مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 329

جلسة 14 نوفمبر سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(271)
القضية رقم 2327 سنة 8 القضائية

إثبات. سند قيمته أكثر من عشرة جنيهات. جواز إثبات وجود السند وإتلافه بكافة الطرق.
(المادة 319 ع = 365)
ما دام القانون قد أجاز إثبات وقوع الفعل الجنائي بكل الطرق القانونية بما فيها شهادة الشهود، ففي جريمة إتلاف سند قيمته أكثر من عشرة جنيهات إذا اعتمد الحكم في ثبوت وجود السند وتمزيقه على شهادة الشهود فلا غبار عليه، لأن إثبات الفعل الجنائي وهو تمزيق السند هو في الوقت ذاته إثبات لوجود ذات السند، والأمران متلازمان لا انفصام لأحدهما عن الآخر.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه لم يبين قيمة السند الذي حصل إتلافه، كما لم يبين ما إذا كان التمزيق حصل عمداً، وأن هناك ضرراً من هذا التمزيق. وفي ذلك مخالفة لنص المادة 319 عقوبات، وقصور في بيان الواقعة مبطل للحكم.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع أفاضت في بيان كل من السندين موضوع الجريمة فقالت عن الأول إنه بمبلغ 7245 قرشاً على والد الطاعن المدعو علي سالم وكان مدفوعاً منه مبلغ 309 قرش فصار الباقي 6936 قرشاً، وعن الثاني إنه بمبلغ أربعين جنيهاً على المدعو علي إبراهيم علي، وإن الطاعن حضر للاطلاع على السند الأوّل المأخوذ على والده ليعرف الباقي فأحضر المجني عليه كلا السندين لتشابه اسمي المدينين فيهما، فانتهز الطاعن الفرصة وجذب السندين، ومزق جزءاً من كل منهما، ثم فرّ هارباً. واشتمل الحكم على ما يفيد أن التمزيق تناول مكان التوقيع من كل من السندين، وأن المدين الأوّل ادعى أنه تخالص واقتطع توقيعه من السند، كما حاول المدين الثاني التنصل من المديونية ثم أقرّ بها مقيدة بفوائد ربوية. ويبين من كل هذا أن الحكم المطعون فيه عين - خلافاً لما يزعمه الطاعن - كلاً من السندين تعييناً كافياً، وذكر ما يفيد أن الطاعن مزقهما عمداً إضراراً بالمجني عليه، وقد تحقق وجه الضرر فعلاً بما كان من كل من المدينين بسبب نزع الطاعن توقيعهما. ولذا يكون ما اشتمل عليه وجه الطعن غير صحيح.
وحيث إن الوجه الثاني يتحصل في أن قيمة السند موضوع النزاع أكثر من عشرة جنيهات، ولا يجوز إثبات الديون بالبينة في هذه الحالة. ومع ذلك فقد حرمت المحكمة على الطاعن نفي التهمة وإثبات تخالصه من الدين. وقد تمسك الدفاع بعدم جواز الإثبات بالبينة ولم ترد المحكمة على هذا الدفع، ولم تحققه، خصوصاً إنه ثابت من محضر ضبط الواقعة أن الدين تسدّد، وثابت أيضاً من نفس بلاغ المدعي أنه اتهم الغير بسرقة سندات منها السند الممزق، ولكن المحكمة لم تحقق شيئاً من هذا، مع أنه لم يشهد شاهد بأنه رأى الطاعن وهو يمزق السندين.
وحيث إن الأمر في هذه الدعوى متعلق بواقعة جنائية هي اقتراف الطاعن جريمة تمزيق سند. وإذ كان هذا الفعل الجنائي يجوز إثباته بكل الطرق القانونية بما فيها شهادة الشهود ترتب على ذلك حتماً جواز إثبات وجود السند وكل ما حواه بالطرق عينها. لأن واقعة الإتلاف، وواقعة وجود السند، واقعتان غير منفصلتين. فإثبات الإتلاف إثبات لذات السند في الوقت نفسه، ومن ثم فلا غبار على الحكم إذا هو أخذ في إثبات وجود السند وتمزيقه بشهادة الشهود.
ومن حيث إن ما يزعمه الطاعن من أن المحكمة حرمته من نفي التهمة وإثبات التخالص فغير صحيح. لأن الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن محاميه قد قام بالدفاع عنه كاملاً، ولم يطلب من المحكمة إجراء أي تحقيق جديد. أما ما اشتمل عليه باقي وجه الطعن فمتعلق بالوقائع، وبتقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى، فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.