أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 572

جلسة 19 من إبريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد يونس ثابت، فوزي المملوك، راغب عبد الظاهر وعبد الرحيم نافع.

(112)
الطعن رقم 6799 لسنة 52 القضائية

(1) اختلاس. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط العقاب طبقاً للمادة 112 من قانون العقوبات؟
(2) اختلاس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يمكن بذاته أن يكون دليلاً على حصول الاختلاس.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الأحكام الجنائية: وجوب أن تبنى على الجزم واليقين بيانات حكم الإدانة. المادة 310 أ ج. المراد بالتسبيب المعتبر؟
عدم بيان الحكم بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والمنتجة للمبلغ واكتفائه بالإحالة إلى كشوف الجرد دون إيراد مضمونها واتخاذه من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس. يعيب الحكم.
1 - لقد فرض القانون العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه.
2 - من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر.
3 - لما كانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده أعضاء اللجنة، واكتفى في ذلك بالإحالة إلى كشوف الجرد دون أن يورد مضمونها، واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوفر به القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 -...... (الطاعن) 2 -...... 3 -...... بأنهم المتهم الأول: وهو موظف عام ومن الأمناء على الودائع (أمين الفرع الاستهلاكي المركزي للجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بشركة وسط الدلتا الزراعية منطقة الحامول) اختلس البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها ألف وأربعمائة وستون جنيهاً ومائة وستة مليماً، والمملوكة للجهة سالفة الذكر والمسلمة إليه بصفته السابقة. المتهم الثاني: في خلال الفترة من 29 من مارس سنة 1976 حتى 7 من مارس سنة 1977 وهو موظف عام ومن الأمناء على الودائع (أمين المخزن الرئيسي للجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بشركة وسط الدلتا الزراعية قطاع الحامول) اختلس البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها ألفان ومائة وخمسة وأربعين جنيهاً وتسعمائة وثلاثة وعشرين مليماً، والمملوكة للجهة سالفة الذكر والمسلمة إليه بسبب وظيفته السابقة. المتهم الثالث: في خلال الفترة من 31 من ديسمبر سنة 1964 إلى 24 من مارس سنة 1976 وهو موظف عام ومن الأمناء على الودائع (أمين الفرع الاستهلاكي المركزي بالجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بشركة وسط الدلتا الزراعية قطاع الحامول) اختلس البضائع المبينة بالتحقيقات البالغة قيمتها ألفان ومائتان وتسعة وخمسين جنيهاً وثلاثمائة وخمسة مليماً والمملوكة للجهة سالفة الذكر والمسلمة إليه بسبب وظيفته وبصفته السابقة. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً لمواد الاتهام. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت عملاً بالمواد 112/ 1، 2، 118, 118 مكرر، 119، 119 مكرر من قانون العقوبات حضورياً للأول وغيابياً للثاني والثالث. أولاً: بمعاقبة كل منهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثانياً: بتغريم...... (الطاعن) مبلغ ألف وأربعمائة وستين جنيهاً ومائة وستة مليماً وإلزامه برد مثل هذا المبلغ مع خصم ما سدد من مرتبه بمعرفة الجهة الإدارية التابع لها. ثالثاً: بتغريم..... مبلغ ألفان ومائة خمسة وأربعين جنيهاً وتسعمائة وثلاثة وعشرين مليماً. رابعاً: بتغريم..... مبلغ ألفان ومائتان وتسعة وخمسين جنيهاً وثلاثمائة وخمسة مليماً وإلزامه برد مثل هذا المبلغ. خامساً: بعزل الثلاثة من وظائفهم. سادساً: بإلزامهم بالمصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليه "......" في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس فقد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك بأنه أقام قضاءه بالإدانة على مجرد وجود عجز في عهدته، ولم يعن باستظهار أركان الجريمة التي دانه بها. وفي ذلك ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بأنه "بمناسبة إجراء جرد بالجمعية الاستهلاكية بالحامول سنة 1978 تبين وجود عجز بمحتوياتها تشكلت لجنة برئاسة وعضوية..... و... وذلك لجرد أعمال الجمعية وقد أبان الجرد أن..... "الطاعن" وكان يعمل أميناً لمخزن الفرع الاستهلاكي المركزي للجمعية من عام 1971 إلى 31 - 12 - 1974 حيث خلفه في العمل..... إلى 24 - 3 - 1976، كما وأن...... كان يعمل أميناً للمخزن الرئيسي للجمعية في الفترة من..... حتى..... وأنه بجرد عهدة الثلاثة المذكورين من واقع مستندات الاستلام الخاصة بكل منهم وكذلك أذونات الصرف اتضح أن أولهم "الطاعن" اختلس بضائع قيمتها 1460.106 جنيه وبعد أن نقل الحكم من أقوال رئيس لجنة الجرد أن عملها أسفر عن اختلاس الطاعن لهذا المبلغ وأحال في بيان أقوال عضوي اللجنة إلى ما شهد به رئيسها انتهى إلى ثبوت التهمة قبل الطاعن من أنه كان قائماً بعمل أمين المخزن في فترة الجرد ومن وجود عجز في عهدته وعدم إنكاره شيئاً من مستندات الاستلام أو توجيه أية اعتراضات جوهرية على أعمال لجنة الجرد تنفي مسئوليته عن العهدة التي تبين نقصها. لما كان ذلك، وكان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده أعضاء اللجنة، واكتفي في ذلك بالإحالة إلى كشوف الجرد دون أن يورد مضمونها، واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوفر به القصد الجنائي لديه، لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه.