أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 107

جلسة 18 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد يونس ثابت، فوزي المملوك، عبد الرحيم نافع ومحمد حسن.

(18)
الطعن رقم 5314 لسنة 52 القضائية

(1) مأمور الضبط القضائي. استدلالات. إثبات "بوجه عام". نيابة عامة.
حق مأمور الضبط القضائي في سؤال المتهم دون استجوابه تفصيلاً. محضره عنصر من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه.
(2) استجواب. مأمور الضبط القضائي. استدلالات.
الاستجواب: ماهيته.
(3) إثبات. "بوجه عام" "شهود". استجواب. مواجهة.
المواجهة كالاستجواب من إجراءات التحقيق.
(4) استجواب. مأمور الضبط القضائي. إثبات "بوجه عام" "شهود" "مواجهة" إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". "امتداد أثر الطعن" "نظر الطعن والحكم فيه".
إقامة الحكم قضاءه ضمن الأدلة التي تساند إليها على الدليل المستمد من الاستجواب الباطل تعييبه بما يوجب نقضه والإحالة.
اتصال وجه الطعن ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة. أثره؟
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
1 - من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه.
2 - الاستجواب المحظور قانوناً على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف.
3 - من المقرر أن المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي اتخاذها.
4 - لما كان ما صدر عن مأمور الضبط القضائي من مواجهة للطاعن الثالث بالأدلة القائمة ضده ومناقشته تفصيلياً فيها وتوجيه الاتهام إليه إنما ينطوي على استجواب محظور في تطبيق الفقرة الأولى من المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - ضمن الأدلة التي تساند إليها في إدانة المحكوم عليهم - على الدليل المستمد من هذا الاستجواب الباطل، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الثالث وكذلك بالنسبة إلى الطاعنين الأول والثاني لاتصال وجه الطعن الذي بني عليه النقض بهما إعمالاً لنص المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأيضاً بالنسبة إلى الطاعن الرابع لوحدة الواقعة ومراعاة لحسن سير العدالة، وذلك دون حاجة لمناقشة سائر الوجوه الأخرى للطعون المقدمة من الطاعنين ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (2)..... (3)..... (4)..... (5).... (6)...... (7)....... (8)...... (9)....... (10)....... بأنهم في يوم 16 من سبتمبر سنة 1979 ومنذ أربعة أشهر سابقة على هذا التاريخ بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة: أولاً: المتهمون الستة الأول: (1) بصفتهم موظفين عموميين أمناء شرطة بقسم الجوازات بميناء القاهرة الجوي استولوا بغير حق على خاتم السفر المبين بالتحقيقات المملوكة لهذه الجهة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجنايتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة على النحو الموضح بالتهمة الثانية. (2) ارتكبوا تزويراً في محررات رسمية هي بطاقتا السفر الموضحتان بالتحقيقات وذلك بطريق الاصطناع بأن اتفقوا فيما بينهم على إنشاء هاتين البطاقتين على غرار البطاقات الصحيحة وتضمينهما ما يفيد موافقة الجهة المختصة على سفر المتهمين التاسع والعاشر للخارج خلافاً للحقيقة وتنفيذاً لذلك استولوا دون حق، وبواسطة المتهم الخامس على النماذج البيضاء لهذه البطاقات، وقاموا بملء بيانات البطاقتين السالفتين واعتمدوهما بخاتم السفر موضوع التهمة الأولى واستعملوا هذين المحررين المزورين بتقديمهما للسلطات المختصة بميناء القاهرة الجوي مع علمهم بتزويرهما. (3) بصفتهم الوظيفية سالفة الذكر طلبوا وأخذوا عطية للإخلال بواجبات وظائفهم بأن طلبوا مبالغ نقدية قدرها 350 ثلاثمائة وخمسون جنيهاً من المتهمين التاسع والعاشر أخذوا منها 300 ثلاثمائة جنيهاً على سبيل الرشوة مقابل تمكينهما من مغادرة البلاد في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (4) استحصلوا بغير حق وبواسطة المتهم الخامس على أختام السفر الخاصة بقسم الجوازات بميناء القاهرة الجوي واستعملوها استعمالاً ضاراً بالمصلحة العامة بوضع بصمتها على النماذج البيضاء لبطاقات السفر المستولى عليها دون حق. ثانياً: المتهمون من السابع وحتى العاشر: اشتركوا مع المتهمين الستة الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جرائم الاستيلاء دون حق والتزوير والاستعمال المنسوبة إليهم بأن اتفقوا معهم على ارتكابها وقدموا إليهم جوازات السفر الخاصة بالمتهمين التاسع والعاشر وباقي أوراق سفرهما ومكنوهم بذلك من إجراء التزوير السالف باسمي الأخيرين فتمت الجرائم المذكورة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: المتهمان السابع والثامن: - توسطا في ارتكاب جريمة الرشوة موضوع التهمة الثالثة المنسوبة للمتهمين الستة الأول وذلك بأن توصلا إلى إتمام الاتفاق بين هؤلاء المتهمين وبين المتهمين التاسع والعاشر على ارتكابها وتقاضيا من المتهمين الأخيرين الراشيين مبالغ الرشوة التي دفعها للمتهمين الأولين.
