أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 416

جلسة 23 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي.

(85)
الطعن رقم 6265 لسنة 52 القضائية

(1) محكمة الجنايات. حكم "سقوطه". طعن "الطعن بالنقض". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه".
جواز طعن النيابة العامة بالنقض في الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات في جناية. أساس ذلك؟
(2) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي قصد الاتجار في المخدر. موضوعي.
إغفال المحكمة إيراد فحوى التحريات وما عزى إلى المتهم من إقرار الاتجار في المخدر ودلالة كمية المخدر المضبوط يفيد ضمناً إطراحها.
1 - من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر غيابياً من محكمة الجنايات بإدانة المطعون ضده الثاني، إلا أنه وقد أفصحت النيابة العامة عن أن هذا الحكم ما زال قائماً لم يسقط بالقبض على المحكوم عليه وإعادة نظر الدعوى في حضوره وصدور حكم فيها وكانت المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية، فإن طعنها يكون جائزاً.
2 - لما كان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز المطعون ضدهما للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقهما واعتبر كلاً منهما مجرد محرز لذلك المخدر ودانه بموجب المادة 38 من القانون بادي الذكر التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المتهم بماهية الجوهر المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، أما ما تثيره النيابة العامة في شأن كمية المخدر المضبوط وتحريات الشرطة وإقرار المطعون ضدهما للضابط بالاتجار في المخدر، فهو لا يعدو أن يكون جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وفي إغفالها التحدث عن تحريات الشرطة ما يفيد ضمناً أنها طرحتها ولم تر فيها ما يدعو إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً بالنسبة للمتهم الأول وغيابياً للمتهم الثاني عملاً بالمواد 1 و37 و38 و42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق به المعدل مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمهما خمسمائة جنيه والمصادرة باعتبار أن الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر غيابياً من محكمة الجنايات بإدانة المطعون ضده الثاني، إلا أنه وقد أفصحت النيابة العامة عن أن هذا الحكم ما زال قائماً لم يسقط بالقبض على المحكوم عليه وإعادة نظر الدعوى في حضوره وصدور حكم فيها وكانت المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية، فإن طعنها يكون جائزاً وقد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهما بجريمة إحراز جوهر مخدر نافياً عنهما قصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يفطن لدلالة تحريات الشرطة وما قرره الضابط من أن المطعون ضدهما أقرا له بعد الضبط أنهما يتجران في المواد المخدرة كما التفت الحكم عن دلالة ضبط قطع من المخدر ومديتين وسكين ملوثة بآثار الحشيش. وكل هذا يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأحاط بما ضبط في حوزة المطعون ضدهما من مخدر ومديتين وسكين ملوثة بآثار المخدر وإقرارهما للضابط أنهما يتجران فيه عرض للقصد من الإحراز في قوله وحيث إنه ليس في الأوراق وأدلتها ما يقطع على وجه تطمئن إليه المحكمة إلى أن إحراز كل من المتهمين للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي ومن ثم ترى المحكمة أن إحراز كل منهما للمخدر المضبوط معهم هو فقط الإحراز المجرد وانتهى من ذلك إلى معاقبة المطعون ضدهما بالحبس والغرامة تطبيقاً للمواد 1، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960. لما كان ذلك وكان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز المطعون ضدهما للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقهما واعتبر كلاً منهما مجرد محرز لذلك المخدر ودانه بموجب المادة 38 من القانون بادي الذكر التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المتهم بماهية الجوهر المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه. أما ما تثيره النيابة العامة في شأن كمية المخدر المضبوط وتحريات الشرطة وإقرار المطعون ضدهما للضابط بالاتجار في المخدر، فهو لا يعدو أن يكون جدل حول سلطة محكمة الموضوع وفي تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وفي إغفالها التحدث عن تحريات الشرطة ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما يدعو إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.