أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1320

جلسة 26 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، وعز الدين الحسيني، وعبد العال السيد، وحافظ رفقي.

(251)
الطعن رقم 346 لسنة 41 القضائية

اختصاص "الاختصاص الولائي". أموال "الأموال العامة". عقد. إيجار.
الأسواق التي تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى للنفع العام. اعتبارها من الأموال العامة. تصرف السلطة الإدارية فيها لا يكون إلا على سبيل الترخيص المؤقت ومقابل رسم لا أجرة. هذا الترخيص من الأعمال الإدارية. لا ولاية للمحاكم العادية في ذلك.
الأسواق العامة التي تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى للنفع العام تعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز للسلطة الإدارية التصرف فيها إلا على سبيل الترخيص المؤقت وهو بطبيعته غير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائماً لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ويكون منحه للمنتفع مقابل رسم لا أجرة، ولما كان كل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام، ولا تخضع للقانون الخاص أو القيود التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن، وكان الواقع في الدعوى أن محل التصرف الصادر من محافظة الإسكندرية هو أحد محلات سوق النصر التجاري الذي أقامته المحافظة، وخصصته لخدمة مرفق من المرافق العامة، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، وقضى باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن....... وآخرين أقاموا الدعوى رقم 1406 سنة 1968 مدني كلي إسكندرية ضد محافظ الإسكندرية بصفته طالبين الحكم بتحديد القيمة الإيجارية للدكان رقم 4 شارع سوق النصر بمبلغ 11 ج و180 م وقالوا في بيان الدعوى أنهم يستأجرون هذا الدكان من محافظة الإسكندرية بعقد تاريخه 15 أغسطس سنة 1960 مقابل أجرة شهرية قدرها 21 ج و500 م وأنه لما كان المبنى منشأ في سنة 1959 فإنه يخضع للتخفيضات الواردة بالقوانين رقم 168 و169 لسنة 1961 و7 لسنة 1965 وتصبح أجرته 11 ج و80 م، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى انتهى في تقريره إلى تحديد القيمة الإيجارية للدكان بمبلغ 8 ج و600 م ابتداء من نوفمبر سنة 1961 وبمبلغ 6 ج و880 م ابتداء من مارس سنة 1965، وبتاريخ 10/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بتحديد هذه القيمة بمبلغ 17 ج و200 م اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1961 وبمبلغ 13 ج و760 م اعتباراً من أول مارس سنة 1965. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين تعديله وفقاً لتقرير الخبير وقيد استئنافهم برقم 1057 سنة 25 ق كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 1127 سنة 25 ق طالباً الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبتاريخ 13 مارس 1971 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انتهاءه إلى أن العقد مدار النزاع لا يتعلق بتسيير مرفق عام وغير وارد على مال مخصص لمنفعة عامة وإنما على مال من أموال الدولة الخاصة ولا تستهدف المحافظة منه سوى تحقيق ربح خاص ومن ثم يكون محكوماً بقواعد القانون المدني وقوانين تحديد الإيجارات وهو خطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن المحل المرخص باستغلاله هو من محلات سوق النصر التجاري وهو سوق عام أعدته المحافظة وخصصته لخدمة الجمهور لازدهار النشاط التجاري في المدينة، ومن ثم فإن الانتفاع به باعتباره من الأموال العامة لا يكون إلا بترخيص، والترخيص عمل إداري لا يمنح المرخص لهم حقاً من الحقوق التي ينظمها القانون المدني، وإنما تخضع حقوقهم فيه لأحكام القانون العام، ولا يخرجه عن طبيعته أن يصدر مقابل رسم بل إنه بطبيعته مؤقت وغير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائماً ولداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله إذ هي لا تنشد من إصدار الترخيص استغلال محل معد للتجارة وإنما تسعى إلى تحقيق مصلحة عامة تتمثل في تقديم خدمات لمرفق من المرافق العامة هو في واقعة الدعوى مرفق الاقتصاد، وسواء كان قوام العلاقة بين الطرفين ترخيصاً أو عقداً إدارياً فإن المنازعة في شأنها تكون في الحالين من اختصاص القضاء الإداري، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الأسواق العامة التي تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى للنفع العام تعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز للسلطة الإدارية التصرف فيها إلا على سبيل الترخيص المؤقت وهو بطبيعته غير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائماً ولداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله، ويكون منحه للمنتفع مقابل رسم لا أجرة ولما كان كل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص أو القيود التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن، وكان الواقع في الدعوى أن محل التصرف الصادر من محافظة الإسكندرية هو أحد محلات سوق النصر التجاري الذي أقامته المحافظة وخصصته لخدمة مرفق من المرافق العامة، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.


[(1)] نقض 8/ 2/ 1973 مجموعة المكتب الفني س 24 ص 190.