أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 82

جلسة 9 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور، صفوت مؤمن، صلاح خاطر وحسن عميره.

(12)
الطعن رقم 5559 لسنة 52 القضائية

شهادة زور. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك. لا يصح. علة ذلك: ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة. وجوب ألا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك دون الأخرى. مثال.
الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة، وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى وإذن فإن إدانة الطاعنين في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايتهم أمام المحكمة قد خالفت ما قرروه في التحقيقات لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها بما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين معيباً بما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من....،.....،..... بأنهم قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أولهم وثانيهم بغير ترخيص سلاحين ناريين وذخائر مما تستعمل فيهما، وأن الثاني والثالث أحدثا عمداً بـ........ الإصابات الموجودة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على 20 يوماً وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بمواد الاتهام فقرر ذلك. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات..... وجهت المحكمة إلى الطاعنين تهمة شهادة الزور وقضت بالنسبة للمتهمين الأصليين غيابياً للأول وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 234/ 1 والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 سنة 1954، 75 سنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة لما أسند إليه وببراءة......،...... مما أسند إليهما وبمعاقبة كل من المتهمين بشهادة الزور....... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة بالنسبة....... لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم الحكم فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما طعن فيه كل من........ إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمة شهادة الزور قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك أنه اعتمد في إدانتهم على سند من القول بأن روايتهم في التحقيقات تخالف تلك التي أبدوها في الجلسة مع تمسك المدافع عنهم بأن أقوالهم الأخيرة هي التي تتفق والحقيقة بما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض لتهمة شهادة الزور المسندة إلى الطاعنين في قوله وحيث إن المحكمة وقد استمعت إلى شهادة المتهم الأول ووكيل شيخ الخفراء - الطاعن الثاني - والخفيرين......،....... - الطاعنين الثالث والرابع- وقد أجمعوا لديها أن العمدة ووكيل شيخ الخفراء قد ذهبا إلى مكان الحادث بعد انفضاض الجمع ولم يجدوا سوى القتيل ونفى العمدة لقاءه مع شاهد الإثبات الأول، على ما قرر به في تحقيقات الدعوى، كما نفى وكيل شيخ الخفراء لقاءه معه وكل ما ذكراه عن أحاديث متبادلة معه ثم إن الخفير.... نفى لقاءه بالشاهد أو محادثته وأنه أنبأه باسم قاتل المجني عليه على ما ذكراه بالتحقيقات وذهب إلى أبعد من ذلك فنفى أنه سئل بتحقيقات النيابة وأسند إلى المحقق تزوير أقواله عليه كما وأن الخفير...... نفى بدوره ما قرره بالتحقيقات من إحضار شاهد إليه بمعرفة الخفراء وما دام من حديث معه وإذ واجهتهم المحكمة بما قرروه بتحقيقات النيابة نفوا ما أسند إليهم فيها من أقوال وكما ذكر من قبل وذهب ثالثهم إلى النعي على النيابة بتزوير محضرها وخلص الحكم إلى أن ما أدلوا به من أقوال أمامها قصد به النيل من شهادة شاهد الإثبات الأول في الدعوى وذلك خدمة لصالح المتهم وأن المحكمة تطمئن إلى أن أقوالهم بتحقيقات النيابة هي المطابقة للحقيقة وانتهى الحكم من ذلك إلى ثبوت تهمة الشهادة الزور قبل الطاعنين لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة، وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى وإذن فإن إدانة الطاعنين في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايتهم أمام المحكمة قد خالفت ما قرروه في التحقيقات لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها بما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث الوجه الآخر من الطعن.