أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 23

جلسة 5 من يناير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، وإبراهيم السعيد ذكري.

(5)
الطعنان رقما 142 و163 لسنة 33 القضائية

( أ ) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم. تقادم. "تقادم مسقط".
مدة سقوط حق الخزانة في المطالبة برسم الدمغة. تبدأ من تاريخ ضبط المحرر أو استعماله. لا أهمية لتاريخ تحريره.
(ب) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم. نقل بري.
خضوع بوالص الشحن - أو ما يقوم مقامها - لرسم الدمغة التدريجي، طالما أن نقل البضائع مقابل أجر. سواء كان صاحب البضاعة يتولى عملية النقل بنفسه أو يعهد بها إلى غيره.
(ج) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم.
استهلاك التيار الكهربائي. خضوعه لرسم الدمغة. سواء كانت الكهرباء من إنتاج صاحبها أو موردة إليه من الغير.
(د) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم. حكم. "تسبيب الحكم".
استناد المحكمة في فرض الرسم على الإعلان المضيء إلى ما ورد بتقرير مأمور الضرائب الفاحص من أن الإعلان المضيء مقام أمام مبنى الشركة. لا عيب.
(هـ) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم. نقل بري.
صورة العقد الممضاة التي يستحق عليها رسم الدمغة النوعي. هي الصورة الموقع عليها من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء. الصور التي يحتفظ بها المتعاقد وتحمل توقيعه دون توقيع المتعاقد الآخر. لا تخضع للرسم.
(و) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم. حكم. "قصور".
عدم بيان الحكم ما إذا ما كانت صورة العقد ممضاة من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء حتى يستحق عليها رسم الدمغة. قصور.
(ز) تقادم. "قطع التقادم". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض.
بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين وما يترتب عليها من أثر في قطع التقادم. مسألة موضوعية. لا تخضع لرقابة محكمة النقض.
1 - تنص المادة 23 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة على أنه "يسقط حق الخزانة في المطالبة بأداء الرسوم والتعويضات المستحقة طبقاً لأحكام هذا القانون بمضي خمس سنوات، وتبدأ هذه المدة بالنسبة إلى المحررات الخاضعة للرسوم من اليوم الذي ضبطت أو استعملت فيه"... وهو نص صريح في أن مدة التقادم بالنسبة للمحررات الخاضعة لرسم الدمغة تبدأ من اليوم الذي ضبطت أو استعملت فيه. مما مفاده أن تاريخ تحرير هذه الأوراق لا صلة له ببدء سريان مدة تقادم الضريبة.
2 - مؤدى نص المادة الأولى من الجدول رقم 4 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951، أن المشرع أخضع لرسم الدمغة استمارات النقل "البوالص" وغيرها من المستندات التي تقوم مقامها المتعلقة بنقل البضائع والمنقولات بالوسائل التي حددتها تلك المادة بوصف هذه المحررات صكوكاً تثبت عمليات النقل في حد ذاتها، وتبين وجوه الإنفاق المنصرفة في هذه العمليات، فيتحدد وعاء الرسم بالاستهلاكات الخاصة للممول، يؤيد ذلك أن المادة حددت سعراً لرسم الدمغة يتناسب تدريجياً مع أجرة النقل، مما مفاده أن المشرع اعتبر سعر الرسم نسبة محددة من مبلغ الإنفاق الخاص. ولا محل للتحدي بما ورد في نص المادة من صدور هذه المحررات من "أي متعهد نقل" لأن إطلاق اللفظ على هذا النحو، لا يستوجب أن تكون هذه الاستمارات صادرة ممن يمتهن عملية النقل، وإنما يكفي لاستحقاق الرسم أن يتم النقل مقابل أجر، ودون اعتداد بما إذا كان صاحب البضاعة يتولى عملية النقل بنفسه أو يعهد بها إلى سواه.
3 - ينص البند السابع من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 على أنه "يخضع استهلاك الكهرباء لرسم قدره مليمان عن كل كيلوات ساعة من الكهرباء المستعملة للإضاءة على العموم أو للأغراض المنزلية"... ومؤدى هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] أن الاستهلاك الذاتي للكهرباء هو الواقعة المنشئة للرسم، وأن المناط في استحقاق الرسم هو مجرد الاستهلاك في ذاته، دون تفرقة بين ما إذا كانت الكهرباء المستهلكة من إنتاج صاحبها أو موردة إليه من الغير.
