أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 406

جلسة 23 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم ومحمود بهي الدين.

(83)
الطعن رقم 6123 لسنة 52 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بطلانه".
وجوب إشارة الحكم الصادر بالإدانة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
(2) سلاح. مصادرة.
النص في المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل على مصادرة الأسلحة والذخائر موضوع الجريمة في جميع الأحوال لا يخل بحقوق الغير حسن النية المادة 30 عقوبات.
ثبوت أن السلاح المضبوط مملوك لغير المتهم وأنه سلم إليه بسبب وظيفته. أثره. عدم مصادرة السلاح. علة ذلك؟
(3) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. تعويض. ضرر. قتل خطأ.
ثبوت أن المسئول عن الحقوق المدنية سلم المتهم السلاح المستعمل بسبب وظيفته وتركه يحمله في جميع الأوقات. أثره. مسئوليته عن الأضرار التي أحدثها تابعه بعمله غير المشروع. لا يؤثر في ذلك حضوره حفل العرس بصفته الشخصية ما دام عمله غير المشروع متصلاً بوظيفته. أساس ذلك؟
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وإذ كان الحكم المستأنف قد خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على المتهم فإنه يكون باطلاً.
2 - وإن كانت المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 تنص على أن يحكم بمصادرة الأسلحة والذخائر موضوع الجريمة في جميع الأحوال وذلك علاوة على العقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة إلا أن ذلك لا يخل بحقوق الغير حسن النية على نحو ما تقضي به المادة 30 من قانون العقوبات. وإذ كان الثابت من الأوراق أن السلاح المضبوط ملك لشركة النصر للأغذية المحفوظة (قها) وكان مسلماً للمتهم بسبب وظيفته لاستعماله في حراسة مصنع الشركة فإنها تكون من الغير حسن النية مما ينتفي به موجب مصادرة السلاح المضبوط.
3 - لما كان الثابت من الأوراق ومن ترخيص السلاح المضبوط أن ذلك السلاح ملك لشركة النصر للأغذية المحفوظة (قها) وأن المتهم مستخدم لديها في وظيفة ضابط أمن، وأن الشركة المذكورة سلمته ذلك السلاح لمقتضيات وظيفته وتركته يحمله في جميع الأوقات، فإنها تكون مسئولة عن الأضرار التي أحدثها تابعها بعمله غير المشروع وهو القتل الخطأ، ولا يؤثر في قيام هذه المسئولية حضور المتهم العرس بصفته الشخصية ما دام الضرر الذي وقع منه كان نتيجة عبثه بسلاح تسلمه بحكم وظيفته، مما يجعله واقعاً بسبب هذه الوظيفة ذلك أن مسئولية المتبوع كما تتحقق كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية وظيفته, فإنها تتحقق أيضاً كلما استغل التابع وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله الضار غير المشروع، أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها، إذ تقوم مسئولية المتبوع في هذه الأحوال على أساس استغلال التابع لوظيفته أو إساءة استعمال الشئون التي عهد إليه المتبوع بها متكفلاً بما افترضه القانون في حقه من ضمان سوء اختياره لتابعه وتقصيره في مراقبته وهو ما يتعين معه إلزام الشركة المذكورة بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ التعويض المؤقت بالتضامن مع المتهم عملاً بنص المادة 175/ 1 من القانون المدني.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه (أولاً) تسبب خطأ في موت..... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن أطلق عدة أعيرة نارية داخل عرس دون أن يتخذ الحيطة الكافية فأصاب المجني عليه بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته (ثانياً) تسبب بخطئه سالف الذكر في جرح..... بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي.. (ثالثاً) حمل سلاحاً نارياً في عرس (رابعاً) أطلق عياراً نارياً داخل قرية..... وطلبت معاقبته بالمادتين 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات. وادعى... والد المجني عليه الأول مدنياً قبل المتهم ورئيس شركة النصر للأغذية المحفوظة بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.. ومحكمة جنح طوخ الجزئية قضت حضورياً عملاًَ بمادتي الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً عن التهمة الأولى والثانية والرابعة وتغريمه عشرة جنيهات عن التهمة الثالثة ومصادرة السلاح المضبوط وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.. فاستأنف المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية.
ومحكمة بنها الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض. قيد بجدولها برقم 1980 لسنة 48 ق. فقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة بنها الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة الأخيرة (بدائرة أخرى) قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.
وبجلسة 9 فبراير سنة 1953 قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وجددت جلسة... لنظر الموضوع.


المحكمة

بعد تلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة ومطالعة الأوراق وبعد المداولة.
من حيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وإذ كان الحكم المستأنف قد خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على المتهم فإنه يكون باطلاً.
ومن حيث إن الواقعة - على ما يبين من الاطلاع على أوراقها وما تم فيها من تحقيقات - تتحصل في أنه بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1975 ذهب المتهم إلى حفل عرس حاملاً معه المسدس المسلم إليه من شركة النصر للأغذية المحفوظة (قها) والتي يعمل بها ضابط أمن، وإظهاراً لمشاعره أطلق أعيرة نارية في الهواء ثم جلس لينظف المسدس فانطلق منه عيار أصاب كلاً من.... و..... الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الابتدائي والتي أودت بحياة أولهما.
ومن حيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد ثبت وقوعها وتوافرت الأدلة على صحتها من أقوال المجني عليه.... و..... ومن تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه والتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه الثاني..... ومن تقرير فحص السلاح المضبوط ومن إقرار المتهم بأنه توجه إلى حفل العرس حاملاً المسدس المضبوط فقد قرر المجني عليه.... أنه أثناء وجوده مع والده في حفل العرس شاهد زوج خالته المتهم يطلق النار في الهواء من مسدس معه وأنه عقب ذلك انطلق عيار من المسدس أصابه.
وشهد..... بأنه اصطحب ابنه.... إلى حفل عرس أخت زوجته وجلس على مقعد بينما وقف ابنه أمامه وكان المجني عليه الثاني.... يجلس في مواجهته خلف ابنه... وعلى مسافة ثلاثة أمتار منه وأن المتهم وهو زوج أخت زوجته - كان يقف خلفه بميل قليل وعلى مسافة متر منه يطلق أعيرة نارية في الهواء من مسدسه ابتهاجاً بالعرس ثم جلس على مقعد وأثناء تنظيفه المسدس انطلق منه عيار ناري أصاب المجني عليهما.
وأورى تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه..... نارية حدثت من عيار ناري واحد معمر بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوعه لعدم استقراره بالجسم وقد أصابه المقذوف بالبطن باتجاه أساسي من الأمام للخلف بميل طفيف من أعلى لأسفل بالنسبة للوضع الطبيعي القائم للجسم وقد تجاوزت مسافة الإطلاق نصف متر وقد تصل لأمتار عدة، وأن الوفاة حدثت نتيجة الإصابة النارية لما أحدثته من تمزق بالأمعاء والمساريقا وما تضاعفت به من التهاب بريتوني حاد.
وأورى التقرير الطبي الابتدائي أن المجني عليه الثاني..... أصيب بالساعد الأيمن من عيار أطلق من سلاح ناري كالمسدس.
وأورى التقرير الطبي الشرعي الخاص بفحص السلاح المضبوط مع المتهم أنه عبارة عن طبنجة من النوع الأوتوماتيكي معدة لإطلاق الرصاص وصالحة للاستعمال وأنها أطلقت حديثاً في تاريخ يتعذر تحديده وقد يتفق وتاريخ الحادث، وأن إصابة المجني عليه.... من الجائز حدوثها من مثل الطبنجة المضبوطة ومن حيث إنه بسؤال المتهم أقر أنه توجه إلى حفل العرس حاملاً معه المسدس المضبوط، إلا أنه أنكر إطلاقه أية أعيرة نارية في الحفل أو تسببه خطأ في إصابة المجني عليهما.
ومن حيث إنه بجلسة 25 - 1 - 1976 أمام محكمة أول درجة ادعى..... مدنياً قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة شركة النصر للأغذية المحفوظة (قها) بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية، طالباً إلزامهما متضامنين دفع مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار التي أصابته من جراء قتل ابنه خطأ مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن المتهم أنكر بالجلسة أمام هذه المحكمة وقرر أن المسدس المضبوط معه خاص بالشركة المسئولة عن الحقوق المدنية وسلم إليه بسبب وظيفته ومرخص باسمه وطلب محاميه والحاضر عن الشركة المسئولة عن الحقوق المدنية القضاء ببراءته ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على أن تقرير الصفة التشريحية يناقض رواية شاهدي الإثبات.
