أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 50

جلسة 18 من يناير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين، ومحمود السيد المصري.

(9)
الطعن رقم 87 لسنة 37 القضائية

( أ ) إجارة: "إيجار الأماكن. تقدير الأجرة". اختصاص. "اختصاص لجان تقدير الأجرة. اختصاص المحاكم بتقدير الأجرة".
اختصاص اللجان المشكلة طبقاً لأحكام القانون 46 لسنة 1962 بتحديد أجور الأماكن الخاضعة له. عدم اختصاصها بتقدير الأجور المتعاقد عليها للأماكن التي أشارت إليها المادة 2/ 1 من القانون رقم 7 لسنة 1965. متى كان المؤجر قد أخطر عنها تلك اللجان في تاريخ سابق على 22 فبراير سنة 1965 أو أن يثبت إنها شُغلت قبل هذا التاريخ. اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل فيها.
(ب) إجارة. "إيجار الأماكن. تقدير الأجرة". اختصاص. "اختصاص مجلس المراجعة". قرارات. "حجية قرارات مجلس المراجعة في تقدير أجرة الأماكن". مجالس مراجعة.
لا حجية لقرار مجلس المراجعة الصادر خارج حدود ولايته. للمحكمة ذات الولاية أن تنظر في النزاع كأنه لم يسبق عرضه عليه.
(جـ) نقض. "ما يجوز الطعن فيه وما لا يجوز". حكم. "الطعن في الحكم".
عدم جواز الطعن بالنقض في أحكام المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية في ظل القانون 57 لسنة 1959 إلا إذا كانت مبنية على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله في مسألة اختصاص ولائي، أو كان قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي.
1 - إنه وإن كان القانون رقم 46 لسنة 1962 قد ناط باللجان المشكلة طبقاً لأحكامه تحديد أجور الأماكن الخاضعة لهذا القانون، إلا أن المشرع أصدر القانون رقم 7 لسنة 1965 بشأن تخفيض إيجار الأماكن، ونص في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه على أن "تخفض بنسبة 35% الأجور المتعاقد عليها للأماكن الخاضعة لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 والتي لم يكن قد تم تقدير قيمتها الإيجارية طبقاً لأحكام هذا القانون تقديراً نهائياً غير قابل للطعن فيه". كما أصدرت اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليه تفسيراًً تشريعياً رقم 9 لسنة 1965 نص في المادة الثانية منه على أنه "لا تختص اللجان المشكلة طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 بتقدير أجرة الأماكن المتعاقد عليها قبل 22 فبراير 1965 إذا كان قد تم إخطار اللجان عنها أو شغلت فعلاً قبل هذا التاريخ"، ومفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965، وما نص عليه في القرار التشريعي التفسيري، أنه لا اختصاص للجان بتقدير الأجور المتعاقد عليها للأماكن التي أشارت إليها المادة 2/ 1 من هذا القانون، متى كان المؤجر قد أخطر عنها تلك اللجان في تاريخ سابق على 22 فبراير سنة 1965 أو أن يثبت أن الأماكن المؤجرة بهذه العقود قد شغلت بموجبها قبل التاريخ المذكور، وإنما يكون الاختصاص للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثني بنص خاص.
2 - القرار الصادر من مجلس المراجعة فيما انتهى إليه من تقدير أجرة المكان المؤجر خارج حدود ولايته، لا تكون له أية حجية، ويعتبر كأن لم يكن، بحيث يكون للمحكمة ذات الولاية إذا ما رفع إليها النزاع، أن تنظر فيه كأنه لم يسبق عرضه على المجلس المشار إليه.
