أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 95

جلسة 13 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد، محمد نجيب صالح، عوض جادو ومصطفى طاهر.

(16)
الطعن رقم 5838 لسنة 52 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص النوعي" " الاختصاص المكاني". نيابة عامة. قرارات وزارية. إجراءات "إجراءات التحقيق". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
قرار وزير العدل رقم 4174 لسنة 1979 بتجديد اختصاص نيابة مخدرات القاهرة بالتحقيق والتصرف في الجنايات المنصوص عليها في القانون رقم 182 لسنة 1960. قرار تنظيمي. لم يسلب النيابات العامة اختصاصها العام.
صدور إذن التفتيش من عضو النيابة العامة في نطاق اختصاصه المكاني في إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون المذكور. لا بطلان.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش موضوعي.
عدم إيراد محل إقامة الطاعن محدداً غير قادح في جدية التحريات.
(3) تحقيق. إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحقق في مباشرة بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم.
لا على المحكمة إن التفتت عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان.
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
(4) مواد مخدرة. تحقيق. إجراءات "إجراءات التحقيق". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة دون طلب اتخاذ إجراء معين في شأنها لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
المنازعة الموضوعية في اختلاف ما ضبط من المخدر وما حلل. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة إحراز المواد المخدرة توافرها مهما كان المقدار ضئيلاً، متى كان لها كيان مادي محسوس أمكن تقديره.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد الاتجار في الجوهر المخدر واقعة مادية استقلال محكمة الموضوع بتقديرها.
1 - لما كان قرار وزير العدل رقم 4174 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1979 بتعديل اختصاص نيابة مخدرات القاهرة المعمول به اعتباراً من أول يناير سنة 1980 والذي نص في مادته الأولى على اختصاص هذه النيابة بالتحقيق والتصرف في الجنايات المنصوص عليها في القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والقوانين المعدلة له والجنح المرتبطة بها وجعل اختصاصها شاملاً لما يقع بدائرة محافظة القاهرة هو قرار تنظيمي لم يسلب النيابات العامة اختصاصها العام ولم يأت بأي قيد يحد من السلطات المخولة قانوناً لها وليس من شأنه سلب ولايتها في مباشرة تحقيق أية جريمة من الجرائم الواردة بقانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 سالف الذكر، خاصة وأن تقييد ولاية أعضاء نيابة المخدرات بتلك الجرائم لا يقدح في أصله في اختصاص النيابات العامة بها، وكان الإذن بالتفتيش يصح إذا صدر من عضو النيابة العامة لينفذ في نطاق اختصاصه المكاني - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص في قضائه إلى اختصاص وكيل نيابة حلوان بإصدار إذن التفتيش لا يكون قد خالف القانون في شيء وبالتالي فلا محل لما يثيره الطاعن من بطلان إذن التفتيش وبطلان إجراءاته ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد.
2 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق فضلاً عن أن عدم ذكر بيان دقيق عن محل إقامة الطاعن أو عدم إيراده محدداً في محضر الاستدلال - بفرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
3 - لما كان القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه منع من الاطلاع على ما أثبته المحقق في التحقيقات بشأن إجراءات وزن المخدر فإن ما أثاره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان فلا تلتزم المحكمة في الأصل بالرد عليه، فضلاً عن أن ما ينعاه الطاعن من ذلك لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن العينة التي تم تحليلها أخذت من طربة واحدة ولم ترسل باقي الطرب للتحليل وبالتالي لم يثبت أنها مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقدارها في التدليل على قصد الاتجار مردوداً بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في شأن تحليل باقي الطرب المضبوطة فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو كذلك أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم وليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها وما يثيره في هذا الصدد ينحل في الواقع إلى منازعة موضوعية في كنه بقية المواد المخدرة المضبوطة والتي لم ترسل للتحليل وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.
5 - لما كان القانون لم يعين حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة فالعقاب واجب حتماً مهما كان المقدار ضئيلاً متى كان له كيان مادي محسوس أمكن تقديره، متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تبين من تقرير التحليل أن الفتات التي وجدت عالقة بكفتي الميزان من مادة الأفيون المخدرة فإن هذه الفتات ولو كانت دون الوزن كافية للدلالة على حيازة الطاعن لهذا المخدر.
