أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1207

جلسة 14 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطية.

(230)
الطعن رقم 407 لسنة 39 القضائية

تأميم. عمل. خلف.
تأميم المستشفى. أثره. أصحاب المستشفيات المؤممة دون دائنيها هم وحدهم أصحاب الحق في الحصول على التعويض من المؤسسة العلاجية. الحكم باعتبار المؤسسة خلفاً عاماً للمنشأة المؤممة طبقاً للمادة 85 من قانون العمل. خطأ.
مؤدى نصوص المواد 1 و5 و8 و10 من القانون رقم 135 لسنة 1964 في شأن تنظيم المؤسسات العلاجية والمادتين الأولى والثانية من القرار الجمهوري رقم 1210 لسنة 1964 في شأن إنشاء مؤسسات علاجية بالمحافظات والمادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 1212 لسنة 1964 بإنشاء مؤسسة علاجية لمحافظة القاهرة - أن مستشفى هليوبوليس قد خلصت ملكيته للدولة بالتأميم وآل إلى المؤسسة الطاعنة وإذ كان التأميم على هذه الصورة يرتب انقضاء المشروع المؤمم ونشوء شخص معنوي جديد محله، وكان مقتضى ذلك أن الدولة أو المؤسسة العلاجية ليست امتداداً لهذا المشروع فلا تعتبر بمثابة خلف له فإن هذه المؤسسة لا تسأل بحسب الأصل عن الديون التي ترتبت في ذمة ذلك المستشفى قبل تأميمه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ولما كان القانون رقم 135 لسنة 1964 والقرار الجمهوري رقم 1212 لسنة 1964 المشار إليهما لم يتضمنا نصاً بانتقال التزامات المستشفيات المؤممة إلى الدولة أو إلى المؤسسات العلاجية، وكان المقصود بذوي الشأن الذين يحق لهم اقتضاء التعويض المنصوص عليه في المادة الخامسة من ذلك القانون هم أصحاب المستشفيات المؤممة دون دائني هذه المستشفيات الذين لم يكلفهم المشرع بتقديم بيان عن ديونهم كما فعل بالنسبة لمدينيها ومن ثم تبقى حقوق هؤلاء الدائنين قائمة قبل أصحاب تلك المستشفيات، فإن المؤسسة الطاعنة لا تكون لها صفة في هذه الخصومة القائمة على مطالبة المطعون ضدها باستحقاقاتها المترتبة على فصلها الذي تم قبل تأميم المستشفى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدفع المبدى من المؤسسة الطاعنة - المؤسسة العلاجية لمحافظة القاهرة - بعدم قبول الدعوى لرفعه على غير ذي صفة استناداً إلى أن هذه المؤسسة تعتبر خلفاً عاماً لمستشفى هليوبولس المؤمم وأعمل في شأنها حكم المادة 85 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 ورتب على ذلك إلزام الطاعنة بالمبلغ المحكوم به، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها تقدمت بشكوى إلى مكتب عمال شمال القاهرة أوردت بها بأنها عينت في 12/ 8/ 1959 ممرضة بمستشفى هيليوبولس بأجر شهري قدره 7 ج و500 م ثم فوجئت في 31/ 8/ 1963 بفصلها من العمل بغير مبرر، وبعد سؤال مندوب المستشفى أحيلت الشكوى إلى محكمة شئون العمال الجزئية حيث قيدت برقم 7722 سنة 63 عمال جزئي القاهرة. وفي 2/ 3/ 1964 قضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الفصل وبتحديد جلسة لنظر الطلبات الموضوعية التي انتهت فيها المطعون ضدها إلى اختصام كل من الممثل القانوني لمستشفى هليوبولس بعد تأميمها والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية طالبة الحكم بإلزام الأول بأن يدفع لها مبلغ 300 جنيهاً تعويضاً عن الفصل التعسفي ومبلغ 1 ج و500 م مقابل ما تبقى لها من إجازة ومبلغ 4 ج و400 م قيمة التأمين المسدد منها، وبإلزامه مع هيئة التأمينات متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 13 ج و770 م قيمة مكافأة نهاية الخدمة ومبلغ 66 ج و150 م مجموع أقساط التأمين المستحقة لها. وفي 16/ 11/ 1964 أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت برقم 884 سنة 1964 عمال كلي حيث دفعت الطاعنة - المؤسسة العلاجية لمحافظة القاهرة - بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أنها لا تعتبر خلفاً لمستشفى هيليوبولس وأن فصل المطعون ضدها تم قبل انتقال ملكية المستشفى إليها وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق حكمت في 31/ 1/ 1967 - بالنسبة للشق الخاص بالتعويض ومقابل الإجازة وتأمين العهدة - بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 155 ج - وبالنسبة لطلب المكافأة وأقساط التأمين - برفضه، وضمنت المحكمة أسباب حكمها القضاء برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 336 سنة 84 ق، وبتاريخ 23/ 4/ 1969 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 17/ 5/ 1975 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على