أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1292

جلسة 25 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حافظ الوكيل، ومصطفى الفقي، ومحمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي.

(246)
الطعن رقم 669 لسنة 41 القضائية

(1) دعوى "رفع الدعوى". تقادم. أمر أداء.
تقديم عريضة أمر الأداء كان وما يزال قاطعاً للتقادم. لا يغير من ذلك عدم النص في المادة 208 من قانون المرافعات القائم - المقابلة للمادة 857/ 2 من قانون المرافعات السابق - على هذا الأثر.
(2) أوراق تجارية. تقادم.
الأوراق المحررة لأعمال تجارية في معنى المادة 194 من قانون التجارة. ماهيتها. خلو الصك من شرط الإذن أو عبارة الأمر. أثره. خروجه من نطاق الأوراق التجارية. عدم سريان التقادم الخمسي عليه ولو حرر لعمل تجاري أو بين تاجرين.
1 - يدل نص المادة 96 من قانون المرافعات السابق على أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة ومنتجة لآثارها ومن بينها قطع مدة التقادم أو السقوط إلا من تاريخ إعلان صحيفتها إلى المدعى عليه، واستثنى المشرع من هذه القاعدة أوامر الأداء نظراً لطبيعة إجراءاتها الخاصة، فنص في المادة 857/ 2 من ذات القانون على أنه يترتب على تقديم العريضة قطع التقادم، وظل الأمر على هذا الحال إلى أن صدر القانون رقم 100 لسنة 1962 الذي عدل المادة 75 من قانون المرافعات السابق على نحو جعل تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين بعد سداد الرسم كاملاً قاطعاً لمدة التقادم أو السقوط، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فظلت على ما كانت عليه، ولما صدر قانون المرافعات الحالي نص في المادة 63 منه على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك، ومن ثم فقد رأى المشرع في هذا القانون اعتبار الدعوى مرفوعة ومنتجة لكل آثارها بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب، وتمشياً مع هذا النهج لم يعد هناك ما يبرر النص في المادة 208 منه - المقابلة للمادة 857/ 2 من قانون المرافعات السابق - على أن تقديم طلب أمر الأداء يترتب عليه قطع التقادم وأشارت إلى ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات بقولها "إذا كان ثمة ما يبرر وجود هذا الحكم في القانون القائم، فإن هذا المبرر ولا يبقى بعد أن اتجه المشرع إلى جعل رفع الدعوى بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب، ولا شك بعد ذلك أن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى".
2 - تعني المادة 194 من قانون التجارة بقولها "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجاري لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجاري، وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول، أي اشتمالها على شرط الإذن أو عبارة الأمر للمستفيد ومن ثم فإن الصك الذي لا ينص فيه على هذا الشرط يفقد إحدى الخصائص الأساسية للأوراق التجارية، فيخرج عن نطاقها، ولا يمكن أن يندرج في إحدى صورها التي نظمها القانون، ولا يجرى عليه التقادم الخمسي، بصرف النظر عما إذا كان قد حرر لعمل تجاري أو بين تاجرين. وإذ كان السند موضوع التداعي قد خلا من شرط الإذن، وتضمن إقراراً من الطاعن بأن في ذمته مبلغاً على سبيل الأمانة للمطعون ضده تحت طلبه، فإن هذا السند يخرج عن نطاق الأوراق التجارية، ولا يجرى عليه التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده استصدر أمر أداء بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 641 ج و750 م قيمة سند مؤرخ 20/ 6/ 1955 مستحق الوفاء لدى الطلب، وتظلم الطاعن من هذا الأمر بالتظلم رقم 7108 سنة 1970 مدني كلي القاهرة ودفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمته بالتقادم وبتاريخ 9/ 12/ 1970 قضت محكمة أول درجة برفض التظلم وتأييد أمر الأداء، واستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3653 سنة 87 ق وبتاريخ 27/ 5/ 1971 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال من وجهين، يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الطويل تأسيساً على أن مجرد التقدم بطلب استصدار أمر الأداء قاطع للتقادم استناداً إلى ما أورده في المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات في حين أن نص المادة 208 من هذا القانون جاء خلواً من اعتبار تقديم طلب أمر الأداء قاطعاً للتقادم كما كانت تنص على ذلك المادة 857 من قانون المرافعات السابق، ومن ثم يتعين الرجوع إلى القواعد العامة في الإجراءات القاطعة للتقادم وهي تقضي بأن رفع الدعوى وما يترتب عليه من قطع التقادم يتوقف على إعلان الطاعن بأمر الأداء أو برفض طلبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 96 من قانون المرافعات السابق على أن ترفع الدعوى بناء على طلب المدعي بصحيفة تعلن للمدعى عليه......) يدل على أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة ومنتجة لآثارها - ومن بينها قطع مدة التقادم أو السقوط إلا من تاريخ إعلان صحيفتها إلى المدعى عليه واستثنى المشرع من هذه القاعدة أوامر الأداء نظراً لطبيعة إجراءاتها الخاصة فنص في المادة 857/ 2 منه على أنه يترتب على تقديم العريضة قطع التقادم - وظل الأمر على هذا الحال إلى أن صدر القانون رقم 100 لسنة 1962 الذي عدل المادة 75 منه على نحو جعل تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين بعد سداد الرسم كاملاً قاطعاً لمدة التقادم أو السقوط أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فظلت على ما كانت عليه. ولما صدر قانون المرافعات الحالي نص في المادة 63 منه على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك، ومن ثم فقد رأى المشرع في هذا القانون اعتبار الدعوى مرفوعة ومنتجة لكل آثارها بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب، وتمشياً مع هذا النهج لم يعد هناك ما يبرر النص في المادة 208 منه - المقابلة للمادة 857/ 2 من قانون المرافعات السابق - على أن تقديم طلب أمر الأداء يترتب عليه قطع التقادم، وأشارت إلى ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات بقولها "أسقط المشروع في المادة 208 منه الفقرة الثانية من المادة 857 من القانون القائم (قانون المرافعات السابق) التي تقضي بأن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه قطع التقادم لأنه إذا كان ثمة ما يبرر وجود هذا الحكم في القانون القائم فإن هذا المبرر لا يبقى بعد أن اتجه المشرع إلى جعل رفع الدعوى بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب ولا شك بعد ذلك أن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى". لما كان ذلك فإن ما أوردته المذكرة الإيضاحية، وأخذ به الحكم المطعون فيه لا ينطوي على مخالفة الأحكام قانون المرافعات، ويكون النعي على الحكم بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ اعتبر التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة قاصراً على الأوراق التجارية دون الأعمال التجارية بصفة عامة مع أنها خاضعة للتقادم الخمسي متى ثبت بجلاء أن العلاقة تجارية وبين تاجرين دون جحود أو إنكار.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة رقم 194 من قانون التجارة بقولها "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" إنما تعني الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجاري لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجاري، وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول أي اشتمالها على شرط الإذن أو عبارة الأمر للمستفيد، ومن ثم فإن الصك الذي لا ينص فيه على هذا الشرط يفقد إحدى الخصائص الأساسية للأوراق التجارية فيخرج عن نطاقها ولا يمكن أن يندرج في إحدى صورها التي نظمها القانون ولا يجرى عليه التقادم الخمسي بصرف النظر عما إذا كان قد حرر لعمل تجاري أو بين تاجرين، ولما كان السند موضوع التداعي قد خلا من شرط الإذن وتضمن إقراراً من الطاعن بأن في ذمته مبلغاً على سبيل الأمانة للمطعون ضده تحت طلبه، فإن هذا السند يخرج عن نطاق الأوراق التجارية، ولا يجرى عليه التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.