أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 335

جلسة 9 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفي، محمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين.

(67)
الطعن رقم 5125 لسنة 52 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
عدم التزام محكمة الموضوع بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفاع الموضوعي الذي لم يثر أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن هذه الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها. ما دام سائغاً.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(5) جريمة "أركانها". ضرب "أفضى إلى موت". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة الضرب المفضي إلى موت. تحققه من ارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم أنه يترتب عليه مساس بسلامة المجني عليه. تحدث الحكم صراحة عنه. غير لازم.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. وأن تستخلص صورة الواقعة من سائر عناصر الدعوى. متى كانت تؤيد التصوير الذي انتهت إليه.
(7) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني غير لازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(8) محكمة الموضوع "حقها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. قتل عمد. ضرب "أفضى إلى موت".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية على المتهم حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
(9) محكمة الموضوع "حقها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اقتصار التعديل على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى. تنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى هذا التعديل. غير لازم.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه.
2 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة والحكم كليهما أن الطاعن لم يثر شيئاً عن قدرة المجني عليه الكلامية، فإنه لا يسوغ له أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
3 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر، متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها جريمة الضرب المفضي إلى الموت - يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه أو صحته، ولا يلزم تحدث الحكم صراحة عنه بل يكفي أن يكون مفهوماً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم.
6 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير، وأن تستخلص صورة الواقعة من سائر العناصر الأخرى المطروحة أمامها على بساط البحث متى كانت تؤيد التصوير الذي انتهت إليه وتؤكده لديها.
7 - الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
8 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية قبل المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح الذي ترى انطباقه على الواقعة.
9 - متى كان مرد التعديل - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - هو عدم قيام الدليل على أن الطاعن حين اعتدى على المجني عليه قد انتوى قتله، ولم يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى، فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: اشترك مع آخر بطريق الاتفاق والمساعدة والتحريض على قتل..... عمداً بأن أوقعه أمام السيارة قيادة المتهم الآخر وحرضه على دهمه واتفق معه على الإجهاز عليه فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة والتحريض، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات..... قضت حضورياً بالنسبة للطاعن عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات باعتبار أنه أحدث بالمجني عليه عمداً الإصابات المبينة بالتقرير الطبي ولم يكن يقصد من ذلك قتله إلا أن الضرب أفضى إلى موته.
فطعن المحكوم عليه الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، قد انطوى على مخالفة الثابت في الأوراق والفساد والقصور والإخلال بحق الدفاع والخطأ في القانون، ذلك بأنه عول في قضائه على إقرار المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة محصلاً إياه بما يفيد دفع الطاعن للمجني عليه أمام السيارة التي يقودها ثم طلبه من ذلك المتهم السير بها مداهماً المجني عليه ففعل، في حين أنه لم يقر بشيء من ذلك، ونسب إلى الشاهد.... رؤيته الطاعن بدفع المجني عليه أمام السيارة قيادة المتهم الأول ويطلب منه مداهمة المجني عليه فدهمه، مع أن الشاهد لم يذكر ذلك البتة، وأغفل من رواية الشاهد..... اعتقاده أن المجني عليه كان أسفل السيارة لإصلاحها مع أنه كان عليه أن يأخذ بروايته كلها أو يطرحها بأكملها واستند إلى أقوال الضابط...... و....... نقلاً عن المجني عليه مع أن حالته كانت سيئة للغاية ولا يمكن استجوابه حسبما جاء بالكشف الطبي الموقع عليه واقتصر في تحصيل دفاع الطاعن على إنكاره الاتهام في حين أنه أبدى دفاعاً حاصله أن أحداً لم يدفع المجني عليه أمام السيارة بدلالة أن إصابته كانت من عجلتها الخلفية، وأن المجني عليه كان ممسكاً بعجلة القيادة للحيلولة دون سير السيارة التي كانت في مكان عال، وأن المجني عليه كان في مقدوره تلافي الحادث، ولم يرد الحكم على هذا الدفاع رغم جوهريته، كما أن تصوير الواقعة حسبما انتهى إليه الحكم، فيه تعسف في الاستنتاج وتنافر مع العقل والمنطق، ولم يستظهر القصد الجنائي العام في جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي أخذ الطاعن بها، واستند إلى تقرير الصفة التشريحية رغم خلوه من بيان أن وفاة المجني عليه تتفق والتصوير الذي أخذ به الحكم، ولم يوائم بين الدليلين القولي والفني في هذا الشأن، هذا إلى أنه عدل وصف التهمة من قتل عمد إلى ضرب أفضى إلى الموت دون لفت نظر الدفاع، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه حصل إقرار المتهم الأول في قوله "وقد أقر المتهم الأول..... تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بالحادث، وبوجود المتهم الثاني معه بالسيارة وقت ذاك فإنه يكون غير صحيح ما ذهب إليه الطاعن في وجه نعيه من أن الحكم حصل أقوال المتهم الأول على نحو مفصل مفاده دفع الطاعن المجني عليه أمام السيارة ثم طلبه السير بها لمداهمته وأنه فعل ذلك، إذ أن ما ساقه الحكم على النحو المتقدم لا يعدو إجمالاً لأقوال المتهم الأول ولا يستفاد منها إلا وجود الطاعن بالسيارة معه وقت الحادث. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن الشاهد.... ذكر في تحقيقات النيابة أن ".... أمسك...... من قفاه وزقه قدام العربية وقال له دوس وأنا أدفع ديته وراح السواق طالع بالعربية وهو شبط معاه" فإن إسناد الحكم إلى الشاهد المذكور مشاهدته الطاعن يدفع المجني عليه أمام السيارة وطلبه من قائدها مداهمته بها، يكون له معينه الصحيح من أقواله بتحقيقات النيابة العامة, ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه, فإنه لا على المحكمة إن هي أغفلت من رواية الشاهد ما اعتقدته من أن المجني عليه كان أسفل السيارة لإصلاحها وأخذت بما قرره - وهو ما له معينه من الأوراق المضمومة - من أنه إذ شاهد المجني عليه على الأرض أمام السيارة, فقد حذر قائدها من السير بها عندما هم بذلك تحسباً لوجود المجني عليه، إلا أنه داهمه بالسيارة، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا المنحى، يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة والحكم كليهما أن الطاعن لم يثر شيئاً عن قدرة المجني عليه الكلامية، فإنه لا يسوغ له أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر، متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجني عليه للشاهدين..... و..... وعول على ما نقلاه عنه، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال يتمحص جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح تصوير الطاعن للحادث في قوله "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم الثاني (الطاعن) ولا تقيم له وزناً ولا تعول على دفاعه وتعتبره ضرباً من ضروب الدفاع قصد به الإفلات من التهمة الثابتة في حقه من أدلة الثبوت سالفة البيان التي اطمأنت إليها المحكمة" وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وأيدها التقرير الطبي الشرعي، وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها جريمة الضرب المفضي إلى الموت يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه أو صحته، ولا يلزم تحدث الحكم صراحة عنه، بل يكفي أن يكون مفهوماً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في الحكم المطعون فيه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الصفة التشريحية رغم خلوه من بيان أن الوفاة تتفق والتصوير الذي أخذ به الحكم، فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير، وأن تستخلص صورة الواقعة من سائر العناصر الأخرى المطروحة أمامها على بساط البحث متى كانت تؤيد التصوير الذي انتهت إليه وتؤكده لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أن الطاعن تماسك مع المجني عليه وقام بدفعه أمام السيارة التي كان يقودها المتهم الآخر وطلب منه السير ومداهمة المجني عليه بها ففعل ذلك محدثاً إصاباته التي أدت إلى وفاته، لا يتعارض مع ما نقله عن التقرير الطبي الشرعي الذي يبين من الاطلاع عليه، أنه وإن أغفل تصوير الواقعة، إلا أنه أثبت أن إصابات المجني عليه ذات طبيعة رضية تنشأ من المصادمة والاحتكاك بجسم أو أجسام صلبة راضة ذات ملمس خشن، وأن الوفاة إصابية ناشئة عن الكسور المشاهدة بالأضلاع وما صاحبها من تكدمات وتهتكات بالرئتين ومن تهتك الطحال ومن النزيف الدموي فإن ما خلص إليه الحكم من تصوير للواقعة لا يعد افتئاتاً منه على الشهادة أو الدليل الفني ولا تنافر فيه مع العقل والمنطق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف القتل العمد، فعدلت المحكمة هذا الوصف إلى وصف الضرب المفضي إلى الموت، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية قبل المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح الذي ترى انطباقه على الواقعة. وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة، هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن على أساسه، وكان مرد هذا التعديل - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - هو عدم قيام الدليل على أن الطاعن حين اعتدى على المجني عليه قد انتوى قتله، ولم يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى، فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.