أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1258

جلسة 23 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فتحي مرسي، ومصطفى سليم، ودكتور مصطفى كيره، وفاروق سيف النصر.

(240)
الطعن رقم 466 لسنة 40 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأراضي الزراعية". اختصاص "الاختصاص الولائي". قانون.
(1) ديون مستأجري الأرض الزراعية السابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1966. وجوب إخطار الجمعية التعاونية الزراعية بها. عدم القيام بهذا الواجب. أثره. سقوط الدين.
(2) وجوب الإخطار عن الديون المستحقة على مستأجر الأرض الزراعية. لا عبرة بشخص الدائن، أو سبب الدين. لا محل لتخصيص مستأجر الأرض بأن تكون حرفته الأساسية الزراعة. عدم جواز الاستهداء بحكمة النص متى كان واضحاً جلياً.
1 - تناول الشارع في المواد 3، 4، 5 من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 ديون مستأجري الأرض الزراعية ابتغاء حصرها توطئة لتحقيقها للتأكد من جديتها ومشروعيتها حماية لهم من الاستغلال والسيطرة على مقدراتهم، وقد فرق القانون في الحكم بين الديون السابقة على تاريخ العمل به - وهو 8 سبتمبر سنة 1966 - والديون اللاحقة على ذلك التاريخ. وبالنسبة للديون السابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1966 أوجبت المادة الثالثة على كل دائن أياً كانت صفته يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية أن يخطر عنه الجمعية التعاونية الواقع بدائرتها محل إقامة المدين في موعد أقصاه 8 نوفمبر سنة 1966 وإلا سقط دينه، وأناطت المادة الرابعة بلجنة الفصل في المنازعات المختصة تحقيق الديون التي يخطر عنها الدائنون وفقاً للمادتين 3، 5 كما أسندت إليها الفصل فيها إما بالاعتداد بسند الدين وإقراره، عند وجود سبب صحيح ومشروع له وفي هذه الحالة يجوز للدائن اقتضاء حقه من مدينه متبعاً في ذلك الإجراءات العادية أمام جهة القضاء المختصة، وإما بعدم الاعتداد بالسند وتقرير سقوط الدين إذا ثبت بالعكس من ذلك صورية الدين أو عدم مشروعية سببه.
2 - العبرة في تطبيق الأحكام التي أوردتها المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 بشأن وجوب الإخطار عن ديون مستأجري الأراضي الزراعية هي بشخص المدين وكونه مستأجراً لأرض زراعية وليس بشخص الدائن أياً كانت صفته - سواء كان مؤجراً أو غير مؤجر - وأياً كان سبب الدين سواء كان قد نشأ بسبب عقد الإيجار أو الاستغلال الزراعي بشكل عام أو لأي سبب آخر لا علاقة له بزراعة المستأجر للأرض وذلك درءاً لوسائل التحايل التي قد يلجأ إليها الملاك الحاصلون على توقيعات مستأجريهم على سندات محررة على بياض وملء بياناتها بأسماء دائنين آخرين سواهم - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - وإذ كان نص المادة الثالثة قد جاء مطلقاً بالنسبة لكل مدين مستأجر أرضاً زراعية دون قيد أو شرط، فإن تخصيصه بقصره على من كانت حرفته الأساسية الزراعة يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص ولا محل للاستهداء بأحكام المواد 32، 33 مكرر ز، 35 من قانون الإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 التي تتحدث عن تأجير الأرض الزراعية لمن يتولى زراعتها بنفسه، وعن انتقال الإيجار عند وفاة المستأجر إلى ورثته بشرط أن يكون منهم من تكون حرفته الأساسية الزراعة وعن حق المؤجر في استرداد أرضه المؤجرة إذا كانت مهنته الزراعة باعتبارها مورد رزقه الأساسي للقول بأن المقصود بمستأجر الأرض في حكم المادة 3 من القانون رقم 52 لسنة 1966 هو من تكون حرفته الأساسية الزراعة كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه ذلك أن نص المادة الثالثة مقطوع الصلة بهذه المواد كما أنه لا وجه أيضاً للاستناد إلى الحكمة من التشريع لأن ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه أما إذا كان النص واضحاً جلي المعنى فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بسقوط الدين لعدم إخطار الجمعية التعاونية الزراعية المختصة به على أساس أن المدين ليست حرفته الأساسية الزراعة مع أن المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 اكتفت لتطبيق حكمها أن يكون المدين مستأجراً لأرض زراعية وحقق الحكم الدين وانتهى إلى عدم قيام دليل على أن سببه غير صحيح أو غير مشروع ومن ثم اعتد بسنده وأقره في حين أن المادة الرابعة من هذا القانون قد أناطت ذلك - في حالة الإخطار عنه - بلجنة الفصل في المنازعات الزراعية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم طلبوا استصدار أمر أداء بإلزام الطاعن بأن يؤدي لهم مبلغ 460 ج استناداً إلى أنهم يداينوه بهذا المبلغ بمقتضى سند إذني يستحق السداد في آخر نوفمبر سنة 1960 رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى وقيدت برقم 532 سنة 1967 مدني كلي دمنهور دفع الطاعن بسقوط الدين لعدم إخطار المطعون ضدهم الجمعية التعاونية به عملاً بالمادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 وبتاريخ 24/ 1/ 1968 قضت المحكمة بقبول الدفع بسقوط الدين وبرفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 267 سنة 24 ق الإسكندرية وبتاريخ 24/ 3/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع بسقوط الدين وبإلزام المستأنف عليه (الطاعن) بأن يدفع للمستأنفين (المطعون ضدهم) مبلغ 460 ج. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى برفض الدفع بسقوط الدين تأسيساً على أن الطاعن لا يعتبر مستأجراً لأرض زراعية مما عناه القانون رقم 52 لسنة 1966 وأسبغ عليه حمايته لأن الزراعة ليست حرفته الأساسية في حين أن المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 إذ أوجبت على كل دائن يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية سابق على تاريخ العمل بهذا القانون أن يخطر عنه الجمعية التعاونية الزراعية وإلا سقط دينه، جاء نصها مطلقاً بالنسبة لكل مدين مستأجر لأرض زراعية ولم تشترط لتطبيق حكمها أن تكون حرفته الأساسية الزراعة أو أن توجد علاقة إيجارية بينه وبين الدائن كما أن الحكم تولى تحقيق الدين واعتد بسنده وأقره رغم أن المادة الرابعة من القانون رقم 52 لسنة 1966 أسندت للجنة الفصل في المنازعات الزراعية وليس لجهة القضاء تحقيق الديون التي يخطر عنها الدائنون طبقاً للمادتين 3، 5 منه فإذا هي أقرتها كان للدائنين الحق في اقتضائها عن طريق القضاء.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الشارع تناول في المواد 3، 4، 5 من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 ديون مستأجري الأرض الزراعية ابتغاء حصرها توطئة لتحقيقها للتأكد من جديتها ومشروعيتها حماية لهم من الاستغلال والسيطرة على مقدراتهم، وقد فرق القانون في الحكم بين الديون السابقة على تاريخ العمل به - وهو 8 سبتمبر سنة 1966 - والديون اللاحقة لذلك التاريخ، فنص في المادة الثالثة منه على أنه يجب على كل مؤجر أو دائن أياً كانت صفته يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية كالكمبيالات وغيرها أن يتقدم خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون ببيان واف عن هذا الدين وقيمته وسببه وتاريخ نشوئه وتاريخ استحقاقه واسم الدائن وصفته ومحل إقامته واسم المدين وصفته ومحل إقامته ويقدم هذا الإخطار إلى الجمعية التعاونية الزراعية الواقع في دائرتها محل إقامة المدين. ويسقط كل دين لا يخطر عنه خلال الموعد المحدد لذلك ثم نص في المادة الرابعة منه على أن تتولى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية المختصة تحقيق الديون التي يخطر عنها الدائنون طبقاً للمادتين 3، 5 وذلك وفقاً للقواعد المنصوص عليها في المادة السابقة، وتطلع