مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 115

جلسة 13 ديسمبر سنة 1937

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

(124)
القضية رقم 22 سنة 8 القضائية

تهديد بقصد الحصول على مال أو غيره. أركان هذه الجريمة. شرير ممن اشتهروا بالاعتداء على النفس. مجرّد امتناعه عن دفع ثمن ما تناوله من مشروب. شعور المجني عليه في داخلية نفسه بالرهبة أو الخوف من المتهم. لا يكفي لتوافر ركن التهديد.
(المادة 283 ع = 326)
يشترط لتطبيق المادة 283 من قانون العقوبات أن يقع من الجاني على المجني عليه تهديد أي فعل من شأنه إكراهه بطريق التخويف والوعيد، وأن يكون التهديد بقصد الحصول بدون حق على مال أو شيء آخر. فمجرّد امتناع المتهم عن دفع ثمن ما تناوله في مقهى من المشروب دون أن يبدو منه بأية طريقة أي تخويف أو وعيد لا يمكن عدّه جريمة في حكم هذه المادة، إذ التهديد لا يتوافر بمجرّد شعور المجني عليه في داخلية نفسه بالرهبة أو الخوف من المتهم لبطشه وسطوته وما اشتهر عنه من التعدّي على الأنفس.


المحكمة

ومن حيث إن محصل الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في اعتبار الواقعة المنسوبة للطاعن تهديداً مكوّناً للجريمة المبينة في المادة 283 عقوبات، لأن تلك المادة تشترط أن يقع من الجاني عمل إيجابي بأن يتوعد المجني عليه بإلحاق ضرر بشخصه أو ماله أو يعطل مصالحه أو يسبب خسارة له أو بحرمانه من فائدة متوقعة، ولم يقع من الطاعن أي قول يعتبر من قبيل التهديد أو الإنذار أو نحوهما. ولا يمكن أن يتناول مدلول تلك المادة حالة الشعور بالرهبة أو الخوف في نفس المجني عليه من عدم إجابة شخص آخر إلى طلبه.
ومن حيث إنه يشترط لتطبيق المادة 283 عقوبات أن يحصل من الجاني تهديد أي إكراه أدبي بطريق التخويف والوعيد، وأن يكون استعمال هذا التهديد بقصد الحصول بدون حق على مال أو أي شيء آخر.
ومن حيث إن الواقعة الثابتة في الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه هي أن المتهم (الطاعن) وهو من جماعة الفتوّات الذين اشتهروا بالاعتداء على الناس حضر إلى محل المجني عليه ومعه بعض أشخاص، وكانوا مسلحين بالسكاكين، وشربوا قهوة "وجازوزة"، ثم أرسل المتهم في طلب زجاجة كونياك من محل سلامة درويش البقال، ولما طالبه بثمنها أحاله على الزبائن الموجودين بالقهوة، ثم اضطر المجني عليه لدفع ثمنها، ولم يقبض من المتهم ما دفع ولا ثمن ما شرب من قهوته.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الطاعن لم يستعمل أي تهديد للحصول على المشروب، وكل ما حصل منه أنه امتنع عن دفع ثمن هذا المشروب بعد أن قُدّم له وأحال بائع زجاجة الخمر على أحد الموجودين في القهوة ليتقاضى منه الثمن فلم يقبل، وأخيراً اضطر المجني عليه صاحب القهوة إلى الدفع، ولم يقبض من المتهم قيمة ما دفع ولا قيمة ما شرب من قهوة.
ومن حيث إن مجرّد امتناع الطاعن عن دفع ثمن ما تناوله من المشروبات بعد أن قدّمت له وبدون أن يبدو منه أي تخويف أو وعيد لا يمكن عدّه جريمة في حكم المادة 283 عقوبات. ولا عبرة بقول الحكم بعد ذلك "إن شهرة المتهم بالاعتداء على النفس ودخوله محل المجني عليه وهو بحالة سكر ثم طلبه المشروب والخمر وتقديمه له تحت تأثير قوّته وسطوته تكوّن الجريمة المنصوص عليها في المادة 283 عقوبات" - لا عبرة بذلك ما دام الطاعن لم يبد منه أي تهديد يؤثر على إرادة المجني عليه، ولا يكفي لتوفر ركن التهديد أن يشعر المجني عليه من نفسه بالرهبة أو الخوف من المتهم متأثراً بقوته وسطوته.
ومن حيث إنه لما تقدّم تكون الواقعة الثابتة في الحكم لا عقاب عليها قانوناً، ويتعين نقض الحكم وبراءة الطاعن مما نسب إليه.