أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 126

جلسة 2 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكرى.

(20)
الطعن رقم 565 لسنة 35 القضائية

( أ ) عمل. "المكافأة". عرف.
المكافأة التي تصرف للعامل جزاء أمانته أو كفاءته. الأصل فيها أنها تبرع. لا تعد جزءاً من الأجر عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة. الاستثناء. أحواله.
(ب) عمل. "بدل التمثيل".
البدل. متى يكون جزءاً من الأجر ومتى لا يكون كذلك. بدل التمثيل.
(ج، د) عمل. "الأجر". عرف. محكمة الموضوع. خبرة.
(ج) استخلاص المحكمة ما جرى عليه العرف من صرف مكافأة للعمال واحتسابها ضمن الأجر. هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع.
(د) عدم التزام محكمة الموضوع بندب خبير لتحقيق قيام عرف مخالف لما اقتنعت به في هذا الصدد.
1 - الأصل في المكافأة التي تصرف للعامل جزاء أمانته أو كفاءته والمنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 683 من القانون المدني والمادة الثالثة من قانون العمل 91 لسنة 1959، أن تكون تبرعاً من قبل رب العمل، ولا يلزم بأدائها، ولا تعتبر جزءاً من الأجر عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة، إلا إذا كانت مقررة في عقود العمل أو لوائح المصنع أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح العمال يعتبرونها جزءاً من الأجر.
2 - البدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - إما أن يعطى إلى العامل عوضاً له عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله، وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزءاً من الأجر ولا يتبعه في حكمه، وإما أن يعطى له لقاء طاقة يبذلها أو مخاطر معينة يتعرض لها في أدائه لعمله، فيعتبر جزءاً من الأجر مرهوناً بالظروف التي دعت إلى تقريره، فيستحق بوجودها وينقطع بزوالها، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه لم يعتبر بدل التمثيل الذي يتقاضاه الطاعن جزءاً من الأجر لأنه يصرف له لمواجهة الالتزامات التي يفرضها عليه المركز الذي يشغله، فإن ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن يتفق مع صحيح القانون.
3 - استخلاص المحكمة أن العرف لم يجر في الشركة إلا على صرف مكافأة تعادل مرتب شهرين، وهي التي احتسبتها المحكمة ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة، هذا الاستخلاص هو مما يدخل في حدود سلطة المحكمة الموضوعية للأسباب السائغة التي استندت إليها.
4 - متى كانت المحكمة قد وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه في شأن المكافأة - من أن العرف لم يجر في الشركة إلا على صرف مكافأة تعادل مرتب شهرين سنوياً دون حاجة إلى إجابة الطاعن - العامل - إلى طلبه بندب خبير لتحقيق قيام عرف مخالف على النحو الذي أثاره في دفاعه فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1867 سنة 1962 عمال الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهما انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامهما بأن تدفعا له مبلغ 2420 ج و648 م، وقال بياناً لدعواه إنه التحق بخدمة الشركة المطعون عليها الأولى في أول سبتمبر سنة 1943 وظل يتدرج في وظائفها إلى أن عين في سنة 1961 مديراً عاماً لها، وفي 31/ 12/ 1961 استقال من العمل وكان مرتبه الأساسي قد بلغ 2079 ج و996 م سنوياً يضاف إليه مبلغ 240 ج إعانة غلاء و1731 ج و333 م مكافأة سنوية استثنائية و379 ج و162 م بدل تمثيل، وبذلك يصبح مجموع مرتبه السنوي 4530 ج و391 م، وإذ لم تدفع له الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - المطعون عليها الثانية - من مكافأة نهاية الخدمة سوى مبلغ 3914 ج و432 م، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، وبتاريخ 18/ 2/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه وإلزام المطعون عليهما بأن تدفعا له مبلغ 2381 ج و513 م، وقيد هذا الاستئناف برقم 278 سنة 30 ق، وبتاريخ 30/ 6/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إن الحكم رفض اعتبار ما يتقاضاه من مكافأة سنوية استثنائية وبدل تمثيل جزءاً من الأجر عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة، في حين أن المكافأة المذكورة مقررة من مجلس إدارة الشركة، كما أن هذا المجلس قرر في شهر مايو سنة 1961 منحه مبلغ 650 ج بصفة بدل تمثيل بمناسبة تعيينه مديراً عاماً للشركة مما يتعين معه اعتبار هذين المبلغين ضمن الأجر وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون، هذا إلى أن الحكم لم يعلل قضاءه في هذا الخصوص مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الأصل في المكافأة التي تصرف للعامل جزاء أمانته أو كفاءته والمنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 683 من القانون المدني والمادة الثالثة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 أن تكون تبرعاً من قبل رب العمل لا يلزم بأدائها ولا تعتبر جزءاً من الأجر عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة، إلا إذا كانت مقررة في عقود العمل أو لوائح المصنع أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح العمال يعتبرونها جزءاً من الأجر، وكان البدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إما أن يعطى إلى العامل عوضاً له عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله، وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزءاً من الأجر ولا يتبعه في حكمه، وإما أن يعطى له لقاء طاقة يبذلها أو مخاطر معينة يتعرض لها في أدائه لعمله، فيعتبر جزءاً من الأجر مرهوناً بالظروف التي دعت إلى تقريره فيستحق بوجودها وينقطع بزوالها، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه لم يعتبر بدل التمثيل الذي يتقاضاه الطاعن جزءاً من الأجر، لأنه يصرف له لمواجهة الالتزامات التي يفرضها عليه المركز الذي يشغله، وقرر الحكم في شأن المكافأة الاستثنائية ما يلي "إنه بالنسبة لطلب إضافة مبلغ 1721 ج و333 م مرتب ثمانية شهور ونصف إلى المرتب عند تقدير المكافأة فقد جاء في مذكرة المدعي - الطاعن - أن هذا المبلغ هو المكافأة السنوية الاستثنائية التي صرفت للمدعي في سنة 1960، ولما كانت هذه المكافأة لم تصرف للمدعي إلا في سنة 1960 كما جاء في مذكرته كما أنها لم تصرف لجميع الموظفين، فضلاً عن أنها لم تصرف بهذه القيمة خلال السنوات الخمس السابقة، كما جاء في مذكرة الشركة، الأمر الذي لم ينكره المدعي ولم يزعم بحدوثه، ومن ثم فلا تتوافر فيها شروط الاستقرار والعمومية والثبات، وبالتالي لا تعتبر جزءاً من الأجر، ومما يؤيد هذا النظر أن الشركة لم تمنح لموظفيها هذه المكافأة في سنة 1961، وتأسيساً على ما تقدم تكون الشركة وقد أضافت إلى المرتب الأساسي المكافأة التي استقرت بواقع شهرين فقط، قد استندت إلى الرأي الراجح فقهاً وقضاءً واتبعت صحيح القانون" ولما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم أن المحكمة استخلصت أن العرف لم يجر في الشركة إلا على صرف مكافأة تعادل مرتب شهرين، وهي التي احتسبتها المحكمة ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة، وكان هذا الاستخلاص هو مما يدخل في حدود سلطة المحكمة الموضوعية للأسباب السائغة التي استندت إليها، لما كان ذلك وكان ما انتهى إليه الحكم على النحو السالف بيانه بشأن بدل التمثيل والمكافأة يتفق مع صحيح القانون ويكفي لحمل الحكم في قضائه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع من ثلاثة أوجه: (أولاً) احتسب الحكم ضمن الأجر المكافأة العادية بواقع شهرين فقط مع أنه ثابت بسجلات الشركة أن هذه المكافأة تعادل مرتب ثلاثة أشهر، كما أنه لم يعتبر ضمن الأجر المكافأة الخاصة التي كانت تمنح بصفة ثابتة ومستقرة لجميع موظفي الشركة من طبقة المديرين بحد أدنى قدره خمسة أشهر سنوياً ابتداءً من سنة 1956 إلى سنة 1961 تقديراً لكفاءتهم وأمانتهم (ثانياً) لم تعن المحكمة بالرد على دفاع الطاعن من ندب خبير لفحص دفاتر الشركة للتحقق من قيام العرف على منح المكافأتين العادية والخاصة سالفتي الذكر (ثالثاً) أحال الحكم المطعون فيه إلى الحكم الابتدائي في شأن الرد على دفاع الطاعن بندب خبير للتحقق من قيام العرف على منح المكافأتين المشار إليهما مع أنه لم يتقدم بهذا الدفاع أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن هذا النعي بجميع أوجهه مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه، وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول أنه ثبت لمحكمة الموضوع أن العرف لم يجر في الشركة إلا على صرف مكافأة تعادل مرتب شهرين سنوياً، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي الذي أيده، وهي أسباب تكفي لحمله، وفي ذلك ما يفيد أن محكمة الاستئناف قد وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه في شأن المكافأة دون حاجة إلى إجابة الطاعن إلى طلبه بندب خبير لتحقيق قيام عرف مخالف على النحو الذي أثاره في دفاعه، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفته نص المادة 349 من قانون المرافعات السابق، التي توجب أن يبين الحكم طلبات الخصوم ودفاعهم وما استندوا إليه من الأدلة القانونية والحجج الواقعية، ذلك أنه قدم مذكرة طلب فيها احتياطياً ندب خبير لتحقيق أن الشركة دفعت إلى جميع مستخدميها في السنوات من 56 إلى 61 مكافأة عادية تعادل مرتب ثلاثة أشهر بصفة مستقرة ومستمرة وأدمجت هذه المكافأة في مرتباتهم السنوية، وأنها دفعت إلى مستخدميها من طبقة المديرين مكافأة خاصة بحد أدنى قدره مرتب خمسة أشهر ودفعت مكافأة نهاية الخدمة لمدير ورشة كفر الزيات على أساس مرتباته الفعلية مضافاً إليها المكافأتان العادية والخاصة، وعندما عرض الحكم المطعون فيه لهذه الطلبات اكتفى بالقول بأن الطاعن قدم مذكرة ردد فيها ما ضمنه صحيفة الاستئناف، وطلب احتياطياً ندب خبير لتحقيق ما جاء بمذكرته، هذا إلى أن الحكم لم يبين أن المبلغ المطلوب بصحيفة الاستئناف عدل إلى مبلغ 2484 ج و931 م وهو ما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه فصل الأسباب التي استند إليها الطاعن في استئنافه، وهي لا تخرج في جوهرها عن الدفاع الذي تمسك به في مذكرته التي قدمها إلى محكمة الاستئناف بجلسة 25/ 2/ 1965، ولهذا فإن الحكم المطعون فيه عندما عرض لهذه المذكرة لم يجد حاجة إلى إثبات ما جاء فيها تفصيلاً، بل اكتفى بأنه ترديد لما تضمنته صحيفة الاستئناف، وأن الطاعن طلب ندب خبير لتحقيق دفاعه الوارد بالمذكرة، وكان لا يؤثر في سلامة الحكم أنه لم يشر إلى المبلغ الذي عدل إليه الطاعن طلباته في تلك المذكرة طالما أنه أقام قضاءه على أساس قانوني سليم، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 6 يناير 1971 مجموعة المكتب الفني س 22 ص 22.