أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 241

جلسة 15 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: قيس الرأي عطية، أحمد محمود هيكل، محمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفي عبد الجواد.

(45)
الطعن رقم 6227 لسنة 52 القضائية

إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". مواد مخدرة.
الحكم ببراءة المتهم تأسيساً على مجرد وجود خلاف في عدد المضبوطات ووزنها، وبين ما أثبت في محضر التحقيق وما ورد في تقرير التحليل، قصور وفساد في الاستدلالات. واجب المحكمة أن تجري تحقيقاً تستجلي به حقيقة الأمر.
إن الخلاف في عدد المضبوطات ووزنها، بين ما أثبت في محضر التحقيق وما ورد في تقرير التحليل، كان يقتضي تحقيقاً من جانب المحكمة تستجلي به حقيقة الأمر، قبل أن تنتهي - من غير سند من الأوراق - إلى احتمال اختلاط المضبوطات في القضايا الثلاث التي ضبطت يوم الحادث، إذ ما كان لها من أن تستبق فيه الرأي قبل أن تستوثق من صحته عن طريق تحقيقه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وطلبت من مستشار الإحالة إحالته لمحكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 ببراءة المطعون ضده مع مصادرة المضبوطات.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر بقصد الاتجار، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم أسس قضاءه على القول بأن ثمة خلافاً في عدد الأحراز وفي وزنها، بين ما أثبتته النيابة في تحقيقها، وما ثبت في تقرير التحليل، مما يشكك في أن ما ضبط مع المتهم هو ما أرسل إلى التحليل، في حين أن هذا الخلاف ظاهري ولا يؤدي إلى ما استظهرته المحكمة، وكان عليها أن تجري تحقيقاً تستجلي به الحقيقة، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أنه استند في قضائه ببراءة المطعون ضده إلى قوله "وحيث إن المحكمة وقد اطلعت على مدونات الدعوى، ترى أن الدليل المادي في الدعوى تحيط به ظلال من الشك تدعو إلى الريبة، لما تبين من التحقيقات من أن الثابت من محضر الضبط أن الكيس وجد محتوياً على عشرين لفافة سلفانية صفراء وثلاث لفافات خضراء، وهي تلك التي قدمت إلى النيابة وأثبتتها في محاضر تحقيقاتها وتم التحريز على أساسها، بعد أن وزنت صافية سبعة وأربعين جراماً، بينما أثبت تقرير التحليل أن الحرز يحتوي على واحد وعشرين لفافة سلفانية صفراء وثلاث ورقات سلفانية خضراء ومعها أربع وعشرون قطعة من مادة الحشيش يبلغ وزنها ثمانية وأربعين وستين من المائة من الجرام، وأن هذا الخلاف في عدد القطع وفي وزنها أمر يثير الريبة والشك لدى المحكمة في أن ما ضبط مع المتهم هو ما أرسل للتحليل. ولا يفيد في تبديد هذه الشكوك ما أثبت بمحضر التحليل من أن الأحراز كانت عندئذ مختومة بختم المحقق, فإن الخلاف في عدد اللفافات وعدد قطع المخدر وأوزانها يلقي ظلالاً من الشك، تدعوا إلى مظنة وقوع خطأ ما في أي مرحلة من المراحل ضبطاً أو تحقيقاً أو تحريزاً أو تحليلاً، ولكنها كلها تؤدي إلى احتمال الشك في أن المضبوطات قد جرى عليها نوع من الخلط أو الإدخال، مما يجعل المحكمة لا تطمئن يقيناً إلى أن تلك اللفافات هي تلك التي ضبطت مع المتهم، خاصة وأنه ضبط في ذات الوقت تقريباً وفي نفس البلدة وبمعرفة مكتب المخدرات ومباحث المركز قضيتان أخريان هما المنوه عنهما بمحضر الضبط. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فيما تقدم لا يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، ولا يكفي في جملته لأن يستخلص منه أن المضبوطات قد جرى عليها نوع من الخلط أو الإدخال. إذ أن الخلاف في عدد المضبوطات ووزنها، بين ما أثبت في محضر التحقيق وما ورد في تقرير التحليل، كان يقتضي تحقيقاً من جانب المحكمة تستجلي به حقيقة الأمر، قبل أن تنتهي - من غير سند من الأوراق - إلى احتمال اختلاط المضبوطات في القضايا الثلاث التي ضبطت يوم الحادث، إذا ما كان لها أن تستبق فيه الرأي قبل أن تستوثق من صحته عن طريق تحقيقه، لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإحالة.