أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1023

جلسة 20 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(195)
الطعن رقم 639 لسنة 40 القضائية

تقادم "تقادم مسقط". دعوى. معاهدات. نقض "أسباب الطعن". نقل بحري.
تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بخضوع سند الشحن لأحكام معاهدة بروكسل بشأن تقادم دعوى المسئولية. إغفال الحكم بحث انطباق المعاهدة سواء لتوافر شروط تطبيقها أو لوجود اتفاق بين الطرفين على تطبيق أحكامها. قصور. تمسك الطاعنة أمام محكمة النقض بأن سند الشحن يتضمن الاتفاق على تطبيقها لا يعد سبباً جديداً للطرفين أن يتفقا في سند الشحن على خضوعه لأحكامها.
إذ كان يبين من الاطلاع على مذكرة الطاعنة الأولى - وزارة التموين - المقدمة أمام محكمة أول درجة، ومذكرتها المقدمة أمام محكمة الاستئناف أنها ردت على دفع المطعون عليها الأولى - الشركة الناقلة - بعدم قبول الدعوى لعدم مراعاة المواعيد المنصوص عليها في المادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري المصري، بأن سند الشحن موضوع الدعوى يخضع لأحكام معاهدة بروكسل وتقضي المادة 3/ 6 منها بأن دعوى المسئولية عن الهلاك أو التلف تتقادم بمضي سنة من تسليم البضاعة أو التاريخ الذي كان يجب تسليمها فيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يبحث ما إذا كان سند الشحن يتضمن اتفاقاً بين طرفيه على تطبيق أحكام المعاهدة سالفة الذكر، ولا يعتبر ما أثارته الطاعنتان بهذا الخصوص سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك أنه إذا كان سند الشحن لا يخضع للمعاهدة الدولية المذكورة طبقاً للشروط التي أوردتها المادة العاشرة منها، فإن للطرفين أن يتفقا في السند على خضوعه لأحكامها، ولما كان سند الشحن مثار النزاع معروضاً على محكمة الموضوع فكان يتعين عليها والطاعنتان تتمسكان بتطبيق أحكام المعاهدة على واقعة الدعوى أن تبحث جواز انطباقها سواء لتوافر الشروط التي نصت عليها المادة العاشرة منها أو لوجود اتفاق بين الطرفين على تطبيق أحكامها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وقضى بقبول الدفع، وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الأولى تطبيقاً للمادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري المصري، فإنه يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة التموين - الطاعنة الأولى - أقامت الدعوى رقم 15 سنة 1955 مدني بور سعيد الابتدائية ضد شركة مستودعات الفحم البريطانية بصفتها وكيلة عن ملاك وربان الباخرة "بورياس" التي اندمجت في الشركة المطعون عليها الأولى، وشركة....... للمقاولات البحرية التي اندمجت في الشركة المطعون عليها الثانية، انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن تدفعا لها مبلغ 1408 ج و192 م وقالت بياناً لدعواها إنه في مساء يوم 22/ 1/ 1954 وصلت الباخرة "بورياس" إلى ميناء بور سعيد تحمل شحنة من السكر مقدارها 37583 جوالاً لوزارة التموين، وبدئ في تفريغها صباح اليوم التالي فتبين وجود عجز قدره 45 جوالاً وزنها 8 أطنان و408.5 كيلو جرامات كما تبين وجود أجولة ملوثة وإذ تولت المطعون عليها الأولى نقل الرسالة والمطعون عليها الثانية عملية التفريغ، وتسألان بالتضامن عن تعويض الأضرار سالفة الذكر وتقدر بمبلغ 1408 ج و192 م فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها، دفعت المطعون عليها الأولى بعدم قبول الدعوى وبتاريخ 6/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليهما لعدم مراعاة المواعيد المقررة بالمادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري. استأنفت وزارة التموين والهيئة العامة للسلع التموينية - الطاعنتان - هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافهما برقم 122 سنة 7 ق مدني (مأمورية بور سعيد) وبتاريخ 26/ 5/ 1970 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمطعون عليها الأولى وبإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الثانية. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض فيما قضى به بالنسبة للمطعون عليها الأولى، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وتقولان في بيان ذلك أن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المطعون عليها الأولى تأسيساً على أن السفينة الناقلة تحمل العلم اللبناني ويملكها لبناني وأن جمهورية لبنان لم توقع على معاهدة بروكسل الدولية ومن ثم فإن أحكامها لا تنطبق على سند الشحن موضوع الدعوى وإنما تسري عليه أحكام القانون البحري المصري باعتباره قانون البلد الذي أقيمت به الدعوى وتم فيه تفريغ البضاعة، وتوجب المادتان 174 و275 من هذا القانون إجراء الاحتجاج خلال 48 ساعة من التسليم ورفع الدعوى خلال 31 يوماً من تاريخ الاحتجاج وهو ما لم تتبعه وزارة التموين في حين أن سند الشحن قد نص فيه على اتفاق طرفيه على أن تحكمه نصوص أي تشريع لنقل البضائع بطريق البحر يشمل أحكام معاهدة بروكسل الدولية بشأن سندات الشحن المؤرخة في 25 أغسطس سنة 1924 وقد ظهر هذا السند إلى وزارة التموين فأصبحت طرفاً فيه وقد وافقت مصر على هذه المعاهدة والعمل بها منذ 29/ 5/ 1944 وهي تنص على رفع دعوى المسئولية عن الهلاك أو التلف خلال سنة من تاريخ تسليم البضاعة وقد طلبت وزارة التموين أمام محكمة الموضوع تطبيق أحكام هذه المعاهدة وكان يتعين على المحكمة من تلقاء نفسها أن تنزل حكمها على واقعة الدعوى، وإذ وصلت السفينة يوم 22 يناير سنة 1954 وتم تفريغها في الأيام من 23 إلى 26 يناير سنة 1954 وأقامت وزارة التموين الدعوى في 21 و22/ 12/ 1954 أي قبل مضي سنة من تاريخ التسليم فتكون قد رفعت في الميعاد، وإذ قضى الحكم بعدم قبول الدعوى فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على مذكرة الطاعنة الأولى المقدمة لجلسة 6/ 10/ 1966 أمام محكمة أول درجة ومذكرتها المقدمة لجلسة 20/ 12/ 1967 أمام محكمة الاستئناف أنها ردت على دفع المطعون عليها الأولى بعدم قبول الدعوى لعدم مراعاة المواعيد المنصوص عليها في المادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري المصري بأن سند الشحن موضوع الدعوى يخضع لأحكام معاهدة بروكسل وتقضي المادة 3/ 6 منها بأن دعوى المسئولية عن الهلاك أو التلف تتقادم بمضي سنة من تسليم البضاعة أو التاريخ الذي كان يجب تسليمها فيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يبحث ما إذا كان سند الشحن يتضمن اتفاقاً بين طرفيه على تطبيق أحكام المعاهدة سالفة الذكر، ولا يعتبر ما أثارته الطاعنتان بهذا الخصوص سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك أنه إذا كان سند الشحن لا يخضع للمعاهدة الدولية المذكورة طبقاً للشروط التي أوردتها المادة العاشرة منها، فإن للطرفين أن يتفقا في السند على خضوعه لأحكامها، ولما كان سند الشحن مثار النزاع معروضاً على محكمة الموضوع فكان يتعين عليها والطاعنتان تتمسكان بتطبيق أحكام المعاهدة على واقعة الدعوى أن تبحث جواز انطباقها سواء لتوافر الشروط التي نصت عليها المادة العاشرة منها أو لوجود اتفاق بين الطرفين على تطبيق أحكامها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وقضى بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الأولى تطبيقاً للمادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري المصري، فإنه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.