أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1201

جلسة 11 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي، ومحمد صالح أبو راس، ومحمد محمد المهدي، ومحمد البنداري العشري.

(229)
الطعن رقم 751 لسنة 41 القضائية

(1) شفعة "توالي البيوع". صورية "إثبات الصورية". إثبات.
الأخذ بالشفعة من المشتري الثاني في حكم المادة 938 مدني. شرطه. ألا يكون البيع الثاني صورياً. حق الشفيع في إثبات صورية ذلك البيع بكافة طرق الإثبات.
(2) صورية "إثبات الصورية". محكمة الموضوع "تقدير الدليل". نقض "السبب الموضوعي".
استقلال محكمة الموضوع باستخلاص الصورية من أدلتها ما دام الاستخلاص سائغاً. المنازعة في ذلك جدل موضوعي. عدم جواز التحدي به أمام محكمة النقض.
(3) شفعة "تجزئة الشفعة".
عدم جواز تجزئة الشفعة. طلب الشفيعين أحقيتهما في أخذ كل المساحة المبيعة بالشفعة. تضمنين إعلان الرغبة أو صحيفة الدعوى ما يشير إلى اقتسام الشفيعين للعقار المبيع على نحو معين. لا أثر له.
1 - إنه وإن كان مفاد نص المادة 938 من التقنين المدني أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل إعلان أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة، فإنه يسري في حق الشفيع، ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني، وبالشروط التي اشترى بها، إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً، فإن ادعى الشفيع صوريته، كأن من حقه - باعتباره من الغير - إثبات الصورية بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن، فإن أفلح اعتبر البيع الصادر من المالك للمشتري الأول قائماً وهو الذي يعتد به في الشفعة دون البيع الثاني الذي لا وجود له.
2 - استخلاص الصورية من أدلتها، مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، ما دام الاستخلاص سائغاً. وإذ كان من شأن القرائن التي استند إليها الحكم أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وتكفي لحمل قضائه بالصورية، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا المقام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة. وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
3 - قاعدة أن الشفعة لا تتجزأ تعني أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في صفقة واحدة بعض المبيع دون البعض الآخر. حتى لا يضار المشتري بتبعيض الصفقة. وإذ كان الواقع الثابت بالحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم من الثالث للأخيرة باعوا للطاعنة قطعة أرض مساحتها...... وأن المطعون ضدهما الأول والثاني أعلنا رغبتهما في أخذ كل المساحة المبيعة بالشفعة، وأقاما الدعوى بطلب أحقيتهما في أخذ هذه المساحة كلها بالشفعة، فإنه لا يكون ثمة تبعيض للصفقة على المشتري أو تجزئة للشفعة، ولا يغير من ذلك أن يرد في إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة أو في صحيفة الدعوى ما يشير إلى اقتسام طالبي الشفعة للعقار المبيع على نحو معين لأن ذلك من شأنهما، ولا أثر له على حقوق المشتري.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 1962 سنة 1969 مدني ك الإسكندرية بطلب الحكم بأحقيتهما في أخذ العقار الموضح الحدود والمعالم بالصحيفة بالشفعة شيوعاً بينهما والتسليم وقالا شرحاً للدعوى أن المطعون ضدهم من الثالث للأخيرة باعوا للطاعنة عقاراً عبارة عن قطعة أرض معدة للبناء تجاورهما فضلاً عن أن لكل من العقارين المشفوع فيه والمشفوع به حق ارتفاق على الآخر. دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لأن العقار المشفوع فيه بيع منها إلى مشتر جديد ولم تتخذ إجراءات الشفعة في مواجهته وبعدم جوازها لتجزئة العقار المشفوع فيه وبسقوط الحق فيه لنزول المطعون ضده الثاني عن حق الأخذ بالشفعة. وبتاريخ 28/ 4/ 1970 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لعدم توجيه الإجراءات للمشتري الثاني. استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني الحكم بالاستئناف رقم 762 سنة 26 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف والحكم لهما بطلباتهما تأسيساً على صورية عقد البيع الثاني صورية مطلقة، وبتاريخ 16/ 11/ 1971 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وأحقية المستأنفين في أخذ العقار المبيع بالشفعة نظير الثمن وقدره 542 ج والتسليم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بصورية عقد البيع الصادر منها على أنها لم تخطر المطعون ضدهما الأول والثاني به إلا بعد انقضاء فترة طويلة بين تاريخه في 25/ 4/ 1969 وتاريخ الإخطار في 5/ 7/ 1969 مع أنه فضلاً عن كون تلك المدة غير طويلة فإنها غير ملزمة بإخطار الشفيعين ببيعها العقار لمشتر آخر لأن عبء البحث والتحري يقع على عاتق الشفيع وإذ حملها الحكم المطعون فيه بهذا الواجب فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان مفاد نص المادة 938 من التقنين المدني أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل إعلان أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً فإن ادعى الشفيع صوريته كان من حقه - باعتباره من الغير - إثبات الصورية بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن فإن أفلح اعتبر البيع الصادر من المالك للمشتري الأول قائماً وهو الذي يعتد به في الشفعة دون البيع الثاني الذي لا وجود له، ولما كان ذلك وكان استخلاص الصورية من أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى ما دام الاستخلاص سائغاً، وكان من ضمن ما حصله الحكم المطعون فيه وأثبته بمدوناته واستخلص منه صورية عقد البيع الثاني المؤرخ 25/ 5/ 1969 أن الطاعنة تقاعست عن إخطار المشفوع ضدهما بالبيع الذي تدعي صدوره منها بتاريخ 25/ 4/ 1969 حتى يوم 5/ 7/ 1969 بعد أن قاما بإعلانها هي والبائعين لها بتاريخ 7 و12/ 6/ 1969 برغبتهما في أخذ العقار المبيع بالشفعة وقيامهما بتسجيل ذلك الإعلان في 16/ 6/ 1969 وإيداعهما الثمن خزانة المحكمة في 29/ 6/ 1969 ثم رفعهما الدعوى بعد ذلك فضلاً عن أن الثمن المسمى في عقد البيع الثاني يربو على ضعف الثمن المسمى في عقد البيع الأول وبالرغم من أن المدة بين العقدين قصيرة بما يدل على صورية عقد البيع الثاني رغبة من الطاعنة في الحيلولة بين الشفيعين وبين حقهما في أخذ العقار بالشفعة، وإذ كان من شأن هذه القرائن أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتكفي لحمل قضائه بصورية عقد البيع الثاني المؤرخ 25/ 3/ 1969 فإن ما تثيره الطاعنة في هذا المقام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم قبول الدعوى لأن المطعون ضدهما الأول والثاني قاما بإعلانها بالرغبة في أخذ العقار المبيع الذي يبلغ مسطحه 216.75 متراً مناصفة بينهما استدلالاً من عدم تحديدهما لنصيب كل واحد منهما مما مفاده انقسام العقار بينهما بالتساوي ولما أقاما دعوى الشفعة عادا وطلبا في صحيفتها اختصاص المطعون ضده الأول بمساحة قدرها 102 متراً واختصاص الثاني بمساحة قدرها 114.75 متراً وهو ما يعني تجزئة الصفقة المبيعة فضلاً عن أن طلب المطعون ضده الثاني أخذ الفرق ما بين الـ 114.75 متراً، 108.75 متراً بالشفعة لا يكون مسبوقاً بإعلان الرغبة المنصوص عليه في المادة 940 من التقنين المدني وإذ رد الحكم المطعون فيه على الدفع بقوله إن إعلان الرغبة جاء خالياً من تحديد نصيب كل من الشفيعين فضلاً عن أن طلب الشفعة انصب على العقار الموصوف بعقد تمليك البائعين بأكمله فإن ذلك منه يكون خطأ في تطبيق القانون وفساداً في الاستدلال يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن قاعدة أن الشفعة لا تتجزأ تعني أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة، في صفقة واحدة، بعض المبيع دون البعض الآخر حتى لا يضار المشتري بتبعيض الصفقة، ولما كان الواقع الثابت بالحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم من الثالث للأخيرة باعوا للطاعنة قطعة أرض مساحتها 216.75 متراً مربعاً وأن المطعون ضدهما أعلنا رغبتهما في أخذ كل المساحة المبيعة بالشفعة وأقاما الدعوى بطلب أحقيتهما في أخذ هذه المساحة كلها بالشفعة فإنه لا يكون ثمة تبعيض للصفقة على المشتري أو تجزئة للشفعة ولا يغير من ذلك أن يرد في إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة أو في صحيفة الدعوى ما يشير إلى اقتسام طالبي الشفعة للعقار المبيع على نحو معين لأن ذلك من شأنهما ولا أثر له على حقوق المشتري، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت بسقوط حق الشفيعين في أخذ العقار بالشفعة لنزولهما عن هذا الحق واستدلت على ذلك بالخطاب المرسل من المطعون ضده الثاني ويقر فيه بأن الملاك أحرار في ملكهم وأنه لا اعتراض له على البيع ولكن الحكم المطعون فيه أعرض عن قبول الدفع بمقولة إن عبارات الخطاب لا تفيد التنازل فشابه فساد في الاستدلال يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في الأخذ بالشفعة على قوله (إن عبارات الخطاب المرسل من المطعون ضده الثاني للبائعين لا يفيد أنه تنازل عن طلب الشفعة ولا علمه بحصول أي بيع للعقار محل التداعي إنما يفيد ملاحظة الجار - وهو الشفيع الثاني - وجود شخص غريب يتردد على ملك جاره وتنبيه الجار لهذا التردد) ولما كان هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه وله أصله الثابت في الخطاب فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما يستقل به قاضي الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض، ولما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.