مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 575

جلسة 12 يونيه سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(406)
القضية رقم 1004 سنة 9 القضائية

إثبات. حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته. سلطته في تقدير الأدلة وسلوك طرق الإثبات التي يراها.
(المادة 139 تحقيق)
إن القانون قد أمدّ القاضي في المسائل الجنائية بسلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصي ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف على حقيقة علاقة المتهمين ومقدار اتصالهم بها ففتح له باب الإثبات على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوّة الإثبات المستمدّة من كل عنصر بمحض وجدانه فيأخذ بما تطمئن إليه عقيدته ويطّرح ما لا ترتاح إليه غير ملزم بأن يسترشد في قضائه بقرائن معينة، بل له مطلق الحرّية في تقدير ما يعرض عليه منها ووزن قوّته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع كل دعوى وظروفها. بغيته الحقيقة ينشدها أنى وجدها ومن أي سبيل يجده مؤدياً إليها، ولا رقيب عليه في ذلك غير ضميره وحده. هذا هو الأصل الذي أقام عليه القانون الجنائي قواعد الإثبات لتكون موائمة لما تستلزمه طبيعة الأفعال الجنائية وتقتضيه مصلحة الجماعة من وجوب معاقبة كل جان وتبرئة كل برئ. ولذلك كان القاضي غير مطالب إلا بأن يبين في حكمه العناصر التي استمد منها رأيه والأسانيد التي بني عليها قضاءه، وذلك فقط للتحقق مما إذا كان ما اعتمد عليه من شأنه أن يؤدّي عقلاّ إلى النتيجة التي خلص هو إليها. على شرط أن يكون ذلك كله مما عرض على بساط البحث أمامه بالجلسة حتى لا يؤخذ به الخصوم على غرة منهم، وألا يكون مما حرم الاستشهاد به استثناء على خلاف الأصل بمقتضى نص في القانون لعلة اقتضتها المصلحة العامة. وكلما كان الأمر كذلك صح الحكم وامتنعت مجادلة القاضي في تقدير قوّة الدليل وكفايته في الإثبات.