أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 147

جلسة 24 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق, نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار، مسعد الساعي وأحمد سعفان ومحمود البارودي.

(25)
الطعن رقم 5631 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "شهود". إجراءات المحاكمة. حكم."تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات المحاكمة.
تقرير الشاهد بجلسة المحاكمة، أنه لا يذكر شيئاً عن الواقعة بسبب النسيان. سكوت الطاعن والمدافع عنه عن استجوابه. النعي على المحكمة تعويلها على أقوال ذلك الشاهد في التحقيقات الأولى. غير مقبول.
(2) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تقدير الدليل".
قول متهم على آخر. حقيقته شهادة للمحكمة التعويل عليها.
(3) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة. مناقشة إحداها على استقلال غير جائز.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما ترتاح إليه منها.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استعانة الشاهد بورقة مكتوبة للإدلاء بشهادته. أمر تقديري للقاضي.
(6) عقوبة "العقوبة المقررة". تقليد. اتفاق جنائي. نقض "حالات الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييب الحكم. في خصوص جريمة الاتفاق الجنائي. ما دام الحكم قد دانه. كذلك بجريمتي تقليد عملة وحيازتها بقصد الترويج وأوقع عليه عقوبة تدخل في نطاق تلك المقررة لها عملاً بالمادة 32 عقوبات.
متى يكون لمحكمة النقض تصحيح أسباب المحكمة، مادة 40 من ق 57 لسنة 1959.
(7) تقليد عملة. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".
تقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب طبقاً للمادة 205 من قانون العقوبات غير لازم. إلا إذا دفع بذلك.
1 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى أقوال شاهدي الإثبات العميد....... والمقدم..... فأدليا بشهادتهما عن الواقعة في حدود ما سمحت لهما به ذاكرتهما لما قرراه من مضي مدة كبيرة على تاريخ الواقعة، فكان أن سكت الطاعن والمدافع عنه عن أن يوجها لهما ما يعن لهما من وجوه الاستجواب وتنازلا عن سماع باقي شهود الإثبات ومضت المرافعة دون أن تلوى على شيء يتصل بقالة الشاهدين بنسيان الواقعة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استعملت حقها في التعويل على أقوال الشاهدين في التحقيقات وبالجلسة فقد بات من غير المقبول من الطاعن منعاه بأن الشاهدين المذكورين قررا بالجلسة بعدم تذكرهما للواقعة ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله.
2 - قول متهم على آخر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة.
3 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون بيان باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها.
4 - لما كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما ترتاح إليه منها ولا يقبل مجادلتها في تقديرها ومصادرتها في عقيدتها لكونه من الأمور الموضوعية التي تستقل بها بغير معقب فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
5 - لما كان من المقرر أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أثناء أدائه الشهادة أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى فإنه لا على المحكمة إن هي رأت في حدود سلطتها التقديرية عرض الأوراق على هذا الشاهد لتذكيره بواقعة رأت هي ضرورتها لصالح تحقيق الدعوى ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
6 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة, وفق أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبه بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات وهي عقوبة مقررة لجريمتي تقليد العملة وحيازة هذه العملة بقصد الترويج فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الاتفاق الجنائي على تقليد العملة وترويجها والمعاقب عليها بعقوبة السجن ما دامت المحكمة قد دانته بجريمتي تقليد العملة وحيازتها بقصد ترويجها وأوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المقررة لإحداهما عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصف أن أيهما هي الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الاتفاق الجنائي في شقيه ويكون منعاه في غير محله. ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه أنه أوقع عقوبة جريمة الاتفاق الجنائي بوصفها الجريمة الأشد، إذ أن خطأه في تحديد الجريمة ذات العقوبة الأشد لا يبطله ولا يقتضي نقضه اكتفاء بتصحيح أسبابه - عملاً بالمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - على النحو السالف بيانه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
7 - لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 205 من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: بأنهم أولاً: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جنايات تقليد العملة المتداولة قانوناً في مصر وترويجها المعاقب عليها بالمادتين 201/ 1، 203 من قانون العقوبات بأن شكلوا فيما بينهم عصابة لهذا الغرض واتحدت إرادتهم على ارتكاب هذه الجرائم بأن اتفقوا على تقليد وترويج العملة المصرية الورقية فئة الخمسة جنيهات وفي سبيل ذلك أعدوا الأكليشيهات والأدوات اللازمة للتقليد واتخذوا من سكن المتهم الأخير محلاً لهذا الغرض تنفيذاً لمخططهم الإجرامي. ثانياً: قلدوا عملة ورقية متداولة قانوناً في مصر هي الأوراق المالية المعتمدة المضبوطة فئة الخمسة جنيهات المصرية بأن اصطنعوها على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وذلك بقصد ترويجها. ثالثاً: حازوا بقصد الترويج الأوراق المالية المقلدة المضبوطة سالفة الذكر بأن دفعوا بها إلى التداول على النحو المبين بالتحقيقات مع علمهم بتقليدها