6 - لما كان الأصل أن الاتجار في المخدر إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن بضخامة كمية المواد المخدرة المضبوطة وتنوعها ومن التحريات ومن ضبط أدوات تستعمل في تجارة المخدرات من ذلك ميزان ذي كفتين عثر بهما على فتات من مادتي الحشيش والأفيون وسكين علقت بنصلها فتات من مادة الحشيش وأوراق من السلوفان علقت بها أيضاً فتات من مادة الحشيش، وهو تدليل سائغ يحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز جوهرين مخدرين (حشيشاً وأفيوناً) وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 34/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 9، 57 من الجدول الملحق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وتغريمه 5000 (خمسة آلاف جنيه) ومصادرة المخدر والأدوات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش وما تلاه من إجراءات لصدوره من وكيل نيابة حلوان وهو غير مختص بإصداره إذ كان ينبغي صدوره من وكيل نيابة مخدرات القاهرة باعتباره صاحب الاختصاص بالجريمة موضوع التحقيق, وببطلان الإذن أيضاً لعدم جدية التحريات لاختلاف رقم المنزل الذي يقيم فيه الطاعن وتم تفتيشه عن الرقم الذي أثبته مستصدر الإذن بمحضره كما دفع ببطلان إجراءات وزن المخدر لإجرائها في غيبة الطاعن وقد أطرح الحكم هذه الدفوع جميعها بما لا يتفق وصحيح القانون، هذا إلى أن الحكم استدل على قصد الاتجار بجسامة كمية المواد المخدرة المضبوطة وتنوعها رغم ما أثاره الدفاع من أن العينة التي تم تحليلها أخذت من طربة واحدة ولم ترسل باقي الطرب للتحليل وبالتالي لم يثبت أنها من مادة الحشيش، فضلاً عن أن فتات الأفيون المضبوطة ليس لها كيان يمكن حيازته فلا تشكل جريمة وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بناء على إذن النيابة العامة بتفتيش الطاعن ومسكنه انتقل ضابط مباحث قسم حلوان ومعه قوة من رجال الشرطة إلى مسكن الطاعن وداهم بابه فشاهد الطاعن يخرج مسرعاً من إحدى الغرف فقام بالقبض عليه وبتفتيش الغرفة التي خرج منها عثر فوق أريكة على يمين الداخل على نصف طربة حشيش مغلفة بورق السلوفان وبجوارها سكين ملوث نصلها بآثار لمادة مخدرة وبعض قطع من ورق السلوفان، كما عثر أسفل الأريكة على ميزان ذي كفتين وكيس بداخله مبلغ من النقود، كما عثر على ست عشرة طربة حشيش داخل تجويف ثلاجة غير مستعملة في غرفة نوم الطاعن وبلغ وزن طرب الحشيش المضبوطة 5.150 كيلو جرام وتبين من تقرير التحليل أن المادة المضبوطة لمخدر الحشيش وأن بنصل السكين وأوراق السلوفان فتات لمخدر الحشيش وبكفتي الميزان فتات لمخدري الحشيش والأفيون وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة تتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قرار وزير العدل رقم 4174 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1979 بتعديل اختصاص نيابة مخدرات القاهرة المعمول به اعتباراً من أول يناير سنة 1980 والذي نص في مادته الأولى على اختصاص هذه النيابة بالتحقيق والتصرف في الجنايات المنصوص عليها في القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والقوانين المعدلة له والجنح المرتبطة بها وجعل اختصاصها شاملاً لما يقع بدائرة محافظة القاهرة هو قرار تنظيمي لم يسلب النيابات العامة اختصاصها العام ولم يأت بأي قيد يحد من السلطات المخولة قانوناً لها وليس من شأنه سلب ولايتها في مباشرة تحقيق أية جريمة من الجرائم الواردة بقانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 سالف الذكر، خاصة وأن تقييد ولاية أعضاء نيابة المخدرات بتلك الجرائم لا يقدح في أصله في اختصاص النيابات العامة بها، وكان الإذن بالتفتيش يصح إذا صدر من عضو النيابة العامة لينفذ في نطاق اختصاصه المكاني - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص في قضائه إلى اختصاص وكيل نيابة حلوان بإصدار إذن التفتيش لا يكون قد خالف القانون في شيء وبالتالي فلا محل لما يثيره الطاعن من بطلان إذن التفتيش وبطلان إجراءاته ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أسس دفعه ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على أن محضر الاستدلال أثبت به أن منزل الطاعن يحمل رقم 2 بينما ثبت من التحقيق أنه يحمل رقم 4 وقد رد الحكم على شواهد هذا الدفع بأن معاينة النيابة لم تقطع في بيان حقيقة رقم المنزل الذي يقيم فيه الطاعن إذ وجد أثناء المعاينة مرقوماً برقم 4 بطلاء حديث كما وجد المنزل المجاور له مرقوماً بذات الرقم بالطباشير. ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق, فضلاً عن أن عدم ذكر بيان دقيق عن محل إقامة الطاعن أو عدم إيراده محدداً في محضر الاستدلال - بفرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما أثاره الطاعن من بطلان إجراء وزن المخدر المضبوط لحصوله في غيبته ورد عليه وكان القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه منع من الاطلاع على ما أثبته المحقق في التحقيقات بشأن إجراءات وزن المخدر فإن ما أثاره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان فلا تلتزم المحكمة في الأصل بالرد عليه، فضلاً عن أن ما ينعاه الطاعن من ذلك لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة - مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن العينة التي تم تحليلها أخذت من طربة واحدة ولم ترسل باقي الطرب للتحليل وبالتالي لم يثبت أنها مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقدارها في التدليل على قصد الاتجار مردوداً بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في شأن تحليل باقي الطرب المضبوطة فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو كذلك أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم وليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها وما يثيره في هذا الصدد ينحل في الواقع إلى منازعة موضوعية في كنه بقية المواد المخدرة المضبوطة والتي لم ترسل للتحليل وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القانون لم يعين حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة فالعقاب واجب حتماً مهما كان المقدار ضئيلاً متى كان له كيان مادي محسوس أمكن تقديره فمتى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تبين من تقرير التحليل أن الفتات التي وجدت عالقة بكفتي الميزان من مادة الأفيون المخدرة فإن هذه الفتات دون الوزن كافية للدلالة على حيازة الطاعن لهذا المخدر ولا على الحكم إذا هو استند إليه في إثبات قصد الاتجار. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الاتجار في المخدر إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن بضخامة كمية المواد المخدرة المضبوطة وتنوعها ومن التحريات ومن ضبط أدوات تستعمل في تجارة المخدرات من ذلك ميزان ذي كفتين عثر بهما على فتات من مادتي الحشيش والأفيون وسكين علقت بنصلها فتات من مادة الحشيش وأوراق من السلوفان علقت بها أيضاً فتات من مادة الحشيش، وهو تدليل سائغ يحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.