أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 8 - صـ 967

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

(109)
طعن رقم 348 سنة 23 ق

( أ ) دعوى "مصروفاتها". حكم "تسبيب معيب". الحكم بإلزام أحد الخصوم بمصاريف الدعوى دون الرد على دفاعه من أنه لا شأن له بالنزاع القائم في الدعوى ودون بيان الأساس الذي استند إليه الحكم في إلزامه بالمصروفات. قصور. م 357 مدني.
(ب) حكم "تصحيحه". دعوى مصروفاتها. الحكم بإلزام أحد الخصوم بالمصاريف دون الإشارة في الأسباب من اتجاه الحكم في شأن هذه المصاريف. القول بأن هناك خطأ مادياً في الخصم الواجب إلزامه بالمصاريف وإمكان الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتصحيحه. غير صحيح. شرط الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتصحيح الخطأ المادي الواقع في منطوقة. م 364 مرافعات.
(ج) نقض. إعلان الطعن. إعلان "الإعلان في المحل المختار". موطن. عدم ثبوت أن المطعون عليه أعلن الحكم المطعون فيه واتخذ في ورقة الإعلان مكتب المحامي الذي كان وكيلاً عنه في الاستئناف. بطلان إعلان تقرير الطعن إليه في هذا المكتب. م 83 مرافعات.
(د) إعلان "الإعلان للنيابة". بطلان الإعلان للنيابة إذا كان المعلن لم يبذل أي مجهود في تعرف محل إقامة المعلن إليه الذي انتقل إليه.
1 - متى كان أحد الخصوم في الدعوى قد دفعها بأنه لا شأنه له بالنزاع الدائر فيها فقضى الحكم في منطوقة بإلزامه بمصروفات الدعوى دون أن يرد على دفاعه أو يكشف في أسبابه عن الأساس الذي استند إليه في إلزامه بالمصروفات فإنه يكون مشوباً بالقصور ذلك لأن مقتضى المادة 357 مرافعات ألا يحكم بمصاريف الدعوى الأعلى إلا على من خسرها وخاسر الدعوى هو من رفعها أو دفعها بغير حق.
2 - لكي يمكن الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتصحيح الخطأ المادي الواقع في منطوقه طبقاً للمادة 364 مرافعات يجب أن يكون لهذا الخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه في نظر الحكم بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه حتى لا يكون التصحيح ذريعة للرجوع عن الحكم والمساس بحجيته - وعلى ذلك فإذا كان الحكم إذ قضى في منطوقة بإلزام أحد الخصوم في الدعوى بمصروفاتها قد خلا من أية إشارة في أسبابه تنم عن اتجاهه في شأن هذه المصروفات فإن القول بإمكان الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتصحيحه بإلزام خصم آخر بها دون المحكوم عليه بها يعتبر تغييراً في منطوق الحكم غير جائز قانوناً.
3 - متى كان لم يثبت أن المطعون عليه قد أعلن الحكم المطعون فيه واتخذ في ورقة الإعلان مكتب المحامي الذي كان وكيلاً عنه أمام محكمة الاستئناف موطناً مختاراً له فإن إعلان تقرير الطعن له في هذا المكتب يقع باطلاً. ذلك لأن اعتبار موطن هذا المحامي في إعلان الأوراق الخاصة بالمطعون عليه لا يكون إلا في المرحلة الاستئنافية طبقاً لما تقضي به المادة 83 مرافعات وإعلان تقرير الطعن بالنقض إجراء مستقل عن المرحلة الاستئنافية وتال لها.