3 - الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لا يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض، إلا إذا كانت مبنية على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله في مسألة اختصاص متعلقة بولاية المحاكم، أو كان الحكم قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وذلك حسبما تقضي به المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 الذي رفع الطعن في ظله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن بصفته رفع على المطعون ضده الدعوى رقم 161 سنة 1966 أمام محكمة بندر طنطا طالباً الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 66 ج و500 م وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع في 31/ 1/ 1966. وقال في بيان دعواه إن المطعون ضده استأجر بمقتضى العقد المؤرخ 9/ 11/ 1964 الشقة المبينة به بأجرة شهرية مقدارها 15 ج و250 م، ولم تكن في ذلك الوقت معدة للسكنى، كما أن لجنة تقدير الإيجارات المشكلة طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 لم تكن قد قدرت أجرتها بعد، وأنه بتاريخ 1/ 1/ 1965 استلم المطعون ضده هذه الشقة وشغلها بعد أن كانت لجنة تقدير الإيجارات قد أصدرت قرارها في 15/ 11/ 1964 بتحديد أجرتها بمبلغ 13 ج و250 م، وأخذ يؤدي الأجرة على هذا الأساس ثم تظلم كل من الطاعن والمطعون ضده من القرار المشار إليه أمام مجلس المراجعة المنصوص عليه في القانون رقم 56 لسنة 1954، وقيد تظلمهما برقم 159 لسنة 1964 إلا أنه قبل الفصل في هذا التظلم صدر القانون رقم 7 لسنة 1965، وإزاء تمسك المطعون ضده بانطباق هذا القانون على الشقة موضوع النزاع فقد تم الاتفاق بين الطرفين على أن يقوم هذا الأخير بصفة مؤقتة بسداد الأجرة بواقع 10 ج و500 م شهرياً إلى أن يصدر مجلس المراجعة قراره بتحديدها بصفة نهائية، وبتاريخ 18/ 11/ 1965 قرر المجلس تحديد الأجرة بمبلغ 14 ج شهرياً، وأنه على هذا الأساس طالب الطاعن المطعون ضده بأجرة شهري ديسمبر سنة 1965 ويناير 1966 وكذلك بفروق الأجرة عن المدة من أول يناير سنة 1965 حتى آخر نوفمبر سنة 1965، إذ لم يقم بالوفاء فقد أقام عليه هذه الدعوى بطلباته السالف بيانها، ومحكمة بندر طنطا قضت في 11/ 5/ 1966 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة طنطا الابتدائية، وقيد استئنافه برقم 448 سنة 1966 مدني مستأنف، وبتاريخ 17/ 12/ 1966 قضت تلك المحكمة - بهيئة استئنافية - بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة قواعد الاختصاص المتعلق بولاية المحاكم وصدوره على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه، ذلك أنه أيد الحكم المستأنف فيما قضى به من تحديد أجرة الشقة بمبلغ 9 ج و920 م استناداً إلى القول بأن أجرتها التعاقدية هي 15 ج، 250 م فتخفض بنسبة 35% حسبما تقضي المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 مع أن المحاكم لا تختص ولائياً بنظر النزاع على تخفيض أجرة الشقة موضوع الدعوى، لأنه لم تكن ثمة أجرة متعاقد عليها وإنما تختص بتقدير أجرتها لجان تقدير الإيجارات التي يجوز التظلم من قراراتها أمام مجالس المراجعة، وقد جعل المشرع قرارات هذه المجالس نهائية وذلك وفقاً لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 ولنص المادة الأولى من القرار التشريعي التفسيري رقم 3 لسنة 1964 وإذ أصدر مجلس المراجعة قراره بتحديد أجرة الشقة بمبلغ 14 جنيهاً بعد صدور القانون رقم 7 سنة 1965 وهو قرار نهائي كما سبق القول، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بما يخالف ما تضمنه هذا القرار في شأن تحديد الأجرة يكون علاوة على مخالفته لقواعد الاختصاص الولائي قد جاء مخالفاً لحكم سابق فصل في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم فيه بما يستوجب نقضه طبقاً للمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه قد أورد في هذه الأسباب المستمدة من أوراق الدعوى قوله "إنه لا خلاف بين طرفي الخصومة على وقائع الدعوى ومادياتها وأهمها أن المدعى عليه - المطعون ضده - لم يتسلم العين المؤجرة له إلا في أول يناير سنة 1965 وأن الأجرة الشهرية المتعاقد عليها هي 15 ج و250 م ولا جدال بين الطرفين كما هو ثابت من أوراق الدعوى، أن المدعى عليه - المطعون ضده - قد استأجر الشقة في 19/ 11/ 1964 ولم يشغلها إلا في أول يناير سنة 1965 ثم صدر القانون رقم 7 لسنة 1965 في 22/ 2/ 1965 على أن ينفذ من أول مارس سنة 1965، فلا خلاف إذن من توافر نطاق تطبيق القانون على العين المتخاصم عليها إذ المدعى عليه يشغلها