رابعاً: المتهمان التاسع والعاشر أيضاً: قدما رشوة للمتهمين الستة الأول بواسطة المتهمين السابع والثامن للإخلال بواجبات وظيفتهم بأن نقداهم مبلغ الرشوة آنفة البيان مقابل تمكينهما من السفر خلافاً للقانون.
خامساً: المتهم السابع أيضاً: عرض وقبل الوساطة في رشوة موظفين عموميين ولم ينفذ ذلك بأن عرض على كل من.....،......،.......،........ وقبل منهم مبالغ نقدية قدرها 580 خمسمائة وثمانون جنيهاً مقابل التوسط لصالحهم في رشوة موظفين عموميين لتمكينهم من السفر خارج البلاد خلافاً للقانون: وأحالتهم لمحكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 40/ 2، 3 و41, 103 و104 و105 مكرر و107 مكرر و109 مكرر ثانياً فقرة 1 و110 و113/ 1, 2 و118 و119 مكرراً و207/ 1 و214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 30/ 2، 32/ 2 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم الأول........ بالسجن سبع سنوات وغرامة ألفي جنيه وعزله ثانياً: معاقبة كل من....... و...... و....... و....... و....... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة ألفي جنيه وعزل....... و....... ثالثاً: مصادرة الأوراق المزورة المضبوطة رابعاً: براءة كل من....... و...... و..... و.......
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والرابع والثامن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطعن المقدم من كل من الطاعنين الأربعة قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته والاشتراك في تزوير أوراق رسمية واستعمالها فقد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب - ذلك بأنه عول في قضائه بالإدانة - ضمن ما عول عليه - على الدليل المستمد من استجوابه الباطل في محضر جمع الاستدلالات ولم يفصح في أسبابه عن الأسانيد التي أقام عليها قضائه بإطراح الدفع المبدى من الطاعن في هذا الشأن ببطلان الدليل المستمد من أقواله في ذلك المحضر مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وبين دور كل من المتهمين فيها استمد الدليل على ثبوت الاتهام في حق من دانه منهم من شهادة ضباط الواقعة وأقوال بقية الشهود ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وما أسفر عنه تفتيش منزلي المتهمين الأول والرابع ومما أدلى به المتهمون ومنهم الطاعن الثالث ومن أقوالهم بمحضر ضبط الواقعة، ثم عرض للدفع المبدى من الطاعن الثالث ببطلان الدليل المستمد من استجوابه بهذا المحضر وأطرحه بقوله أما ما ذهب إليه الدفاع من بطلان محضر جمع الاستدلالات على أساس أن محققه أجرى استجوباً للمتهم فهو أمر لم يؤيد واقع إذ أن الثابت من الأوراق أن محقق الشرطة سأل المتهم عما هو منسوب إليه وهناك فرق شاسع بين سؤال المتهم وبين استجوابه. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه.
وكان الاستجواب المحظور قانوناً على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف. ومن المقرر أن المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي اتخاذها لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن مأمور الضبط القضائي قد تلقى في محضر الضبط المؤرخ 17 - 9 - 1979 أقوال الطاعن الثالث........ بشأن الوقائع المسندة إلى المتهمين وبعد أن بين دور الطاعن الأول فيها وأقر بضبط الأوراق التي وجدت بمنزله وكشف عن الأسلوب الذي اتبعه المتهمون في تمكين راغبي السفر إلى الخارج من المطلوبين للتجنيد، استرسل مأمور الضبط القضائي في مناقشته تفصيلاً فيما جاء بأقواله وفي مواجهته بالأدلة القائمة في حقه مما أدلى به بقية المتهمين والشهود ثم انتهى إلى توجيه الاتهام إليه بارتكاب جريمتي الحصول على رشوة والاشتراك في تزوير أوراق رسمية، وبالعمل على تمكين أشخاص ممنوعين من السفر من مغادرة أراضي جمهورية مصر بطريقة غير مشروعة، لما كان ذلك، وكان ما صدر عن مأمور الضبط القضائي من مواجهة للطاعن الثالث بالأدلة القائمة ضده ومناقشته تفصيلياً فيها وتوجيه الاتهام إليه إنما ينطوي على استجواب محظور في تطبيق الفقرة الأولى من المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ضمن الأدلة التي تساند إليها في إدانة المحكوم عليهم - على الدليل المستمد من هذا الاستجواب الباطل، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الثالث وكذلك بالنسبة إلى الطاعنين الأول والثاني لاتصال وجه الطعن الذي بني عليه النقض بهما إعمالاً لنص المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأيضاً بالنسبة إلى الطاعن الرابع لوحدة الواقعة ومراعاة لحسن سير العدالة، وذلك دون حاجة لمناقشة سائر الوجوه الأخرى للطعون المقدمة من الطاعنين, ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.