أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 300

جلسة 1 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فوزي المملوك، عبد الرحيم نافع، حسن غلاب ومحمد حسن.

(58)
الطعن رقم 2423 لسنة 52 القضائية

(1) خلو رجل. إيجار أماكن. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره" "تطبيقه" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الإيجار. هما مناط حظر اقتضاء المبالغ الإضافية.
عدم سريان الحظر على المستأجر إلا إذا أقدم على التأجير من الباطن إلى غيره.
تقاضي المستأجر بالذات أو بالوساطة أية مبالغ في مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجرة لا تأثيم.
معاقبة الطاعنة عن واقعة اقتضاء مبلغ من النقود من المطعون ضده مقابل إنهاء العلاقة الإيجارية بينها وبين مالك العين المؤجرة. خطأ في تأويل القانون.
(2) محكمة الجنح والمخالفات. دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". اختصاص.
ولاية محكمة الجنح والمخالفات؟ اختصاصها بنظر الدعوى المدنية التابعة. استثناء. مؤدى ذلك؟
(3) نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "أثر الطعن".
متى تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ؟ م 39 ق 57 لسنة 1959.
مؤدى اتصال الوجه الذي بني عليه النقض بالمحكوم عليه الآخر؟
1 - لما كان الشارع، سواء بما نص عليه في المادتين 17 و42 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين أو في المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - الذي حصلت الواقعة موضوع الطعن الراهن في ظله - إنما يؤثم, وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، بالإضافة إلى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم إيجار، أن يتقاضى منه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذي يبتغي تأجيره إلى غيره فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الإيجار وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الإضافية بالذات أو الوساطة، ومن ثم فإن هذا الحظر بمقتضيات تأثيمه لا يسري في شأن المستأجر إلا إذا أقدم على التأجير من الباطن إلى غيره، فيخرج عن دائرة التأثيم المستأجر الذي يتقاضى - بالذات أو بالوساطة - أية مبالغ في مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ولا يحل عقاب مثل هذا المستأجر طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر أو أي قانون آخر ما لم تتوافر في حقه صفة الاشتراك مع المؤجر أو الوساطة لديه في تقاضي المبلغ - وهو ما لا تنبئ مدونات الحكم المطعون فيه عن توافره بالنسبة إلى الطاعنة - وإذ خالف الحكم هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعنة عن واقعة اقتضاء مبلغ من النقود من المطعون ضده مقابل إنهاء العلاقة الإيجارية بينها وبين مالك العين المؤجرة فإنه يكون قد بني على خطأ في تأويل القانون، وكان يتعين على المحكمة القضاء ببراءة الطاعنة عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها.
2 - ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح عليها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - استثناء من هذه القاعدة - مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقام عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية، ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل محل الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كالشأن في الدعوى الراهنة - فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية.
3 - لما كان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون بالنسبة للواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة الطاعنة وكذلك المحكوم عليه الآخر..... الذي كان ممثلاً في الخصومة الاستئنافية ولم يطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لاتصال الوجه الذي بني عليه النقض به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية بالنسبة لهما وذلك دون حاجة للخوض فيما تثيره الطاعنة في الوجه الآخر من طعنها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 -...... 2 -...... 3 -..... من..... بأنهم: تقاضوا مبلغ 500 جنيه (خمسمائة جنيه) من...... كخلو رجل حالة كون الأولى والثاني مستأجرين للعقار وحالة كون الأخير وسيطاً، وطلبت عقابهم بالمواد 1، 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977.
وادعى المجني عليه (......) مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح قسم ثاني الزقازيق قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام: أولاً: برفض الدفع المبدى من المتهم الثالث بعدم قبول الدعوى الجنائية قبله وبقبولها.
ثانياً: حبس كل من المتهمين الأولى (الطاعنة) والثاني ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ، وتغريم كل منهما مبلغ ألف جنيه وإلزامهما بأن يردا إلى المدعي بالحق المدني مبلغ 500 ج (خمسمائة جنيه) الذي تقاضاه منه وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ثالثاً: ببراءة المتهم الثالث مما نسب إليه.
فاستأنف المحكوم عليهما الأولى والثاني.
