أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 907

جلسة 3 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطيه.

(175)
الطعن رقم 195 لسنة 39 القضائية

(1، 2) تأمينات اجتماعية "معاش الشيخوخة". عمل.
(1) اشتراك العامل في تأمين الشيخوخة. توقفه كأصل بمجرد بلوغه سن الستين. تقاضي العامل معاشاً لبلوغه سن الستين. التحاقه من بعد بعمل آخر. لا يتطلب اشتراكه في تأمين الشيخوخة.
(2) المعاشات المستحقة طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية 63 لسنة 1964. جواز الجمع بينها وبين المعاش الحكومي. صورة ذلك.
1 - لما كانت المادة 57 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 قد نصت على أن يستحق معاش الشيخوخة كل مؤمن عليه بلغ سن الستين، وجرى نصها بعد تعديله بالقانون رقم 143 لسنة 1961 على أن يستحق معاش الشيخوخة إذا انتهت خدمة المؤمن عليه لبلوغه سن الستين، كما نصت المادة 77 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 على أن يستحق معاش الشيخوخة عند بلوغ المؤمن عليه سن الستين، وكان مؤدى هذه النصوص أن اشتراك العامل في تأمين الشيخوخة يتوقف بحسب الأصل - بمجرد بلوغه سن الستين، وكان ما أجازته المادة 71 مكرراً (ب) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 المضافة بالقانون رقم 143 لسنة 1961 والمادة 6/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية من استمرار المؤمن عليه في العمل أو التحاقه بعمل جديد بعد سن الستين متى كان قادراً على أدائه - وهو استثناء من ذلك الأصل على ما صرحت به المادة الأولى منهما - مشروطاً بأن يكون من شأن ذلك استكمال مدد الاشتراك الموجبة لاستحقاق المعاش بحيث إذا اكتملت هذه المدد لا يحق للمؤمن عليه الذي بلغ سن الستين أن يطلب الاستمرار في عمله أو الالتحاق بعمل جديد ابتغاء الحصول على معاش أكبر ولذلك نصت هاتان المادتان على أن حكمهما لا يسري بعد آخر ديسمبر سنة 1976 لأنه في هذا التاريخ يكون كل مؤمن عليه اشترك في التأمين منذ صدور القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار للعمال - وهو أول تشريع للتأمينات الاجتماعية في مصر - قد استكمل تلك المدد واستحق بذلك الحد الأدنى للمعاش فلا يكون هناك مبرر لاستمراره في العمل أو التحاقه بعمل جديد بعد سن الستين، ولو كان قصد الشارع إتاحة الفرصة للحصول على معاش أكبر لما حدد ذلك الأجل وجعل سريان كل من النصين مطلقاً من كل قيد. إذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المرحوم...... كان يعمل بمصلحة البريد إلى أن انتهت خدمته بإحالته إلى المعاش في سنة 1950 لبلوغه سن الستين وأنه يتقاضى معاشاً عن خدمته هذه، فإن التحاقه بالعمل لدى المطعون ضدها الأولى (مدارس الأمريكان الخاصة) منذ أول سبتمبر 1957 إلى أن توفى في سنة 1966 لا يتطلب اشتراكه في تأمين الشيخوخة لأنه يكون بمثابة تأمين يبدأ لأول مرة بعد بلوغه سن الستين وهو ما لا يجوز.
2 - إذ كانت المادة 93 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر القانون رقم 63 لسنة 1964 لا تمنع سوى الجمع بين المعاشات التي تستحق بالتطبيق لأحكامه مما مفاده جواز الجمع بينها وبين المعاش الحكومي، فإن إعمال هذه المادة على الوجه الصحيح يجب أن يرتبط بتلك الأسس المقررة بهذا القانون ولا يتعارض معها، ومن ثم فلا يجوز الجمع إلا حيث يلتحق صاحب المعاش الحكومي بعمل آخر قبل بلوغه سن الستين ويستحق معاشاً طبقاً لذلك القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1659 سنة 1967 مدني كلي الإسكندرية على الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - الطاعنة - والبنكين المطعون ضدهما الثاني والثالث وطلبت الحكم ببراءة ذمتها قبل الهيئة من مبلغ 447 ج و865 م وبإلغاء الحجزين الإداريين المتوقعين من أجله تحت يد هذين البنكين، وقالت بياناً لها إن المرحوم...... كان يعمل صرافاً بمدارسها منذ أول سبتمبر سنة 1957 وذلك بعد أن انتهت خدمته بمصلحة البريد بإحالته إلى المعاش في سنة 1950 لبلوغه سن الستين، واستمر في عمله إلى أن توفى في 5 مايو سنة 1966 ثم حصل ورثته على مكافأته عن هذه المدة إلا أن الهيئة طالبتها بذلك المبلغ على أساس أنه يمثل قيمة الاشتراكات المستحقة لها باعتباره خاضعاً لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 ووقعت هذين الحجزين وفاء له مع أن هذا القانون لا ينطبق على حالته ولذلك تكون ذمتها بريئة من هذا المبلغ. وبتاريخ 31 يناير سنة 1968 قضت المحكمة الابتدائية ببراءة ذمة المطعون ضدها الأولى من مبلغ 447 ج و465 م وبإلغاء الحجزين الإداريين المتوقعين في 19 أغسطس سنة 1968 تحت يد المطعون ضدهما الثاني والثالث فاستأنفت الهيئة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 312 سنة 24 ق. وفي 12 فبراير سنة 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الهيئة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن, وعوض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 5 إبريل سنة 1975 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه ببراءة ذمة المطعون ضدها الأولى من المبلغ الذي طلبت إعفاءها منه على أن أحكام تأمين الشيخوخة لا تسري على المرحوم...... عن مدة عمله لديها لأنه يتقاضى معاشاً عن خدمته السابقة بمصلحة البريد التي انتهت بإحالته إلى المعاش في سنة 1950 لبلوغه سن الستين، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفة للثابت في الأوراق من وجوه (أولها) أن قانون التأمينات الاجتماعية يسري بوجه عام وفقاً لنص المادتين 2 و4 منه على كافة العاملين فيما عدا الفئات التي استثناها من سريان أحكامه على سبيل الحصر ومن ثم لا يجوز إخراج فئة أخرى من هؤلاء العاملين من نطاق تطبيقه بسبب بلوغهم سن التقاعد أو بسبب استحقاقهم المعاش عن خدمة سابقة، هذا فضلاً عن أن ذلك القانون لا يمنع في المادة 93 منه الجمع بين معاشين إذا كان أحدهما مقرراً بقانون آخر خلافه (وثانيهما) أن الحكم استند في قضائه إلى المواد 6 و77 و78 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 حيث إن مؤدى ما نصت عليه المادتان الأخيرتان من استحقاق العامل معاش الشيخوخة إذ بلغ سن الستين وبلغت مدة اشتراكه في التأمين 180 شهر على الأقل، أن المشرع إنما خول للعامل الذي استوفى هذين الشرطين رخصة إن شاء إعمالها أنهى عمله وتقاضى معاش الشيخوخة، وإن شاء عدم إعمالها استمر في العمل إلى ما بعد سن الستين، وليس في هاتين المادتين ما يلزم رب العمل بإنهاء خدمة العامل إذا بلغ سن الستين بل أن المشرع لم يقصد من تعديله المادة 81 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 سوى تقرير حق رب العمل في إنهاء خدمة العامل عند بلوغه سن الستين حتى لا يعد هذا الإنهاء من جانبه فصلاً تعسفياً، بينما جاءت المادة 6 قيداً على هذا الحق فأجازت للعامل الاستمرار في العمل بعد سن الستين لاستكمال مدد الاشتراك الفعلية في المعاش ولا شأن لها باستحقاق المعاش ذاته أو عدم استحقاقه، والقول بغير ذلك يحرم العامل الذي بلغ سن الستين من زيادة معاشه بغير مبرر (وثالثها) أنه مع التسليم بما نهجه الحكم في تفسير المادة 6 المشار إليها من أن استمرار العامل في العمل أو التحاقه بعمل جديد بعد سن الستين لا يرتب اشتراكه في تأمين الشيخوخة إلا إذا كان من شأن ذلك استكمال الحد الأدنى لمدة الاشتراك وقدرها 180 شهراً بحيث لا يتجاوز ذلك نهاية عام 1976، فإن هذا التفسير يؤدي إلى سريان أحكام ذلك التأمين على المرحوم....... لأن تلك المدة تكتمل بالنسبة له في أول سبتمبر سنة 1972 أي قبل نهاية عام سنة 1976.