أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 890

جلسة 30 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار مصطفى الفقي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، ومحمد محمد المهدي، وحافظ رفقي، ومحمد البنداري العشري.

(171)
الطعن رقم 173 لسنة 41 القضائية

(1) نقل بحري. معاهدات "معاهدة سندات الشحن".
الاتفاق على إعمال شرط بارامونت. مؤداه. تطبيق معاهدة بروكسل لسنة 1924.
(2) نقل بحري. معاهدات "معاهدات سندات الشحن". تعويض "تقدير التعويض".
معاهدة بروكسل وضعت حداً أقصى للتعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضاعة إذا لم يتضمن سند الشحن بيان جنسها ونوعها. عدم تناولها بيان طريقة تقرير التعويض. وجوب الرجوع للقواعد العامة في القانون المدني.
(3) نقل بحري. معاهدات "معاهدة سندات الشحن". مسئولية "مسئولية عقدية". بطلان.
العجز اللاحق بالبضاعة أثناء الرحلة البحرية. الاتفاق على إعفاء الناقل من المسئولية أو تخفيفها عن الحد الذي وضعته معاهدة بروكسل. باطل بطلاناً مطلقاً.
(4) نقل بحري. مسئولية "مسئولية عقدية".
الاتفاق على تحديد مسئولية الشركة الناقلة. قصر أعماله على العجز في البضاعة قبل الشحن أو بعد التفريغ.
1 - متى كان البند الأول من سند الشحن قد تضمن الاتفاق على إعمال "شرط بارامونت" فإن مفاد ذلك أن الطرفين اتفقا على تطبيق معاهدة بروكسل لسنة 1924 الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن.
2 - ظاهر من نص الفقرة الثامنة من المادة الثالثة، والفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل لسنة 1924، أنها لم تتناول بيان طريقة تقدير التعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضائع المشحونة وهلاكها واكتفت بوضع حد أقصى للتعويض عن هذا العجز أو التلف إذا لم يتضمن سند الشحن بيان جنس البضاعة وقيمتها قبل شحنها، كما خلت باقي نصوص المعاهدة والقانون البحري من بيان طريقة تقدير هذا التعويض، ومن ثم يتعين الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في القانون المدني في شأن المسئولية العقدية بصفة عامة مع مراعاة الحد الأقصى المشار إليه.
3 - إذ كانت المادة 221 من القانون المدني تقضي بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، فإن مقتضى ذلك، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناقل يكون مسئولاً عن هلاك البضائع أو فقدها أثناء الرحلة البحرية بمقدار سعرها بالسوق الحرة التي تخضع لقواعد العرض والطلب في ميناء الوصول، ومن ثم فإنه وإن جاز الاتفاق على إعفاء الناقل البحري من المسئولية أو على تخفيفها إذا كان العجز في البضائع أو تلفها قد حدث قبل شحنها أو بعد تفريغها أي قبل أو بعد الرحلة البحرية، إلا أنه إذا كان العجز أو التلف قد لحق البضائع أثناء هذه الرحلة، فإن الاتفاق على إعفاء الناقل البحري من المسئولية أو تخفيفها عن الحد الذي تقضي به معاهدة بروكسل والقواعد العامة في القانون المدني المكملة لها يكون اتفاقاً باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا يسوغ إعماله.