ومحكمة..... - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأولى وغيابياً للثاني بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع الإيقاف الشامل بالنسبة للعقوبة الجنائية.
فطعنت المحكوم عليها الأولى في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها وزوجها المحكوم عليه الآخر بجريمة خلو الرجل وإلزامهما بالرد والتعويض المدني المؤقت فقد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب ذلك بأن ما نسب إليها من اقتضاء مبلغ من النقود مقابل تنازلها عن الشقة المؤجرة لها من مالكها يخرج عن نطاق التأثيم لأن صيغة الواقعة بيع بالجدك، وقد تمسكت بهذا الدفاع إلا أن الحكم جاء قاصر البيان في الرد على دفاعها مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المدعي بالحقوق المدنية (المطعون ضده) أبلغ النيابة العامة بأنه بعد أن اتفق مع المحكوم عليه الثاني، زوج الطاعنة - التي تستأجر شقة تستعملها كعيادة - على أن تتنازل له عن الشقة خالية مقابل مبلغ خمسمائة جنيه، وقام بتسليمهما المبلغ المذكور واستوقعاه على ورقة تتضمن شراءه الشقة بمنقولاتها لقاء مائتي جنيه سلما عقد إيجار الشقة ومفاتيحها للوسيط (المتهم الثالث المحكوم ببراءته)، وتوجه الطاعن بعد ذلك إلى المالك الذي حرر له عقد إيجار باسمه ثم تسلم الشقة من المتهم الثالث خالية من أية منقولات، وحصل الحكم شهادة...... بما مضمونه أن المطعون ضده استوضحه عما إذا كان يقبل تأجير الشقة له في حالة تنازل الطاعنة عنها، فوافق على ذلك ثم حضر إليه المطعون ضده مرة أخرى وسلمه نسخة عقد الإيجار الخاصة بالطاعنة مثبتاً عليها تنازلها عن العقد، فحرر له عقداً باسمه وخلص الحكم إلى إدانة الطاعنة والمحكوم عليه الآخر طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 في قوله: "إن المشرع عندما استن القانون رقم 121 لسنة 1947، قد جرم في المادة 16/ 2 منه اقتضاء المؤجر أية مبالغ زائدة عن الأجرة القانونية لأنه أدخل في الحسبان تحايل الأفراد على الإفلات من أحكام القانون - وتدرج المشرع في تجريم هذا الفعل وأدخل تحت نطاق هذا النعي اقتضاء المستأجر أيضاً أية مبالغ خلو رجل أيضاً وأضاف في المادة 17/ 2 من القانون 52 لسنة 1969 نصاً حظر به على المستأجر اقتضاء أية مبالغ خارج نطاق العقد وأوجب معاقبة المستأجر بذات عقوبة المؤجر عند اقتضاء خلو الرجل وورد هذا التجريم أيضاً في المادة 29/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 المعمول به اعتباراً من 9 - 9 - 1977..." لما كان ذلك، وكان الشارع، سواء بما نص عليه في المادتين 17 و40 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين أو في المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - الذي حصلت الواقعة موضوع الطعن الراهن في ظله - إنما يؤثم, وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، بالإضافة إلى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم إيجار، أن يتقاضى منه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذي يبتغي تأجيره إلى غيره فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الإيجار وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الإضافية بالذات أو الوساطة، ومن ثم فإن هذا الحظر بمقتضيات تأثيمه لا يسري في شأن المستأجر إلا إذا أقدم على التأجير من الباطن إلى غيره، فيخرج عن دائرة التأثيم المستأجر الذي يتقاضى بالذات أو بالوساطة - أية مبالغ في مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ولا يحل عقاب مثل هذا المستأجر طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر أو أي قانون آخر, ما لم تتوافر في حقه صفة الاشتراك مع المؤجر أو الوساطة لديه في تقاضي المبلغ - وهو ما لا تنبئ مدونات الحكم المطعون فيه عن توافره بالنسبة إلى الطاعنة - وإذ خالف الحكم هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعنة عن واقعة اقتضاء مبلغ من النقود من المطعون ضده مقابل إنهاء العلاقة الإيجارية بينها وبين مالك العين المؤجرة فإن يكون قد بني على خطأ في تأويل القانون، وكان يتعين على المحكمة القضاء ببراءة الطاعنة عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر طبقاً للمادتين 220 و253 من هذا القانون أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح عليها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - استثناء من هذه القاعدة - مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقام عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية، ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل محل الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كالشأن في الدعوى الراهنة - فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون بالنسبة للواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة الطاعنة وكذلك المحكوم عليه الآخر....... الذي كان ممثلاً في الخصومة الاستئنافية ولم يطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لاتصال الوجه الذي بني عليه النقض به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية بالنسبة لهما وذلك دون حاجة للخوض فيما تثيره الطاعنة في الوجه الآخر من طعنها.