مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 324

جلسة 7 نوفمبر سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(268)
القضية رقم 2132 سنة 8 القضائية

( أ ) تقادم. إجراءات التحقيق التي تقطع المدّة. العبرة فيها. تناولها جميع المتهمين سواء دخلوا في الإجراءات أم لا.
(المادة 280 تحقيق)
(ب) إثبات. حرية المحكمة في تكوين عقيدتها من عناصر الدعوى المطروحة عليها. قضية مدنية مضمومة إلى الدعوى الجنائية. لا علاقة للمتهم بها. استناد المحكمة في الإدانة إلى أقوال الشهود فيها. جوازه.
(حـ) دفاع. طلب ندب خبير لفحص عقد مقول بتزويره. إجابته. متى لا تجب؟
1 - إجراءات التحقيق تقطع المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بالنسبة لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا في هذه الإجراءات. والعبرة في ذلك هي بكل ما يعيد ذكرى الجريمة ويردّد صداها، فيستوي فيه ما يتعلق بظروف وقوعها وما يتعلق بشخص كل من ساهم في ارتكابها. فإذا حكم مدنياً برد وبطلان العقد الذي استعمله المتهم وآخر في دعوى مدنية، ثم تولت النيابة العمومية تحقيق الواقعة قبل أن تنقضي من تاريخ حكم الرد والبطلان الثلاث السنوات التي حدّدها القانون لسقوط الدعوى العمومية فهذا التحقيق يقطع سريان التقادم بالنسبة للمتهم المذكور ولو لم يكن قد استجوب فيه إلا بعد انقضاء الثلاث السنوات فعلاً.
2 - للمحكمة الجنائية أن تستند في حكمها إلى أي عنصر من عناصر الدعوى متى كانت هذه العناصر معروضة على بساط البحث أمامها وكان في استطاعة الدفاع أن يتولى مناقشتها وتفنيدها بما يشاء. فإذا أدانت المحكمة متهماً - استناداً إلى شهادة شهود في قضية مدنية لم يكن هو طرفاً فيها ولم تكن له علاقة بها - فلا تثريب عليها في ذلك ما دامت هذه القضية كانت مضمومة إلى الدعوى المطروحة أمامها.
3 - لا إخلال بحق الدفاع إذا لم تجب المحكمة طلبه تعيين خبير لفحص العقد المقول بتزويره متى كان فيما ذكره حكمها عن طريقة التزوير وثبوته على المتهم ما يفيد أن المحكمة اقتنعت مما شاهدته هي ومما تبينته من وقائع الدعوى وأقوال الشهود بحصول التزوير وبأنها لم تكن في حاجة إلى الاستعانة برأي فني في ذلك.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن يتحصل في أن الطاعن دفع بسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية عليه بالنسبة لجريمة استعمال المحرر المزوّر التي طلب محاكمته من أجلها، لأن الحكم برد وبطلان الورقة المزورة صدر في 19 فبراير سنة 1933 والنيابة لم تسأله في التحقيق إلا في شهر مايو سنة 1936 أي بعد أن انقضت المدة المقررة قانوناً لسقوط الحق في إقامة الدعوى. وقد ردّت المحكمة على ذلك بأن التحقيق حصل في 2 مارس سنة 1935، وأن من شأن هذا التحقيق أن يقطع سير المدة، مع أن الطاعن لم يسأل في هذا التحقيق ولم يكن له شأن فيه، وأن النيابة لم تسأله إلا في سنة 1936.
