أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 358

جلسة 15 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي، أحمد محمود هيكل، محمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفي عبد الجواد.

(72)
الطعن رقم 5485 لسنة 52 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نظره والحكم فيه". دعوى مدنية.
مضي أكثر من الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض وحتى تاريخ نظره أمام محكمة النقض. دون اتخاذ أي إجراء قاطع لها. أثره انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، لا أثر له على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها التي تنقضي بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
(2) دعوى مدنية. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية".
القضاء برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية استناداً إلى أن الطاعن لم يكن طرفاً في محضر الصلح المقدم في الدعوى. صحيح.
(3) دفاع "الدفاع الجوهري. الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفاع الجوهري. متى تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه؟
أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده.
(4) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش".
الدفع المتعلق بحكم آخر غير الحكم المطعون فيه. أثره. عدم قبوله.
(5) دستور. شريعة إسلامية. قانون "تطبيقه". إثبات "شهود".
النص في المادة الثانية من الدستور على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ليس واجب الإعمال بذاته. مقصوده. الدعوة لاتخاذ الشريعة الإسلامية مصدراً لما يسن من قوانين. عدم وجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية تعويلاً على النص المشار إليه إلا إذا أفرغ الشارع تلك الأحكام في نصوص محددة للعمل بها.
(6) قتل خطأ. إثبات. "بوجه عام".
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية. باقتناع قاضي الموضوع من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها.
1 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 13 من أكتوبر سنة 1979 بإدانة الطاعن بجنحة القتل الخطأ وإلزامه بتعويض مدني وقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض في ذات يوم صدوره وقدم أسباباً لطعنه في 20 من نوفمبر سنة 1979 ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء منذ ذلك التاريخ إلى أن نظرت أمام محكمة النقض بجلسة الأول من مارس سنة 1983. وإذ كان يبين من ذلك أنه قد انقضى على الدعوى من تاريخ تقديم أسباب الطعن الحاصل في 20 من نوفمبر سنة 1979 مدة تزيد على الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة فتكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية لتصالح المدعي بالحق المدني عنها بما مفاده أن الطاعن لم يكن طرفاً في هذا الصلح وكان الطاعن لا يمارى في صحة ما نقله الحكم عن محضر الصلح والذي لم يكن الطاعن ممثلاً فيه فإن ما انتهى إليه الحكم في شأن الدعوى المدنية يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناول الرد عليه في حكمها ولا يعتبر سكوتها عن ذلك إخلالاً بحق الطاعن في الدفاع ولا قصوراً في حكمها.
4 - لما كان الدفع ببطلان إذن التفتيش الذي أسفر عن ضبط السلاح المستعمل في الحادث وطلب إجراء معاينة بشأن ذلك السلاح غير موجه إلى قضاء الحكم المطعون فيه ولا يتصل به إنما هو موجه لقضاء حكم محكمة الجنايات في الجناية رقم 1705 سنة 1976 سمسطا التي دين فيها الطاعن بتهمة إحرازه ذلك السلاح فإن ما يثيره الطاعن بهذا النعي لا يكون مقبولاً.
5 - لما كان ما نص عليه الدستور في المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته وإنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً فيما سنه من قوانين ومن ثم فإن أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ.
6 - الشارع لم يقيد القاضي الجنائي - في المحاكمات الجنائية - بدليل معين بل جعل من سلطاته أن يأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك طالما أن ما استند إليه له مأخذه الصحيح من الأوراق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تسبب خطأ في موت..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته القوانين واللوائح بأن أمسك بسلاح ناري وأطلق منه عيارين دون حيطة منه أصاب ثانيهما المجني عليه فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. وادعى والد المجني عليه قبل المتهم بحق مدني قدره واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة سمسطا الجزئية، قضت حضورياً - عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم - ستة أشهر مع الشغل وغرامة مائة جنيه وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة بني سويف الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع في الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك بالنسبة للدعوى المدنية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر في 13 من أكتوبر سنة 1979 بإدانة الطاعن بجنحة القتل الخطأ وإلزامه بتعويض مدني وقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض في ذات يوم صدوره وقدم أسباباً لطعنه في 20 من نوفمبر سنة 1979 ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء منذ ذلك التاريخ إلى أن نظرت أمام محكمة النقض بجلسة الأول من مارس سنة 1983. وإذ كان يبين من ذلك أنه وقد انقضى على الدعوى من تاريخ تقديم أسباب الطعن الحاصل في 20 من نوفمبر سنة 1979 مدة تزيد على الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة فتكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