4 - متى كان البند الثالث عشر من سند الشحن قد حدد مسئولية الشركة الناقلة بأقل القيمتين، أما سعر تكلفة البضائع الهالكة والتالفة أو سعرها في ميناء الوصول، فإن مجال إعمال هذا الشرط يكون قاصراً على حالة حدوث العجز أو التلف قبل شحن البضاعة أو بعد تفريغها، ولا يسوغ إعماله إذا كان العجز أو التلف قد لحق البضائع أثناء الرحلة البحرية لتعارض ذلك مع أحكام معاهدة بروكسل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقدر التعويض عن عجز رسالة البن وتلفها أثناء الرحلة البحرية على أساس سعر الشراء في ميناء الشحن مضافاً إليه مصاريف النقل، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة التموين (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 405 لسنة 1958 تجاري كلي إسكندرية على الشركة المطعون ضدها بصفتها وكيلة عن السفينة ميكيناي وملاكها طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 2076 ج و582 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، وقالت شرحاً لدعواها إنها استوردت 252 طناً من البن البرازيلي وشحنتها من ميناء "ريو دي جانيرو" على الباخرة ميكيناي التي تمثلها الشركة المطعون ضدها ثم أعيد شحنها على الباخرة كورنينا في ميناء بيريه، وفي 14 مارس سنة 1958 وصلت تلك السفينة إلى ميناء الإسكندرية وبعد تفريغ الشحنة تبين وجود عجز وتلف بها قدره 425.830 كيلو جراماً، ولما كانت الشركة المطعون ضدها هي الناقلة للبضاعة والمسئولة عن هذا العجز فقد أقامت الطاعنة دعواها بطلباتها السابقة تعويضاً لها وذلك على أساس أن سعر الطن في ميناء الوصول مبلغ 667 ج و735 م. وبتاريخ 9/ 6/ 1963 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 347 ج و197 م والفوائد القانونية بواقع 5% من 6/ 4/ 1963 حتى السداد بالنسبة لمبلغ 261 ج و1 م من المبلغ المحكوم به ومن تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً حتى السداد بالنسبة لباقي المبلغ المقضى به. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 388 سنة 19 ق تجاري وبتاريخ 24/ 2/ 1965 قضت محكمة استئناف إسكندرية بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 288 سنة 35 ق وأقامته على سبب واحد نعت فيه على الحكم مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والتناقض في التسبيب ذلك أنه قدر التعويض على أساس سعر الشراء مضافاً إليه مصاريف النقل في حين أنه يجب احتساب التعويض على أساس القيمة السوقية للبضاعة في ميناء الوصول باعتبار أن هذه القيمة هي وحدها التي تمثلها الخسارة التي لحقت الطاعنة والكسب الذي فاتها طبقاً لنص المادة 221 من القانون المدني. وبتاريخ 12/ 6/ 1969 قضت المحكمة بنقض الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية. وبعد أن عجلت الطاعنة نظر الاستئناف تمسكت الشركة المطعون ضدها بالبند/ 13 من سند الشحن الذي ينص على تحديد مسئولية الناقل في حالة فقد أو تلف البضاعة بما لا يزيد على سعر التكلفة أو السعر الثابت لها في ميناء التفريغ يوم وصول السفينة أيهما أقل. وبتاريخ 8/ 12/ 1970 أخذت محكمة الاستئناف بهذا الدفاع وقضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك تقول إن الطرفين اتفقا في البند الأول من سند الشحن على تطبيق معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن، وأن المادة 4/ 5 منها وضعت حداً أقصى لمسئولية الناقل البحري بمبلغ مائة جنيه استرليني عن كل طرد أو وحدة ونصت المادة 3/ 8 منها على بطلان كل شرط أو اتفاق على تخفيف هذه المسئولية، ولما كان البند الثالث عشر من سند الشحن قد حدد التعويض عن فقد أو تلف البضاعة المشحونة بأقل القيمتين إما سعر التكلفة أو سعر البضاعة في ميناء الوصول يوم التفريغ، فإن هذا البند يكون قد خفف مسئولية الناقل البحري عما تضمنته أحكام معاهدة بروكسل فجاء باطلاً وإذ قدر الحكم المطعون فيه التعويض عن عجز البضاعة وتلفها على أساس البند الثالث عشر من سند