نظر حاصلة أن أيلولة ملكية مستشفى هيليوبولس إلى الدولة مما يدخل في عموم نص المادة 85 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 بحيث تعتبر الدولة خلفاً لها، وهو نظر خاطئ لأن المطعون ضدها كانت تعمل بمستشفى هيليوبولس المملوك لجمعية الخدمات الطبية، ثم صدر القانون رقم 135 لسنة 1964 الذي عمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 24/ 3/ 1964 ونص على أيلولة ملكية المستشفيات المبينة بالكشف المرفق به ومنها مستشفى هيليوبولس إلى المؤسسات العلاجية التي تنشأ في المحافظات أو الجهات الأخرى التي يحددها وزير الصحة، ولم يتضمن هذا القانون أي نص يقضي بانتقال الالتزامات السابقة على الاستيلاء إلى المؤسسات العلاجية وإنما اقتصر على النص في مادته العاشرة على نقل العمال الذين يعملون في المستشفيات المستولى عليها إلى المؤسسات العلاجية بحالتهم، وهو ما يعني أن هذه المؤسسات لا تسأل عن الالتزامات المترتبة على عقود العمل التي انتهت قبل التأميم ذلك أنه من المقرر أن التأميم لا يستتبع انتقال التزامات المنشآت المؤممة إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة لأن الدولة لا تعتبر خلفاً لهذه المنشآت بحيث تنتقل إليها التزاماتها، ولما كانت المطعون ضدها قد فصلت بتاريخ 29/ 8/ 1963 قبل صدور القانون رقم 135 لسنة 1964 فإن حقوقها الناشئة عن هذا الفصل لا تسأل عنها الطاعنة وإنما تلتزم بها جمعية الخدمات الطبية التي كانت تمتلك المستشفى.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كان القانون رقم 135 لسنة 1964 في شأن تنظيم المؤسسات العلاجية قد نص في مادته الأولى على أن تؤول ملكية بعض المستشفيات - ومنها مستشفى هيليوبولس - إلى الدولة وأن يستولي وزير الصحة عليها وعلى جميع موجوداتها المتعلقة بمباشرة نشاطها، ونص في المادة الخامسة عن أن يؤول جميع ما يتم الاستيلاء عليه إلى المؤسسات العلاجية التي تنشأ في المحافظات أو الجهات التي يحددها وزير الصحة وأن تلتزم هذه المؤسسات أو الجهات بأداء التعويض الذي يكون مستحقاً لذوي الشأن، كما ألزم في مادته الثامنة كل شخص توجد لديه أموال بأي صفة كانت لتلك المستشفيات أو يكون مديناً لأي منها بأن يقدم بياناً بها، ونصت المادة العاشرة منه على أن ينقل عمال تلك المستشفيات بحالتهم إلى المؤسسات العلاجية، كما نصت المادتان الأولى والثانية من القرار الجمهوري رقم 1210 سنة 1964 في شأن إنشاء مؤسسات علاجية بالمحافظات على أن تكون لهذه المؤسسات شخصية اعتبارية وأن تقوم كل مؤسسة منها بإدارة المستشفيات التابعة لها في دائرة المحافظة ونصت المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 1212 لسنة 1964 بإنشاء مؤسسة علاجية لمحافظة القاهرة على أن تؤول إلى هذه المؤسسة ملكية المستشفيات الواردة بالكشف المرافق له ومنها مستشفى هيليوبولس. فإن مؤدى هذه النصوص أن هذا المستشفى قد خلصت ملكيته للدولة بالتأميم وآل إلى المؤسسة الطاعنة. ولما كان التأميم على هذه الصورة يرتب عليه انقضاء المشروع المؤمم ونشوء شخص معنوي جديد محله، وكان مقتضى ذلك أن الدولة أو المؤسسة العلاجية ليست امتداداً لهذا المشروع فلا تعتبر بمثابة خلف له. فإن هذه المؤسسة لا تسأل بحسب الأصل عن الديون التي ترتبت في ذمة ذلك المستشفى قبل تأميمها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ولما كان القانون رقم 135 لسنة 1964 والقرار الجمهوري رقم 1212 لسنة 1964 المشار إليهما لم يتضمنا نصاً بانتقال التزامات المستشفيات المؤممة إلى الدولة أو إلى المؤسسات العلاجية وكان المقصود بذوي الشأن الذي يحق لهم اقتضاء التعويض المنصوص عليه في المادة الخامسة من ذلك القانون هم أصحاب المستشفيات المؤممة دون دائني هذه المستشفيات الذين لم يكلفهم المشرع بتقديم بيان عن ديونهم كما فعل بالنسبة لمدينيها ومن ثم تبقى حقوق هؤلاء الدائنين قائمة قبل أصحاب تلك المستشفيات، فإن المؤسسة الطاعنة لا تكون لها صفة في هذه الخصومة القائمة على مطالبة المطعون ضدها باستحقاقاتها المترتبة على فصلها الذي تم قبل تأميم المستشفى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدفع المبدى من المؤسسة الطاعنة بعدم قبول الدعوى على غير ذي صفة استناداً إلى أن هذه المؤسسة تعتبر خلفاً عاماً لمستشفى هيليوبولس المؤمم وأعمل في شأنها حكم المادة 85 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 ورتب على ذلك إلزام الطاعنة بالمبلغ المحكوم به فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.