أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 67

جلسة 19 من يناير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجوده أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق.

(12)
الطعن رقم 462 لسنة 35 القضائية

( أ ) تقادم. "تقادم مسقط". عمل.
تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. م 698 مدني. عدم قيامه على قرينة الوفاء. لا محل لتوجيه يمين الاستيثاق.
(ب) عمل. "انتهاء العقد". إثبات. "الكتابة".
الإنذار بفسخ عقد العمل. وجوب أن يكون ثابتاً بالكتابة. قانون العمل 317 لسنة 1952. لم يستلزم له شكلاً خاصاً.
(ج) إثبات. التزام. "التعبير عن الإرادة".
التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إذا أثبت من وجه إليه أنه لم يعلم به وقت وصوله، متى كان عدم العلم لا يرجع إلى خطأ منه.
(د) تقادم. "تقادم مسقط". عمل.
المانع الذي يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه. لا يوقف سريان التقادم متى كان المانع ناشئاً عن تقصيره. مثال في منازعة عمالية.
(هـ) عمل. "انتهاء العقد". تقادم. "تقادم مسقط".
متى كان حق العامل في المعاش - وقد تقرر في اللائحة الخاصة بالشركة - ناشئاً عن عقد العمل، فإن الدعوى به تسقط بالتقادم بانقضاء سنة من وقت انتهاء العقد. م 698 مدني.
(و) عمل. تعويض. تقادم. مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
دعوى التعويض عن إخلال رب العمل بالتزامه بدفع الأجر. دعوى ناشئة عن عقد العمل. خضوعها للتقادم المنصوص عليه في المادة 698 مدني دون تقادم العلم غير المشروع المنصوص عليه في المادة 172 مدني.
(ز) تقادم. "تقادم مسقط".
الإجراء القاطع للتقادم. شرطه. أن يكون متعلقاً بالحق ذاته ومتخذاً بين نفس الخصوم.
(ح) حكم. "تسبيب الحكم". استئناف. "الحكم فيه".
محكمة الاستئناف لها أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة.
1 - التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يقوم على قرينة الوفاء المؤسس عليها التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني، وهي مظنة رأى الشارع توثيقها بيمين الاستيثاق من المدعى عليه، بل يقوم على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل، والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل سواء. ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الاستيثاق لاختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها.
2 - تجيز المادة 40/ 5 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 الذي يحكم واقعة الدعوى، لصاحب العمل فسخ العقد "إذا تغيب العامل بدون سبب مشروع أكثر من خمسة عشر يوماً خلال السنة الواحدة أو أكثر من سبعة أيام متوالية، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وانقطاعه ثلاثة أيام في الحالة الثانية" ويبين من هذا النص أن المشرع لم يستلزم شكلاً خاصاً في الإنذار الذي يوجهه صاحب العمل إلى العامل واكتفى بأن يكون بالكتابة.
3 - مفاد نص المادة 91 من القانون المدني أن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إذا أثبت من وجه إليه أنه لم يعلم به وقت وصوله، وكان عدم العلم لا يرجع إلى خطأ منه.
4 - المانع الذي يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه، ويكون ناشئاً عن تقصيره لا يوقف سريان التقادم. وإذ كان الحكم قد خلص إلى أنه وإن كانت الخطابات قد ردت إلى الشركة - رب العمل - (وهي الخطابات المرسلة للعامل لاستئناف عمله، ثم بإنذاره بالعودة للعمل، ثم بإخطاره بفسخ العقد) لأن الطاعن - العامل - "عزل من مسكنه ولم يترك عنوانه" إلا أن الطاعن هو الذي تسبب بخطئه في عدم العلم بمضمون هذه الخطابات، لأنه ترك مسكنه الذي أبلغ به الشركة، وغادر البلاد، دون أن يخطرها كتابة بتغييره إلا بعد فسخ العقد، وإذ أعمل الحكم الأثر القانوني لهذه الإخطارات ورتب على ذلك عدم وقف التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
5 - مفاد نص المادة 47 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 والمادتين الثانية والرابعة من لائحة المعاش بالشركة المطعون عليها - شركة مصر للبترول - أن حق العامل في المعاش وقد تقرر في اللائحة سالفة الذكر، هو حق ناشئ عن عقد العمل، وتحكمه قواعده في عقود العمل ومختلف قوانينه وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني، ومنها ما نصت عليه المادة 698 بقولها "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد" وهو ميعاد يتصل برفع الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد طبق هذه المادة على طلب المعاش، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
6 - دعوى التعويض عن إخلال رب العمل بالتزامه بدفع الأجور هي من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل وتخضع لحكم المادة 698 من القانون المدني، ولا محل للتحدي في هذا الخصوص بمدة تقادم العمل غير المشروع، لأن المادة 698 سالفة الذكر، تعتبر استثناءً من نص المادة 172 من القانون المدني التي تقضي بأن تتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بمضي ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر ومحدثه أو بمضي خمسة عشر عاماً من يوم وقوع العمل غير المشروع.
