أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 121

جلسة 2 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، ومحمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، ومحمد عادل مرزوق.

(19)
الطعن رقم 540 لسنة 35 القضائية

عمل. "عقد العمل". وكالة. عقد. "تكييف العقد". حكم. "قصور".
تمييز عقد العمل عن عقد الوكالة وغيره من العقود. مناطه. توافر عنصر التبعية ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية. مثال في منازعة بين محام والشركة التي كلفته بالعمل، مخالفة الحكم الاستئنافي للحكم الابتدائي وعدم كفاية تقريراته لحمل الحكم. قصور.
المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن عقد الوكالة وغيره من العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توافر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته، وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر". وما تقضي به المادة 42 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من سريان أحكام قانون عقد العمل الفردي على العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل أو إشرافه مقابل أجر، وأنه يكفي لتحقق هذه التبعية ظهورها ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية. وإذ كان الطاعن - محام - قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بقيام هذه التبعية مستنداً في ذلك إلى تخصيص مكتب له بمقر الشركة لمباشرة قضاياها، وأنه كان يعاونه في العمل موظفون من قبلها ويستعمل مطبوعاتها، وكانت القضايا توزع بينه وبين زملاء له آخرين ويحرر كشفاً بما يحكم فيه وما يؤجل منها ويعرض الكشف على مدير الشركة، ويتقاضى الطاعن نظير عمله أجراً شهرياً ثابتاً عدا منحة سنوية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ألغى الحكم الابتدائي في خصوص طلب التعويض وقضى بأن علاقة الطرفين هي علاقة وكالة وليست علاقة عمل استناداً إلى ما قرره من أن الطاعن "له مكتب خاص يباشر فيه قضاياه الخاصة ولا يحضر للشركة في مواعيد ثابتة وأن كل عمله بالشركة أنه يباشر القضايا التي تعهد إليه بها.... ولا يغير من هذا الأمر أن تكون أتعابه عن عمله القانوني قد تحددت سلفاً وشهرياً" وهي تقريرات قاصرة لا تكفي لحمل الحكم إذ لا تصلح لبيان سبب مخالفة الحكم الابتدائي في قضائه، وليس من شأنها أن تنفي علاقة العمل التي يدعيها الطاعن ولم تتناول الرد على المستندات التي تمسك بها تأييداً لصحة دعواه مع ما قد يكون لهذه المستندات من الدلالة، ولو أن الحكم عني ببحثها ومحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1587 سنة 1961 عمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن تدفعا له مبلغ 1212 ج منه مبلغ 1000 ج بصفة تعويض عن فصله بغير مبرر والباقي مقابل مرتب شهر يناير سنة 1961 والمنحة السنوية عن سنة 1960 ومهلة الإنذار ومكافأة نهاية مدة الخدمة، وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 1/ 10/ 1953 التحق بالعمل مستشاراً قانونياً ومحامياً بالإدارة العامة لشركة أتوبيس المنيا والبحيرة التي آلت إلى شركة النيل العامة لأتوبيس القنال المندمجة في المطعون عليها الثانية، وأعدت له الشركة المذكورة مكتباً بمقر إدارتها وظل يباشر عمله إلى أن فوجئ بتاريخ 21/ 1/ 1961 بخطاب من الشركة تستغني فيه عن خدماته، وإذ كان فصله بغير مبرر وكانت المطعون عليها الثانية تابعة للمطعون عليها الأولى فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 22/ 5/ 1962 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لبيان ظروف التعاقد الحاصل بين الطرفين ومعرفة الأجر الأخير الذي كان يتقاضاه الطاعن وما كان يصرف إليه علاوة على هذا الأجر بصفة دورية منتظمة وباطراد، وما إذ كان الطاعن يباشر عمله كمحام للشركة في مكتبه الخاص أم في مكتب مخصص له في مقر