أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 62

جلسة 19 من يناير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، وإبراهيم السعيد ذكري.

(11)
الطعن رقم 5 لسنة 34 القضائية

( أ ) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم.
صورة العقد أو الإيصال الممضاة التي يستحق عليها رسم الدمغة النوعي. هي الصورة الموقع عليها من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء.
(ب) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم. نقض. "السبب الجديد".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بوجه النعي الذي يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال في منازعة متعلقة برسم الدمغة.
(ج) ضرائب. "رسم الدمغة". رسوم. نقل بري.
خضوع بوالص الشحن - أو ما يقوم مقامها - لرسم الدمغة التدريجي، ولو لم تتوافر في هذه المحررات البيانات المنصوص عليها في المادة 96 من قانون التجارة.
1 - مفاد نص المادة 11 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المقصود بصورة العقد أو الإيصال الممضاة التي يستحق عليها رسم الدمغة النوعي المقرر على الأصل، هو تلك الصورة الممضاة من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء. وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن صور إيصالات استلام الأسمدة التي احتفظت بها الشركة تحمل توقيع السائق، وكانت هذه الصور تصلح للاحتجاج بها أمام القضاء فإنه يستحق عليها رسم دمغة نوعي على هذا الأساس.
2 - النعي بأن الشركة - الطاعنة - لا تلتزم برسم الدمغة لأن عبء الرسم المستحق يقع بالنسبة للإيصالات على من يسلم الإيصال وهو سائق السيارة بالنسبة للأًصل الخاص بإيصال الاستلام، ومستلم الأسمدة بالنسبة للصورة الكربونية للإيصال، هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع، فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لأن تحقيقه يخالطه واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
3 - مؤدى نص المادة الأولى من الجدول رقم 4 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن المشرع أخضع لرسم الدمغة استمارات النقل "البوالص" وغيرها من المستندات التي تقوم مقامها المتعلقة بنقل البضائع والمنقولات بالوسائل التي حددتها تلك المادة بوصف هذه المحررات صكوكاً تثبت عمليات النقل في حد ذاتها، وتبين وجوه الإنفاق المنصرفة في هذه العمليات، فيتحدد وعاء الرسم بالاستهلاكات الخاصة بالممول، يؤيد ذلك أن المادة حددت سعراً لرسم الدمغة يتناسب تدريجياً مع أجرة النقل، مما مفاده أن المشرع اعتبر سعر الرسم نسبة محددة من مبلغ الاتفاق الخاص، ولا يغير من وصف هذه المحررات باعتبارها مستندات نقل أنه لا تتوافر فيها البيانات التي نصت عليها المادة 96 من قانون التجارة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر إيصالات استلام الأسمدة الموقع عليها من السائق استمارات نقل وأخضعها لرسم الدمغة التدريجي بوصفها صكوكاً تكفي لإثبات عملية النقل في حد ذاتها، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 532 سنة 1960 تجاري القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 2953 ج و300 م، وقالت بياناً لدعواها إنها تقوم بنقل منتجاتها بسيارات مملوكة لشركات أو لأفراد وتحرر معهم عقود نقل تحمل دمغة اتساع طبقاً للقانون، وتنفيذاً لهذه العقود تأخذ إيصالات على سائقي السيارات يوقعونها بإمضاءاتهم دليلاً على استلامهم كميات الأسمدة المشحونة وتسلم صورة الإيصال الكربونية للسائق كي يوقع عليها العميل عند الاستلام، وكانت الطاعنة تقوم بلصق طوابع دمغة نوعية على تلك الإيصالات وصورها، إلا أن مراقبة ضرائب دمغة القاهرة طالبتها برسوم دمغة مقدارها 2953 ج و300 م، منها مبلغ 453 ج و210 م رسم دمغة نوعي على الصور الكربونية للإيصالات باعتبار أنها تحمل توقيع سائق السيارة ومبلغ 2500 ج و90 م رسم دمغة تدريجي على إيصالات الاستلام باعتبار أنها استمارات نقل، وإذ لا تستحق مصلحة الضرائب رسوم الدمغة المطالب بها واضطرت الطاعنة لتسديدها درءاً لإجراءات التنفيذ الجبري، ومن حقها أن تسترد ما دفعته بغير وجه حق، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 24/ 1/ 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 139 سنة 80 ق تجاري القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها، وبتاريخ 12/ 11/ 1963 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين (أولاً) انتهى الحكم إلى أنه يستحق رسم دمغة نوعي بالنسبة لتوقيع