أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 986

جلسة 12 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى سليم، ودكتور مصطفى كيره، وأحمد سيف الدين سابق، وفاروق سيف النصر.

(189)
الطعن رقم 279 لسنة 41 القضائية

حراسة "حراسة إدارية". دعوى "شروط قبول الدعوى".
رفع الحراسة وفقاً للقانون 150 لسنة 1964. أثره. تحقيق الديون بعد صدور القرار الجمهوري 1876 لسنة 1964. من سلطة مدير إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة. القرار الصادر من الحارس العام بعدم الاعتداد بالدين. لا أثر له.
مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 150 لسنة 1964 والفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 مرتبطتين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن المشرع حين قضى برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين كانوا يخضعون لحراسة الطوارئ وبأيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى الدولة مقابل التعويض الذي حدده القانون قرر أن ما يؤول إلى الدولة هو صافي قيمة هذه الأموال بعد استنزال جميع الحقوق التي للغير ويقوم المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة بهذه التصفية وله في هذا السبيل أن يقبل الديون التي يتقدم بها أصحابها أو يرفض أداءها بقرار مسبب لعدم جديتها أو صوريتها أو لأي سبب آخر يقره القانون فتنتقل الأموال إلى الدولة بعد حصول هذه التصفية خالية من حقوق الدائنين التي لم يقرها المدير العام ويكون لهؤلاء الدائنين حق الرجوع على المدين بهذه الديون. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحراسة رفعت عن المطعون ضدهما في 24/ 3/ 1964 بمقتضى القانون رقم 150 لسنة 1964 وآلت أموالهما التي كانت موضوعة تحت الحراسة إلى الدولة مقابل التعويض المنصوص عليه فيه، وكان تحقيق ديونهما وإقرارها أو رفضها قد أضحى بموجب القرار الجمهوري 1876 لسنة 1964 من سلطة المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة فإن قرار لجنة تحقيق الديون الصادر من الحارس العام في 2/ 10/ 1966 بعدم الاعتداد بدين الطاعن - بعد رفع الحراسة عن المطعون ضدهما - يكون قد صدر ممن لا يملكه ومن ثم فلا أثر له قانوناً. إذ كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى هذا القرار وأسس عليه قضاءه بعدم قبول الدعوى دون أن يتحقق من أن الدين قد عرض على المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة وما إذا كان قد أقره أو رفضه وأثر ذلك في الدعوى - وهو ما يتسع له سبب الطعن - فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن طلب استصدار أمر بإلزام الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر العسكري رقم 138 لسنة 1961 باعتباره الممثل القانوني للمطعون ضدهما الثاني والثالثة بأن يؤدي له مبلغ 600 ج وفوائده القانونية. رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى وقيدت برقم 5355 سنة 1963 مدني كلي القاهرة وطلب الطاعن الحكم له بطلباته السابقة، وقال شرحاً لها إن المطعون ضدهما الثاني والثالثة عيناه بموجب عقد مؤرخ 31/ 7/ 1962 مشرفاً على مصالحهما في الشركة الصناعية الأهلية للكبريت ببهتيم وأناطا به كافة الشئون القانونية التي يقتضيها ذلك الإشراف مقابل أجر شهري قدره 60 جنيهاً وأذنا له في تقاضيه من أموالهما متضامنين بالمنشأة على أن يسري هذا العقد لمدة سنتين. وقد تولى هذه المهمة حتى فرضت عليهما الحراسة في 11/ 3/ 1963 تطبيقاً للأمر العسكري رقم 138 لسنة 1961، وإذ استحق له أجر عشرة شهور عن المدة من 1/ 6/ 1962 حتى 31/ 3/ 1963 وقدره 600 ج طالب به الحراسة العامة إلا أنها امتنعت عن أدائه فأقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 5/ 12/ 1963 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 262 سنة 81 قضائية. وبتاريخ 28/ 3/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة الحارس برفع الحراسة عن المطعون ضدهما الثاني والثالثة طبقاً للقانون رقم 150 لسنة 1964 وأيلولة أموالهما إلى الدولة فوجه الطاعن طلباته إلى المطعون ضده الأول بصفته المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة. وبتاريخ 16/ 1/ 1971 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بعدم قبول الدعوى إلى أن الحارس العام أصدر قراراً برفض الاعتداد بدينه وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن هذا القرار الصادر من الحارس العام في 1/ 10/ 1966 بعد رفع الحراسة والمقدم أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف هو قرار معدوم.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان القانون رقم 150 لسنة 1964 يقضي في مادته الأولى برفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقاً لأحكام قانون الطوارئ، وتقضي المادة الثانية منه بأيلولة هذه الأموال إلى الدولة مقابل تعويض إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن أقل قيمة، وكان القرار الجمهوري رقم 1876 سنة 1964 قد نص في الفقرة الرابعة من مادته الأولى على أن الأموال والممتلكات التي تؤول إلى الدولة ويعوض عنها صاحبها وفقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 هي صافي قيمتها بعد استنزال جميع الديون العقارية والممتازة والعادية بحيث تكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية ولا يجوز الرجوع على صاحب هذه السندات بغير الديون التي يرفض المدير العام أداءها بقرار مسبب لعدم جديتها أو صوريتها أو لأي سبب آخر يقرره القانون، فإن مفاد هذه النصوص مرتبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع حين قضى برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين كانوا يخضعون لحراسة الطوارئ وبأيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى الدولة مقابل التعويض الذي حدده القانون قرر أن ما يؤول إلى الدولة هو صافي قيمة هذه الأموال بعد استنزال جميع الحقوق التي للغير، ويقوم المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة بهذه التصفية وله في هذا السبيل أن يقبل الديون التي يتقدم بها أصحابها أو يرفض أداءها بقرار مسبب لعدم جديتها أو صوريتها أو لأي سبب آخر يقره القانون فتنتقل الأموال إلى الدولة بعد حصول هذه التصفية خالية من حقوق الدائنين التي لم يقرها المدير العام ويكون لهؤلاء الدائنين حق الرجوع على المدين بهذه الديون. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحراسة رفعت عن المطعون ضدهما الثاني والثالثة في 24/ 3/ 1964 بمقتضى القانون رقم 150 لسنة 1964 وآلت أموالهما التي كانت موضوعة تحت الحراسة إلى الدولة مقابل التعويض المنصوص عليه فيه وكان تحقيق ديونهما وإقرارها أو رفضها قد أضحى بموجب القرار الجمهوري 1876 لسنة 1964 من سلطة المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة، فإن قرار لجنة تحقيق الديون الصادر من الحارس العام في 2/ 10/ 1966 بعدم الاعتداد بدين الطاعن بعد رفع الحراسة عن المطعون ضدهما الثاني والثالثة يكون قد صدر ممن لا يملكه، ومن ثم فلا أثر له قانوناً. إذ كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى هذا القرار وأسس عليه قضاءه بعدم قبول الدعوى دون أن يتحقق من أن الدين قد عرض على المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة، وما إذا كان قد أقره أو رفضه وأثر ذلك في الدعوى وهو ما يتسع له سبب الطعن، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض مدني 18 مايو سنة 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 640.