7 - الأصل في الإجراء القاطع للتقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه، ومتخذاً بين نفس الخصوم، بحيث إذا تغاير الحقان أو اختلف الخصوم، لا يترتب عليه هذا الأثر.
8 - لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة، متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 343 سنة 1961 عمال القاهرة الابتدائية ضد الشركة المطعون عليها بصحيفة معلنة في 20/ 2/ 1961 طالباً الحكم بفسخ عقد العمل القائم بينهما وبإلزامها بأن تدفع له مبلغ 9644 ج و960 م ومعاشاً شهرياً قدره ثلاثة أرباع أجره من تاريخ الحكم بفسخ العقد، وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة هذه الشركة في 4/ 7/ 1968 بعقد غير محدد المدة، وظل يعمل بها حتى بلغ أجره الشهري 96 ج و770 م، وفي 5/ 11/ 1956 فوجئ بخطاب من الشركة تطلب فيه أن يعتبر نفسه في إجازة وأن يمتنع عن الذهاب إلى مكاتبها فامتثل لأمرها غير أنها امتنعت عن دفع أجره منذ أول يناير سنة 1957 وإذ يحق له طلب فسخ العقد لامتناع الشركة عن الوفاء بالتزاماتها بدفع الأجر ويستحق مبلغ 4644 ج و960 م أجوره المتأخرة حتى آخر ديسمبر سنة 1960 ومبلغ 5000 ج تعويضاً عن الضرر الأدبي الذي لحقه من تصرف الشركة ومعاشاً طبقاً للائحة المعاشات بالشركة، فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. دفعت الشركة المطعون عليها بسقوط الدعوى بالتقادم عملاً بالمادة 698 من القانون المدني مستندة إلى أنها قد أخطرته في 20/ 9/ 1958 بفسخ العقد لتغيبه عن عمله بدون سبب مشروع أكثر من المدة المحددة قانوناً، ولكنه لم يرفع دعواه إلا في 20/ 2/ 1961 بعد انقضاء أكثر من سنة على انتهاء عقد العمل وبتاريخ 13/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بسقوط الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 1377 سنة 80 ق، وبتاريخ 10/ 6/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجوه أربعة: (أولاً) قضت المحكمة بسقوط الدعوى بالتقادم عملاً بحكم المادة 698 من القانون المدني دون أن توجه يمين الاستيثاق إلى ممثل الشركة طبقاً لما تقضي به المادة 378 من القانون المذكور. (ثانياً) اعتبر الحكم مدة السنة المنصوص عليها في المادة 698 سالفة الذكر مدة سقوط لا يرد عليها الوقف والانقطاع، وأنها بدأت في حق الطاعن من تاريخ إخطاره بفسخ عقد العمل في 20/ 9/ 1958، في حين أنها مدة تقادم مسقط يسري عليها الوقف والانقطاع، ولا يبدأ سريانها بالنسبة للطاعن إلا من وقت عمله الفعلي بانتهاء عقد العمل، وهو لم يتحقق إلا من خطاب الشركة المؤرخ في 18/ 8/ 1960 الذي أرسلته على محل إقامته في الخارج، أما خطاباتها السابقة بما فيها إخطار الفسخ المشار إليه فلا أثر لها من الناحية القانونية، لأن الطاعن لم يتسلمها إذ أرسلتها الشركة بعنوانه القديم برغم علمها بأنه لا يقيم فيه. (ثالثاً) طبق الحكم نص المادة 698 سالفة البيان على طلب المعاش في حين أن هذا الطلب يخرج عن نطاق دعاوى العمل، هذا إلى أن المادة 31 من لائحة المعاش بالشركة حددت مدة مطالبة الموظف للشركة بمعاشه بثلاث سنوات من تاريخ انتهاء عمله وليس في ذلك مخالفة للنظام العام، مما يتعين معه تطبيق حكم هذه اللائحة، (رابعاً) أخطأ الحكم بتطبيق المادة 698 آنفة الذكر على طلب التعويض مع أن هذا الطلب مبني على عدم دفع مرتبه وهو أمر يعد جريمة يعاقب عليها القانون ولا يسقط الحق في المطالبة بالتعويض عنه باعتباره عملاً غير مشروع إلا بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوعه.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يقوم على قرينة الوفاء المؤسس عليها التقادم المنصوص عليه في المادة 478 من القانون المدني وهي مظنة رأى الشارع توثيقها بيمين الاستيثاق من المدعى عليه، بل يقوم على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل سواء، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الاستيثاق لاختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها، وإذ كان ذلك، فلا على محكمة الموضوع إن هي لم توجه يمين الاستيثاق إلى ممثل الشركة المطعون عليها. والنعي في وجهه الثاني مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 40/ 5 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 الذي يحكم واقعة الدعوى تجيز لصاحب العمل فسخ العقد "إذا تغيب العامل بدون سبب مشروع أكثر من خمسة عشر يوماً خلال السنة الواحدة أو أكثر من سبعة أيام متوالية، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وانقطاعه ثلاثة أيام في الحالة الثانية"، وكان يبين من هذا النص أن المشرع لم يستلزم شكلاً خاصاً في الإنذار الذي يوجهه صاحب العمل إلى العامل، واكتفى بأن يكون بالكتابة، وكان مفاد نص المادة 91 من القانون المدني أن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إذا أثبت من وجه إليه أنه لم يعلم به وقت وصوله، وكان عدم العلم لا يرجع إلى خطأ منه، ولما كان المانع الذي يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ويكون ناشئاً عن تقصيره لا يوقف سريان التقادم، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يعتبر المدة المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني مدة سقوط، بل اعتبرها مدة تقادم يرد عليها الوقف والانقطاع، وقرر أن الشركة المطعون عليها أرسلت للطاعن في 21/ 8/ 1958 خطاباً موصى عليه بعلم الوصول على عنوانه الذي اختاره هو وتركه بالشركة، ليستأنف عمله، ثم أرسلت بتاريخ 15/ 9/ 1958 خطاباً ثانياً موصى عليه بعلم الوصول على نفس العنوان تنذره فيه بالعودة للعمل خلال سبعة أيام، ثم أعملت حكم المادة 40/ 5 سالفة الذكر وفسخت العقد وأخطرته به في 20/ 9/ 1958 على ذات العنوان، وخلص الحكم إلى أنه وإن كانت هذه الخطابات قد ردت للشركة لأن الطاعن "عزل من مسكنه ولم يترك عنوانه" إلا أن الطاعن هو الذي تسبب بخطئه في عدم العلم بمضمون هذه الخطابات لأنه ترك مسكنه الذي أبلغ به الشركة وغادر البلاد دون أن يخطرها كتابة بتغييره إلا بعد فسخ العقد، وإذ أعمل الحكم الأثر القانوني لهذه الإخطارات ورتب على ذلك عدم وقف التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في الوجه الثالث مردود، ذلك أن النص في المادة 47 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 على أنه "إذا وجد في منشأة صندوق ادخار للعمال، وكانت لائحة الصندوق تنص على أن ما يؤديه صاحب العمل في الصندوق ولحساب العامل يؤدي مقابل التزامه القانوني بمكافأة نهاية الخدمة، وكان مساوياً لما يستحقه من مكافأة طبقاً لأحكام هذا القانون أو يزيد عليه، وجب أداء هذا المبلغ للعامل بدلاً من المكافأة وإلا استحقت المكافأة. فإذا لم تنص لائحة الصندوق على أن ما أداه صاحب العمل قد قصد به أن يكون مقابلاً لالتزامه القانوني بمكافأة نهاية الخدمة فللعامل الحق في الحصول على ما يستحقه في صندوق الادخار طبقاً للائحة الصندوق والحصول كذلك على المكافأة القانونية، وإذا وضع في منشأة نظام للمعاش جاز للعامل المستحق للمعاش أن يختار بينه وبين المكافأة المقررة، وإذا ما انتهت خدمته قبل استحقاقه للمعاش كان له حق الحصول على المكافأة المقررة، أو ما يستحقه في صندوق المعاش أيهما أفضل". وكذلك النص في المادة الثانية من لائحة المعاش بالشركة المطعون عليها - الملحقة بقرار من وزير المالية والاقتصاد رقم 176 لسنة 1952 - على أن "الغرض من المشروع هو توفير معاشات وغيرها من المزايا طبقاً للاشتراطات والأحكام الواردة بهذه اللائحة لموظفي شركة شل لمصر ليمتد (التي أصبحت شركة مصر للبترول) ممن تتوفر فيهم الشروط المقررة، وذلك بالإضافة إلى أية مبالغ أخرى قد يستحقها هؤلاء الموظفون من أي صندوق ادخار". والنص في المادة الرابعة على أن "من حق كل شخص يعمل لدى الشركة المستخدمة وتتوافر فيه جميع الشروط التالية أن يتقاضى معاشاً أو غيره من المزايا المشار إليها في هذه اللائحة وطبقاً لأحكامها (ويطلق على مثل هذا الشخص فيما بعد اسم الموظف المستحق): ( أ ) أن يكون عضواً مساهماً في صندوق التوفير المصري (ب) أن يكون قد انضم إلى عضوية صندوق التوفير المصري قبل أول أكتوبر سنة 1955 أو......، كما يشترط فيه أحد الشرطين التاليين: (ج) أن يكون موظفاً بخدمة الشركة في 1/ 7/ 1955... (د) أن يكون قد تم تثبيته موظفاً في خدمة الشركة بعد 1/ 7/ 1955...." هذه النصوص تدل على أن حق العامل في المعاش وقد تقرر في اللائحة سالفة الذكر هو حق ناشئ عن عقد العمل، وتحكمه قواعده في عقود العمل ومختلف قوانينه وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني، ومنها ما نصت عليه المادة 698 بقولها "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد"، وهو ميعاد يتصل برفع الدعوى، وكان لا وجه لتذرع الطاعن بما تقضي به المادة 31 من لائحة المعاش المذكورة لأن الفقرة الأولى منها - وهي المنطبقة على حالة الطاعن - تقضي بسقوط الحق في المطالبة بأي مبلغ مستحق الدفع بصفة معاش لم يطالب به صاحب الحق في خلال سنة من تاريخ استحقاقه، وهو ما يتفق مع حكم المادة 698 من القانون المدني، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد طبق هذه المادة على طلب المعاش، فإنه لا يكون قد خالف القانون. والنعي مردود في الوجه الرابع بأن دعوى التعويض عن إخلال رب العمل بالتزامه بدفع الأجر وهي من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فتخضع لحكم المادة 698 من القانون المدني، ولا محل للتحدي في هذا الخصوص بمدة تقادم العمل غير المشروع، لأن المادة 698 سالفة الذكر تعتبر استثناءً من نص المادة 172 من القانون المدني التي تقضي بأن تتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بمضي ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر ومحدثه أو بمضي خمسة عشر عاماً من يوم وقوع العمل غير المشروع، وإذ جرى الحكم المطعون فيه في قضائه على هذا النظر، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إنه عاب في صحيفة الاستئناف على الحكم الابتدائي أنه أخطأ إذ لم يعتبر خطاب الشركة المطعون عليها الذي أرسلته إليه بتاريخ 18/ 8/ 1960 تنازلاً عن حقها في التمسك بالتقادم، هذا إلى أنه خالف القانون بتطبيق المادة 698 من القانون المدني على طلبي المعاش والتعويض غير أن الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يرد على هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أن الطاعن أثار في دفاعه أن الشركة تعتبر أنها تنازلت عن الدفع بالتقادم بخطابها المؤرخ في 18/ 8/ 1960 الذي ذكرت فيه أنها قامت بسداد القسط السنوي المستحق على بوليصة التأمين في إبريل سنة 1960 بخصمه من حسابه في صندوق التوفير المحلي، ورد الحكم على هذا الدفاع بأن الخطاب المذكور الذي أرسلته الشركة إلى الطاعن على عنوانه في الخارج بعد أن علمت به من خطابه الذي أرسله بتاريخ 14/ 6/ 1960 لا يعتبر قاطعاً للتقادم لأنه جاء قاصراً على الدين المودع بصندوق التوفير المحلي دون أن يتناول شيئاً من الديون المطالب بها في الدعوى وهي الأجور المتأخرة والمعاش والتعويض، وكان ما قرره الحكم في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للقانون لأن الأصل في الإجراء القاطع للتقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذاً بين نفس الخصوم بحيث إذا تغاير الحقان أو اختلف الخصوم لا يترتب عليه هذا الأثر، وكان الحكم الابتدائي قد انتهى إلى أن المادة 698 من القانون المدني تسري على حق العامل في المعاش ودعوى التعويض عن إخلال رب العمل بالتزامه بدفع الأجر وهو قضاء يتفق مع صحيح القانون، وذلك على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول، وكان لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون في غير محله.