وأحيل المتهمون إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فتم ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 48, 202/ 1, 203 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32/ 2 و30/ 2 من ذات القانون بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة الأوراق والأدوات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول - هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم الاتفاق الجنائي وتقليد عملة ورقية متداولة في مصر وحيازة أوراق مالية مقلدة بقصد ترويجها قد انطوى على بطلان في الإجراءات وشابه قصور في التسبيب. وذلك بأنه عول في إدانته على أقوال شهود الإثبات رغم ما قرره بعضهم بالجلسة من عدم تذكره الواقعة لمضي مدة طويلة عليها وجاءت أقوالهم قاصرة وغير واضحة الدلالة كما عول في الإدانة أيضاً على أقوال المتهمين في حق بعضهم في حين أن الأوراق لم تتضمن اعترافات لهم أو قرائن تعزز هذه الأقوال خاصة ولم يضبط لدى الطاعن آلات وأدوات مما تستعمل في التزييف ولم يثبت على لسان أي من الشهود أنه حاز شيئاً منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي عن العملة والماكينات وأدوات الطباعة المضبوطة ومن إقرار الطاعنين بالتحقيقات وما وضح من تفريغ التسجيلات الصوتية المرفقة بالتحقيقات، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى أقوال شاهدي الإثبات العميد.... والمقدم.... فأدليا بشهادتهما عن الواقعة في حدود ما سمحت لهما به ذاكرتهما لما قرراه من مضي مدة كبيرة على تاريخ الواقعة، فكان أن سكت الطاعن والمدافع عنه عن أن يوجها لهما ما يعن لهما من وجوه الاستجواب وتنازلا عن سماع باقي شهود الإثبات ومضت المرافعة دون أن تلوى على شيء يتصل بقالة الشاهدين بنسيان الواقعة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استعملت حقها في التعويل على أقوال الشاهدين في التحقيقات وبالجلسة فقد بات من غير المقبول من الطاعن منعاه بأن الشاهدين المذكورين قررا بالجلسة بعدم تذكرهما للواقعة ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك وكان قول متهم على آخر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة, وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون بيان باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم - على ما هو ثابت في مدوناته - لم يعول في إثبات التهم قبل الطاعن على أقوال المتهمين الآخرين فحسب، إنما استند إلى أدلة الثبوت التي أوردها في مجموعها، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما ترتاح إليه منها ولا يقبل مجادلتها في تقديرها أو مصادرتها في عقيدتها لكونه من الأمور الموضوعية التي تستقل بها بغير معقب فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثاني.... هو البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة أطلعت الشاهد........ على أقواله بالتحقيقات ليعيد الإدلاء بها أمامها بعد أن قرر بعدم تذكره شيئاً عن الواقعة مما يخل بمبدأ شفوية التحقيقات بالجلسة كما لم يورد الحكم في أسبابه الدليل على قيام الاتفاق الجنائي على تقليد العملة وترويجها والذي دانه عنه - بينه وبين باقي المتهمين، هذا إلى أن المدافع عن الطاعن تمسك بإعفائه من العقاب عملاً بالفقرة الأولى من المادة 48 من قانون العقوبات إذ تم القبض على المتهم بمعاونته إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ورد عليه بما لا يسوغه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة عندما سألت الشاهد العقيد..... عن مقابلته الطاعن الأول..... وأجاب بأنه لم يقابله سألته عمن ذكر له اسمه في بادئ الأمر ثم عرضت عليه الأوراق لتذكيره بالواقعة، فعاد وقرر بأنه لا يذكر. لما كان ذلك وكان من المقرر أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أثناء أدائه الشهادة أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى فإنه لا على المحكمة إن هي رأت - في حدود سلطتها التقديرية عرض الأوراق على هذا الشاهد لتذكيره بواقعة رأت هي ضرورتها لصالح تحقيق الدعوى ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة, وفق أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبه بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات وهي عقوبة مقررة لجريمتي تقليد العملة وحيازة هذه العملة بقصد الترويج فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الاتفاق الجنائي على تقليد العملة وترويجها والمعاقب عليها بعقوبة السجن ما دامت المحكمة قد دانته بجريمتي تقليد العملة وحيازتها بقصد ترويجها وأوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المقررة لإحداهما عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصف أن أيهما هي الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الاتفاق الجنائي في شقيه ويكون منعاه في غير محله. ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه أنه أوقع عقوبة جريمة الاتفاق الجنائي بوصفها الجريمة الأشد، إذ أن خطأه في تحديد الجريمة ذات العقوبة الأشد لا يبطله ولا يقتضي نقضه اكتفاء بتصحيح أسبابه - عملاً بالمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - على النحو السالف بيانه، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثالثاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثالث:
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثالث..... هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يعمل في حقه الإعفاء المقرر بالمادة 205 من قانون العقوبات رغم توافر موجبه إذ أن إقراره بعد ضبطه يعد إخباراً بالواقعة أدى إلى ضبط باقي الجناة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 205 من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون في غير محله ويتعين بذلك رفضه.