فعلاً بالسكن قبل تاريخ تنفيذ القانون رقم 7 لسنة 1965 بشهرين كاملين ولا ينازع المدعي نفسه (الطاعن) في أن قرار مجلس المراجعة لم يكن قد صدر بعد ومن ثم فيتعين إعمال أحكام ذلك القانون وتخفيض الأجرة التعاقدية وقدرها 15 ج و250 م بواقع 35% اعتباراً من أول مارس سنة 1965" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أنه وإن كان القانون رقم 46 لسنة 1962 قد ناط باللجان المشكلة طبقاً لأحكامه تحديد أجور الأماكن الخاضعة لهذا القانون، إلا أن المشرع أصدر القانون رقم 7 لسنة 1965 بشأن تخفيض إيجار الأماكن، ونص في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه على أن "تخفض بنسبة 35% الأجور المتعاقد عليها للأماكن الخاضعة لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 والتي لم يكن قد تم تقدير قيمتها الإيجارية طبقاً لأحكام هذا القانون تقديراً نهائياً غير قابل للطعن فيه". كما أصدرت اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليه تفسيراً تشريعياً رقم 9 لسنة 1965 نص في المادة الثانية منه على أنه "لا تختص اللجان المشكلة طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 بتقدير أجرة الأماكن المتعاقد عليها قبل 22 فبراير سنة 1965 إذا كان قد تم إخطار اللجان عنها أو شغلت فعلاً قبل هذا التاريخ"، ومفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 وما نص عليه في القرار التشريعي التفسيري أنه لا اختصاص للجان بتقدير الأجور المتعاقد عليها للأماكن التي أشارت إليها المادة 2/ 1 من القانون رقم 7 لسنة 1965 متى كان المؤجر قد أخطر عنها تلك اللجان في تاريخ سابق على 22 فبراير سنة 1965 أو أن يثبت أن الأماكن المؤجرة بهذه العقود قد شغلت بموجبها قبل التاريخ المذكور، وإنما يكون الاختصاص للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى أخذاً مما هو ثابت في الأوراق إلى أن الأجرة الواردة في العقد هي الأجرة المتفق عليها وأن شقة النزاع من المباني الخاضعة للقانون رقم 46 لسنة 1962 ولم يكن قد تم تقدير قيمتها الإيجارية طبقاً لأحكام هذا القانون تقديراً نهائياً وأن المطعون ضده قد شغلها منذ أول يناير سنة 1965، ورتب الحكم على ذلك تخفيض أجرتها المحددة في العقد بنسبة 35% إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965، وهو مما تختص به المحاكم دون لجان التقدير ومجالس المراجعة على النحو السالف بيانه، فإن هذا الحكم لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو تأويله في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم، وما ينعاه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القرار الصادر من مجلس المراجعة فيما انتهى إليه من تقدير أجرة الشقة موضوع النزاع مردود بأن هذا القرار خارج عن حدود ولاية المجلس فلا تكون له أية حجية ويعتبر كأن لم يكن بحيث يكون للمحكمة ذات الولاية إذا ما رفع إليها النزاع أن تنظر فيه كأنه لم يسبق عرضه على المجلس المشار إليه، ولما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة ابتدائية في استئناف حكم صادر من محكمة جزئية، وكانت الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لا يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض إلا إذا كانت مبنية على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم، أو كان الحكم قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وذلك حسبما تقضي المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 الذي رفع الطعن في ظله. وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون ولم يخطئ في تطبيقه أو تأويله في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم وكان قرار مجلس المراجعة القاضي بتحديد الأجرة لم يحز قوة الشيء المحكوم فيه لصدوره من جهة لا ولاية لها على النحو السالف بيانه بما ينتفي معه انطباق المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه، فإن الطعن في الحكم المطعون فيه لهذه الأسباب يكون غير جائز، كما أن ما ينعاه الطاعن بالسبب الرابع من أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال إذ استدل بعقد الإيجار المؤرخ 9/ 11/ 1964 على أن المتعاقدين اتفقا على تحديد أجرة الشقة موضوع النزاع بمبلغ 15 ج و250 م مع أن هذا العقد قد صدر من غير ذي صفة، هو نعي لا يجوز الطعن به أيضاً أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية، وذلك لخروجه عن الحالتين المنصوص عليهما على سبيل الحصر في المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه.