مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 130

جلسة 20 ديسمبر سنة 1937

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

(135)
القضية رقم 56 سنة 8 القضائية

استئناف. حكم بتأديب جسماني أو بتسليم الصغير لوالده. حكم بعقوبة. استئنافه. خضوعه للقاعدة العامة. الاستثناء المنصوص عليه.
(المادتان 175 و243 تحقيق)
إن الأحكام الصادرة على الصغير بتأديبه جسمانياً أو بتسليمه لأهله هي أحكام صادرة بعقوبات قررها القانون وإن كان قد اختص بها المجرمين الأحداث لما ارتآه من أنها أكثر ملاءمة لأحوالهم وأعظم أثراً في تقويمهم. وإذا كان القانون لم ينص على هذه الأحكام في باب العود ولم يعتبرها من السوابق التي تجيز تشديد العقوبة، فإن ذلك لا يفقدها صفتها المذكورة، بل إن كل ما أراده من ذلك هو ألا تكون عقبة في مستقبل هؤلاء الأحداث. وهذه الأحكام، من حيث جواز استئنافها، خاضعة للقاعدة العامة التي قررها قانون تحقيق الجنايات في المادة 175 باستثناء واحد هو ما أشارت إليه المادة 243 من منع المجرم الصغير من استئناف الحكم الصادر عليه بالتأديب الجسماني. وهذا الاستثناء لا يصح التوسع فيه، بل يجب حصره في الدائرة الضيقة المرسومة له وهي منع الصغير وحده من حق استئناف الحكم الصادر عليه بالتأديب الجسماني فقط. أما حق النيابة في استئناف تلك الأحكام جميعها فحق ثابت قانوناًً وغير مقيد بأي قيد.


المحكمة

ومن حيث إن محصل الطعن أن محكمة الموضوع أخطأت في تطبيق القانون لأنها قضت بعدم قبول استئناف النيابة اعتماداً على أن المادة 243 جنايات قضت بأن لا يقبل من المجرم الحديث السنّ استئناف الحكم الصادر عليه بالتأديب الجسماني. واستنتجت المحكمة من ذلك ومن أن الأحكام الصادرة بالتأديب الجسماني أو بتسليم الصغير لوالده أو إرساله للإصلاحية إنما هي وسائل تأديبية وليست أحكاماً بعقوبة لأنها لم ترد في المادة 48 عقوبات (الخاصة بالعود) - استنتجت المحكمة من ذلك كله وجوب حصر حق استئناف النيابة في دائرة ضيقة وهي حالة وقوع خطأ في تطبيق القانون. وترى النيابة أن هذا خطأ لمخالفته لنص المادة 175 جنايات التي أباحت الاستئناف عن الأحكام الصادرة في مواد الجنح، وأن الاستثناء الوحيد الذي قرره القانون بشأنه لم يرد إلا على حق الصغير المحكوم عليه بالتأديب الجسماني.
ومن حيث إن الأحكام الصادرة بالتأديب الجسماني أو بتسليم الصغير لوالده هي أحكام بعقوبات مقررة خصها القانون بالمجرمين الحديثي السنّ لأنه رأى فيها أكثر ملاءمة لأحوالهم وأعظم أثراً في تقويم أخلاقهم، فهي لم تخرج عن كونها أحكاماً بعقوبات خاصة لصنف من المجرمين. وإذا كان القانون لم ينص عليها في باب العود ولم يعتبرها من قبيل السوابق فإن ذلك لا يفقد هذه الأحكام صفتها، وكل ما في الأمر أن القانون لم يشأ أن يكون لها أي أثر سيء في مستقبل هؤلاء الأحداث.
وحيث إنه متى تقرر ذلك فإن الأحكام الصادرة بالتأديب الجسماني أو بتسليم الصغير لوالده يجب أن تخضع للقاعدة العامة التي قررها القانون في المادة 175 جنايات من حيث جواز استئنافها. ولم يرد على تلك القاعدة إلا استثناء واحد، وهو ما أشارت إليه المادة 243 جنايات التي قضت بحرمان المجرم الصغير من استئناف الحكم الصادر عليه بالتأديب الجسماني. وهذا الاستثناء لا يصح التوسع فيه ويجب حصره في الدائرة التي رسمها له القانون وهي حرمان الصغير وحده من حق استئناف الحكم الصادر عليه بالتأديب الجسماني فقط. ولذلك يكون حق النيابة في استئناف تلك الأحكام ثابتاً قانوناً وغير مقيد بأي قيد.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم فيما قضى به من جهة عدم قبول استئناف النيابة وبجواز الاستئناف المرفوع منها.