أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1058

جلسة 21 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي، ومحمد محمد المهدي، وحافظ رفقي، ومحمد البنداري العشري.

(201)
الطعن رقم 280 لسنة 41 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". دستور.
القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. الحد من هذه الولاية بنص القانون وبما لا يخالف أحكام الدستور. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي". إيجار "إيجار الأراضي الزراعية". دعوى.
قيام دائن مستأجر الأرض الزراعية بإخطار الجمعية التعاونية الزراعية بدينه في الميعاد المقرر. ق 52 لسنة 1966. قعود الجمعية عن عرض أمر الدين على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لتحقيقه رغم فوات مدة كافية لذلك. أثره. جواز التجاء الدائن إلى القضاء صاحب الولاية العامة للمطالبة بهذا الدين.
1 - إذ كان القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية فإن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف أحكام الدستور - يعتبر استثناء وارداً على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
2 - مؤدى نص المادتين الثالثة والرابعة من القانون رقم 52 لسنة 1966 أن المشرع لم يضع على عاتق الدائن سوى الالتزام بإخطار الجمعية التعاونية الزراعية بالدين الذي يستحقه في ذمة مدينه الذي يستأجر أرضاً زراعية، ولم يوجب القانون على الدائن عرض أمر هذا الدين على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لتحقيقه، بل ترك هذا الأمر للجمعية التعاونية الزراعية، ولو شاء المشرع أن يلزم الدائن بعرض أمر دينه مباشرة على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لنص على ذلك صراحة، كما فعل بالنص في المادة الخامسة من ذات القانون على إلزام كل مؤجر يداين في المستقبل مستأجر الأرض الزراعية أن يخطر لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بهذا الدين وإذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني الذي أحال الدين إلى الطاعن قد قام بإخطار الجمعية التعاونية الزراعية بالدين موضوع المطالبة في الميعاد القانوني نفاذاً للالتزام الملقى على عاتقه، فإنه لا يسوغ أن يضار من إهمال أو تراخي الجمعية في عرض أمر هذا الدين على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لتحقيقه، فإذا انقضت مدة كافية لكي تعرض الجمعية التعاونية الزراعية أمر الدين على اللجنة المشار إليها ولكنها لم تفعل، فإنه يحق للطاعن أن يلجأ إلى جهة القضاء العادي ذات الولاية العامة للمطالبة بدينه. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن استصدر أمر أداء يقضي بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي له مبلغ 800 ج قيمة سندين مؤرخين 2/ 1/ 1966، 5/ 1/ 1966 محولين للطاعن من المطعون ضده الثاني، تظلم المطعون ضده الأول من هذا الأمر وقيد تظلمه برقم 173 سنة 1970 مدني كلي المنيا طالباً إلغاءه تأسيساً على سقوط الدين لعدم الإخطار عنه في الميعاد القانوني وعدم تحقيقه بمعرفة لجنة الفصل في المنازعات الزراعية وتقرير صحته طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1966، وقد رد الطاعن على ذلك بأنه أخطر الجمعية التعاونية الزراعية المختصة بالدين موضوع المطالبة في الميعاد القانوني، وبتاريخ 24/ 5/ 1970 قضت محكمة أول درجة بتأييد أمر الأداء المتظلم منه. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 159 لسنة 6 ق، وبتاريخ 18/ 1/ 1971 قضت محكمة استئناف بني سويف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء أمر الأداء وبعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الالتجاء إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لتحقيق هذا الدين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الثاني (الدائن الأصلي المحيل) قد قام بإخطار الجمعية التعاونية عن السندين موضوع المطالبة الحالية وتم الإخطار عنهما في الميعاد القانوني ومن ثم يكون قد نفذ ما أوجبته المادتين 3 و4 من القانون رقم 52 لسنة 1966 وكان يتعين على الجمعية المذكورة أن تحيل الأمر إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية، فإن قصرت في ذلك فلا يضار بتقصيرها، هذا إلى أن القانون المشار إليه لم ينص على البطلان أو السقوط كجزء على عدم تحقيق الديون التي تخطر عنها الجمعية التعاونية الزراعية في الميعاد، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، فإن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءاً وارداً على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، لما كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 تنص على أنه "يجب على كل مؤجر أو دائن أياً كانت صفته يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية كالكمبيالات وغيرها أن يتقدم خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون ببيان واف عن هذا الدين وقيمته وسببه وتاريخ نشوئه وتاريخ استحقاقه واسم الدائن وصفته ومحل إقامته واسم المدين وصفته ومحل إقامته ويقدم هذا الإخطار إلى الجمعية التعاونية الزراعية الواقع في دائرتها محل إقامة المدين ويسقط كل دين لا يخطر عنه خلال الموعد المحدد لذلك". ثم نص في المادة الرابعة على أن "تتولى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية المختصة تحقيق الديون التي يخطر عنها الدائنون طبقاً للمادة الثالثة وذلك وفقاً للقواعد المنصوص عليها في المادة السابقة وتطلع على مستنداتها وتسمع أقوال الدائنين والمدينين وشهودهم وتتحقق من سبب الديون وجديتها، فإذا ثبت لها صورية الدين أو قيامه على سبب غير صحيح قانوناً كان لها أن تقضي بعدم الاعتداد بالسند وسقوط الدين". ومؤدى هذين النصين أن المشرع لم يضع على عاتق الدائن سوى الالتزام بإخطار الجمعية التعاونية الزراعية بالدين الذي يستحقه في ذمة مدينه الذي يستأجر أرضاً زراعية، ولم يوجب القانون على الدائن عرض أمر هذا الدين على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لتحقيقه بل ترك هذا الأمر للجمعية التعاونية الزراعية ولو شاء المشرع أن يلزم الدائن بعرض أمر دينه مباشرة على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لنص على ذلك صراحة كما فعل بالنص في المادة الخامسة من ذات القانون على إلزام كل مؤجر يداين في المستقبل مستأجر الأرض الزراعية أن يخطر لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بهذا الدين. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني الذي أحال الدين إلى الطاعن قد قام بإخطار الجمعية التعاونية الزراعية بالدين موضوع المطالبة في الميعاد القانوني نفاذاً للالتزام الملقى على عاتقه، فإنه لا يسوغ أن يضار من إهمال أو تراخي الجمعية في عرض أمر هذا الدين على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لتحقيقه، فإذا انقضت مدة كافية لكي تعرض الجمعية التعاونية الزراعية أمر الدين على اللجنة المشار إليها ولكنها لم تفعل فإنه يحق للطاعن أن يلجأ إلى جهة القضاء العادي ذات الولاية العامة للمطالبة بدينه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.