أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 182

جلسة 26 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي.

(32)
الطعن رقم 5936 لسنة 52 القضائية

مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي بالبراءة.
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر، توافره بعلم الجاني أن ما يحوزه من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً. استخلاص ذلك. موضوعي ما دام سائغاً.
علم المطعون ضده بأن الأقراص المضبوطة معه تحتوي على مادة مخدرة مما نص عليه بالجدول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 من عدمه، علم بواقع. ينتفي بانتفائه القصد الجنائي.
وجوب عدم عده من قبيل عدم العلم بحكم من أحكام قانون عقابي يفترض العلم به لدى الكافة.
لما كان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة لأن المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أنه ألم بعناصر الدعوى وأحاط بأدلتها عن بصر وبصيرة وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر يتوافر بعلم الجاني أن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً. وكان الفصل في ثبوته أو تخلفه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام يقيم قضاءه على أسباب تسوغه وكانت المحكمة قد خلصت بعد تمحيصها الواقعة والإحاطة بالأدلة التي ساقتها سلطة الاتهام إلى الشك في علم المطعون ضده بأن الأقراص المضبوطة معه تحتوي على مادة الميتاكوالون المنصوص عليها في البند رقم 94 من الجدول رقم (1) الملحق بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 وهو علم بواقع ينتفي بانتفائه القصد الجنائي ولا يعد من قبيل عدم العلم بحكم من أحكام قانون عقابي يفترض علم الكافة به، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده: بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "أقراص الميتاكوالون" وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك.. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304 - 1 إجراءات جنائية و30 من قانون العقوبات ببراءته مما أسند إليه ومصادرة الأقراص المضبوطة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه فساد في الاستدلال وخالف القانون، ذلك بأنه عول في قضائه بانتفاء علمه بحقيقة الجوهر المخدر على أن المادة المضبوطة تسمى بالموتولون وهي غير مدرجة بهذا الاسم في الجدول المرفق بقانون مكافحة المخدرات، بل تحتوي على مادة الميتاكوالون المدرجة بهذا الجدول، في حين أن العلم بتجريم إحراز المواد المدرجة مفترض مهما تعددت أسماؤها علمياً وتجارياً، وأغفلت المحكمة ما دلت عليه التحريات من أن المطعون ضده يتجر في المواد المخدرة ولم يبد سبباً معقولاً لإحرازه المادة المضبوطة والتي تباع في الصيدليات مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلة الاتهام التي استندت إليها النيابة العامة أسس قضاءه بالبراءة على قوله "من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة المادية بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني أن ما يحرزه هو من الجواهر المخدرة المحظور إحرازها قانوناً - وعلم المتهم في دعوانا الماثلة بحقيقة كنه المادة المضبوطة يحوطه الشك من كل جانب إذ الثابت أن المادة المضبوطة تعرف بأقراص الموتولون وهو اسم لم يدرج بالجدول باعتباره بذاته مادة مخدرة وإنما احتوت تلك الأقراص على مادة الميتاكوالون المدرجة بالجداول التي تحوي المواد المخدرة وهذه لا تظهر إلا بالتحليل الكيماوي - لما كان ذلك وكان ثبوت علم المتهم بحقيقة المادة التي يحرزها أو يحوزها يجب أن يكون ثبوتاً فعلياً لا افتراضياً الأمر الذي لم تقدم النيابة العامة دليلاً عليه تطمئن إليه المحكمة لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى له بالبراءة لأن المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أنه ألم بعناصر الدعوى وأحاط بأدلتها عن بصر وبصيرة وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر يتوافر بعلم الجاني أن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً. وكان الفصل في ثبوته أو تخلفه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام يقيم قضاءه على أسباب تسوغه, وكانت المحكمة قد خلصت بعد تمحيصها الواقعة والإحاطة بالأدلة التي ساقتها سلطة الاتهام إلى الشك في علم المطعون ضده بأن الأقراص المضبوطة معه تحتوي على مادة الميتاكوالون المنصوص عليها في البند رقم 94 من الجدول رقم (1) الملحق بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 وهو علم بواقع ينتفي بانتفائه القصد الجنائي ولا يعد من قبيل عدم العلم بحكم من أحكام قانون عقابي يفترض علم الكافة به، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى - تبعاً - ما تثيره الطاعنة في الشق الثاني من طعنها - بشأن قصد الاتجار - لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.