4 - تقضي المادة العاشرة من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 بأن اللوحات واليفط المضاءة أو غير المضاءة المبينة لنوع نشاط أو تجارة أو صناعة أو اسم المحل المعلقة أو المنقوشة، تعفى من الرسم إذا كانت داخل المحل، أما إذا كانت خارجه فلا تعفى منه إلا إذا كانت غير مضاءة، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استندت في فرض الرسم على الإعلان المضيء إلى ما ورد بتقرير المأمور الفاحص من أن ذلك الإعلان مقام أمام مبنى الشركة ويضاء أثناء الليل، وإذ وجدت المحكمة في هذا التقرير ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه، فإن النعي على الحكم - بالإخلال بحق الدفاع - يكون على غير أساس.
5 - مفاد نص المادة 11 من القانون رقم 224 لسنة 1951 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] أن المقصود بصورة العقد الممضاة التي يستحق عليها رسم الدمغة النوعي المقرر على الأصل، هو تلك الصورة الممضاة من المتعاقد الآخر، وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء، وأن هذا الرسم لا يتعدد إلا بتعدد تلك الصور، فتخرج بذلك من نطاق رسم الدمغة النوعي الصور التي يحتفظ بها المتعاقد وتحمل توقيعه هو دون توقيع المتعاقد الآخر. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أخضع صور إشعارات تسليم البضائع المنقولة عن طريق النهر أو بوسائل النقل البري لرسم الدمغة النوعي، استناداً إلى أنها موقعة من العملاء الذين تسلموا البضاعة أو من السائقين الذين تولوا نقلها، وكانت الصور الموقع عليها من العملاء والتي احتفظت بها الشركة - وهي موضوع النزاع - تعتبر دليلاً على استلامهم البضاعة، فإنه يستحق عليها رسم الدمغة النوعي المقرر على الأصل.
6 - إذا كان الحكم قد اكتفى للتدليل على استحقاق رسم الدمغة على صور أوامر التوريد، بأن الشركة قد احتفظت بهذه الصور ممضاة، دون أن يبين الحكم ما إذا كانت هذه الصور ممضاة من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء، حتى يستحق عليها الرسم، وهو ما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة النزاع، لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد عاره قصور يبطله.
7 - بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين محل النزاع وفيما يترتب على ذلك من الأثر في قطع التقادم هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المالية والصناعية المصرية أقامت ضد مصلحة الضرائب الدعوى رقم 253 لسنة 1959 تجاري أمام محكمة طنطا الابتدائية انتهت فيها إلى طلب الحكم بأحقيتها في استرداد مبلغ 4195 ج و842 م، وقالت تبياناً لدعواها إنه بتاريخ 17 من فبراير طالبتها مأمورية ضرائب كفر الزيات بتسديد المبلغ آنف الذكر قيمة رسوم الدمغة المستحقة على مصنعها بالنسبة لصور أوامر التوريد وإشعارات التسليم وبوالص الشحن واستهلاك التيار الكهربائي، وذلك عن الفترة من سنة 1951 حتى نهاية سنة 1958، وبالنسبة للإعلان المضيء خلال المدة من إبريل 1958 حتى إبريل 1959، وإذ لا تستحق مصلحة الضرائب رسوم الدمغة المطالب بها، هذا إلى أن حقها في المطالبة بهذه الرسوم قد سقط بالتقادم بالنسبة لصور أوامر التوريد وإشعارات التسليم وبوالص الشحن عن المدة حتى 16 من فبراير 1959 وبالنسبة لاستهلاك التيار الكهربائي عن المدة حتى يناير 1954، كما أن المأمورية أجرت تفتيشاً على أعمال الشركة وحددت رسوم الدمغة المستحقة عليها حتى أكتوبر 1956 بمبلغ 356 ج و665 م فقامت بدفعه، وإذا اضطرت الشركة لتسديد الرسوم المطالب بها درءاً لإجراءات التنفيذ الجبري ومن حقها أن تسترد ما دفعته بغير وجه حق، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 28 من فبراير 1961 حكمت المحكمة بسقوط حق مصلحة الضرائب في المطالبة برسم الدمغة بالتقادم بالنسبة لاستهلاك التيار الكهربائي عن المدة حتى آخر يناير 1954 وبإلزامها بأن ترد للشركة مبلغ 375 ج و652 م وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك. استأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 11 ق تجاري طنطا، كما استأنفته المصلحة بالاستئناف رقم 49 لسنة 11 ق تجاري طنطا، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 16 من فبراير 1963 برفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 142 لسنة 33 ق، كما طعنت فيه مصلحة الضرائب وقيد طعنها برقم 163 لسنة 33 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل من الطعنين وأبدت الرأي في الطعن الأول بنقض الحكم نقضاً جزئياً فيما يتصل بالبندين الأولين من السبب الثاني وفي الطعن الثاني برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعنين قررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد للارتباط، وتمسكت النيابة برأيها السابق.
عن الطعن رقم 142 لسنة 33 ق:
حيث إن هذا الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة بالسبب الأول منهما أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه برفض الدفع بالتقادم بالنسبة لصور أوامر التوريد وإشعارات التسليم وبوالص الشحن على سند من القول بأن مدة التقادم وفق المادة 23 من القانون رقم 224 لسنة 1951 لا تبدأ إلا من تاريخ ضبط هذه المحررات الحاصل في 21 من يناير 1959 ولم تكن هذه المدة قد اكتملت عند المطالبة بالرسم في 17 من فبراير 1959، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المادة 31 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه تقضي بأن تؤدى رسوم الدمغة بلصق الطوابع وإلغائها أو بطريق الختم، وإذ يتم هذا الإجراء في وقت معاصر لتحرير هذه الأوراق فإن الواقعة المنشئة لرسم الدمغة والتي تبدأ منها مدة التقادم هي وقت تحريرها، وإذ طالبت مصلحة الضرائب في 17 فبراير 1959 بالرسم عن هذه المحررات فإن حقها يكون قد سقط في المطالبة به حتى 16 من فبراير 1954، ولا محل للاستناد إلى المادة 23 آنفة الذكر لأن الأوراق خالية من ثبوت تحرير محضر بضبط هذه المحررات علاوة على أن المقصود بالضبط في معنى هذه المادة أن تكون المحررات مخفاة عن المصلحة، الأمر الغير متحقق في واقعة الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 23 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة تنص على أنه "يسقط حق الخزانة في المطالبة بأداء الرسوم والتعويضات المستحقة طبقاً لأحكام هذا القانون بمضي خمس سنوات، وتبدأ هذه المدة بالنسبة إلى المحررات الخاضعة للرسوم من اليوم الذي ضبطت أو استعملت فيه..." وكان هذا النص صريحاً في أن مدة التقادم بالنسبة للمحررات الخاضعة لرسم الدمغة تبدأ من اليوم الذي ضبطت أو استعملت فيه، مما مفاده أن تاريخ تحرير هذه الأوراق لا صلة له ببدء سريان مدة تقادم الضريبة، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد رد على دفع الشركة بالسقوط في هذا الخصوص بقوله ".. أما عن الرسوم المستحقة على صور أوامر التوريد وإشعارات التسليم وبوالص الشحن فالادعاء بسقوط حق مصلحة الضرائب فيها على غير أساس إذ الثابت بأوراق الدعوى وملف الرسم المنضم أن هذه المحررات لم يكتشف أمرها وضبطت وحصر عددها عن المدة من 1951 حتى 1958 إلا بتاريخ 21 من يناير 1959، وعلى ذلك فلا تبدأ مدة التقادم بالنسبة لها إلا من ذلك التاريخ، وحتى لو اعتبر تاريخ ضبطها راجعاً إلى تاريخ محضر التفتيش المؤرخ 17 من ديسمبر 1956 فإن مدة التقادم تكون في الحالين غير مكتملة لحصول المطالبة بتاريخ 17 من فبراير 1959" وكان لهذا الذي قرره الحكم سنده من الأوراق، إذ يبين من الاطلاع على الملف الفردي للشركة أن مأمور الضرائب المختص انتقل في غضون شهري ديسمبر 1956 ويناير 1959 إلى مقر الشركة لفحص أوراقها، ومستنداتها وأنه بهذه المناسبة كشف أمر المحررات سالفة الذكر وحضر عددها وتبين أن رسم الدمغة المستحق غير مسدد عليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن مدة التقادم تبدأ من تاريخ ضبط المحررات المشار إليها، وأن هذه المدة لم تمض حتى تاريخ المطالبة بالرسم في 17 من فبراير 1959، فإنه يكون قد طبق نص القانون على الواقعة المعروضة عليه تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن حاصل الشق الثالث من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى استحقاق رسم الدمغة على بوالص الشحن الصادرة من الشركة استناداً إلى المادة الأولى من الجدول رقم 4 الملحق بالقانون والتي تخضع للرسم كافة الاستمارات الخاصة بالنقل أياً كان نوعها، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أن هذه المادة تستلزم أن تكون استمارات النقل ومستندات الشحن صادرة من متعهد