ومن حيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم إزاء ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة البيان والتي يرتاح إليها وجدانها، أما ما يثيره الدفاع من وجود تناقض بين الدليل القولي والدليل الفني فمردود بأن أقوال شاهدي الإثبات لا تتعارض مع ما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتقرير فحص السلاح بل تتفق معها من ناحية مسافة الإطلاق والمستوى واتجاه العيار الناري وإمكان حدوث الإصابة من سلاح المتهم المضبوط والذي ثبت أنه أطلق في تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وخطأ المتهم يتمثل في قيامه بتنظيف المسدس وسط جمع من الناس ودون أن يتخذ الحيطة الكافية لتلافي انطلاق أعيرة منه أثناء ذلك، وقد أدى هذا الخطأ إلى انطلاق العيار الناري من المسدس وإصابة المجني عليه الأول بالإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وإصابة المجني عليه في ذراعه، ومن ثم فإن رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي وقع وهو القتل والإصابة تكون متوافرة، الأمر الذي يتعين معه إدانة المتهم طبقاً للمواد 238/ 1، 244/ 1، 379/ 2 من قانون العقوبات والمادتين 11 مكرر، 29 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل، وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للتهم الأولى والثانية والرابعة وهي القتل والإصابة الخطأ وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية.
ومن حيث إنه بشأن السلاح المضبوط فإنه وإن كانت المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 تنص على أن يحكم بمصادرة الأسلحة والذخائر موضوع الجريمة في جميع الأحوال وذلك علاوة على العقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة إلا أن ذلك لا يخل بحقوق الغير حسن النية على نحو ما تقضي به المادة 30 من قانون العقوبات. وإذ كان الثابت من الأوراق أن السلاح المضبوط ملك لشركة النصر للأغذية المحفوظة (قها) وكان مسلماً للمتهم بسبب وظيفته لاستعماله في حراسة مصنع الشركة فإنها تكون من الغير حسن النية مما ينتفي به موجب مصادرة السلاح المضبوط.
ومن حيث إنه بشأن الدعوى المدنية، فإنه متى كانت المحكمة قد انتهت إلى إدانة المتهم بتهمة القتل الخطأ، وكان خطأ المتهم قد سبب ضرراً للمدعي بالحقوق المدنية يتمثل في فقد ابنه المجني عليه مما يلتزم معه المتهم بتعويض هذا الضرر عملاً بنص المادة 163 من القانون المدني، فإنه يتعين إجابة المدعي لطلب التعويض المؤقت قبله.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق ومن ترخيص السلاح المضبوط أن ذلك السلاح ملك لشركة النصر للأغذية المحفوظة (قها) وأن المتهم مستخدم لديها في وظيفة ضابط أمن، وأن الشركة المذكورة سلمته ذلك السلاح لمقتضيات وظيفته وتركته يحمله في جميع الأوقات، فإنها تكون مسئولة عن الأضرار التي أحدثها تابعها بعمله غير المشروع وهو القتل الخطأ ولا يؤثر في قيام هذه المسئولية حضور المتهم العرس بصفته الشخصية ما دام الضرر الذي وقع منه كان نتيجة عبثه بسلاح تسلمه بحكم وظيفته، مما يجعله واقعاً بسبب هذه الوظيفة ذلك أن مسئولية المتبوع كما تتحقق كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية وظيفته, فإنها تتحقق أيضاً كلما استغل التابع وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله الضار غير المشروع، أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها، إذ تقوم مسئولية المتبوع في هذه الأحوال على أساس استغلال التابع لوظيفته أو إساءة استعمال الشئون التي عهد إليه المتبوع بها متكفلاً بما افترضه القانون في حقه من ضمان سوء اختياره لتابعه وتقصيره في مراقبته وهو ما يتعين معه إلزام الشركة المذكورة بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ التعويض المؤقت بالتضامن مع المتهم عملاً بنص المادة 175/ 1 من القانون المدني، مع إلزامهما المصاريف المدنية.