سائق السيارة على الصور الكربونية لإيصالات استلام الأسمدة استناداً إلى ما تقضي به المادة 11 من القانون رقم 224 سنة 1951 والفقرة هـ من البند 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون في حين أن المقصود بالصور التي نصت المادة 11 سالفة الذكر على أنه يستحق عنها رسم دمغة، هي الصور التي تقوم مقام الأصل، وهو ما لا يتوافر في الصور الكربونية المشار إليها لأنها تحمل توقيع مستلم الأسمدة خلافاً للأصل الذي يحمل توقيع السائق وحده، ولأنه لا يحتج بهذه الصور قبل السائق، وبالتالي فلا يستحق رسم دمغة لمجرد أن توقيع السائق قد ظهر على الصور الكربونية. (ثانياً) نص البند 10 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون على أن عبء الرسم المستحق يقع بالنسبة للإيصالات على من يسلم الإيصال، وهو في الدعوى الحالية سائق السيارة بالنسبة للأصل الخاص بإيصال الاستلام ومستلم الأسمدة بالنسبة للصورة الكربونية للإيصال مما مقتضاه أن الشركة لا تلزم برسم الدمغة المستحق.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أن النص في المادة 11 من القانون رقم 224 لسنة 1951 - بتقرير رسم دمغة - على أنه "إذا كان العقد أو المحرر أو الورقة أو المطبوع أو السجل من عدة صور واحتفظ المتعاقد بصورة ممضاة أو أكثر، فإن كل صورة ممضاة يستحق عليها رسم الدمغة الذي يستحق على الأصل، ويستثنى من ذلك رسم الدمغة النسبي والتدريجي، فإنه لا يحصل إلا مرة واحدة على الأصل مهما تتعدد الصور" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المقصود بصورة العقد أو الإيصال الممضاة التي يستحق عليها رسم الدمغة النوعي المقرر على الأصل هو تلك الصورة الممضاة من المتعاقد الآخر وتصلح للاحتجاج بها أمام القضاء، إذ كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن صور إيصالات استلام الأسمدة التي احتفظت بها الشركة تحمل توقيع السائق، وكانت هذه الصور تصلح للاحتجاج بها أمام القضاء، فإنه يستحق عليها رسم دمغة نوعي على هذا الأساس، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون في غير محله، والنعي في وجهه الثاني غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع، فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لأن تحقيقه يخالطه واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وتقول الطاعنة في بيان ذلك إن الحكم اعتبر إيصال استلام الأسمدة الموقع عليه من السائق عقد نقل يستحق عليه رسم دمغة تدريجي طبقاً للمادة الأولى من الجدول رقم 4 الملحق بالقانون رقم 224 سنة 1951 في حين أن هذا الإيصال لا يعتبر عقد نقل لخلوه من البيانات التي تتطلبها المادة 96 من قانون التجارة في مثل هذا العقد، ولأن السائق ليس متعهد نقل ولا يعدو الإيصال المذكور أن يكون دليلاً على السائق باستلام البضاعة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من الجدول رقم 4 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 تنص على أنه يفرض رسم تدريجي على "استمارات النقل (بوالص) وغيرها من المستندات التي تقوم مقامها الخاصة بالبضائع والمنقولات أياً كان نوعها سواء كان النقل برياً أو بطريق النهر والترع والبحيرات الصادرة من أي متعهد نقل والتي بلغ أجر نقلها (نولونها) مائتي مليم أو أكثر على أساس 20 مليم إذا كان أجر النقل مائتي مليم ولا يجاوز جنيهاً و40 مليم إذا كان أجر النقل لا يجاوز جنيهين و60 مليم إذا كان أجر النقل يزيد على ذلك"، فإن ذلك يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أخضع لرسم الدمغة استمارات النقل (البوالص) وغيرها من المستندات التي تقوم مقامها المتعلقة بنقل البضائع والمنقولات بالوسائل التي حددتها تلك المادة بوصف هذه المحررات صكوكاً تثبت عمليات النقل في حد ذاتها وتبين وجوه الإنفاق المنصرفة في هذه العمليات فيتحدد وعاء الرسم بالاستهلاكات الخاصة بالممول، يؤيد ذلك أن المادة حددت سعراً لرسم الدمغة يتناسب تدريجياً مع أجرة النقل، مما مفاده أن المشرع اعتبر سعر الرسم نسبة محددة من مبلغ الإنفاق الخاص، وكان لا يغير من وصف هذه المحررات باعتبارها مستندات نقل أنه لا تتوافر فيها البيانات التي نصت عليها المادة 96 من قانون التجارة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر إيصالات استلام الأسمدة الموقع عليها من السائق استمارات نقل وأخضعها لرسم الدمغة التدريجي بوصفها صكوكاً تكفي لإثبات عملية النقل في حد ذاتها فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 5/ 1/ 1972 مجموعة المكتب الفني. س 23. ص 230.