نقل عن بضائع ومنقولات للغير، والثابت أن الشركة لا تمتهن أعمال النقل بل تمتلك سيارات أو تستأجرها لنقل بضائعها وتحرر تبعاً لذلك أذون شحن لتنظيم العمل الداخلي بين مخازنها وبين قائد السيارة وبين الجهة المزمع تسليم البضاعة إليها، فلا تعتبر المستندات المثبتة لعملية النقل بوالص شحن ولا تخضع لرسم الدمغة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من الجدول رقم 4 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 تنص على أنه يفرض رسم دمغة تدريجي على "استمارات النقل (بوالص) وغيرها من المستندات التي تقوم مقامها الخاصة بالبضائع والمنقولات أياً كان نوعها سواء كان النقل برياً أو بطريق النهر والترع والبحيرات الصادرة من أي متعهد نقل والتي بلغ أجر نقلها (نولونها) مائتي مليم أو أكثر على أساس 20 م إذا كان أجر النقل مائتي مليم ولا يجاوز جنيها، 40 م إذا كان أجر النقل لا يجاوز جنيهين 60 م إذا كان أجر النقل يزيد على ذلك". فإن ذلك يدل على أن المشرع أخضع لرسم الدمغة استمارات النقل (البوالص) وغيرها من المستندات التي تقوم مقامها المتعلقة بنقل البضائع والمنقولات بالوسائل التي حددتها تلك المادة بوصف هذه المحررات صكوكاً تثبت عمليات النقل في حد ذاتها، وتبين وجوه الإنفاق المنصرفة في هذه العلميات، فيتحدد وعاء الرسم بالاستهلاكات الخاصة للممول، يؤيد ذلك أن المادة حددت سعراً لرسم الدمغة يتناسب تدريجياً مع أجرة النقل، مما مفاده أن المشرع اعتبر سعر الرسم نسبة محددة من مبلغ الإنفاق الخاص، وكان لا محل بعد ذلك للتحدي بما ورد في نص المادة من صدور هذه المحررات من "أي متعهد نقل" لأن إطلاق اللفظ على هذا النحو لا يستوجب أن تكون هذه الاستمارات صادرة ممن يمتهن عملية النقل، وإنما يكفي لاستحقاق الرسم أن يتم النقل مقابل أجر، ودون اعتداد بما إذا كان صاحب البضاعة يتولى عملية النقل بنفسه أو يعهد بها إلى سواه، لما كان ذلك فإن بوالص الشحن موضوع النزاع تصبح بذاتها - وعلى ما سلف بيانه - خاضعة لرسم الدمغة التدريجي، وإذ التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة تنعى بالشق الرابع من السبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك تقول إنه أخضع لرسم الدمغة استهلاك التيار الكهربائي الناتج من موتورات الشركة، في حين أن الاستهلاك لا يخضع للرسم إلا إذا كان ناتجاً عن عقد توريد، يؤكد ذلك أن المادة السادسة من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون تفرض رسم دمغة قدره مائة مليم على توريد الغاز أو القوة الكهربائية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان البند السابع من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 ينص على أنه "يخضع استهلاك الكهرباء لرسم قدره مليمان عن كل كيلوات ساعة من الكهرباء المستعملة للإضاءة على العموم أو للأغراض المنزلية، وكان مؤدى هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الاستهلاك الذاتي للكهرباء هو الواقعة المنشئة للرسم وأن المناط في استحقاق الرسم هو مجرد الاستهلاك في ذاته دون تفرقة بين ما إذا كانت الكهرباء المستهلكة من إنتاج صاحبها أو موردة إليه من الغير. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إلزام الشركة الطاعنة بالرسم دون اعتداد بكونها هي المنتجة للتيار الكهربائي، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل الشق الخامس من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخضع الإعلان المضيء لرسم الدمغة باعتباره واقعاً خارج الشركة أخذاً بحكم المادة العاشرة من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون دون أن يحقق دفاع الشركة من أن الإعلان مقام داخل أرض الشركة في حدود نطاقها وفي مكان غير مطروق الأمر الذي ينطوي على إخلال بحق الدفاع.
وحيث إنه لما كانت المادة العاشرة من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 تقضي بأن اللوحات واليفط المضاءة أو غير المضاءة المبينة لنوع نشاط أو تجارة أو صناعة أو اسم المحل المعلقة أو المنقوشة، تعفى من الرسم إذا كانت داخل المحل، أما إذا كانت خارجه فلا تعفى منه إلا إذا كانت غير مضاءة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استندت في فرض الرسم على الإعلان المضيء إلى ما ورد بتقرير المأمور الفاحص من أن ذلك الإعلان مقام أمام مبنى الشركة ويضاء أثناء الليل، وإذ وجدت المحكمة في هذا التقرير ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الشقين الأول والثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أنه انتهى إلى استحقاق رسم الدمغة على صور أوامر التوريد بمبلغ 67 ج و500 م وصور إشعارات تسليم البضائع بمبلغ 810 م عن النقل النهري، وبمبلغ 480 م عن النقل البري، على سند من القول بأن أوامر التوريد تتضمن في ذاتها الدليل على عقد التوريد فيتحمل كل من طرفيه الرسم المستحق على النسخة الممضاة الخاصة به وأن صور إشعارات التسليم بنوعيها ممضاة من العملاء أو السائقين، فلا يكفي تسديد رسم الدمغة على الأصل بل يستحق الرسم على كل صورة احتفظ بها المتعاقد ممضاة، هذا في حين أن المادة 11 من القانون رقم 224 لسنة 1951 إذ أخضعت صور العقود والمحررات الممضاة لرسم الدمغة إنما تقصد بذلك الصورة التي يحتفظ بها أحد المتعاقدين وتكون ممضاة من المتعاقد الآخر بحيث يمكن أن تولد حقاً أو توجد مركزاً قانونياً يحتج به أمام القضاء، والثابت أن الصور محل النزاع غير ممضاة من المتعاقد الآخر وإنما احتفظت بها الشركة لمجرد تنظيم العمل الداخلي، وإذ أخضعها الحكم لرسم الدمغة استناداً إلى أن الشركة احتفظت بها ممضاة دون أن يوضح لمن يكون هذا الإمضاء فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إنه لما كانت المادة 11 من القانون رقم 224 لسنة 1951 تنص على أنه "إذا كان العقد أو المحرر أو الورقة أو المطبوع أو السجل من عدة صور واحتفظ المتعاقد بصورة ممضاة أو أكثر فإن كل صورة يستحق عليها رسم الدمغة الذي يستحق على الأصل، ويستثنى من ذلك رسم الدمغة النسبي والتدريجي فإنه لا يحصل إلا مرة واحدة على الأصل مهما تعددت الصور..." وكان هذا النص يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المقصود بصورة العقد الممضاة التي يستحق عليها رسم الدمغة النوعي المقرر على الأصل هو تلك الصورة الممضاة من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء، وأن هذا الرسم لا يتعدد إلا بتعدد تلك الصور فتخرج بذلك من نطاق رسم الدمغة النوعي الصور التي يحتفظ بها المتعاقد وتحمل توقيعه هو دون توقيع المتعاقد الآخر، لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أخضع صور إشعارات تسليم البضائع المنقولة عن طريق النهر أو بوسائل النقل البري لرسم الدمغة النوعي استناداً إلى أنها موقعة من العملاء الذين تسلموا البضاعة، أو من السائقين الذين تولوا نقلها، وكانت الصور الموقع عليها من العملاء والتي احتفظت بها الشركة - وهي موضوع النزاع - تعتبر دليلاً على استلامهم البضاعة فإنه يستحق عليها رسم الدمغة النوعي المقرر على الأصل، ويكون النعي بخصوصها غير سديد. أما عن صور أوامر التوريد فإن النعي بشأنها في محله، ذلك أنه لما كان الحكم قد اكتفى للتدليل على استحقاق رسم الدمغة عليها بأن الشركة قد احتفظت بهذه الصور ممضاة، دون أن يبين الحكم ما إذا كانت هذه الصورة ممضاة من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء حتى يستحق عليها الرسم، وهو ما يُعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة النزاع، لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد عاره قصور يبطله بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
