أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 8 - صـ 890

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1957

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(100)
طعن رقم 408 سنة 23 ق

حكم "تسبيب معيب". إثبات "الإثبات بوجه عام". وضع يد. تقديم مستندات للاستدلال بها على وضع اليد قد يتغير ببحثها وجه الرأي في الدعوى. إغفال التحدث عن هذه المستندات في الحكم. قصور.
متى كان الخصم قد قدم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها على وضع يده على حصته في المنزل موضوع النزاع فالتفت الحكم عن هذا الدفاع ولم يتحدث عن تلك المستندات بشيء مع ما قد يكون لها من الدلالة - ولو أنه عنى ببحثها ومحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى - فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2919 سنة 1946 أمام محكمة مصر الابتدائية على المطعون عليهم طلبوا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى النصف في المنزل المبين بصحيفة الدعوى وتسليمه إليهم وقالوا في دعواهم إن مورثهم المرحوم حسين علي الصباغ كان قد استحكر أرض هذا المنزل من وزارة الأوقاف بعقد في مارس سنة 1895 وأقام المورث بناء المنزل بعد ذلك. وبمقتضى عقد محرر في 16/ 7/ 1911 وثابت التاريخ في 17 منه باع لهم مورثهم النصف الغربي من مباني الدور الأرضي والنصف الشرقي من مباني الدور العلوي وكان المورث قبل ذلك وبمقتضى عقد محرر في 17/ 1/ 1910 قد باع لابنه سيد (مورث المطعون عليهم) النصف الآخر في المنزل. وأضاف الطاعنون أنهم وضعوا يدهم على ما آل إليهم بعقد 16/ 7/ 1911 كما وضع المطعون عليهم ومورثهم من قبلهم اليد على ما آل إليهم بعقد 17/ 1/ 1910 واستمر الحال على ذلك حتى أول سبتمبر سنة 1938 حيث وضع المطعون عليهم اليد على المنزل كاملاً فرفع عليهم الطاعنون الدعوى 3354 سنة 1938 مدني الوايلي طلبوا فيها الحكم بإلزامهم بريع حصتهم في المنزل ورأت محكمة أول درجة في تلك الدعوى عدم جدية منازعة المطعون عليهم في الملكية وندبت خبيراً لتقدير الريع. ولما استأنف المطعون عليهم هذا الحكم قضت المحكمة الاستئنافية بوقف السير في الدعوى حتى يفصل في الملكية وفي 20 من نوفمبر سنة 1948 قضت محكمة مصر الابتدائية بندب خبير لفحص مستندات الطرفين وتطبيقها على الطبيعة وسماع شهودهما بدون حلف يمين وتحقيق دفاع كل منهما لمعرفة إن كانت ملكية مباني المنزل جميعه لمورث المطعون عليهم أو أن الطاعنين يملكون فيها النصف - وقدم الخبير تقريراً ذكر فيه أنه تبين من فحص مستندات الطرفين وتطبيقها على الطبيعة أن الطاعنين يملكون النصف الغربي من مباني الدور الأرضي والنصف الشرقي من مباني الدور العلوي كنص عقد ملكيتهم المؤرخ 16/ 7/ 1911 وأن المطعون عليهم يملكون النصف الشرقي من مباني الدور الأرضي والنصف الغربي من مباني الدور العلوي كنص عقد ملكية مورثهم المؤرخ 17/ 1/ 1910 وأن الطرفين مشتركان في الانتفاع بباب المنزل والمدخل والسلم ولكن هذه الحالة تغيرت وأصبحت مظاهر وضع اليد للمطعون عليهم وأن تلك المظاهر تجمل في أن مورث المطعون عليهم استحكر من وزارة الأوقاف أرض هذا المنزل في سنة 1918 ولما توفى سنة 1933 حرر عقد تمليك باسم المطعون عليها الأولى وتجدد هذا العقد في سنة 1949 وأنها ومورثها من قبل كانا يقومان بدفع أجر الحكر لوزارة الأوقاف. كما أن المطعون عليها الأولى هي التي مثلت الحكر في الدعاوى التي أقامتها وزارة الأوقاف بطلب زيادة الأجرة وفي الدعاوى التي أقامتها مصلحة التنظيم بطلب إزالة بعض المباني بالمنزل وأن المطعون عليهم هم الذين نفذوا قرار مصلحة التنظيم بهدم تلك المباني وإعادة بنائها وأن عقود الإيجار التي قدمها المطعون عليهم تدل على وضع يدهم على كل المنزل هم ومورثهم من قبل من مدة طويلة وتأيد ذلك بشهادة المستأجرين. وفي 17 من ديسمبر سنة 1951 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى فاستأنف الطاعنون الحكم وقيد الاستئناف برقم 129 سنة 69 ق استئناف مصر. وفي 31 من أكتوبر سنة 1953 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة على رأيها بإحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية لنقض الحكم المطعون فيه وبجلسة 22 من أكتوبر سنة 1957 قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية لجلسة 21 من نوفمبر سنة 1957 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور استناداً إلى أن الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه قد اعتبرا فيما انتهيا إليه من وضع يد المطعون عليهم على جميع المنزل بما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة من المظاهر التي اعتمد عليها في القول بأن وضع اليد على المنزل كان للمطعون عليهم مع أن الظاهر التي أوردها الخبير قد تبينت له من المعاينة التي قام بها في سنة 1949 وأنها لا تصلح دليلاً على أن وضع يد المطعون عليهم كان سابقاً على سنة 1938 التي أقر الطاعنون أنهم أخلوا المنزل خلالها وأضاف الطاعنون أنهم قدموا للمحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف المستندات الدالة على وضع يدهم على نصف المنزل حتى سنة 1938 وهي إيصالات سداد مورثهم نصيبه في الحكر لأخيه مورث المطعون عليهم وقسائم بسداد أجر الحكر لوزارة الأوقاف عن بعض السنين وشهادة ميلاد أحد الطاعنين تثبت أنه ولد بمنزل النزاع في 1931 وشهادة عن وفاة مورثهم فيه وقسائم سداد العوائد عن حصتهم فيه أيضاً حتى سنة 1938 ولكن الحكمين سكتا عن الرد على هذه المستندات مع تمسكهم بدلالتها أمام محكمة أول درجة وفي صحيفة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الطاعنين كانوا قدموا إلى محكمة الاستئناف ثلاثة عشر إيصالاً صادراً من مورث المطعون عليهم تفيد استلامه قيمة نصيب الطاعنين في أجر الحكر كل منها بمبلغ 26 قرشاً وأحدها غير مؤرخ والإيصالات الباقية تحمل تواريخ متفرقة في الفترة بين أول يناير سنة 1924 ونوفمبر سنة 1927 وستة عشر إيصالاً عن سداد أجر الحكر لوزارة الأوقاف في تواريخ مختلفة سابقة على سنة 1918 وإيصالاً بسداد أجر الحكر في سنة 1927 وأحد عشر إيصالاً عن سداد العوائد المستحقة على المنزل موضوع النزاع في الفترة بين سنتي 1927 و1938 وأربع شهادات ميلاد عن ميلاد أطفال لبعض الطاعنين في سني 1919 و1923 و1926 و1931 وشهادة عن وفاة علي حسن علي الصباغ مورث بعض الطاعنين في سنة 1932 كل ذلك بمنزل النزاع كما أن الطاعنين قد تمسكوا في صحيفة الاستئناف بدلالة هذه المستندات على وضع يدهم على حصتهم بالمنزل المتنازع على ملكيته قبل سنة 1938 على ما يبين من صورة صحيفة الاستئناف المودعة بحافظة الطاعنين ولكن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يتحدث عن تلك المستندات بشيء مع ما قد يكون لهذه المستندات من الدلالة. ولو أن الحكم عنى ببحث هذه المستندات وفحص دفاع الطاعنين المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور ويتعين لهذا نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.