أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 244

جلسة 16 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان رئيس الجلسة وعضوية السادة المستشارين: حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم، ومحمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين.

(46)
الطعن رقم 6241 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "اعتراف" "بوجه عام". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف. جوهري. يوجب على المحكمة مناقشته والرد عليه، سواء وقع الإكراه على المتهم المعترف أو على غيره من المتهمين. ما دام الحكم عول على هذا الاعتراف في الإدانة.
(2) إثبات "اعتراف" "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
متى لا يعول على الاعتراف؟
تعويل المحكمة على الدليل المستمد من الاعتراف. يوجب عليها بحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله. وأن تنفي قيامه باستدلال سائغ. مثال. لاستدلال غير سائغ.
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. "دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره" دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف".
قعود الحكم عن تحقيق دفع المتهمين بأن الاعتراف كان نتيجة إكراه. وتعويله في الإدانة على هذا الاعتراف. قصور يعيبه ألا يغني عنه ما ذكر من أدلة أخرى. أساس ذلك؟
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه، هو دفاع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي أثار البطلان أم أثاره متهم آخر في الدعوى، ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الإقرار.
2 - لما كان الاعتراف لا يعول عليه - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره، وكان الأصل أنه إذا رأت المحكمة التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف، أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله، وأن تنفي قيامه في استدلال سائغ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه دفاع الطاعنين بأن الاعتراف المعزو إلى المتهمين المذكورين قد جاء وليد إكراه غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه، ذلك بأن قالة الحكم باطمئنانه إلى الاعتراف المنسوب إلى المتهمين الأول والثاني والثالث للإدلاء به أمام النيابة العامة على نحو مفصل، وعدم ذكر أي منهم وقوع إكراه عليه، لا يصلح رداً على القول بصدوره نتيجة إكراه ويمثل مصادرة من الحكم لدفاع الطاعنين، قبل أن ينحسم أمره، ما دام أن الدفع ببطلان الاعتراف على نحو ما سجله الحكم، يتضمن بطلانه كذلك في تحقيق النيابة العامة إذ من غير المستساغ في منطق العقل والبداهة، أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف في التحقيقات كافة بأنه يطمئن إلى سلامة هذا الاعتراف - بما يفيد براءته مما يشوبه من عيوب - لترديده في تحقيق منها، طالما أن سلامته محل منازعة في هذا التحقيق أيضاً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - على الاعتراف المعزو إلى المتهمين الأول والثاني والثالث فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، بما يبطله. ولا يعصمه من هذا البطلان، ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: سرقوا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة لـ....... و...... ليلاً حالة كون المتهم الثالث يحمل مطواة والرابع سلاحاً ناري على النحو الموضح تفصيلاً بالتحقيقات وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً بمعاقبة الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانهم بجريمة السرقة مع حمل سلاح، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول في قضائه على الاعتراف المعزو إلى المتهمين الأول والثاني والثالث، رغم بطلانه لصدوره وليد إكراه وقع عليهم، وأطرح دفاعهم في هذا الشأن بما لا يصلح لإطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، بعد أن سرد وقائع الدعوى وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات فيها، رد على دفاع الطاعنين في شأن المنازعة في صحة اعترافات المتهمين لأنها جاءت وليدة إكراه بقوله "إن المحكمة لا تعول على دفاع المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس من أن الاعتراف المنسوب إليهم كان وليد إكراه، ذلك لأن المتهمين الأول والثاني والثالث قد أقروا في تحقيقات النيابة العامة بارتكابهم للحادث وتفصيلاته بالاشتراك مع المتهمين الرابع والخامس، ودور كل منهم في ارتكابه، ولم يذكر أي منهم بوقوع إكراه عليه، الأمر الذي ترى معه المحكمة طرح ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص" لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه، هو دفاع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي أثار البطلان أم أثاره متهم آخر في الدعوى، ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا القرار، وكان الاعتراف لا يعول عليه - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره، وكان الأصل أنه إذا رأت المحكمة التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف، أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله، وأن تنفي قيامه في استدلال سائغ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه دفاع الطاعنين بأن الاعتراف المعزو إلى المتهمين المذكورين قد جاء وليد إكراه غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه، ذلك بأن قالة الحكم باطمئنانه إلى الاعتراف المنسوب إلى المتهمين الأول والثاني والثالث للإدلاء به أمام النيابة العامة على نحو مفصل وعدم ذكر أي منهم وقوع إكراه عليه، لا يصلح رداً على القول بصدوره نتيجة إكراه, ويمثل مصادرة من الحكم لدفاع الطاعنين، قبل أن ينحسم أمره، ما دام أن الدفع ببطلان الاعتراف على نحو ما سجله الحكم، يتضمن بطلانه كذلك في تحقيق النيابة العامة, إذ من غير المستساغ في منطق العقل والبداهة، أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف في التحقيقات كافة بأنه يطمئن إلى سلامة هذا الاعتراف - بما يفيد براءته مما يشوبه من عيوب لترديده في تحقيق - منها، طالما أن سلامته محل منازعة في هذا التحقيق أيضاً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - على الاعتراف المعزو إلى المتهمين الأول والثاني والثالث, فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، بما يبطله. ولا يعصمه من هذا البطلان، ما قام عليه من أدلة أخرى؛ لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي, بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل قائم. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.