أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1027

جلسة 21 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، والدكتور محمد زكي عبد البر، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

(196)
الطعن رقم 382 لسنة 40 القضائية

(1) حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها". ضرائب "الطعن الضريبي". نقض.
الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها. شرطه. م 212 مرافعات. قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف - الذي قضى بإلغاء ربط الضريبة على الممول - وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لتقدير الأرباح. أثره. إعادة القوة التنفيذية لقرار لجنة الطعن الضريبي. الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه. جائز باعتباره قابلاً للتنفيذ الجبري.
(2) ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". شركات "شركة المحاصة".
الشريك المستتر في شركات المحاصة. عدم خضوعه للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.
1 - نص المادة 212 من قانون المرافعات، يدل على أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها منع الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها، بحيث لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو قطعية أو متعلقة بالإثبات وحتى لو كانت منهية لجزء من الخصومة، واستثنى المشرع أحكاماً أجاز فيها الطعن المباشر من بينها الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائده في ذلك أن القابلية للتنفيذ وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تنشئ للمحكوم عليه مصلحة جدية في الطعن فيه على استقلال وحتى يتسنى طلب وقف نفاذه، ولئن كان الحكم المطعون فيه - الذي قضى بإلغاء الحكم المستأنف واعتبار نصيب الطاعن في أرباح الشركة خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الطلبات الاحتياطية - من قبيل الأحكام الصادرة أثناء سير الدعوى وقبل صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، إلا أن مفاد نص المادة 53 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالمرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1952 والمادة 101 من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 مرتبطتين، هو وجوب تحصيل الضريبة وفق قرار اللجنة دون أن يترتب على الطعن فيه إيقاف استحقاقها إلا إذا صدر حكم من المحكمة الابتدائية فيكون هو الواجب الاتباع رغم الطعن عليه بطريق الاستئناف وحتى الفصل نهائياً في الدعوى. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف - الذي قضى بإلغاء قرار اللجنة فيما قضى به من اعتبار الطاعن شريك واقع، وإلغاء ربط الضريبة عليه في سني المحاسبة - وباعتبار نصيب الطاعن في أرباح الشركة خاضعاً للضريبة، وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لتقدير الأرباح، من شأنه أن يعيد لقرار اللجنة قوته التنفيذية، وتحصيل الضريبة على مقتضاه حتى يصدر حكم جديد من المحكمة الابتدائية في موضوع الطعن، فإن الحكم المطعون فيه يضحى بهذه المثابة من قبيل الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري ويكون قابلاً للطعن المباشر وفقاً لعموم نص المادة 212 من قانون المرافعات ولا يغير من ذلك أن سند التنفيذ ليس هو الحكم بذاته وإنما هو السند الذي أزال بصدوره العقبة التي كانت تقف في سبيل التنفيذ. لما كان ذلك، فإن الدفع بعدم جواز الطعن يكون في غير محله.
2 - المقرر في قضاءه هذه المحكمة أن ضريبة الأرباح التجارية والصناعية بالنسبة لشركات المحاصة تربط على الشريك الظاهر فقط دون التفات إلى ما قد يكون هناك من شركاء مستترين مهما كانت صفتهم لأن واقع الحال فيها أن هناك شخصاً واحداً ظاهراً أمام الغير يتعامل باسمه ويلتزم عن نفسه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر القانوني السليم وأخضع الطاعن للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية رغم أنه شريك مستتر في إحدى شركات المحاصة فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب قصر النيل قدرت أرباح الطاعن الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في السنوات من 1958 حتى 1962 بمبالغ 6400 ج، 12162 ج، 29767 ج، 25700 ج، 25710 ج، على التوالي، وذلك باعتباره شريكاً في شركة واقع بينه وبين آخر، وإذ اعترض استناداً إلى أن المنشأة شركة محاصة وأنه ليس شريكاً ظاهراً فلا تستحق عليه ضريبة، وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 11 من مارس 1967 (أولاً) بتخفيض صافي ربح المنشأة إلى مبالغ 55120 ج، 9730 ج، 23837 ج، 20572 ج، 20572 ج في سنوات المحاسبة على الترتيب. (ثانياً) اعتبار الطاعن شريك واقع تربط عليه الضريبة طبقاً لعقد الشركة، فقد أقام الدعوى رقم 1096 لسنة 1967 تجاري أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالباً إلغاء قرار اللجنة والحكم أصلياً بإلغاء ربط الضريبة عليه باعتباره شريكاً مستتراً في شركة محاصة وقصره على الشريك الظاهر وحده، واحتياطياً بتقدير الأرباح على الأساس الوارد بدفاتر المنشأة، وبتاريخ 15 من فبراير 1968 حكمت المحكمة بإلغاء قرار اللجنة فيما قضى به من اعتبار الطاعن شريك واقع وإلغاء ربط الضريبة عليه في سني المحاسبة. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 216 لسنة 80 ق تجاري القاهرة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 15 من إبريل سنة 1970 (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف واعتبار نصيب الطاعن في أرباح الشركة خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية (ثانياً) بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الطلبات الاحتياطية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. دفعت مصلحة الضرائب بعدم جواز الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه فصل في أساس الحق وحده بإخضاع الطاعن للضريبة دون أن ينهي الخصومة بين الطرفين، إذ ما زالت مطروحة على محكمة أول درجة للفصل في الطلب الاحتياطي الخاص بتقدير الأرباح ومن ثم فلا يكون قابلاً للطعن استقلالاً وفقاً للمادة 212 من قانون المرافعات القائم، علاوة على أن الحكم ليس قابلاً للتنفيذ الجبري لأنه لم يصدر بالإلزام بأداء معين ولا يجدي القول بأن الحكم المطعون فيه من شأنه أن يؤدي إلى التنفيذ الجبري لأن التنفيذ إنما يكون بمقتضى قرار اللجنة وليس بموجب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن النص المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري"، يدل على أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها منع الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها، بحيث لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو قطعية أو متعلقة بالإثبات وحتى لو كانت منهية لجزء من الخصومة واستثنى المشرع أحكاماً أجاز فيها الطعن المباشر من بينها الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائده في ذلك أن القابلية للتنفيذ - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تنشئ للمحكوم عليه مصلحة جدية في الطعن فيه على استقلال وحتى يتسنى طلب وقف نفاذه. ولئن كان الحكم المطعون فيه من قبيل الأحكام الصادرة أثناء سير الدعوى وقبل صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، إلا أنه لما كانت المادة 53 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالمرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1952 تنص على أنه "تختص لجان الطعن بالفصل في جميع أوجه الخلاف بين الممول والمصلحة..... وتصدر اللجنة قرارها في حدود تقدير المصلحة وطلبات الممول ويعلن الممول والمصلحة بالقرار بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول. ويعدل ربط الضريبة وفقاً للقرار فإذا لم تكن الضريبة قد حصلت فيكون تحصيلها على مقتضى قرار اللجنة" وكانت المادة 101 من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 تنص على أنه "لا يترتب على رفع الدعوى من المصلحة أو من الممول إيقاف استحقاق الضرائب إلا إذا صدر فيها حكم من المحكمة الابتدائية فإنه يجب في هذه الحالة إتباعه حتى الفصل نهائياً في الدعوى......"، فإن مفاد هاتين المادتين مرتبطتين وجوب تحصيل الضريبة وفق قرار اللجنة دون أن يترتب على الطعن فيه إيقاف استحقاقها، إلا إذا صدر حكم من المحكمة الابتدائية فيكون هو الواجب الإتباع رغم الطعن عليه بطريق الاستئناف وحتى الفصل نهائياً في الدعوى، لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وباعتبار نصيب الطاعن في أرباح الشركة خاضعاً للضريبة وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لتقدير الأرباح من شأنه أن يعيد لقرار اللجنة قوته التنفيذية وتحصيل الضريبة على مقتضاه حتى يصدر حكم جديد من المحكمة الابتدائية في موضوع الطعن فإن الحكم المطعون فيه يضحى بهذه المثابة من قبيل الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري ويكون قابلاً للطعن المباشر وفقاً لعموم نص المادة 212 من قانون المرافعات، لا يغير من ذلك أن سند التنفيذ ليس هو الحكم بذاته أنه هو السند الذي أزال بصدوره العقبة التي كانت تقف في سبيل التنفيذ، ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز الطعن في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل سبب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بإخضاعه للضريبة على سند من القول بأن الواقعة المنشئة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية هي تحقق الربح دون الاعتداد بالاستتار أو الخفاء لشركة المحاصة أو أن التعامل معها يكون باسم الشريك الظاهر وحده، لأن هذه الأحكام قاصرة على نطاق القانون التجاري دون القواعد المتعلقة بفرض الضريبة واستحقاقها، في حين أن خروج القانون الضريبي عن بعض أحكام القانون التجاري جاء على سبيل الاستثناء فلا يتعدى الحالات الواردة بشأنها، كما أن القول بأن استتار صفة الشريك غير الظاهر في شركة المحاصة لا يسري إلا في مواجهة الفرد دون مصلحة الضرائب تخصيص للنص بغير مخصص، علاوة على أن قياس شركة المحاصة على شركة التضامن وربط الضريبة على الشريك المستتر قياس لا تقتضيه طبيعة كل من الشركتين....... ولا يصح القول بأن وجود قيام عقد شركة المحاصة دليل على ظهورها وعلى أنها غير خافية لأن التعامل كان باسم الشريك الظاهر وحده دون الطاعن، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ضريبة الأرباح التجارية والصناعية بالنسبة لشركات المحاصة تربط على الشريك الظاهر فقط دون التفات إلى ما قد يكون هناك من شركاء مستترين مهما كانت صفتهم، لأن واقع الحال فيها أن هناك شخصاً واحداً ظاهراً أمام الغير يتعامل باسمه ويلتزم عن نفسه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر القانوني السليم وأخضع الطاعن للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية رغم أنه شريك مستتر في إحدى شركات المحاصة فإنه يكون معيباً بما يتعين معه النقض.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء بتأييد حكم محكمة أول درجة.