4 - متى تبين أن طالب الإعلان أجيب بأن المعلن إليه انتقل من مسكنه الذي وجه إليه الإعلان فيه فبادر في اليوم التالي بإعلانه للنيابة دون أن يثبت أنه قد بذل أي مجهود في تعرف محل إقامته الذي انتقل إليه فإن هذا الإعلان يكون باطلاً - على ما جرى به قضاء محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتلخص في أن بنك التسليف الزراعي يداين المطعون عليه الرابع في مبلغ أوقع صراف ناحية ميت عزب مركز السنبلاوين (المطعون عليه الثالث) وفاء له حجزاً إدارياً بتاريخ 4 من أغسطس سنة 1950 على 4 فدادين و21 قيراطاً منزرعة قطناً ولدين للشركة المختلطة عقارات الجعفرية على المطعون عليه السابع أوقعت تلك الشركة بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1950 حجزاً قضائياً على زراعة القطن سالفة الذكر وعلى خمسة أفدنة أخرى منزرعة شعيراً يابانياً (أرزاً). فرفع المطعون عليه الأول الدعوى رقم 859 سنة 1950 مدني كلي المنصورة ضد الحاجزين ومدينيهما أدخل فيها مدير الدقهلية (الطاعن) والصراف وحارس الحجزين يطلب أحقيته لزراعة القطن والأرز المحجوز عليها وإلغاء الحجزين المذكورين إلى آخر طلباته، وأمام المحكمة قرر الطاعن أنه لا شأن له بالنزاع. وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ملكية الزراعة المحجوز عليها وسمعت الشهود حكمت بتاريخ 31/ 5/ 1951 برفض الدعوى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصاريف. فاستأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 274 سنة 2 ق أمام محكمة استئناف المنصورة وهذه قضت بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1952 بإلغاء الحكم المذكور وبأحقية المطعون عليه الأول إلى زراعة القطن والأرز المحجوز عليها إدارياً وقضائياً وإلغاء الحجزين المتوقعين عليها وألزمت الطاعن (مدير الدقهلية) والمطعون عليه العاشر (مدير بنك التسليف) بمصروفات الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأعلن هذا الحكم للطاعن بتاريخ 3/ 10/ 1953. فطعن فيه بالنقض بتاريخ 2/ 11/ 1953، وطلبت النيابة في مذكرتها عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهما السادس والسابع وفي الموضوع طلبت رفضه، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأصرت النيابة على رأيها. وبتاريخ 13/ 11/ 1957 قررت الدائرة إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 12/ 12/ 1957 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مبنى الدفع بالنسبة للمطعون عليها السادسة أنه عند إعلانها بتقرير الطعن في مكتب وكيلها الأستاذ وديع عبد الله سعد المحامي بالمنصورة امتنع وكيل المكتب عن استلام الصورة لأن المكتب ليس وكيلاً عنها فقام المحضر بتسليم الصورة إلى شيخ القسم. ولما كانت المادة 83 من قانون المرافعات تعتبر وكالة المطعون عليها السادسة للأستاذ وديع عبد الله سعد منتهية أمام الدرجة الثانية بصدور الحكم في الدعوى فإنه كان من المتعين إعلان المطعون عليها المذكورة بتقرير الطعن في موطنها الذي حددته المادة 14 من قانون المرافعات - أما بالنسبة للمطعون عليه السابع فعند إعلانه بتاريخ 5/ 11/ 1953 بالمنزل رقم 13 شارع أحمد حشمت بالزمالك اتضح أن هذا الرقم عبارة عن أرض فضاء خربة فأعيد إعلانه بتاريخ 16/ 11/ 1953 بالمنزل 33 بالشارع المذكور فأجيب بأنه عزل من المنزل المذكور فأعلن في اليوم التالي في مواجهة وكيل نيابة عابدين دون أن يبذل الطاعن أي مجهود في تعرف محل إقامة المراد إعلانه الذي انتقل إليه مما يجعل إعلانه للنيابة باطلاًً.
وحيث إنه وإن كان الأستاذ وديع عبد الله سعد المحامي وكيلاً عن المطعون عليها السادسة أمام محكمة استئناف المنصورة فإن اعتبار موطنه في إعلان الأوراق الخاصة بالمطعون عليها المذكورة لا يكون إلا في هذه المرحلة الاستئنافية وذلك طبقاً لما تقضي به المادة 83 من قانون المرافعات من أنه: "بمجرد صدور التوكيل من أحد الخصوم يكون موطن وكيله معتبراً في إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى في درجة التقاضي الموكل هو فيها". ولما كان إعلان تقرير الطعن بالنقض للمطعون عليها السادسة إجراء مستقلاً عن المرحلة الاستئنافية وتالياً لها ولم يثبت أن المطعون عليها المذكورة قد أعلنت الحكم المطعون فيها واتخذت في ورقة الإعلان مكتب الأستاذ وديع عبد الله سعد موطناً مختاراً لها فإن إعلان تقرير الطعن لها في هذا المكتب يقع باطلاً وكان من المتعين توجيه الإعلان إليها في موطنها الذي حددته المادة 14 من قانون المرافعات.
وحيث إن الطاعن بعد أن أجيب في يوم 16/ 11/ 1957 بأن المطعون عليه السابق قد عزل من مسكنه رقم 33 بشارع حشمت باشا بالزمالك بادر في اليوم التالي بإعادة إعلان المطعون عليه المذكور للنيابة دون أن يثبت أنه قد بذل أي مجهود في تعرف محل إقامته الذي انتقل إليه وبذا يكون هذا الإعلان - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باطلاً (نقض 2/ 2/ 1956 رقم 282 سنة 22 ق ورقم 329 سنة 21 ق، ونقض 12/ 5 سنة 1955 رقم 69 سنة 22 ق).
وحيث إن الطعن بالنسبة لمن عدا المطعون عليهما السادسة والسابع قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد محصله مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب فيما قضى به من إلزام الطاعن بمصروفات الدعوى عن الدرجتين لأنه على الرغم من أن مدير الدقهلية قد دفع الدعوى بأنه لا شأن له بها وطلب إخراجه منها بلا مصاريف إذ أنها دعوى استرداد ينحصر النزاع فيها بين الحاضرين وهما بنك التسليف الزراعي والشركة المختلطة عقارات الجعفرية وبين المسترد والمدينين فإن الحكم المذكور قضى بإلزام الطاعن بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة دون أن يرد في أسبابه على دفاع الطاعن أو يبين علاقته بالنزاع وكيف أنه خسر الدعوى حتى يمكن إلزامه بمصروفاتها على ما تقضي به المادة 357 مرافعات.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد استعرض في أسبابه أدلة ملكية المطعون عليه الأول للأشياء المحجوزة وانتهى من مناقشتها إلى اقتناعه بثبوت هذه الملكية له ثم قضى في منطوقه بإلغاء الحكم المستأنف وأحقية المطعون عليه المذكور إلى تلك الأشياء وإلغاء الحجزين المتوقعين عليها وإلزام الطاعن والمطعون عليه العاشر بمصروفات الدعوى عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة ولم يرد في تلك الأسباب شيء عن المصاريف وعلية القضاء بها على من قضى عليه بها.
وحيث إن المادة 357 من قانون المرافعات تقضي بأنه "يحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ويدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة" ومقتضى ذلك ألا يحكم بمصاريف الدعوى إلا على من خسرها وخاسر الدعوى هو من رفعها أو دفعها بغير حق.
ولما كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات الدعوى أمام محكمة أول درجة المقدم صورها الرسمية من الطاعن أن هذا الأخير قد أفصح بجلستي 3/ 10/ 1950 و5/ 3/ 1952 أنه لا شأن له بالنزاع الدائر فيها فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى في منطوقه بإلزام الطاعن بمصروفات الدعوى عن الدرجتين ومقابل المحاماة دون أن يرد على دفاع الطاعن سالف الذكر أو يكشف في أسبابه عن الأساس الذي استند إليه في إلزامه بالمصروفات - هذا الحكم يكون مشوباً بالقصور المستوجب نقضه. وليس الأمر كما تقول النيابة العامة أمر خطأ مادي وقع في منطوق الحكم ألزم الطاعن بمقتضاه خطأ بالمصروفات بدلاً من المطعون عليها السادسة التي كانت تالية له في ترتيب الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية يرجع في تصحيح ذلك الخطأ إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المذكور طبقاً لنص المادة 364 من قانون المرافعات ذلك أنه يجب أن يكون للخطأ المادي الواقع في المنطوق أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه في نظر الحكم بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه حتى لا يكون التصحيح ذريعة للرجوع عن الحكم والمساس بحجيته - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلا من أية إشارة في أسبابه تتم عن اتجاهه في شأن مصروفات الدعوى فإن القول بإمكان تصحيح هذا الحكم بإلزام المطعون عليها السادسة بالمصاريف دون الطاعن يعتبر تغييراً في منطوق الحكم غير جائز قانوناً.