الشحن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان البند الأول من سند الشحن قد تضمن الاتفاق على إعمال "شرط بارامونت" فإن مفاد ذلك أن الطرفين اتفقا على تطبيق معاهدة بروكسل لسنة 1924 الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن ولما كانت الفقرة الثامنة من المادة الثالثة منها قد نصت على أن "كل شرط أو تعاقد أو اتفاق في عقد النقل يتضمن إعفاء الناقل أو السفينة من المسئولية عن الهلاك أو التلف اللاحق بالبضائع والناشئ عن الإهمال أو الخطأ أو التقصير في الواجبات أو الالتزامات المنصوص عليها في هذه المادة أو يتضمن تخفيف هذه المسئولية على وجه يخالف ما هو منصوص عليه في هذه المادة، يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا يترتب عليه أثر ما ويعتبر كل شرط يتضمن التنازل إلى التقابل عن الحقوق الناشئة عن التأمين أو أي شرط آخر مماثل له بمثابة إعفاء الناقل من المسئولية". ونصت الفقرة الخامسة من المادة الرابعة على أنه "لا يلزم الناقل أو السفينة في أي حال من الأحوال بسبب الهلاك أو التلف اللاحق بالبضائع أو ما يتعلق بها بمبلغ يزيد على مائة جنيه انجليزي عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى ما لم يكن الشاحن قد بين جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن وكان هذا البيان قد دون في سند الشحن....... ويجوز للناقل أو الربان أو وكيل الناقل الاتفاق مع الشاحن على تعيين حد أقصى يخالف الحد المنصوص عليه في هذه الفقرة على شرط ألا يكون الحد الأقصى المتفق عليه أقل من المبلغ السابق ذكره، وظاهر من هذه النصوص أنها لم تتناول بيان طريقة تقدير التعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضائع المشحونة وهلاكها واكتفت بوضع حد أقصى للتعويض عن هذا العجز أو التلف إذا لم يتضمن سند الشحن بيان جنس البضاعة وقيمتها قبل شحنها، كما خلت باقي نصوص المعاهدة والقانون البحري من بيان طريقة تقدير هذا التعويض، ومن ثم يتعين الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في القانون المدني في شأن المسئولية العقدية بصفة عامة مع مراعاة الحد الأقصى المشار إليه، ولما كانت المادة 221 من القانون المدني تقضي بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، فإن مقتضى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناقل يكون مسئولاً عن هلاك البضائع أو فقدها أثناء الرحلة البحرية بمقدار سعرها بالسوق الحرة التي تخضع لقواعد العرض والطلب في ميناء الوصول، ومن ثم فإنه وإن جاز الاتفاق على إعفاء الناقل البحري من المسئولية أو على تخفيفها إذا كان العجز في البضائع أو تلفها قد حدث قبل شحنها أو بعد تفريغها أي قبل أو بعد الرحلة البحرية، إلا أنه إذا كان العجز أو التلف قد لحق البضائع أثناء هذه الرحلة، فإن الاتفاق على إعفاء الناقل البحري من المسئولية أو تخفيفها عن الحد الذي تقضي به معاهدة بروكسل والقواعد العامة في القانون المدني المكملة لها، يكون اتفاقاً باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا يسوغ إعماله. لما كان ذلك، وكان البند الثالث عشر من سند الشحن قد حدد مسئولية الشركة المطعون ضدها (الناقلة) بأقل القيمتين أما سعر تكلفة البضائع الهالكة والتالفة أو سعرها في ميناء الوصول، فإن مجال إعمال هذا الشرط يكون قاصراً على حالة حدوث العجز أو التلف قبل شحن البضاعة أو بعد تفريغها، ولا يسوغ إعماله إذا كان العجز أو التلف قد لحق البضائع أثناء الرحلة البحرية لتعارض ذلك مع أحكام معاهدة بروكسل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقدر التعويض عن عجز رسالة البن وتلفها أثناء الرحلة البحرية على أساس سعر الشراء في ميناء الشحن مضافاً إليه مصاريف النقل، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله بما يوجب نقضه دون حاجة إلى باقي أسباب الطعن.
وحيث إن هذا الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين على هذه المحكمة تحديد جلسة لنظر الموضوع والفصل فيه.