على سنداتها (الكمبيالات وغيرها) وتسمع أقوال الدائنين والمدينين وشهودهم وتتحقق من سبب الديون وجديتها فإذا ثبت لها صورية الدين أو قيامه على سبب غير صحيح قانوناً كان لها أن تقضي بعدم الاعتداد بالسند وسقوط الدين أما بالنسبة لسندات الديون التي تستحق بعد العمل بهذا القانون فقد نصت المادة الخامسة على أن "كل دين يستحق مستقبلاً لسبب مشروع على مستأجر أرض زراعية لصالح المؤجر يجب أن يصدق على توقيعات ذوي الشأن عليه لدى الجمعية التعاونية المختصة وإلا كان باطلاً وعلى الدائن أن يخطر لجنة فض المنازعات الزراعية بهذا الدين خلال شهر من تاريخ نشوئه" ومؤدى ذلك أنه بالنسبة للديون السابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 52 سنة 1966 أوجبت المادة الثالثة على كل دائن أياً كانت صفته يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية أن يخطر عنه الجمعية التعاونية الزراعية الواقع في دائرتها محل إقامة المدين في موعد أقصاه 8 نوفمبر سنة 1966 وإلا سقط دينه، وأناطت المادة الرابعة بلجنة الفصل في المنازعات الزراعية المختصة تحقيق الديون التي يخطر عنها الدائنون وفقاً للمادتين 3، 5 كما أسندت إليها الفصل فيها. إما بالاعتداد بسند الدين وإقراره عند وجود سبب صحيح ومشروع له - وفي هذه الحالة يجوز للدائن اقتضاء حقه من مدينه متبعاً في ذلك الإجراءات العادية أمام جهة القضاء المختصة، وإما بعدم الاعتداد بالسند وتقرير سقوط الدين إذا ثبت بالعكس من ذلك صورية الدين أو عدم مشروعية سببه. لما كان ذلك، وكانت العبرة في تطبيق الأحكام التي أوردتها المادة الثالثة بشخص المدين وكونه مستأجراً لأرض زراعية وليس بشخص الدائن أياً كانت صفته سواء كان مؤجراً أو غير مؤجر وأياً كان سبب الدين سواء كان قد نشأ بسبب عقد الإيجار أو الاستغلال الزراعي بشكل عام أو لأي سبب آخر لا علاقة له بزراعة المستأجر للأرض وذلك درءاً لوسائل التحايل التي قد يلجأ إليها الملاك الحاصلون على توقيعات مستأجريهم على سندات محررة على بياض وملء بياناتها بأسماء دائنين آخرين سواهم - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - لما كان ذلك، وكان نص المادة الثالثة قد جاء مطلقاً بالنسبة لكل مدين مستأجر أرضاً زراعية دون قيد أو شرط، فإن تخصيصه بقصره على من كانت حرفته الأساسية الزراعة يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص. لما كان ذلك، وكان لا محل للاستهداء بأحكام المواد 32، 33 مكرر (ز)، 35 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 التي تتحدث عن تأجير الأرض الزراعية لمن يتولى زراعتها بنفسه وعن انتقال الإيجار عند وفاة المستأجر إلى ورثته بشرط أن يكون منهم من تكون حرفته الأساسية الزراعة وعن حق المؤجر في استرداد الأرض المؤجرة إذا كانت مهنته الزراعة باعتبارها مورد رزقه الرئيسي للقول بأن المقصود بمستأجر الأرض الزراعية في حكم المادة 3 من القانون رقم 52 لسنة 1966 هو من تكون حرفته الأساسية الزراعة كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، ذلك أن نص المادة الثالثة مقطوع الصلة بهذه المواد، كما أنه لا وجه أيضاً للاستناد إلى الحكمة من التشريع لأن ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه أما إذا كان النص واضحاً جلي المعنى فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بسقوط الدين على أساس أن المدين ليست حرفته الأساسية الزراعة مع أن المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 اكتفت لتطبيق حكمها أن يكون المدين مستأجراً لأرض زراعية وحقق الحكم الدين وانتهى إلى عدم قيام دليل على أن سببه غير صحيح أو غير مشروع ومن ثم اعتد بسنده وأقره في حين أن المادة الرابعة قد أناطت ذلك - في حالة الإخطار عنه - بلجنة الفصل في المنازعات الزراعية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإحالة.