أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 442

جلسة 28 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار، مسعد الساعي، أحمد سعفان ومحمود البارودي.

(90)
الطعن رقم 2191 لسنة 51 القضائية

(1) دخان. تبغ. غش. جريمة "أركانها". قصد جنائي. تهريب جمركي. مسئولية جنائية. المسئولية المفترضة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات "خبرة".
المقصود بالدخان المغشوش جميع المواد المعدة للبيع أو الاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه.
أساس جريمة خلط الدخان أن يضاف إلى الدخان ما ليس منه مما لا يجوز إضافته إليه أو خلطه به بأية نسبة كانت.
اعتبار غش التبغ أو خلطه على غير ما يسمح به القانون تهريباً.
مجرد إحراز الدخان المخلوط أو المغشوش جريمة معاقباً عليها في حق الصانع.
(2) تبغ. دخان. جمارك. قانون "تفسيره".
تعبير المشرع في القانون رقم 92 لسنة 1964 عن نوع التبغ الليبي أو الطرابلسي ينصرف إلى نوع واحد هو المحظور إدخاله إلى البلاد أو تداوله أو حيازته أو نقله أو خلطه.
(3) تبغ. دخان. غش. إثبات "خبرة". جريمة "أركانها".
المرجع في مطابقة المادة المضبوطة للمواصفات المطلوبة هو التحليل دون الإشراف النظري.
1 - البين من المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان أنه يقصد بالدخان المغشوش جميع المواد المعدة للبيع أو الاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه كما أن جريمة خلط الدخان أساسها أن يضاف إلى الدخان ما ليس منه مما لا يجوز إضافته إليه أو خلطه به بأية نسبة كانت، إلا إذا كانت المواد المضافة مما يسمح القانون بخلط الدخان بها - كالعسل والجلسرين - وفي حدود النسبة والمواصفات التي يصرح بها، وقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 على اعتبار غش التبغ أو خلطه على غير ما يسمح به القانون تهريباً. كما اعتبرت أيضاً حيازة التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي تهريباً. وإذ ثبت لهذه المحكمة أن المطعون ضده الأول قد أنتج دخاناً مخلوطاً بمواد غريبة وبدخان طرابلسي وكان الشارع بنص المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 قد جعل مجرد إحراز الدخان المخلوط أو المغشوش جريمة معاقب عليها في حق الصانع وأنشأ نوعاً من المسئولية المفترضة مبنية على افتراض قانوني بتوافر القصد الجنائي لدى الفاعل إذا كان صانعاً فلا يستطيع دفع مسئوليته في حالة ثبوت الغش أو الخلط إذ القانون يلزمه بواجب الإشراف الفعلي على ما يصنعه.
2 - مؤدى نص القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ أن التعبير عن نوع التبغ "الليبي أو الطرابلسي" يدل على نوع واحد وينصرف إلى النوع المحظور إدخاله أو تداوله أو حيازته أو نقله أو خلطه.
3 - حضور مندوب الإنتاج لا يدل حتماً على إتمام العمل الجاري في حضرته طبقاً لأحكام القانون أو المرجع في مطابقته للمواصفات المطلوبة للتحليل دون الإشراف النظري بما لا تأثير معه لعدم إيضاح مفتش الإنتاج لما إذا كانت العينات التي أرسلت للتحليل قد أخذت من دخان أنتج تحت إشراف مصلحة الإنتاج من عدمه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة..... و..... بأنهما أنتجا دخاناً (معسلاً) مغشوشاً وطلبت معاقبتهما بالمواد 1، 2، 3 من القانون رقم 92 لسنة 1964. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبلهما بمبلغ 3480 جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة جنح قويسنا قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية. فاستأنفت النيابة العامة. والمدعية بالحق المدني. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف ومعاقبة المتهمين بتغريم كل منهما مائة جنيه وألزمتهما متضامنين بأن يدفعا إلى مصلحة الجمارك مبلغ ألفاً وخمسمائة وستين جنيهاً ومصادرة المضبوطات محل الجريمة فعارض المحكوم عليهما وقضي بقبول معارضتهما شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وقضت فيه محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. والمحكمة المذكورة بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي بالحق المدني المصاريف المدنية الاستئنافية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض.
وبجلسة..... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وتحديد جلسة..... لنظر الموضوع.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصته المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسات تتحصل في أن مفتش الإنتاج انتقل بتاريخ... إلى مخزن توزيع شركة أبو النصر للدخان ببنها والذي يعمل المطعون ضده الثاني أميناً له حيث أخذ عينات من باكوات المعسل الموجودة به وبإرسالها للتحليل اتضح أن إحدى العينات وهي فئة ثلاثين مليماً تحتوي على كمية كبيرة من المواد النباتية الغريبة عن الدخان ووزنها 9.1 جراماً وأن العينة الأخرى وهي من فئة مائة مليماً تحتوي على دخان طرابلسي وسئل المطعون ضده الأول فقرر أنه صاحب المصنع والمدير المسئول عنه وأضاف أن التحليل لم يتضمن نوع النباتات الغريبة وكميتها وأن الدخان يتعلق به أثناء الزراعة مواد غريبة كما أنه يغلف في عبوات من الخوص فتخلف به هذه المواد بالإضافة إلى احتمال أن تتواجد به بعض مخلفات قصب السكر نتيجة إضافة العسل إليه، وأن التحليل لم يبين ما إذا كان الدخان الطرابلسي مصدره ليبيا أم لبنان إذ أن الأول هو الممنوع إدخاله إلى البلاد. بينما نفى المطعون ضده الثاني مسئوليته عن نتيجة التحليل، وبعد أن تبين من الفواتير المقدمة من الأخير أنه ورد إليه 400 باكو من النوع الأول، 4500 باكو من النوع الثاني بإذن مدير جمرك القاهرة بكتابه المؤرخ... برفع الدعوى الجنائية ضد المطعون ضدهما مع طلب الحكم عليهما بالتعويض المدني ومصادرة المضبوطات وادعى محامي الحكومة مدنياً بقيمة هذا التعويض وقدره 3480 جنيهاً - ومحكمة أول درجة قضت ببراءة المطعون ضدهما ورفض الدعوى المدنية على أساس أن تقرير التحليل لم يحدد نسبة الخلط في العينة الأولى ونسبة الدخان الطرابلسي في العينة الثانية ولم يحدد مصدر الدخان الطرابلسي ونوع ومصدر النباتات الغريبة بالإضافة إلى أن مفتش الإنتاج لم يوضح ما إذا كانت العينات قد أخذت من دخان أنتج تحت إشراف مصلحة الإنتاج من عدمه فاستأنفت النيابة العامة ومصلحة الجمارك هذا الحكم وقضت محكمة شبين الكوم الابتدائية بهيئة استئنافية غيابياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم كل من المطعون ضدهما مائة جنيه وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لمصلحة الجمارك ألف وخمسمائة وستين جنيهاً ومصادرة المضبوطات موضوع التهمة فعارض المطعون ضدهما وقضي في معارضتهما برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. وإذ طعن المحكوم عليهما في هذا الحكم فقضت محكمة النقض بنقضه وإحالة القضية إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى ومحكمة الإحالة قضت برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعية بالحق المدني المصاريف المدنية الاستئنافية وإذ طعنت مصلحة الجمارك بالنقض في هذا الحكم للمرة الثانية، قبلت محكمة النقض الطعن ونقضت الحكم وحددت جلسة لنظر الموضوع.
وحيث إن البين من المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان أنه يقصد بالدخان المغشوش جميع المواد المعدة للبيع أو الاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه كما أن جريمة خلط الدخان أساسها أن يضاف إلى الدخان ما ليس منه مما لا تجوز إضافته إليه أو خلطه به بأية نسبة كانت، إلا إذا كانت المواد المضافة مما يسمح القانون بخلط الدخان بها - كالعسل والجلسرين - وفي حدود النسبة والمواصفات التي يصرح بها، وقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 على اعتبار غش التبغ أو خلطه على غير ما يسمح به القانون تهريباً. كما اعتبرت أيضاً حيازة التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي تهريباً. وإذ ثبت لهذه المحكمة أن المطعون ضده الأول قد أنتج دخاناً مخلوطاً بمواد غريبة وبدخان طرابلسي وكان الشارع بنص المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 قد جعل مجرد إحراز الدخان المخلوط أو المغشوش جريمة معاقب عليها في حق الصانع وأنشأ نوعاً من المسئولية المفترضة مبنية على افتراض قانوني بتوافر القصد الجنائي لدى الفاعل إذا كان صانعاً فلا يستطيع دفع مسئوليته في حالة ثبوت الغش أو الخلط إذ القانون يلزمه بواجب الإشراف الفعلي على ما يصنعه، وكان مؤدى نص القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ أن التعبير عن نوع التبغ "الليبي أو الطرابلسي" يدل على نوع واحد وينصرف إلى النوع المحظور إدخاله أو تداوله أو حيازته أو نقله أو خلطه، ومن ثم فإن ما ورد بتقرير التحليل من أن إحدى العينتين بها دخان طرابلسي إنما ينصرف إلى هذا النوع المحظور من التبغ، لما كان ذلك وكان حضور مندوب الإنتاج لا يدل حتماً على إتمام العمل الجاري في حضرته طبقاً لأحكام القانون أو المرجع في مطابقته للمواصفات المطلوبة للتحليل دون الإشراف النظري بما لا تأثير معه لعدم إيضاح مفتش الإنتاج لما إذا كانت العينات التي أرسلت للتحليل قد أخذت من دخان أنتج تحت إشراف مصلحة الإنتاج من عدمه. لما كان ما تقدم فإن الدعوى المدنية المقامة من مصلحة الجمارك قبل المطعون ضده الأول بالمطالبة بالتعويض وبدل المصادرة وفقاً للفقرتين الثانية والرابعة من المادة الثالثة من القانون 92 لسنة 1964 المشار إليه - في حدود ما سبق القضاء به عليه حتى لا يضار بطعنه تكون على أساس سليم من الواقع والقانون ويتعين لذلك إلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ 1560 جنيهاً مع إلزامه المصاريف المدنية عملاً بنص المادة 320/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. أما بالنسبة للمطعون ضده الثاني فإن الأوراق خلو من دليل على علمه بأن الدخان المضبوط خلط على خلاف ما يسمح به القانون لوجوده في عبوات مغلقة. ومن ثم يكون مطالبته بالتعويض على غير أساس ويتعين لذلك رفضه.