مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 277

جلسة 20 يونيه سنة 1938

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: محمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(245)
القضية رقم 1836 سنة 8 القضائية

وصف التهمة. تعديل النيابة إياه أمام المحكمة الابتدائية. ترافع المتهم على أساس التعديل. الفصل في الدعوى على أساسه. اعتبار الوصف الأوّل مستبعداً ولا وجود له. استئناف المتهم الحكم الصادر على هذا الأساس. فصل المحكمة الاستئنافية في التهمة بوصفها الأوّل. إغفالها الفصل في التهمة بالوصف الثاني. تجاوز لحدود سلطتها وتخل عن الفصل في التهمة المطروحة عليها طرحاً قانونياً. نقض الحكم.
إذا عدّلت النيابة أثناء المحاكمة الابتدائية وصف التهمة التي رفعت بها الدعوى على المتهم وترافع المتهم على مقتضى التعديل وأقرته المحكمة بأن فصلت في الدعوى على أساسه، فإن الوصف الأوّل يعتبر أنه قد استبعد ولا وجود له، وتبنى المحاكمة الاستئنافية على الوصف الجديد الذي صدر على أساسه الحكم المستأنف.
فإذا كان الثابت أن النيابة العامة قدّمت المتهم للمحاكمة بتهمة أنه "تخلف عن الحضور للكشف الطبي للقرعة بدون عذر شرعي"، ثم طلبت بالجلسة تعديل وصف التهمة على أساس أن المتهم "حاول بطريق الغش إسقاط اسمه من كشوف القرعة ليتحصل على معافاته من الخدمة العسكرية بأن أملى خطأ كشف عائلته يؤخذ منه أنه أكبر أولاد أمه"، ودافع المتهم عن نفسه في هذه التهمة الأخيرة، ثم قضت المحكمة بإدانته فيها، فلما استأنف هذا الحكم فصلت المحكمة الاستئنافية في التهمة التي استبعدت بالحكم الابتدائي، وبرأته منها، وأغفلت الفصل في التهمة الأخرى التي أدين فيها، وحفظت للنيابة الحق في رفعها بدعوى مستقلة على اعتبار أنها لم توجه للمتهم إلا أمامها، فإن المحكمة الاستئنافية إذ فعلت ذلك تكون قد تجاوزت سلطتها بأن فصلت في تهمة لم تكن معروضة عليها وتخلت في الوقت نفسه عن الفصل في تهمة مطروحة أمامها بصفة قانونية، ويكون حكمها الذي أصدرته على أساس هذا الخطأ حكماً معيباً متعيناً نقضه.


المحكمة

وحيث إن الطعن يتحصل في أن المحكمة الاستئنافية خالفت القانون إذ اعتبرت الوصف الأوّل المبني على تخلف المتهم عن الفرز قائماً، وقضت ببراءته، مع حفظ الحق للنيابة في أن توجه إليه تهمة محاولة الحصول بطريق الغش على معافاة لا حق له فيها على اعتبار أن هذه التهمة وجهت إلى المتهم لأوّل مرة أمام المحكمة الاستئنافية. وبهذا تكون المحكمة الاستئنافية بما وقع منها قد فصلت في تهمة غير معروضة عليها، واستبعدت التهمة الحقيقية التي كانت موضوع الاستئناف المرفوع أمامها. لأنها حكمت بالبراءة من تهمة سبق أن استبعدها الحكم المستأنف وهي تخلف المتهم عن الحضور للكشف الطبي، ولم تفصل في التهمة التي فصل فيها ذلك الحكم وهي محاولة المتهم الحصول بطريق الغش على معافاة ليس له الحق فيها - تلك التهمة التي كانت موضوع الاستئناف.
وحيث إنه إذا عدّلت النيابة أثناء المحاكمة الابتدائية وصف التهمة التي رفعت بها الدعوى على المتهم، وترافع المتهم على مقتضى التعديل، وأقرّته المحكمة بأن فصلت في الدعوى على أساسه، فإن الوصف الأوّل يعتبر أنه قد استبعد ولا وجود له، وتبنى المحاكمة الاستئنافية على الوصف الجديد الذي صدر الحكم المستأنف على أساسه.
وحيث إنه بالاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الابتدائية يبين أن النيابة العامة قدّمت المتهم للمحاكمة بتهمة أنه "تخلف عن الحضور للكشف الطبي للقرعة بدون عذر شرعي رغم التنبيه عليه بالحضور"، ثم طلبت بالجلسة تعديل وصف التهمة على اعتبار أن المتهم "حاول بطريق الغش إسقاط اسمه من كشوف القرعة ليتحصل على معافاته من الخدمة العسكرية بأن أملى خطأ كشف عائلته يؤخذ منه أنه أكبر أولاد أمه"، وقد دافع المتهم عن نفسه في هذه التهمة الأخيرة، ثم قضت المحكمة بإدانته فيها مستندة إلى أنه ثبت من التحقيقات أن الطاعن "أملى شيخ الحارة كشف العائلة وأفهمه بأنه الابن الأكبر لأمه وبأنه ليس له سوى أخ ذكر واحد اسمه أحمد. واستبان بعد ذلك أن له إخوة لأمه من رجل آخر لم يعرف عنهم".
وحيث إن المتهم استأنف الحكم الصادر بإدانته، والمحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مستندة إلى "أن الثابت من قرار مجلس القرعة أن المتهم تخلف عن فرزه سنة 1935 وحضر وفرز سنة 1936، والمجلس قرّر قبول عذره في التخلف عن فرز سنة 1935 وعدم أحقيته في الإعفاء باعتباره أكبر أولاد والدته المطلقة، وأنه يبين من ذلك أن التهمة التي يجب أن توجه للمتهم هي أنه حاول الحصول على معافاة ليس له الحق فيها حسب الوصف الذي وجهته النيابة بالجلسة. أما تهمة تخلفه عن فرز سنة 1936 فهي على غير أساس ويتعين براءته منها، والنيابة وشأنها في توجيه تهمة محاولته الحصول على الإعفاء بطريق الغش التي وجهتها إليه لأوّل مرة أمام محكمة الاستئناف والتي ترى المحكمة عدم الفصل فيها حتى لا يحرم المتهم من درجة من درجات القضاء وتحفظ للنيابة الحق فيها".
وحيث إنه يظهر من البيان المتقدّم أن حكم محكمة أوّل درجة فصل في الدعوى بإدانة المتهم على أساس التهمة التي وجهت إليه في الجلسة ودافع عن نفسه فيها وهي محاولته بطريق الغش إسقاط اسمه من كشوف القرعة بناء على التعديل الذي أجري وحصلت المرافعة والمحاكمة على مقتضاه.
وحيث إنه متى تقرر ذلك تكون المحكمة الاستئنافية إذ فصلت في التهمة التي استبعدها الحكم الابتدائي وهي تخلف المتهم عن الحضور للكشف الطبي وبرأته منها وأغفلت القضاء في تهمة محاولته بطريق الغش إسقاط اسمه من كشوف القرعة وحفظت للنيابة الحق في رفعها بدعوى مستقلة على اعتبار أنها لم توجه للمتهم إلا أمامها مع أن هذه التهمة هي التي كانت موضوع المحاكمة الابتدائية وأدين المتهم فيها بالحكم المستأنف وهي التي كانت موضوع الاستئناف المرفوع أمامها - إذ فعلت المحكمة ذلك تكون قد تجاوزت سلطتها بأن فصلت في تهمة لم تكن معروضة عليها وتخلت في الوقت نفسه عن الفصل في تهمة مطروحة أمامها بصفة قانونية، ولذلك يكون الحكم الذي أصدرته على أساس هذا الخطأ الذي وقع منها معيباً ويجب إذاً نقضه.