مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 388

جلسة 12 ديسمبر سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

(301)
القضية رقم 55 سنة 9 القضائية

قاضي الإحالة. جناية. صدور حكم نهائي من محكمة الجنح بعدم الاختصاص. تقديره أنها جناية. إحالتها إلى محكمة الجنايات أو إلى محكمة الجنح عملاً بقانون 19 أكتوبر سنة 1925. تقديره أنها جنحة أو مخالفة. وجوب إحالتها إلى محكمة الجنايات لنظرها بطريق الخيرة.
(المادتان 148 و189 تحقيق وقانون 19 أكتوبر سنة 1925)
إذا قدّم إلى قاضي الإحالة قضية جناية بعد صدور حكم نهائي فيها بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظرها لأن الواقعة جناية فيجب عليه - إذا رأى هو أيضاً أن الواقعة جناية - أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات، أو إلى محكمة الجنح على أساس القانون الصادر في 19 أكتوبر سنة 1925. أما إذا لم ير في الأفعال المسندة إلى المتهم إلا جنحة أو مخالفة فإنه يتعين عليه دائماً أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات، غير أنه يجوز له أن يوجه إلى المتهم في أمر الإحالة الجنحة أو المخالفة التي ارتآها بطريق الخيرة مع الجناية. وذلك تنفيذاً لمقتضى صريح نص المادتين 148 و198 من قانون تحقيق الجنايات.


المحكمة

وحيث إن مبنى وجه الطعن أن قرار قاضي الإحالة بني على خطأ في تطبيق القانون وتأويله. وفي بيان ذلك تقول النيابة العامة إن هذا القرار خالف نص المادة 148 من قانون تحقيق الجنايات المعدّلة بالقانون رقم 7 لسنة 1914 لأنه إذ استظهر عدم ثبوت إحداث العاهة على أي من المتهمين قضى برد القضية إلى النيابة لتقدّمها إلى محكمة الجنح لمعاقبة هذين المتهمين عن فعلتهما باعتبارها ضرباً بسيطاً. وفاته أن العاهة المستديمة ليست إلا ظرفاً مشدّداً لجريمة الضرب تنقلها من جنحة إلى جناية، وأن محكمة الجنح سبق أن استظهرت وجود هذا الظرف المشدّد وقضت لذلك بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأصبح حكمها نهائياً فلا يستطيع قاضي الإحالة، إذا رأى عدم ثبوت الظرف المذكور، إلا أن يحيل الدعوى على محكمة الجنايات للفصل فيها بطريق الخيرة على أنها جناية إحداث عاهة أو جنحة ضرب بسيط.
وحيث إنه يجب قانوناً على قاضي الإحالة إذا قدّمت له قضية جناية بعد صدور حكم نهائي فيها بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظرها على أساس أن الواقعة جناية - يجب عليه إذا رأى أن الواقعة جناية أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات. وله في هذه الحالة أيضاً أن يحيلها إلى محكمة الجنح على أساس القانون الصادر في 19 أكتوبر سنة 1925 بشأن جعل بعض الجنايات جنحاً. أما إذا رأى أن ليس في الأفعال المسندة إلى المتهم إلا جنحة أو مخالفة، فإنه يتعين عليه أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات مع تخويله توجيه الجنحة أو المخالفة إلى المتهم بطريق الخيرة مع الجناية في أمر الإحالة. وذلك تنفيذاً لمقتضى صريح نص المادتين 148 و189 من قانون تحقيق الجنايات.
وحيث إن واقعة الحال في هذه الدعوى حسبما يتضح من مراجعة أوراقها أن النيابة العامة قدمت المتهمين إلى محكمة الجنح متهمة إياهما بأنهما في يوم أوّل أغسطس سنة 1937 بشلقام ضربا خضرة حسن طاقية فأحدثا بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزتها عن أعمالها الشخصية مدّة تزيد على العشرين يوماً. فقضت محكمة الجنح بعدم اختصاصها بنظر القضية وأحالت الأوراق إلى قلم النائب العمومي لإجراء شئونه فيها لما ثبت لها من التقرير الطبي الشرعي أن المجني عليها تخلفت عندها بسبب إصابتها عاهة مستديمة هي إعاقة بحركة مفاصل أصابع يدها اليسرى. وبعد أن أصبح هذا الحكم نهائياً أعادت النيابة تحقيق الدعوى ثم قدّمت القضية لقاضي الإحالة لإحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهمين في جناية الضرب الذي نشأت عنه العاهة المستديمة بالمجني عليها. فقرر قاضي الإحالة باعتبار الفعل المسند للمتهمين جنحة ضرب معاقباً عليها بالمادة 205 من قانون العقوبات وبإعادة الأوراق إلى النيابة العمومية للتصرف فيها على هذا الأساس مستنداً في ذلك إلى أن العاهة التي تخلفت بالمجني عليها نشأت من ضربة واحدة وأن المجني عليها لم تعين أي المتهمين أحدث بها تلك الضربة.
وحيث إنه مع صدور حكم محكمة الجنح بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وصيرورة هذا الحكم نهائياً ما كان يجوز لقاضي الإحالة بعد ذلك أن يعيد القضية إلى النيابة على اعتبار أن الواقعة المنسوبة للمتهمين جنحة مما يستلزم إفلات المتهمين من العقاب لأن محكمة الجنح قد تخلت عن نظر الدعوى على اعتبار أنها جنحة بحكم نهائي، بل كان يتعين عليه - وقد رأى أن ما وقع من المتهمين ليس إلا جنحة ضرب - أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهمين بطريق الخيرة بين الجناية المسندة إليهما في التقرير المقدّم إليه من النيابة وبين الجنحة التي ارتآها هو.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن موضوعاً ونقض القرار المطعون فيه وإعادة القضية إلى قاضي الإحالة ليقرر بإحالتها إلى محكمة الجنايات للفصل فيها بطريق الخيرة بين الجناية والجنحة.