وحيث إن إجراءات التحقيق تقطع المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بالنسبة لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا في هذه الإجراءات. والعبرة في ذلك بكل ما يعيد ذكرى الجريمة ويردّد صداها، فيستوي فيه ما يتعلق بظروف وقوعها، وما يتعلق بشخص كل من ساهم في ارتكابها.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه عرض إلى الدفع المشار إليه بوجه الطعن ولم يأخذ به قائلاً: "إنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن تمسك بعقد الإيجار حتى حكم برده وبطلانه في 19 فبراير سنة 1933 وهذا هو تاريخ بدء المدة المسقطة للدعوى العمومية، وقد قامت النيابة بالتحقيق في 2 مارس سنة 1935 أي قبل أن تنقضي الثلاث سنوات التي حدّدها القانون، وأن تمسك الطاعن بأنه لم يستجوب إلا في يوم 21 مايو سنة 1936 غير منتج لأن التحقيق يقطع سريان مدّة التقادم بالنسبة لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا في إجراءاته".
وحيث إن في هذا الذي أثبته الحكم ما يدل على قطع سير المدة بالنسبة لتهمة الاستعمال التي رفعت على الطاعن بالتحقيق الذي أجرته النيابة في 2 مارس سنة 1935 في شأن تلك الجريمة، وذلك بغض النظر عن التاريخ الذي سئل فيه الطاعن عما وقع منه. ومتى تقرر ذلك كان ما يزعمه من انقضاء المدة بالنسبة إليه على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثاني يتضمن أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أدان الطاعن مستنداً إلى شهادة شهود في قضية مدنية لم يكن هو طرفاً فيها ولم تكن له علاقة بها حتى كان يسأل عما قيل فيها.
وحيث إن للمحكمة أن تستند في حكمها إلى أي عنصر من عناصر الدعوى متى كانت هذه العناصر معروضة على بساط البحث أمامها، وكان في إمكان الدفاع أن يتولى مناقشتها وتفنيدها بما يشاء.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وهو يستعرض وقائع الدعوى وظروفها ذكر "أنه ظاهر من عقد الإيجار أن به عبارات مكررة وأن ثلثي السطر الخامس عشر ترك على بياض بدون مسوّغ مع ارتباط آخر كلمة فيه مع أوّل كلمة في السطر الذي يليه. وقد شهد كل من عبد المطلب عمران وعبيد سيد عياط في محضر جلسة القضية المدنية المنضمة صفحة 11 أن المتهم الثاني (الطاعن) أخذ ختم المجني عليه، وزاد الثاني بأنه وقع به فعلاً على ورقة بيضاء وصفها بأنها نصف فرخ ورق..." وفي هذا الذي أثبته الحكم ما يدل على أن القضية المدنية التي شهد فيها الشاهدان اللذان أشار إليهما الحكم كانت مضمومة إلى الدعوى المطروحة أمام المحكمة على أساس أنها أحد العناصر اللازمة لإظهار الحقيقة فيها، فكان للمحكمة أن تستشهد بما تطمئن إليه منها، سواء أكان الطاعن طرفاً فيها أم لا.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث والأخير أن الطاعن طلب من المحكمة الاستئنافية ندب خبير لفحص عقد الإيجار المقول بتزويره ولكنها لم تلتفت إلى طلبه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أدان الطاعن على أساس أنه استعمل عقداً مزوّراً، وأنه هو الذي عمل على تزوير العقد، بأن حصل على ختم المجني عليه بطريق الغش، ووقع به على ورقة بيضاء، ثم حرر باشتراكه مع مجهول العقد المزوّر فوق التوقيع، وأن المحكمة رأت بنفسها من تكرار عبارات الكتابة وعدم تكامل السطور وضوح التزوير على النحو الذي قالته وقال به الشهود المذكورون بالحكم.
وحيث إنه متى كانت إدانة الطاعن مبنية على الأساس المتقدّم، فإن فيما ذكره الحكم عن طريقة التزوير وثبوت التهمة على المتهم ما يفيد أن المحكمة اقتنعت مما شاهدته هي، ومما تبينته من وقائع الدعوى وأقوال الشهود، بحصول التزوير، وأنها لم تكن بحاجة إلى الاستعانة برأي فني.
وحيث إنه لما تقدّم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.