وحيث إنه فيما يتعلق بالدعوى المدنية فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد حكم أول درجة فيما انتهى إليه من إدانته وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد شابه خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك أن الحاضر عن الطاعن دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجناية رقم 1705 سنة 1976 سمسطا بيد أن المحكمة رفضت هذا الدفع بلا مسوغ وقضت للمدعي بالحق المدني بالتعويض رغم تصالحه في الدعوى المدنية - هذا وقد نازع الطاعن في قدرة المجني عليه على الكلام بتعقل عقب إصابته وطعن في الأقوال التي نقلها عنه بعض الشهود التي عولت المحكمة على شهادتهم في إدانته - وذلك في مذكرته المقدمة بدفاعه لمحكمة ثاني درجة - إلا أن المحكمة التفتت عن تحقيق هذا الدفاع ولم تعرض له إيراداً أو رداً رغم جوهريته - كما دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش الذي أسفر عن ضبط السلاح لدى الطاعن وطلب إجراء معاينة لمكان ضبطه فلم تجبه المحكمة إلى طلبه ولم ترد على دفعه - هذا فضلاً عن أن المحكمة عولت في قضائها على شهادة المجني عليه وهو صغير وعلى شهادة والديه المنقولة عنه في حين أن الشريعة الإسلامية لا تجيز شهادة الوالدين لولدهما، فضلاً عن أن الحادث وقع بسبب تجمهر الأهالي فلم يعرف الفاعل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد أورد الدفع المبدى من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجناية رقم 1705 سنة 1976 سمسطا ورد عليه بما مفاده أنه بمطالعة الجناية المذكورة يبين منها أن النيابة العامة لم تقدم الطاعن إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل الخطأ وإن قدمته فقط بتهم إحراز السلاح والذخيرة وإطلاقه أعيرة داخل القرية وقد دين في هذه الجرائم فقط ومن ثم فلا وجه لهذا الدفع ولا ارتباط بين تهمة القتل الخطأ وتلك الجرائم وانتهت إلى رفض هذا الدفع لعدم قيامه على أساس صحيح من القانون - لما كان ذلك وكان يبين من المفردات المضمومة أن تهمة القتل الخطأ لم تكن معروضة على محكمة الجنايات في الجناية رقم 1705 سنة 1976 سمسطا وإنما نسخت بشأنها صورة من التحقيقات عرضت على محكمة الجنح المختصة بنظرها حيث صدر بشأنها الحكم المطعون فيه والذي انتهى صحيحاً في القانون إلى عدم وجود ارتباط بين جريمة القتل الخطأ وجرائم إحراز السلاح ويكون قضاؤه برفض ذلك الدفع المبدى من الطاعن سليماً ويضحى النعي في هذا الخصوص غير سديد - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية لتصالح المدعي بالحق المدني عنها بما مفاده أن الطاعن لم يكن طرفاً في هذا الصلح وكان الطاعن لا يمارى في صحة ما نقله الحكم عن محضر الصلح والذي لم يكن الطاعن ممثلاً فيه فإن ما انتهى إليه الحكم في شأن الدعوى المدنية يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان يبين من المفردات المنضمة أنه ثبت من تقرير الطبيب الشرعي قدرة المجني عليه على الكلام بتعقل عقب إصابته ولدى سؤاله بمعرفة ضابط الشرطة وكان من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناول الرد عليه في حكمها ولا يعتبر سكوتها عن ذلك إخلالاً بحق الطاعن في الدفاع ولا قصوراً في حكمها ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد - لما كان ذلك وكان الدفع ببطلان إذن التفتيش الذي أسفر عن ضبط السلاح المستعمل في الحادث وطلب إجراء معاينة بشأن ذلك السلاح غير موجه إلى قضاء الحكم المطعون فيه ولا يتصل به إنما هو موجه لقضاء حكم محكمة الجنايات في الجناية رقم 1705 سنة 1976 سمسطا التي دين فيها الطاعن بتهمة إحرازه ذلك السلاح فإن ما يثيره الطاعن بهذا النعي لا يكون مقبولاً - لما كان ذلك وكان ما نص عليه الدستور في المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته وإنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً فيما يسنه من قوانين ومن ثم فإن أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ - لما كان ذلك وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي - في المحاكمات الجنائية - بدليل معين بل جعل من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك طالما أن ما استند إليه له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة المجني عليه وعمره أربعة عشر عاماً على ما هو ثابت فيه وعلى شهادة والديه نقلاً عنه ليس فيه ما يخالف القانون - لما كان ذلك وكان ما ينعاه الطاعن من أن الحادث وليد تجمهر الناس وأن الفاعل مجهول إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير عناصر الدعوى والأدلة فيها لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن في شأن الدعوى المدنية يكون غير قائم على أساس سليم ويتعين رفضه موضوعاً.