أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 480

جلسة 5 من إبريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد يونس ثابت، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فوزي أحمد المملوك، راغب عبد الظاهر، محمد عبد الرحيم نافع ومحمد أحمد حسن.

(98)
الطعن رقم 6662 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". فاعل أصلي. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استيلاء على مال مملوك للدولة.
مناط تحقق الصفة الجنائية في فعل الاشتراك؟
إجرام الشريك. فرع من إجرام الفاعل الأصلي أثر ذلك؟ نفي تواطؤ المطعون ضدهما الأول والثاني مع المطعون ضده الثالث فيما نسب إليهما. يقتضي لزوماً انتفاء الوجه المقابل. وهو تواطؤه معهما.
(2) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة للقضاء بالبراءة.
(3) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء والمفاضلة بينها موضوعي.
مثال في الأخذ بتقرير استشاري.
1 - من المقرر أن فعل الاشتراك لا تتحقق فيه الصفة الجنائية إلا بوقوع الجريمة التي حصل الاشتراك فيها سواء كانت جريمة تامة أو شروع فيها، ولأن الأصل أن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلي بما يستتبع على ما انتهى إليه الحكم أن يتبع الفرع أصله ومن ثم فإن قضاءه بتبرئة المطعون ضده الثالث من تهمة الاشتراك فيما نسب للفاعلين يكون قد صادف صحيح القانون. وفضلاً عن ذلك فإنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض لأدلة الثبوت ووازن بينها وبين دفاع المطعون ضدهم انتهى في صراحة إلى نفي تواطؤ المطعون ضدهما الأول والثاني مع المطعون ضده الثالث فيما نسب إليهما، وهو ما يقتضي لزوماً في المعنى انتفاء الوجه المقابل وهو نفي تواطئه معهما، وهو ما يسلس إلى عدم ثبوت فعل الاشتراك في حقه - بما يستقيم معه القضاء ببراءته، لهذا السبب ولعدم وقوع الجريمة.
2 - لما كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة كالحال في الدعوى الراهنة - وكان الحكم قد بين أسانيد البراءة بما يحمل قضاءه، وكان لا يعيب الحكم أن تكون المحكمة قد أغفلت الرد على بعض أدلة الاتهام إذ أنها غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الإثبات ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضدهم.
3 - لما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها، ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك. وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما تضمنه التقرير الاستشاري واستندت إليه وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير اللجنة الفنية المقدم في الدعوى، للأسباب السائغة التي أوردتها والتي لها معينها في الأوراق فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في خلال عامي 1975 - 1976 أولاً: المتهمان (الأول والثاني) 1 - بصفتهما موظفين عامين الأول: رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه القاهرة الكبرى" والثاني مدير الاحتياجات بها أضرا عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعملان بها بأن تواطآ مع المتهم الثالث على القيام بتوريد صفقات أوناش وعدادات مياه وسيارات وقطع غيارها للمرفق تحت ستار التعاقد مع شركة مصر للاستيراد والتصدير وحجبه الشركة الأخيرة عن مباشرة دورها في هذه الصفقات التي باشر إجراءاتها المتهم الثالث بنفسه وذلك بقصد تسهيل استيلائه على فروق أسعارها وقبول توريد بعض أصنافها رغم اعتراض الجهات الفنية عليها وعدم الحاجة إلى بعضها وتنفيذاً لذلك عمد أولهما إلى إلغاء مناقصة تقدمت الشركة الأخيرة وجهات توريد أخرى بعروض فيها. وإصدار أوامر مباشرة بالشراء لإبرام الصفقات الثلاث بأسعار مغالى فيها ومجحفة تزيد على أسعار العروض المقدمة ومثيلاتها بالسوق متجاوزين في ذلك اختصاصهما الوظيفي ومخالفين كافة النظم واللوائح المالية المعمول بها مما حقق ضرراً جسيماً بأموال المرفق سالف الذكر تبلغ جملته 1.766.872.702 (مليون وسبعمائة وستة وستون ألفاً وثمانمائة اثنان وسبعون جنيهاً وسبعمائة واثنان مليماً) على النحو المبين بالتحقيقات 2 - بصفتهما الوظيفية سالفة الذكر سهلا للمتهم الثالث الاستيلاء بغير حق على الأموال المبينة بالتهمة السابقة والمملوكة لمرفق مياه القاهرة والبالغ جملتها 1.766.872.702(مليون وسبعمائة وستة وستون ألفاً وثمانمائة اثنان وسبعون جنيهاً وسبعمائة واثنان مليماً) ثانياً - المتهم الثالث: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمتين المتقدمتين بأن اتفق معهما على ارتكابهما وساعدهما عليهما بتنفيذه أوامر التوريد الخاصة بالصفقات سالفة الذكر مع علمه بارتفاع أسعارها عن مثيلاتها بالسوق وعدم صلاحية بعض مشتملاتها على النحو الموضح بالتحقيقات توصلاًً لاستيلائه على فروق الأسعار من أموال مرفق مياه القاهرة والتي بلغت جملتها 1.766.872.702 ج فوقعت جريمتا التسهيل والإضرار العمدي بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً - المتهمون الرابع والخامس والسادس بصفتهم موظفين عموميين. أولهم رئيس مجلس إدارة شركة مصر للاستيراد والتصدير والثاني مديرها العام والثالث مراقب عام التصدير بها تسببوا بخطئهم الجسيم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح مرفق مياه القاهرة والذي يتصلون به بحكم وظيفتهم وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم في أداء وظيفتهم وإخلالهم بواجباتها بأن أتاحوا للمتهم الثالث مباشرة تنفيذ أوامر التوريد المذكورة فاضطلع بغير حق بواجبات وظيفتهم بتقديمه للعروض والتفاوض بشأنها وقبض ثمنها مستغلاً مطبوعات الشركة وحاجباً إياهم عن القيام بما توجبه عليهم وظيفتهم فتخلوا بذلك عن اختصاصهم للمتهم الثالث. كما غفلوا عن مراقبة ومتابعة تنفيذ الصفقات أو مراجعة أسعارها أو مدى سلامة مشمولها رغم ظهور شركة مصر للاستيراد والتصدير القائمين عليها بدور المورد للمرفق. مما مكن المتهم الثالث من الاستيلاء بغير حق على فروق الأسعار فتسببوا بخطئهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال مرفق مياه القاهرة بلغت جملته 1.766.872.702 جنيه على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهم النيابة في 23 - 1 - 1980 إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً لمواد الاتهام المنصوص عليها بأمر الإحالة سالف البيان. والمحكمة المذكورة قضت في 14 من فبراير سنة 1982 عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية حضورياً بالنسبة للمتهمين...... و...... و...... وغيابياً بالنسبة للمتهم..... ببرائتهم جميعاً مما أسند إليهم.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من تهم الإضرار العمدي وتسهيل الاستيلاء على المال العام والاشتراك فيهما والخطأ الجسيم قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. ذلك بأنه قضى ببراءة المطعون ضده الثالث من تهمة اشتراكه مع المطعون ضدهما الأول، الثاني في جريمتي الإضرار العمدي وتسهيل الاستيلاء على المال العام تأسيساً على انتفاء مسئوليتهما في حين أن انتفاء مسئوليتهما كفاعلين أصليين لا يلزم عنه بالضرورة انتفاء مسئوليته كشريك ولم يعرض الحكم لكل عناصر الخطأ المسندة إلى المطعون ضدهم الرابع والخامس والسادس مما ينبئ عن أن المحكمة حين قضت ببراءتهم لم تحط بوقائع الدعوى وتمحص أدلتها، هذا وقد عول الحكم على نتيجة تقرير الخبير الاستشاري مهدراً تقرير اللجنة الفنية المقدم في الدعوى على أساس فهم خاطئ أن مرفق المياه يحصل على حاجته من العملات الأجنبية بسعر خلاف السعر الرسمي. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه والإحالة.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه - أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي ركنت إليها سلطة الاتهام ودفاع المطعون ضدهم - انتهى إلى براءة المطعون ضدهما الأول والثاني من تهمتي الإضرار العمدي وتسهيل الاستيلاء وبراءة المطعون ضده الثالث من الاشتراك معهما فيهما بقوله "وحيث إن المحكمة لا تجد فيما ساقته سلطة الاتهام من أدلة وقرائن وشواهد أو فيما حوته الأوراق وما أحاط بإبرام وتنفيذ الصفقات موضوع الدعوى من ملابسات ما يدل على أن أياً من المتهمين الأول والثاني قد تعمد الإضرار بأموال مرفق مياه القاهرة الذي يعمل به أو تعمد أن يسهل للمتهم الثالث الحصول بغير حق على مال لهذا المرفق أو أن أياً منهما قد تواطأ مع هذا المتهم الثالث على شيء من ذلك وفضلاً عما تقدم من عدم كفاية ما طرح على هذه المحكمة للقول بتوافر هذا القصد العمدي في الجريمتين المسندتين إلى المتهمين الأول والثاني أو للقول بتواطئهما مع المتهم الثالث على النحو الذي أشار إليه أمر الإحالة - فإن المحكمة تجد في عناصر الدعوى ما ينفي توافر هذا القصد ويتنافى مع قالة التواطؤ". ثم استطرد الحكم تبريراً لقضائه بالبراءة إلى إيراد مراحل إبرام وتنفيذ الصفقات موضوع الاتهام مستدلاً على ذلك بأقوال الشهود وما ورد بالمستندات المقدمة في الدعوى - بما لا تجادل فيه الطاعنة - فانتهى بالنسبة لصفته توريد قطع الغيار إلى أن مسلك المتهم الأول (المطعون ضده الأول) في هذا الخصوص ليس مسلك المتواطئ مع المتهم الثالث أو من يعمد إلى أن يسهل له الاستيلاء على مال لمرفق المياه متعمداً الإضرار بمصالح هذا المرفق وبالنسبة لصفقة توريد الأوناش قال إنه ثبت من المستندات في الدعوى أن المتهم الثالث (المطعون ضده الثالث) قام بتوريد أوناش شوكة إلى عدة جهات من بينها بعض شركات القطاع العام وكانت تلك الأوناش مماثلة في مواصفاتها لما ورد لمرفق المياه وبأسعار تزيد في بعضها عن الأسعار التي اشترى بها هذا المرفق. وبالنسبة لصفقة السيارات وتحديد أسعارها ذكر أن المطعون ضدهما الأول والثاني لم ينفردا بالموافقة على العروض المقدمة بشأنها وإنما تم ذلك من لجنة ضمت العديدين من المسئولين بالمرفق وأن المطعون ضده الأول عمل على تخفيض سعر السيارة من 6850 جنيهاً إلى 6000 فقط وأن الثابت من المستندات أن إحدى شركات القطاع العام وهي شركة النصر للاستيراد والتصدير تقدمت بعرض إلى المرفق لتوريد مثل هذه السيارة بستة آلاف جنيه. وأطرح الحكم - في شأن هذه الصفقة - بأسباب سائغة التقرير المقدم في الدعوى حول سعرها على أساس أنه أغفل التجهيزات التي اشترط المرفق إضافتها إلى السيارات بمواصفات معينة، ثم عرض الحكم إلى صفقة عدادات المياه فأطرح التقرير المقدم في الدعوى لابتنائه على أسس مصرفية خاطئة وعول على تقرير الخبير الاستشاري وخلص الحكم من ذلك إلى قوله "وحيث إنه بالبناء على ما تقدم لا تجد المحكمة في أوراق الدعوى ما يوفر في حق المتهمين الأول والثاني ارتكابهما الجريمتين اللتين أسندتهما لهما سلطة الاتهام كما أنها لا تجد في تلك الأوراق ما يشكل في حقهما جرماً معاقباً عليه أياً كان وصفه. وحيث إنه متى انهار ما أسند إلى المتهمين الأول والثاني من اتهام انهار بالتبعية ما أسند إلى المتهم الثالث من قالة اشتراكه بطريقي الاتفاق والمساعدة معهما في ارتكاب الجريمتين المسند إليهما ارتكابهما كفاعلين أصليين إذ من المقرر أن الشريك يستمد إجرامه من إجرام فاعل أصلي". لما كان ذلك وكان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه، أن المحكمة وفي حدود سلطتها التقديرية في وزن أدلة الدعوى قد استخلصت بما ساقته من أدلة لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - وبما لا تنازع النيابة العامة الطاعنة - في أن له معينه من الأوراق - انتفاء وقوع ضرر بأموال أو مصالح مرفق مياه القاهرة أو تسهيل الاستيلاء على أمواله، وهو ما يلزم توافره لقيام أي من الجريمتين المسندتين للمطعون ضدهما الأول والثاني بما مفاده أن الحكم قد قضى ببراءة المطعون ضدهما الأول والثاني على أساس عدم وقوع الجريمة المسندة إليهما. ولما كان من المقرر أن فعل الاشتراك لا تتحقق فيه الصفة الجنائية إلا بوقوع الجريمة التي حصل الاشتراك فيها سواء كانت جريمة تامة أو شروع فيها، ولأن الأصل أن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلي بما يستتبع على ما انتهى إليه الحكم أن يتبع الفرع أصله ومن ثم فإن قضاءه بتبرئة المطعون ضده الثالث من تهمة الاشتراك فيما نسب للفاعلين يكون قد صادف صحيح القانون. وفضلاً عن ذلك فإنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض لأدلة الثبوت ووازن بينها وبين دفاع المطعون ضدهم - انتهى في صراحة إلى نفي تواطؤ المطعون ضدهما الأول والثاني مع المطعون ضده الثالث فيما نسب إليهما، وهو ما يقتضي لزوماً في المعنى انتفاء الوجه المقابل وهو نفي تواطئه معهما، وهو ما يسلس إلى عدم ثبوت فعل الاشتراك في حقه - بما يستقيم معه القضاء ببراءته، لهذا السبب ولعدم وقوع الجريمة. لما كان ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبالأدلة التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فداخلتها الريبة في عناصر الإثبات وانتهت إلى عدم إدانة المطعون ضدهم الرابع والخامس والسادس، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة - كالحال في الدعوى الراهنة - وكان الحكم قد بين أسانيد البراءة بما يحمل قضاءه، وكان لا يعيب الحكم أن تكون المحكمة قد أغفلت الرد على بعض أدلة الاتهام إذ أنها غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الإثبات ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضدهم. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها، ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك. وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما تضمنه التقرير الاستشاري واستندت إليه وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير اللجنة الفنية المقدم في الدعوى. للأسباب السائغة التي أوردتها والتي لها معينها في الأوراق فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.