أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 289

جلسة 28 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار، مسعد الساعي، أحمد سعفان ومحمود البارودي.

(56)
الطعن رقم 6503 لسنة 52 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. جريمة. نقض جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي. في جريمة اختلاس أموال أميرية. غير لازم. ما دام قيامها مستفاداً من مجموع عباراته.
(2) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحاكم قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
(3) محكمة الجنايات. إجراءات المحاكمة.
العبرة في المحاكمة هي بملف القضية الأصلي. خلو الصورة المنسوخة من بعض الأوراق المطروحة على بساط البحث. لا إخلال بحق الدفاع. المادة 189 إجراءات جنائية.
(4) إثبات. "بوجه عام". حكم "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها. إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
1 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن من قصور في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله.
2 - لما كان محضر جلسة المحاكمة خلواً مما يفيد أن الطاعن أو المدافع عنه طلب من المحكمة ندب خبير حسابي لفحص عهدة الطاعن، فإنه لا يجوز له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي موجباً لإجرائه.
3 - لما كان الطاعن لا يدعي أن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1977 - الذي ركن إليه الحكم في تكوين عقيدته - والمقول بعدم نسخه ضمن الأوراق التي تم نسخها وسلمت إلى المدافع عنه لم تكن تحت نظر المحكمة ضمن الملف الأصلي للدعوى - فإنه كان من المتعين عليه أن يبين دفاعه من واقع الملف المذكور، وقد كان في مكنته أن يطلب الاطلاع عليه طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون في المادة 189 من قانون الإجراءات الجنائية أو أن يتقدم بهذا الطلب إلى محكمة الموضوع، أما وهو لم يفعل فلا يقبل منه النعي على المحكمة التفاتها عن تحقيق إجراء كان عليه أو على المدافع عنه أن يعلن عن رغبته في تحقيقه، ولا يضير الحكم أن تكون الصورة المنسوخة قد جاءت خلواً من بعض الأوراق المطروحة على بساط البحث لما هو مقرر من أن العبرة في المحاكمة هي بملف القضية الأصلي، مما تكون معه دعوى الإخلال بحق الطاعن في الدفاع على غير أساس.
4 - لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، وكان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1977 ومن ثم فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إلى التقرير الصادر من ذات القسم بتاريخ 4 من إبريل سنة 1981 طالما أنه لم يكن بذي أثر في تكوين عقيدة المحكمة، مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - بصفته موظفاً عمومي مندوب الرخص بشركة..... إحدى شركات القطاع العام المملوكة للدولة - اختلس مبلغ ألف جنيه قيمة إيصالي استلام النقدية الخاصين بإذني الصرف رقمي..... و..... المؤرخين..... و..... وهو المبلغ المملوك للشركة آنفة الذكر والمسلم إليه بسبب وظيفته حال كونه من الأمناء على الودائع وتسلم المبلغ بهذه الصفة وأحيل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام.
ومحكمة جنايات أمن الدولة العليا قضت حضورياً عملاً 112/ 1, 118، 119 ب، 119 مكرر من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وغرامة ألف جنيه وإلزامه برد مثل هذا المبلغ وعزله عن وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن قد تمسك بدفاع قوامه أن ما نسب إليه إنما هو مجرد وجود عجز في العهدة لا يرقى إلى مرتبة الاختلاس غير أن الحكم دانه بالجريمة دون أن يوضح الكيفية التي خلص بها إلى أن ذلك العجز قد اقترن بنية الاختلاس، كما لم تندب المحكمة خبيراً حسابياً لفحص عهدة الطاعن بعد أن ثبت تزوير أربعة إيصالات عليه مما كان من شأنه تشكك المحكمة في الواقعة برمتها، هذا فضلاً عن أن الحكم عول - من بين ما عول عليه - في قضائه بالإدانة على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1977 على الرغم من خلو الصورة المنسوخة للقضية من الإشارة إليه ولم تنبه المحكمة الدفاع في الجلسة إلى وجوده، وأخيراً فإن الحكم لم يعن بالإشارة إلى التقرير الصادر من قسم أبحاث التزييف والتزوير بتاريخ 4 من إبريل سنة 1981 والذي يتعارض مع التقرير السابق. إذ نفى عن الطاعن تحريره الإيصالات الستة المزورة بما فيها الإيصالين سند الاتهام كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها وأورده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى - في منطق سائغ وتدليل مقبول - إلى مسئولية الطاعن عن مبلغ الألف جنيه موضوع الجريمة أخذاً بما قرره شاهدا الإثبات في الدعوى وبما أثبته تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1977 في حقه من أنه هو المحرر لبيانات إيصالي استلامه ذلك المبلغ صلباً وتوقيعاً ورده إلى اختلاسه له، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كاف وسائغ في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائية في تلك الجريمة, بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان محضر جلسة المحاكمة خلواً مما يفيد أن الطاعن أو المدافع عنه طالب من المحكمة ندب خبير حسابي لفحص عهدة الطاعن، فإنه لا يجوز له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي موجباً لإجرائه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعي أن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1977 - الذي ركن إليه الحكم في تكوين عقيدته - والمقول بعدم نسخه ضمن الأوراق التي تم نسخها وسلمت إلى المدافع عنه لم تكن تحت نظر المحكمة ضمن الملف الأصلي للدعوى - فإنه كان من المتعين عليه أن يبين - دفاعه من واقع الملف المذكور، وقد كان في مكنته أن يطلب الاطلاع عليه طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون في المادة 189 من قانون الإجراءات الجنائية, أو أن يتقدم بهذا الطلب إلى محكمة الموضوع، أما وهو لم يفعل فلا يقبل منه النعي على المحكمة التفاتها عن تحقيق إجراء كان عليه أو على المدافع عنه أن يعلن عن رغبته في تحقيقه، ولا يضير الحكم أن تكون الصورة المنسوخة قد جاءت خلواً من بعض الأوراق المطروحة على بساط البحث لما هو مقرر من أن العبرة في المحاكمة هي بملف القضية الأصلي، مما تكون معه دعوى الإخلال بحق الطاعن في الدفاع على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، وكان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1977, ومن ثم فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إلى التقرير الصادر من ذات القسم بتاريخ 4 من إبريل سنة 1981 طالما أنه لم يكن بذي أثر في تكوين عقيدة المحكمة، مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً....