أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 314

جلسة 3 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد، محمد نجيب صالح، عوض جادو ومصطفى طاهر.

(61)
الطعن رقم 2296 لسنة 52 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "شهادة" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". ضرب "أفضى إلى موت".
شهادة تعريفها؟ اقتضاؤها القدرة على التمييز.
جواز رد الشاهد لعدم قدرته على التمييز. أساس ذلك؟
عاهة العقل. كفاية فقدان أي من الإدراك أو التمييز. توافرها.
تمسك المتهم بعدم قدرة الشاهد على التمييز وتقديمه تقريراً يظاهر ذلك. دفاع جوهري. التعويل على أقواله دون تحقيق. إخلال بحق الدفاع.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مبدأ تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
1 - لما كان الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه. ولذا فقد أجازت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو لحداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع إن هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها. ولما كان القانون لا يتطلب في عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدراك والتمييز معاً وإنما يتوافر بفقد أحدهما، وإذا ما كان الطاعن قد طعن على شهادة الشاهد بأنه مصاب بما يفقده القدرة على التمييز وقدم مستنداً يظاهر هذا الدفاع - على ما أثبتته المحكمة بمحضر الجلسة - وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرته على التمييز أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته لأداء الشهادة، وعولت في نفس الوقت على شهادته في قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعته الجدية حول قدرته على الإدلاء بشهادته بتعقل ودون أن تعرض لهذه المنازعة في حكمها المطعون فيه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
2 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً فإذا استبعد أحدها تعذر الوقوف على مبلغ ما كان له من أثر في عقيدة المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب عمداً..... بأن أطلق عياراً نارياً قاصداً إصابة ابنه.... فأخطأه وأصاب المجني عليه وأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد قتل ابنه أو المجني عليه ولكن الإصابة أفضت إلى موته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر ذلك.
وادعى كل من..... و..... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها..... و..... و..... و..... و..... و..... قصر المرحوم..... مدنياً قبل المتهم بمبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض.
ومحكمة جنايات.... قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات والمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية. أولاً: بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثانياً: في الدعوى المدنية بإحالتها بحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية.
فطعن كل من الأستاذ..... عن الأستاذ.... المحامي والأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه عول في قضائه - فيما عول عليه - على أقوال الشاهد "....." دون تحقيق منازعة الطاعن الجدية بأنه مصاب بما يفقده القدرة على التمييز أو الرد عليها بما يفندها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك بأن الشاهد..... مريض بحالة نفسية وهي حالة عته ويعتبر في حكم العاجز عن الإدلاء بأية أقوال وهو ما يهدر شهادته في مقام الإثبات الجنائي. وقدم مستنداً يفيد ذلك تأييداً لدفاعه. لما كان ذلك، وكان الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه, ولذا فقد أجازت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو لحداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع إن هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها, ولما كان القانون لا يتطلب في عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدراك والتمييز معاً وإنما يتوافر بفقد أحدهما، وإذ ما كان الطاعن قد طعن على شهادة الشاهد "....." بأنه مصاب بما يفقده القدرة على التمييز وقدم مستنداً يظاهر هذا الدفاع - على ما أثبتته المحكمة بمحضر الجلسة - وقعدت المحكمة على تحقيق قدرته على التمييز أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته لأداء الشهادة، وعولت في نفس الوقت على شهادته في قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعته الجدية حول قدرته على الإدلاء بشهادته بتعقل ودون أن تعرض لهذه المنازعة في حكمها المطعون فيه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يعصمه من هذا العيب أنه قد عول في قضائه على أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً فإذا استبعد أحدها تعذر الوقوف على مبلغ ما كان له من أثر في عقيدة المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.