عن الطعن رقم 163 لسنة 33 ق:
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به مصلحة الضرائب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم انتهى إلى القضاء بسقوط حق المصلحة في اقتضاء رسم الدمغة على استهلاك التيار الكهربي عن المدة من يناير 1951 حتى يناير 1954 على سند من القول بأن مدة التقادم قد انقضت قبل المطالبة به في 17 من فبراير 1959، في حين أن المصلحة تمسكت في دفاعها بأنها سلمت مدير الشركة النائب عنها قانوناً في 17 من ديسمبر 1956 إخطاراً يتضمن المطالبة بالضريبة المستحقة عن استهلاك ذلك التيار قد وقع عليه بما يفيد استلامه، ويعد ذلك الإخطار قاطعاً للتقادم طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 646 لسنة 1953، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع وقضى بسقوط الحق بالتقادم، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قرر في هذا الخصوص ما يلي "... بالنسبة للرسوم المفروضة على استهلاك التيار الكهربائي من سنة 1951 حتى سنة 1958 فإن الاستهلاك عن المدة حتى آخر يناير 1954 المستحق في 10 من فبراير 1954 قد سقط حق الخزانة في الرسم المفروض عليه بمضي خمس سنوات على الواقعة المنشئة للرسم وهي حصول الاستهلاك، ولما كان هذا الرسم ليس سنوياً بل شهرياً، وكانت الأوراق خلواً مما يدل على انقطاع التقادم أو وقفه، إذ لم تتم المطالبة به إلا في 17 من فبراير 1959، ولا يقطع التقادم مطالبة مصلحة الضرائب لرسم دمغة التيار من أول يناير 1950 حتى سنة 1956 بموجب الخطاب المؤرخ 17 من مارس 1957، إذ أن ذلك الخطاب خاص بمبلغ 77 ج و800 م رسوم دمغة لم تنازع فيه الشركة المدعية - المطعون عليها - بل قامت بسداده، وهو غير رسوم الدمغة موضوع الدعوى الحالية التي لم يشمل الخطاب المؤرخ 17 من مارس 1957 سالف الذكر المطالبة بها، ومن ثم فلا يعد تنبيهاً قاطعاًً للتقادم، كما لا يقطع التقادم تأشيرة مدير الشركة المدعية على محضر التفتيش المؤرخ 17 من فبراير 1956 ببيان جملة المطلوب من الشركة في ذلك الوقت إذ احتفظ مدير الشركة بحقوقه في الاعتراض" ولما كان بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين محل النزاع، وفيما يترتب على ذلك من الأثر في قطع التقادم هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض، وكانت تأشيرة مدير الشركة المؤرخة 17 من ديسمبر 1956 سالفة الذكر قد أثبتت على تقرير المأمور الفاحص الذي حرره بشأن رسوم دمغة مستحقة على الشركة من بينها مبلغ 77 ج و800 م رسم دمغة على استهلاك الكهرباء في أماكن معينة، وجاء نص هذه التأشيرة كالآتي "علم وسنقوم بدفع الرسوم التي لم تسدد لمأمورية كفر الزيات بعد فحصها مع حفظ كافة حقوق الشركة في الاعتراض"، وكانت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية لم تعتبر هذه التأشيرة إقراراً بقطع التقادم بالنسبة للرسوم المستحقة على استهلاك الكهرباء عن المدة من يناير سنة 1951 حتى يناير سنة 1954 لأنها خلاف مبلغ الـ 77 ج و800 م المشار إليه الذي انصبت عليه التأشيرة، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطعن.


[(1)] نقض 24/ 1/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 84.
[(2)] نقض 29/ 11/ 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص 1756.