختصم فيها ورثته أن تبحث النزاع على ملكية الماكينة باعتباره عنصراً من عناصر الدعوى، وإذ أغفل الحكم هذا البحث وقضى برفض الدعويين فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور.
وحيث إن النعي في شقه الخاص بعدم الفصل في الدعوى الثانية رقم 714 سنة 1962 مدني الزقازيق الابتدائية على أساس أنها دعوى غير مباشرة مردودة، ذلك أن التقنين المدني إذ جاز في المادة 235 لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز، فقد أوجب على الدائن الذي يطالب بحق مدينه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يقيم الدعوى باسم المدين ليكون المحكوم به حقاً لهذا المدين ويدخل في عموم أمواله ضماناً لحقوق دائنيه ويتقاسموه قسمة غرماء، فإذا هو لم يرفعها بوصفه دائناً وإنما رفعها استعمالاً لحق مباشر له وطلب الحكم لمصلحته لا لمصلحة مدينه، فإنها تكون دعوى مباشرة أقامها باسمه ولمصلحته، وإذ كان الثابت أن الطاعن أقام الدعوى رقم 714 سنة 1962 بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه الأول وورثة البائع له بتسليمه هو الأطيان التي اشتراها وماكينة الري القائمة عليها ولم يطلب الحكم بالتسليم لمصلحة مدينه البائع حتى تبحث المحكمة النزاع على الملكية على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه قد فصل في الدعوى على أساس أنها دعوى مباشرة، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص ويكون النعي عليه بهذا الشق في غير محله.
وحيث إن النعي في شقه الآخر الخاص بضمان عدم التعرض صحيح، ذلك أن من أحكام البيع المقررة في المادة 439 من القانون المدني، التزام البائع بأن يمكن المشتري من الانتفاع بالمبيع وحيازته حيازة هادئة سواء كان عقد البيع مسجلاً أم غير مسجل بحيث لا يترتب على عدم تسجيل المشتري عقد شرائه سقوط حقه في الضمان لأن التزام البائع به هو من الالتزامات التي تنشأ عن عقد البيع بمجرد انعقاده ويتعين على البائع تنفيذ هذا الالتزام تنفيذاً عينياً بأن يدفع ادعاء الغير بجميع الوسائل القانونية التي يملكها حتى يكف عن تعرضه للمشتري فإذا لم ينجح البائع في ذلك وجب عليه تنفيذ التزامه بالضمان عن طريق التعويض وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته، ولما كان الثابت أن الطاعن اشترى من مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة بعقدين عرفيين مؤرخين 4/ 7/ 1953، 10/ 10/ 1953 ستة وعشرين فداناً وماكينة الري القائمة بها، وأقام الدعوى رقم 576 سنة 1956 ضد المطعون عليه الأول ثم أقام دعواه الثانية رقم 714 سنة 1962 ضد المطعون عليه الأول وورثة البائع، استناداً إلى أن المطعون عليه الأول اغتصب ماكينة الري ولم يمكنه من ري أطيانه منها مدعياً أنها مملوكة له، وطلب الحكم بتسليمه هذه الماكينة وتعويضه عن الأضرار التي لحقته نتيجة هذا التعرض وعدم ري أطيانه منها، وقررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى ليصدر فيهما حكم واحد، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعن ببحث ما يدعيه الطاعن من أن المطعون عليه الأول تعرض له في انتفاعه بالماكينة التي اشتراها ومنعه من ري أطيانه منها وأن ورثة البائع يلتزمون بالتالي بضمان هذا التعرض، واكتفى الحكم في هذا الخصوص بالقول بأن الطاعن لم يسجل عقدي البيع الصادرين له مع أن البائع يبقى ملتزماً بالضمان نحو المشتري ولو أن البيع لم يسجل، وقضى الحكم برفض طلب التعويض على سند من أن الأطيان غير صالحة للزراعة بحالتها الراهنة رغم ما أثبته تقرير مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة الذي أخذ به الحكم من أن ماكينة الري قائمة بالأطيان المبيعة التي تروى منها وأن هذه الأطيان يمكن تسوية سطحها بسهولة قبل البدء في زراعتها وذلك بعد ضمان مصدر الري لها، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه لهذا السبب.


[(1)] نقض مدني 23/ 1/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 101.