أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 274

جلسة 23 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين.

(53)
الطعن رقم 6453 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاعتراف وليد الإكراه. لا يعول عليه. ولو كان صادقاً.
وجوب بحث المحكمة للصلة بين الاعتراف وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيامه في استدلال سائغ.
(2) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إطراح الحكم الدفع ببطلان الاعتراف. استناداً إلى أنه حد أمام النيابة دون أن يذكر المعترف أن إكراهاً وقع عليه وأن النيابة ناظرته وأثبتت خلوه من الإصابات إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟
سكوت الطاعن عن إثارة واقعة الإكراه الحاصل عليه في أية مرحلة من مراحل التحقيق لا تنفي وقوع الإكراه. مادياً أو أدبياً.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
1 - من المقرر أن الاعتراف لا يعول عليه - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره وإذا كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيام هذا الإكراه في استدلال سائغ أطرح الدفع ببطلان الاعتراف على السياق المتقدم بقالة أن المتهم الثالث اعترف أمام النيابة العامة دون أن يشير إلى أن ثمة إكراهاً وقع عليه وإلى أنها ناظرته وأثبتت بمحضرها خلوه من آثار تفيد التحقيق وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لاستناده إلى الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الثاني بتحقيق النيابة؛ ليس من شأنه أن يؤدي إلى إهدار ما دفع به الطاعنون من بطلان هذا الاعتراف لصدوره وليد إكراه لا يصح في منطق العقل والبداهة أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف الحاصل أمام جهة من جهات التحقيق لأنه كان وليد الإكراه وباطمئنانه إلى هذا الاعتراف لحصوله أمام تلك الجهة ولعدم ذكر من نسب إليه الاعتراف أمامها أنه كان مكرهاً عليه، أو أنها ناظرته فلم تلحظ به آثار تفيد التحقيق ما دام أنه ينازع في صحة ذلك الاعتراف أمام تلك الجهة، كما أن سكوت الطاعن المذكور عن الإفضاء بواقعة الإكراه في أية مرحلة من مراحل التحقيق - كما يذهب الحكم - ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع الإكراه في أية صورة من صوره، مادية كانت أم أدبية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - إلى اعتراف المتهم الثالث (الطاعن الثاني) فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً, ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -...... 2 -...... (الطاعن الأول) 3 -.... (الطاعن الثاني) 4 -....... (الطاعن الثالث) 5 -....... (الطاعنة الرابعة) بأنهم قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد........ بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك آلات حادة راضة (بلطة) وترصدوه في حقله حيث أيقنوا مبيته فيه وتوجهوا إلى الحقل وما أن ظفروا به حتى شل المتهم الثالث مقاومته وانهال المتهم الثاني..... عليه طعناً قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد..... بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك آلات حادة راضة (بلطة) وترصدوه حيث علموا بوجوده في حقله وتوجهوا إليه فشل المتهم الرابع مقاومته وانهال عليه المتهم الأول طعناً قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهمة الخامسة (الطاعنة الرابعة): اشتركت مع المتهمين سالفي الذكر بطريقي الاتفاق والتحريض في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقت معهم وحرضتهم على قتل المجني عليهما فقام المتهمون بتنفيذ الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك.
وادعت..... عن نفسها وبصفتها مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض.
ومحكمة جنايات... قضت حضورياً بالنسبة للطاعنين عملاً بالمواد 40/ 1/ 2 و41 و230 و231 و232 و234/ 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني.... عن نفسها وبصفتها مبلغ خمسة آلاف جنيه.
فطعن المحكوم عليهم (الطاعنون) في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، والاشتراك فيها، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استند في قضائه إلى ما عزى من اعتراف إلى المتهم الثالث (الطاعن الثاني) رغم بطلانه لصدوره وليد إكراه وقع عليه وأطرح دفاعه في هذا الشأن بما لا يصلح لإطراحه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات ومضمون تحرياته السرية حصل دفاع الطاعنين في شأن المنازعة في صحة الاعتراف المنسوب صدوره من المتهم الثالث، لأنه جاء وليد إكراه في قوله: وطلب الدفاع الحاضر مع المتهمين براءتهم جميعاً مما أسند إليهم بدعوى أنه لا دليل قبلهم إلا اعتراف المتهم الثالث بالنيابة الذي كان بعد الإكراه من الشرطة أبرقوا به إلى النيابة العامة التي لم تحققه وأن هذا الاعتراف الباطل للإكراه عدل عنه، ورد الحكم على هذا الدفاع بقوله: ولا تعول المحكمة على إنكار المتهمين وادعاء المتهم الثالث بأنه كان مكرهاً على هذا الاعتراف لاطمئنانها إلى أدلة الثبوت السابقة وإلى أن هذا الاعتراف أمام النيابة العامة دون أن يذكر هذا المتهم أمامها أن ثمة إكراهاً قد وقع عليه والتي حرصت على مناظرة جسم المتهم وأثبتت بمحضرها خلوه من أي آثار تفيد التحقيق مما يجعلها تشيح عن تحقيق ما ادعاه كمحاولة يائسة للنكول عن اعترافه الذي تأيد بأدلة الثبوت السابقة، لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف لا يعول عليه - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره وإذ كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيام هذا الإكراه في استدلال سائغ وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع ببطلان الاعتراف على السياق المتقدم بقالة إن المتهم الثالث اعترف أمام النيابة العامة دون أن يشير إلى أن ثمة إكراهاً وقع عليه وإلى أنها ناظرته وأثبتت بمحضرها خلوه من آثار تفيد التحقيق وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لاستناده إلى الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الثاني بتحقيق النيابة ليس من شأنه أن يؤدي إلى إهدار ما دفع به الطاعنون من بطلان هذا الاعتراف لصدوره وليد إكراه لما يمثله من مصادرة لدفاع الطاعنين قبل أن ينحسم أمره لأنه لا يصح في منطق العقل والبداهة أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف الحاصل أمام جهة من جهات التحقيق لأنه كان وليد الإكراه باطمئنانه إلى هذا الاعتراف لحصوله أمام تلك الجهة ولعدم ذكر من نسب إليه الاعتراف أمامها أنه كان مكرهاً عليه أو أنها ناظرته فلم تلحظ به آثار تفيد التحقيق ما دام أنه ينازع في صحة ذلك الاعتراف أمام الجهة كما أن سكوت الطاعن المذكور عن الإفضاء بواقعة الإكراه في أية مرحلة من مراحل التحقيق - كما يذهب الحكم - ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع الإكراه في أية صورة من صوره، مادية كانت أم أدبية، لما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - إلى اعتراف المتهم الثالث (الطاعن الثاني) فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً, ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن، مع إلزام المطعون ضدهم (المدعين بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية وأتعاب المحاماة.