الشركة أو أحد فروعها، وكيفية قيامه بهذا العمل ومدى إشراف الشركة على أدائه من الناحية الإدارية، وبعد أن قدم الخبير المنتدب تقريره عادت وبتاريخ 29/ 12/ 1964 فحكمت بإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن تدفعا للطاعن مبلغ 300 ج على سبيل التعويض وبإلزام المطعون عليها الثانية بأن تدفع له مبلغ 200 ج و630 مليماً مقابل حقوقه العمالية الأخرى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 37 سنة 82 ق طالباً تعديل مبلغ التعويض إلى 1000 ج كما استأنفته المطعون عليهما بالاستئناف رقم 273 سنة 82 ق القاهرة طالبتين إلغاءه والحكم برفض الدعوى لعدم انطباق قانون عقد العمل، وقررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الاستئناف الأول ليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 23/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بالنسبة لطلب التعويض وبعدم جواز الاستئنافين بالنسبة لباقي الطلبات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه تربطه بالشركة المطعون عليها الثانية علاقة عمل، واستدل على ذلك بما قدمه من مستندات وبما ورد في تقرير الخبير المنتدب وأجمع عليه الشهود أمامه، وهو ما أثبته الحكم الابتدائي في أسبابه، غير أن الحكم المطعون فيه ألغى الحكم الابتدائي فيما قضى به من تعويض وقرر أن علاقة الطاعن بالشركة هي علاقة وكالة وليست علاقة عمل تأسيساً على أن الطاعن له مكتب خاص للمحاماة وأنه يعتبر لذلك وكيلاً للشركة وليس موظفاً بها، دون أن يرد على دفاع الطاعن ومستنداته وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن عقد الوكالة وغيره من العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توافر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر". وما تقضي به المادة 43 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من سريان أحكام قانون عقد العمل الفردي على العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل أو إشرافه مقابل أجر، وأنه يكفي لتحقق هذه التبعية ظهورها ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية، ولما كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بقيام هذه التبعية مستنداً في ذلك إلى تخصيص مكتب له بمقر الشركة لمباشرة قضاياها، وأنه كان يعاونه في العمل موظفون من قبلها ويستعمل مطبوعاتها، وكانت القضايا توزع بينه وبين زملاء له آخرين ويحرر كشف بما يحكم فيه وما يؤجل منها، ويعرض الكشف على مدير الشركة، ويتقاضى الطاعن نظير عمله أجراً شهرياً ثابتاً عدا منحة سنوية، وهو ما أثبته الخبير المنتدب في تقريره كما ضمنه الحكم الابتدائي أسبابه، واستدل به على قيام التبعية التنظيمية بين الطاعن والشركة وتكييف العلاقة بينهما بأنها علاقة عمل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ألغى الحكم الابتدائي في خصوص طلب التعويض وقضى بأن علاقة الطرفين هي علاقة وكالة وليست علاقة عمل استناداً إلى ما قرره من أن الطاعن له "مكتب خاص بشارع 26 يوليو بالقاهرة يباشر فيه قضاياه الخاصة، وهو في نفس الوقت لا يحضر للشركة في مواعيد ثابتة، وأن كل عمله بالشركة أنه يباشر القضايا التي تعهد إليه بها، ولذا فإن العلاقة تكون بينه وبين الشركة هي علاقة وكيل بموكل، ولا يغير من هذا الأمر أن تكون أتعابه عن عمله القانوني قد تحددت سلفاً وشهرياً" وهي تقريرات قاصرة لا تكفي لحمل الحكم إذ لا تصلح لبيان سبب مخالفة الحكم الابتدائي في قضائه وليس من شأنها أن تنفي علاقة العمل التي يدعيها الطاعن، ولم تتناول الرد على المستندات التي تمسك بها تأييداً لصحة دعواه، مع ما قد يكون لهذه المستندات من الدلالة، ولو أن الحكم عني ببحثها ومحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه في خصوص قضائه برفض طلب التعويض دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.