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته ذلك أنه لما كانت المادة 57 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 قد نصت على أن يستحق معاش الشيخوخة كل مؤمن عليه بلغ سن الستين وجرى نصها بعد تعديله بالقانون رقم 143 لسنة 1961 على أن يستحق معاش الشيخوخة إذا انتهت خدمة المؤمن عليه لبلوغه سن الستين، كما نصت المادة 77 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 على أن يستحق معاش الشيخوخة عند بلوغ المؤمن عليه سن الستين، وكان مؤدى هذه النصوص أن اشتراك العامل في تأمين الشيخوخة يتوقف بحسب الأصل. بمجرد بلوغه سن الستين، وكان ما أجازته المادة 71 مكرراً "ب" من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 المضافة بالقانون رقم 143 لسنة 1961 والمادة 6/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية من استمرار المؤمن عليه في العمل أو التحاقه بعمل جديد بعد سن الستين متى كان قادراً على أدائه - وهو استثناء من ذلك الأصل على ما صرحت به المادة الأولى منها - مشروطاً بأن يكون من شأن ذلك استكمال مدد الاشتراك الموجبة لاستحقاق المعاش بحيث إذا اكتملت هذه المدد لا يحق للمؤمن عليه الذي بلغ سن الستين أن يطلب الاستمرار في عمله أو الالتحاق بعمل جديد ابتغاء الحصول على معاش أكبر ولذلك نصت هاتان المادتان على أن حكمهما لا يسري بعد آخر ديسمبر سنة 1976 لأنه في هذا التاريخ يكون كل مؤمن عليه اشترك في التأمين منذ صدور القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار للعمال وهو أول تشريع للتأمينات الاجتماعية في مصر قد استكمل تلك المدد واستحق بذلك الحد الأدنى للمعاش فلا يكون هناك مبرر لاستمراره في العمل أو التحاقه بعمل جديد بعد سن الستين ولو كان قصد الشارع إتاحة الفرصة للحصول على معاش أكبر لما حدد ذلك الأجل ولجعل سريان كل من النصين مطلقاً من كل قيد.
لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المرحوم....... كان يعمل بمصلحة البريد إلى أن انتهت خدمته بإحالته إلى المعاش في سنة 1950 لبلوغه سن الستين وأنه يتقاضى معاشاً عن خدمته هذه فإن التحاقه بالعمل لدى المطعون ضدها الأولى منذ أول سبتمبر سنة 1957 إلى أن توفى في سنة 1966 لا يتطلب اشتراكه في تأمين الشيخوخة لأنه يكون بمثابة تأمين يبدأ لأول مرة بعد بلوغه سن الستين وهو ما لا يجوز، ولا ينال من ذلك ما احتجت به الطاعنة من أن المادة 93 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر القانون رقم 63 لسنة 1964 لا تمنع سوى الجمع بين المعاشات التي تستحق بالتطبيق لأحكامه مما مفاده جواز الجمع بينها وبين المعاش الحكومي لأن إعمال هذه المادة على الوجه الصحيح يجب أن يرتبط بتلك الأسس المقررة بهذا القانون ولا يتعارض معها ومن ثم فلا يجوز الجمع إلا حيث يلتحق صاحب المعاش الحكومي بعمل آخر قبل بلوغه سن الستين ويستحق معاشاً طبقاً لذلك القانون، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على مناقشة حق الهيئة الطاعنة في اقتضاء الاشتراكات المقررة عن تأمين الشيخوخة وحده مع أن المبلغ موضوع الدعوى يشمل هذه الاشتراكات بالإضافة إلى الاشتراكات المقررة عن تأمين إصابات العمل والتأمين الصحي وتأمين العجز والوفاة الأمر الذي عنت الطاعنة بإيضاحه في صحيفة الاستئناف غير أن الحكم التفت عنه ولم يفصل في استحقاقه لهذه الاشتراكات مما يعيبه بالقصور ومخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه واجه كافة مستحقات الهيئة المترتبة على اعتبارها المرحوم...... مؤمناً عليه تأميناً شاملاً وانتهى إلى إعفاء المطعون ضدها الأولى منها جملة ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.