مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغا30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 496

جلسة 20 مارس سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(363)
القضية رقم 660 سنة 9 القضائية

( أ ) مدافع. حضوره مع المتهم. متى يكون واجباً؟ جناية محالة إلى محكمة الجنح. حضور مدافع عن المتهم. غير محتم.
(المادة 25 تشكيل)
(ب) حريق عمد. وضع كرة مشتعلة في مشغل حصر بقصد إحراقه. عدم تحقق الغرض. جريمة تامة. لا شروع.
(المادة 218 ع = 253)
1 - إن القانون لا يحتم حضور مدافع عن المتهم إلا أمام محكمة الجنايات في مواد الجنايات. أما إذا كانت الجناية محالة من قاضي الإحالة إلى محكمة الجنح عملاً بالقانون الصادر في 19 أكتوبر سنة 1925، فإن إجراءات المحاكمة الخاصة بالجنح هي التي يجب اتباعها. وليس في هذه الإجراءات ما يوجب حضور مدافع عن المتهم.
2 - إن الجريمة المعاقب عليها بمقتضى المادة 218 من قانون العقوبات تعتبر تامة بمجرّد وضع النار عمداً في أحد الأمكنة الواردة في هذه المادة سواء اشتعلت النار أم لم تشتعل. فإذا كان الثابت بالحكم أن المتهم قذف كرة مشتعلة في مخزن (مشغل حصر) لإحراقه، ولم يتحقق الغرض الذي رمى إليه من فعلته، فيصح عقابه بالمادة 218 المذكورة ولو لم تلتهم النار شيئاً من محتويات المخزن.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجهين الأوّل والثاني من أوجه الطعن يتحصل في أن الطاعن نبه المحكمة الاستئنافية إلى أن محاميه لم يحضر ولكنها لم تعر ذلك التفاتاً وقضت بتأييد الحكم الابتدائي مع أن الحق المقرّر في المادة 196 جنايات لا يزول بإحالة الجناية على محكمة الجنح. ذلك لأن هذه الإحالة إنما شرعت في مصلحة الطاعن، ولا يستقيم عقلاً أن ما شرع في مصلحته يحرمه من أي حق مكتسب أو مقرر له متى كان هذا الحق ينطوي على ما فيه مصلحته، إذ الطاعن مع إحالته على محكمة الجنح لا يزال متهماً بجناية تستدعي الدفاع بواسطة محام. وفضلاً عن ذلك فإن المحكمة حجرت على محامي الطاعن في الدفاع إذ قال الطاعن للمحكمة أن محاميه سيحضر حالاً، فلما لم يلتفت إليه رئيس الجلسة عاد وكرر هذا الرجاء قائلاً إن المحامي قادم من مصر، ومع ذلك لم تؤجل المحكمة القضية إلى آخر الجلسة أو ريثما يصل أوّل قطار من القاهرة. ولما وصل المحامي بعد الحكم في الدعوى حاول أن يؤدّي واجبه فقدّم طلباً أثبت فيه أن القضية نظرت قبل موعد وصول أوّل قطار من القاهرة، وأن الطاعن أفهم المحكمة أنه سيحضر حالاً، وأنه كرر ذلك. ويخلص الطاعن مما ذكر إلى أن في هذا الذي حصل من محكمة الموضوع إخلالاً بحق الدفاع مبطلاً للحكم.
وحيث إن القانون لا يحتم حضور محام مع المتهم إلا أمام محكمة الجنايات في مواد الجنايات، أما إذا كانت الجناية محوّلة من قاضي الإحالة إلى محكمة الجزئية عملاً بقانون التجنيح الصادر في 19 أكتوبر سنة 1925 فإن إجراءات المحاكمة الخاصة بالجنح هي التي يجب اتباعها، وهذه الإجراءات لا توجب حضور محام عن المتهم. وبناء على ذلك يكون عدم حضور مدافع عن المتهم في الدعوى الحالية لا يطعن في سلامة الحكم.
وحيث إنه فيما يتعلق بما زعمه الطاعن من أن محكمة الموضوع أخلت بحق دفاعه بعدم إجرائها نظر الدعوى إلى آخر الجلسة ريثما يصل محاميه قادماً من القاهرة فإن الثابت من محضر الجلسة هو أن الطاعن قال للمحكمة عند البدء في نظر الدعوى إن محاميه لم يحضر فأخذت هي في نظرها وسألت الطاعن عن التهمة فأنكرها ولم يصر على طلب إرجاء نظر الدعوى لحين حضور محاميه. فإذا مضت المحكمة في نظر الدعوى فلا جناح عليها في ذلك ما دام حضور المحامي في مواد الجنح غير واجب قانوناً لصحة المحاكمة، وما دام المحامي لم يكن موجوداً مع الطاعن وقت النداء على الدعوى للدفاع عن موكله. أما ما يثيره الطاعن من حضور محاميه ومحاولته القيام بواجبه فقد كان ذلك، بفرض صحته، غير جائز قانوناً بعد أن نظرت الدعوى وحكم فيها.
وحيث إن الوجه الثالث بني على أن محكمة الجنح أخطأت في تطبيق القانون باعتبارها أن الطاعن وضع النار عمداً في مخزّن غير مسكون ولا معدّ للسكنى في حين أنه يجب اعتبار ما وقع منه شروعاً في حريق لأن الثابت أن الكرة التي ألقيت على المشغل لإحداث الحريق لم تحرق شيئاً منه، وأن النار لم تلتهم إلا جانباً من شريط.
وحيث إن الفعل المعاقب عليه بمقتضى المادة 218 عقوبات قديم التي أدين بها الطاعن يعتبر تاماً بمجرّد وضع النار عمداً في المكان المراد إحراقه سواء أشتعل الحريق أم لا.
وحيث إن الحكم الطعون فيه أثبت أن الطاعن قذف كرة مولعة بمشغل الحصر لحرقه فانطفأت الكرة ولم يتحقق الغرض الذي رمى إليه الطاعن من فعله. وإذاً يكون ما وقع منه فعلاً تاماً لا شروعاً رغم أن النار لم تلتهم شيئاً من محتويات المشغل، ويكون الحكم المطعون فيه على هذا الاعتبار لم يخطئ في تطبيق القانون.
وحيث إن محصل الوجه الرابع هو أن الحكم المطعون فيه لم يبين توفر ركن العمد لدى الطاعن وفي هذا قصور يبطله.
وحيث إن هذا الوجه غير صحيح إذ الحكم المطعون فيه أثبت أن الطاعن كان يريد بفعل الحريق إحداث حدث جنائي يستدعي مسئولية شيخ الخفراء والعمدة الذي تسبب في فصل قريب له. وهذا الذي أورده الحكم يؤدّى إلى أن وضع النار كان متعمداً من الطاعن.